أحمد الحباسى - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 3956
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
لعل ما صدر عن مجلس وزراء لداخلية العرب منذ ساعات باتهام حزب الله بالإرهاب قد كشف لجميع الشعوب العربية أن الذين يتحدثون بلغة الواثق من كون النظام السعودي هو من قرر قيادة المعركة القادمة ضد سوريا و ضد إيران و ضد حزب الله و ضد اليمن هم واهمون و مجرد مرتزقة دق حنك فشلوا في كل ‘ توقعاتهم’ و باتت جرابهم خاوية تثير الضحك و الاشمئزاز، فما حدث في تونس يؤكد للمتابعين و لكل هؤلاء المهووسين بشماعة الشيعة و التشيع و التمدد الشيعي و الهلال الشيعي يحتاجون إلى مثل هذه الدروس الشعبية المجانية حتى يتراجعوا في تقديرهم للوقائع و يعودوا إلى رشدهم في تعاملهم مع الأحداث العربية، فلم تمر بعض ساعات من إعلان ‘ البيان’ السعودي المثير للقرف حول حزب الله حتى وصل الرياض هدير المعارضة الشعبية التونسية فكانت الرسالة الشعبية التونسية واضحة، حزب الله خط أحمر .
طبعا، هذا البيان القذر لا يمكن أن يصدر إلا عن هؤلاء الذين باعوا الضمير و المصلحة العربية في سوق اللوبي الصهيوني، و لذلك عبرت كل وسائل الإعلام و الشخصيات الصهيونية عن فرحها و تقديرها لهذا ‘ البيان’ السعودي، هذا كان متوقعا، و حين تضطر الحكومة التونسية إلى إرسال وزراءها الفاشلين إلى مسارح التلفزيون لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من ماء الوجه الملطخ بالعار و حين يضطر رئيس الدولة إلى قطع ساعات نومه لتوبيخ وزير الخارجية على هذا الموقف و هذه المعرة في حق الشعب التونسي فنحن أمام فاجعة قومية بكل المقاييس و لعل دعوة وزير الداخلية و الخارجية للمساءلة أمام مجلس الشعب ستؤكد للسعودية و من جاورها و من ذهب في ركابها أن هذا الشعب قد سئم مكرها و خداعها و سقوطها في بئر الخيانة للقضايا العربية الأساسية و بات عازفا عن هذا النظام المشبوه و راغبا بقوة في فك هذا الرباط المشوه بدماء الأبرياء السوريين .
كلنا وقفنا مع رئيس الدولة و أيدناه لإعادة البوصلة للعلاقات الدبلوماسية مع بقية دول العالم و بالذات سوريا، و كل من رفع صوته بالتجريح و الانتقاد أو الرفض لطريقة السيد الطيب البكوش في قيادة سفينة الخارجية طلب منه أن يتمهل و أن يعطى الوقت للوقت حتى يتم إصلاح ما يمكن إصلاحه و تلافى ما يمكن تلافيه، و خرج الرجل من الخارجية و من الباب الخلفي بيد فارغة و أخرى لا شيء فيها ليتم دعوته إلى ‘مهام ‘ أخرى، و نودي على ابن الوزارة السيد الجهيناوى، و اشرأبت الأعناق و كان ما كان من الفضيحة و العار و سوء التقدير و تمريغ الثورة في وحل السياسة الطفيلية المائعة، و بدل أن يقف وزير الداخلية التونسي موقفا رجوليا متماسكا مع الثورة ارتخت كلماته البائسة ليصوت مع المتخاذلين و العملاء و بياعي الأمة العربية و هو موقف نصر إلحاحا على أنه يرتقى إلى مرتبة الخيانة العظمى و يستحق من ‘سيادته’ تقديم استقالته الفورية .
يقال أن السياسة مصالح، و إذا سلمنا بأن السعودية قد انتزعت هذا ‘ البيان’ خدمة لوظيفتها و مصالحها الصهيونية، و هذا يأتي في سياق خدمتها المعلنة لمشروع الفوضى الخلاقة الرامي لتفتيت الأمة العربية ووئد مقاومتها و حملها على التطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب، فمطلب تصنيف حزب الله كمنظمة إرهابية هو مطلب صهيوني بالأساس، و مطلب إسقاط الرئيس بشار الأسد هو مطلب صهيوني بالأساس، و مطلب مواجهة الجمهورية الإيرانية هو مطلب صهيوني غربي أمريكي بالأساس و مطلب ضرب اليمن و مصر هو مطلب صهيوني قديم، و انخراط النظام السعودي في مؤامرة تحقيق جملة هذه المطالب لم يعد سرا و يتم على مراحل منذ عهد الرئيس جورج بوش الأب إلى الآن، و عليه، و بفرض إسقاط سوريا و إيران و حزب الله فمن سيحرر فلسطين ؟ لعلها المؤسسة الدينية السعودية بالدعاء و الأمنيات الصالحة، لعله الشيخ القرضاوى ببضع الخطب العصماء، لعله النظام السعودي بمبادرته الأرض مقابل السلام التي طرحها الملك عبد الله في قمة بيروت وواجهها أريال شارون بالاستهزاء، لعله بهذه الجماعات التكفيرية المدمنة التي تعالج في إسرائيل منذ بداية الحراك السوري و يتحدث ‘قادتها’ عن علاقات مميزة مع الكيان، فما هي مصلحة تونس من هذا ‘البيان’ البائس ؟ .
هناك حقائق معلنة و لا تحتاج إلى أدلة إضافية، من بينها أن النظام السعودي قد انخرط في المنظومة الصهيونية لضمان استمرار العرش السعودي، هذا من حقه، لكن أن يتم جر تونس إلى هذا المستنقع الخيانى فهذا ما لا تقبله الثورة على نفسها، يبقى لماذا تلاحق النكسات السياسية التونسية جراء هذه الحكومة البطيئة الفاشلة التي وعدت الناخبين بلبن العصفور فإذا هي عاجزة تماما عن التخفيض في فواتير الماء و الكهرباء، و اليوم نشهد طامة كبرى بالانخراط الطوعي في خيانة المقاومة و بترك الحبل على الغارب لوزير أرعن لا يفهم كوعه من بوعه لتفلت الأمور و ينهار بنيان السياسة الخارجية التونسية، فمن المؤكد للمتابعين أن حكومة الفشل الحالية مرشحة للزوال بعد حين غير مأسوف عليها عل من يأتي لخلافتها يتفهم أن اللعب بالمقدسات السياسية التونسية خط أحمر و أن كل محاولة خسيسة للمس من المقاومة العربية في كل عناوينها و بالذات من بعض محميات الخليج ذات العلاقة بالصهيونية العالمية هو انتحار سياسي، فهل من مذكر ؟
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: