أحمد الحباسى - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 3937
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
مرت ذكرى استشهاد المناضل الكبير شكرى بلعيد مرور الكرام ، تجاهل الجميع بما فيهم حزب الجبهة الشعبية هذا الحدث التاريخى الذى مثل فاجعة انسانية و سياسية يأتم و أدق معنى الكلمة ، فالرجل قامة سياسية كبيرة و يمثل أحد أعمدة النضال الديمقراطى و التقدمى فى الوطن العربى و ليس فى تونس فحسب ، لذلك فوجئ المتابعون بانعدام مظاهر الاحتفال بهذه المناسبة خاصة و أن الاحتفال كان سيشكل مناسبة لقراءة الحدث فى السياق السياسى و الدلالة المطلوبة و كان بإمكانه أن يتحول الى مناسبة متجددة للمطالبة بمعرفة الحقيقة المخفية طيلة هذه المدة الطويلة التى تلت عملية الاغتيال ، كان بإمكان المناسبة أيضا ان تتحول الى فرصة لنشر الافكار التقدمية لهذا الشهيد و التى طالما رددها فى المنابر الاعلامية و ساحات النضال سواء فى العهد البائد أو طيلة الايام الساخنة المحمومة التى تلت نجاح الثورة و صعود الاسلام السياسى للحكم فى بلد له علاقة متوترة وجدانيا مع الفكر المتطرف التكفيرى ، هنا ، يجب التأكيد أن أصدقاء الامس فى الجبهة قد تنكروا لروح الشهيد تنكرا غير مسبوق و كان موقفهم اشد مرارة على كل الذين عرفوا الشهيد و لو عن بعد لما كان يمثله من عشق للبسطاء و المضطهدين فى هذه الارض الطيبة .
حين أبن السيد حمة الهمامى الشهيد بتلك العبارة ‘ نم يا صديقى ‘ فهم البعض ممن يعرفون الانتهازية السياسية و يدركون دوافعها و متطلباتها أنهم أمام مشهد فارق فى الحياة السياسية التونسية و أن تلك العبارات لم تات من فراغ بل هى تعبير واضح على نهاية مشوار خاضه الشهيد بكل رجولة و شهامة و قدوم مشوار تكون فيه الانتهازية السياسية سيدة الموقف بل أن هناك من أعتقد فى تلك اللحظة أن الجبهة قد أصبحت تبحث عن مكاسب سياسية و مغانم حزبية للبعض على حساب دم الشهيد المنسى ، ربما لم يصدق البعض لكن غياب زوجة و عائلة الشهيد عن الحضور الى جانب كوادر الجبهة مناسبات ذكرى اغتيال الشهيد فى السنوات الموالية لذلك الخطاب اللئيم و خروج عدة تصريحات متألمة من السيدة بسمة الخلفاوى تدين فيها بصراحة مرة خيانة ‘الرفاق ‘ لدم الشهيد و عدم وفاءهم لتعهداتهم و محاولتهم ااستثمار هذا الدم لآخر رمق قد خرقت جدار الصمت و بينت لكل المتابعين أن السياسة قذرة و أن الطموحات السياسية للسيد حمة الهمامى و بعض رفاقه الذين تحولوا الى نواب للشعب قد تغلبت عن كل المبادئ المقدسة التى ناضل من أجلها الشهيد و دفع ثمنه مقابلها .
لقد جاء الرئيس الحالى و كان لاستشهاد شكرى بلعيد جزء من نجاحه فى الانتخابات الرئاسية ، طبعا خان الرئيس وعده الانتخابى الذى سوقه للعموم بحضور زوجة الشهيد ايام الحملة الانتخابية الرئاسية ، لم يكن رئيس الحكومة الحبيب الصيد وفيا لتعهداته بل أنه تجاهل هذه الجريمة السياسية المنكرة بغباء سياسى لم يكن غريبا عنه و هو نفس الغباء السياسى الذى نشاهد تجلياته الهابطة لدى خلفه الحالى يوسف الشاهد ، فرئيس الحكومة لم يفهم الى اليوم أن الامم التى تتعرض لمثل هذه الجرائم السياسية البشعة لا تنسى بسهولة و هى تحتقر أيما احتقار كل الساسة مهما كان موقعهم حين يتجاهلون دماء الشهداء الذين كانوا سببا فى صعودهم و جلوسهم على كراسى الحكم و الوجاهة ، لا يمكن لشعب متحضر يحترم نفسه ان ينسى شهداءه بجرة قلم أو بمفعول الزمن و تعب الذاكرة ، بإمكان الشعب ان ينسى سياسيا مهرجا و ناكثا للوعود مثل الرئيس الحالى و لكنه لن ينسى ابنا شهيدا غذى دمه تراب الوطن فى لحظة عز فيها الابطال و هرع فيها الجميع لنيل نصيبهم من الكعكة ، سيرحل الرئيس الحالى و سيبقى اسم الشهيد شكرى بلعيد رمزا للنضال.
عدد الرصاصات الغادرة التى استقرت فى جسد الشهيد تؤكد بشاعة الجريمة السياسية القذرة و بشاعة ضمير الذين دبروا هذه الجريمة من غلاة التكفير و التفكير فى حركة النهضة الموالية للفكر المتطرف الذى يغذيه القرضاوى و بغض شيوخ الظلام فى الخليج ، يعتبر قتل الشهيد ناقوس خطر يجب أخذه على محمل الجد لأنه يمثل عمق التفكير لحركة الاسلام السياسى فى الوطن العربى التى تؤمن ان الصراع السياسى لا يحسم إلا بقوة السلاح ، هذا ما كنا نسمعه طوال السنوات الاولى التى تلت هذه الثورة فى المساجد التى تحولت الى مرتع لفتاوى تكفير اليساريين و العلمانيين و المعارضين بصورة عامة ، لقد تم نشر هذا الخطاب بالصوت و الصورة على مرأى و مسمع السيد على العريض وزير الداخلية و رئيس حكومته السيد حمادى الجبالى اللذان لم يحركا ساكنا مما شكل ضوءا أخضر مارست من خلاله طفيليات التكفير ارهابها الدموى و اللفظى على كل من لا يندمج مع مشروعها القذر لإسقاط مفهوم الدولة و تنصيب السيد حمادى الجبالى الخليفة السادس فى افريقية ، ليبقى السؤال يطرح نفسه مع كل مناسبة ، من المستفيد من لغة الدم و القتل و الاغتيال ، من استفاد حقا من اغتيال الشهيد الكبير ، كيف نأتمن القتلة على هذه الثورة ، لماذا يرفض الرئيس الحالى نشر الحقيقة الكاملة حول الطرف الذى دبر الجريمة ، ما هى الضغوط الدولية التى تدفع الرئيس للصمت ، من قتل شكرى بلعيد ؟ ....
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: