البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

لماذا يتم التنكيل بعبير موسى ؟

كاتب المقال أحمد الحباسى - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 330


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


لعلنا لا نبالغ إطلاقا حين نؤكد بأن تونس تعيش أشدّ فترة انغلاق و استبداد سلطوي منذ 2011 ، لا نبالغ إن نقول بأننا نعيش أحلك فترة على المستوى السياسي و الحقوقي و الاجتماعي ، لا نبالغ أخيرا حين نؤكد أن هناك انسدادا مرعبا في الأفق و أن تعطل كل قنوات الحوار بين السلطة التي تعانى من فقر مدقع على مستوى البرامج و الأفكار المطلوبة لإخراج البلاد من أزمتها الطاحنة و بين كل الضمائر الوطنية الحيّة التي تنادى بالحوار و تغيير المسار الخاطئ الذي ينتهجه رئيس الدولة دون إدراك أو وعى بمخاطره و محاذيره و ارتداداته . من الواضح أن السيد الرئيس قد استفرد بالحكم استفرادا غير مسبوق معطلا كل أجهزة الدولة الرقابية بما فيها مجلس نواب الشعب الذي تم اختيار نوابه على المقاس و في انتخابات شكلت و لا تزال مادة للتندر و السخرية . من الواضح أيضا أن الرئيس قيس سعيد لا يؤمن بالديمقراطية و لا بالمعارضة و لا بالرأي الأخر حتى لو صدر من أشد المنتمين أو الموالين لما يسمى بمسار 25 جويلية و هو مسار هلامي لا علاقة له إطلاقا بهموم و مطالب الشعب .

هناك من يؤكد أن الرئيس قيس سعيد يجسّد مقولة " عرش الديكتاتور رأيه ، فالسجن في عقله فكرة لا تتطلب دليلا أو برهانا ، فكرة شخصية كالذوق و المزاج و هي مصدر راحته الأكيدة " و هناك من يؤكد أيضا أن النظام يعتمد على السجن و التشهير لإسكات معارضيه و التخلص منهم غير مكترث بكل الأصوات المتحضرة التي تنادى بحرية التعبير و تنبذ التسلط و ترفض الاستبداد . في هذا السياق يظهر أن السيد الرئيس قد فقد صبره بعد كل محاولاته إسكات صوت السيد عبير موسى رئيسة الحزب الدستوري الحر و التي باتت رقما سياسيا صعبا داخليا و خارجيا ، محاولات مستمرة تقوم بها أجهزة وزارة الداخلية في عهد الوزير السابق توفيق شرف الدين و الوزير الحالي كمال الفقى لتعطيل مسيرات الحزب و نشاطاته الإعلامية و هي محاولات تجاوزت فيها القوى الأمنية كل الحدود مما تسبب في أضرار بدنية و معنوية جسيمة لعديد المنتسبين للحزب و على رأسهم السيدة عبير موسى . بطبيعة الحال لا يقتصر الأمر على التجاوزات الأمنية و على صمت النيابة العمومية و ركنها في الرفوف لعديد تشكيات الحزب بل تجاوز ذلك إلى قيام بعض "الإعلاميين " الموتورين أو المنتدبين بمهمة بث الخوف و التشهير.

لعل المتابعين لقناة حنبعل و التاسعة على وجه الخصوص و التي ثبت عنها شبهات تمويل خارجية في عديد المناسبات و بعض الإذاعات الخاصة المشبوهة التي انقلبت 360 درجة كاملة بعد أن كانت تطبّل و تبيّض رئيس الحكومة السابق يوسف الشاهد إلى تمجيد و تلميع ما يطلق عليه بمسار 25 جويلية قد اكتشفوا مرة أخرى كيف يتم التلاعب بالرأي العام و تحويل وجهته و تضليله خدمة لهذا المسار الخاطئ و الهلامي . فى هذا السياق توفر خطب الرئيس قيس سعيد و تهجماته و اتهاماته الفاقدة للدليل و تشهيره بالغير مادة دسمة لهؤلاء الغربان " الإعلامية " و خط تحرير واضح يمكنهم من التصويب و الهجوم على الجهة السياسية التي استهدفها الرئيس و بذلك تصبح تلك الجهة كما هو الحال بالنسبة للسيدة عبير موسى ممنوعة من التعبير و التظاهر و الرد على الاتهامات و شخصا معرضا للاغتيال بعدما تمّ إهدار دمها و وصفها بأبشع النعوت فى ظل صمت مطبق للنسابة العمومية و لإعلام السلطة و زبانيتها المأجورة .

لعل أخطر ما يحصل في تونس اليوم هو استغلال النظام لتجمع كافة مقاليد الحكم بيده ليفرض حالة غير مسبوقة تمكنه من هيمنة مطلقة على مجال التعبير ( L’espace de la parole ) و لتحقيق ذلك قام باختراع المرسوم عدد 54 لسنة 2022 الذي جعله يتعرض لكل من يعارض مقترحاته أو توجهاته الفاشلة و من هنا تم استغلال مثل هذه النصوص " القانونية " الاستثنائية لاحتجاز رئيسة الحزب الدستوري الحر السيدة عبير موسى و إيداعها بالسجن دون محاكمة عادلة و باعتماد طريقة تمطيط إجرائية تهدف إلى إطالة تغييبها عن الساحة السياسية و هو الهدف الخفي الذي تسعى له السلطة بكل الطرق لضرب الحزب المعارض الأول في البلاد و ربما دفع المنخرطين إلى التخلي عنه بمرور الوقت إضافة إلى ما يتحدث عنه البعض من وجود رغبة مقايضة مواقف يتم بمقتضاها إطلاق سراح رئيسة الحزب مقابل تعهدها بالمهادنة و الصمت إن اقتضى الأمر .

لعل ما يثير الاهتمام في قائمة التهم الموجهة للسيدة عبير موسى هي التآمر على أمن الدولة و هي تهمة يتجاوز عمرها ميلاد الدولة الوطنية التونسية المستقلة اذ يعود تاريخها إلى سنة 1926 بحيث كانت أداة في يد الاستعمار الفرنسي للتنكيل بالمقاومين و المناضلين و لعل هذه التهمة قد تحولت اليوم إلى آلية كريهة و قبيحة للحفاظ على السلطة و الاستبداد و القمع في ظل غياب تام و غير مبرر للمحكمة الدستورية و ما تعانيه السلطة القضائية من إهتراء و ضرب تحت الحزام و تدخل و تعليمات و من هنا نتأكد و نفهم لماذا أصر الرئيس قيس سعيد على توجيه الاتهامات و حملات التشهير و العزل و التهديد المباشر للقضاة منذ مدة لان إخضاع القضاء و ترهيبه هما شرطان أساسيان للإعداد المسرحي للمحاكمات السياسية تماما كما يحصل مع السيدة عبير موسى التي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام لمجرد تمسكها بحقها الشرعي في إيداع مطلب تظلم بمكتب الضبط برئاسة الجمهورية .

يقتضى الفصل 18 من القانون عدد 52 لسنة 2001 المؤرخ في 14 ماى 2001 المتعلق بنظام السجون أنه للسجين الحق في الحفاظ على الروابط العائلية و ذلك بتلقي زيارة ذويه و في هذا الإطار فقد عمدت إدارة سجن الإيقاف بمنوبة في مرة أولى إلى منع زيارة بنات السيدة عبير موسى في مخالفة صريحة لأحكام الفصل 31 من القانون المذكور الذي يرخص زيارة الابنتين لوالدتهم ما دامت في سجن الإيقاف ثم رفضت حق الزيارة لهما رغم استظهارهما بإذن قضائي . ربما يحيلنا هذا الخرق الفاضح للقانون و صمت السيدة وزيرة العدل عن هذا الانتهاك لحقوق الإنسان إلى حقيقة ساطعة تؤكد تعمد السلطة خرق القانون في غياب هيئة قضائية رقابية فاعلة مما يلقى ظلالا من الشك حول مستقبل المنظومة القضائية و السجنية و ما حصل منذ أيام من فضيحة دولة بسجن المرناقية من تهريب خمسة من أخطر الإرهابيين دليل ملموس على أن السلطة قد فشلت في إدارة البلاد و عليها أن ترحل من باب إنقاذ ما يمكن إنقاذه و من باب التأكيد مرة أخرى أن تونس تلفظ في النهاية كل مظاهر الاستبداد و الغلوّ و التطرف الفكري .

-------------
أحمد الحباسى
كاتب و ناشط سياسي


 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 10-11-2023  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  أنظمة جبانة ، أنظمة بلا ضمير
  متى استعبدتم الناس و قد ولدتهم أمهاتهم أحرارا
  تونس : قيس سعيد و القضاء، تفاهمات خفية
  لماذا يتم التنكيل بعبير موسى ؟
  "ميزيريا" زرقاء
  التآمر على أمن الدولة، التهمة الأكثر إضحاكا في تونس
  إن عدتم عدنا، فها أنا عدّت
  تونس : رغيف عيش يا أولاد الحلال
  بلاغ للنائب العام
  هل باع حمة الهمامى دم الشهيد شكري بلعيد؟
  لبن، سمك، تمر هندي
  كيف أتقيّد بقواعد النشر ؟
  هل الشعب هو سبب البلاء ؟
  قيس سعيد، هذا " النظيف" الذي يتسخ كل يوم
  قاللك تحيا تونس
  حرب الاسكات، من يريد بحرية التعبير شرا ؟
  لماذا يريد الرئيس توريث ابنه بالقوة ؟
  سهام طائشة و كلام في الممنوع
  نهضاويات
  عزيزي المتابع تخيل لو نجحوا ...فقط تخيل ...
  لو تحدثنا عن البقايا ...
  تونس : انقلاب الجنرال، الأسئلة و الأجوبة
  يوسف الشاهد، من الغباء السياسي ما قتل
  سى الطبوبى : ياريت تنقطنا بسكاتك
   قناة التاسعة : تلفزيون "شالوم" و أبناء "شحيبر"
  صراخ فلسطين و صمت العرب
  عبير موسى، هذا القضاء الفاسد
  مسلسل هابط اسمه ‘ مجلس نواب الشعب ‘
  نقابة المرتزقة، الحبيب عاشور لم يمت
  بورقيبة، وردة على قبر الزعيم

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
جاسم الرصيف، ياسين أحمد، د. طارق عبد الحليم، محمود فاروق سيد شعبان، رمضان حينوني، عزيز العرباوي، حسن عثمان، رضا الدبّابي، حسن الطرابلسي، أنس الشابي، د - محمد بنيعيش، فوزي مسعود ، د- هاني ابوالفتوح، محمد عمر غرس الله، مراد قميزة، يزيد بن الحسين، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، صلاح المختار، عواطف منصور، رحاب اسعد بيوض التميمي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د. خالد الطراولي ، عبد الرزاق قيراط ، إياد محمود حسين ، الهيثم زعفان، أحمد ملحم، تونسي، مجدى داود، أبو سمية، د - محمد بن موسى الشريف ، طلال قسومي، أحمد النعيمي، د. صلاح عودة الله ، الناصر الرقيق، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د - المنجي الكعبي، سفيان عبد الكافي، ماهر عدنان قنديل، المولدي الفرجاني، سلوى المغربي، إيمى الأشقر، د. كاظم عبد الحسين عباس ، فتحي الزغل، العادل السمعلي، خالد الجاف ، عمر غازي، سيد السباعي، إسراء أبو رمان، علي عبد العال، أشرف إبراهيم حجاج، سامر أبو رمان ، د. أحمد بشير، فهمي شراب، سامح لطف الله، محمد شمام ، ضحى عبد الرحمن، كريم السليتي، عبد الغني مزوز، عمار غيلوفي، خبَّاب بن مروان الحمد، صالح النعامي ، د - عادل رضا، نادية سعد، محرر "بوابتي"، رافد العزاوي، حسني إبراهيم عبد العظيم، وائل بنجدو، د - مصطفى فهمي، محمد أحمد عزوز، د- محمود علي عريقات، يحيي البوليني، أحمد الحباسي، صفاء العراقي، د. مصطفى يوسف اللداوي، أحمد بوادي، د- محمد رحال، عبد الله الفقير، د. أحمد محمد سليمان، د - شاكر الحوكي ، فتحي العابد، حاتم الصولي، محمود سلطان، حميدة الطيلوش، د - الضاوي خوالدية، مصطفي زهران، كريم فارق، محمود طرشوبي، رشيد السيد أحمد، علي الكاش، صلاح الحريري، سعود السبعاني، د.محمد فتحي عبد العال، د. عبد الآله المالكي، محمد يحي، عبد الله زيدان، د - صالح المازقي، مصطفى منيغ، د- جابر قميحة، عراق المطيري، د. عادل محمد عايش الأسطل، أ.د. مصطفى رجب، فتحـي قاره بيبـان، محمد اسعد بيوض التميمي، الهادي المثلوثي، محمد الياسين، محمد العيادي، صباح الموسوي ، سليمان أحمد أبو ستة، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، سلام الشماع، محمد الطرابلسي، رافع القارصي، منجي باكير، صفاء العربي،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة