عاصفة الحزم، الحرب على سوريا، حرب لبنان الثانية، نفس الفشل
أحمد الحباسى - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 3430
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
على لسان القيادة السعودية أن الحرب في اليمن و سوريا قد فشلت، من المؤكد أن قيادة مافيا السعودية لا تقرأ و لا تطالع ما كتبه كبار الكتاب العرب و الأجانب عند بداية الحرب الدموية ضد اليمن و أولهم الكاتب الراحل محمد حسنين هيكل الذي يعتبر من أكثر الصحفيين إطلاعا و قدرة على التقييم في العالم، و قد قيل الكثير حول الأسباب الحقيقية التي تقف وراء هذا الهجوم البربري على الشعب اليمنى و تحدث الكثيرون عن حالة تشابك مصالح بين إسرائيل و السعودية و أمريكا خاصة و قد جاء على لسان كبار القادة و المعلقين الصهاينة أن السعودية هي أكبر خادمة للأهداف الصهيونية في المنطقة و أكثر من مد يد المساعدة للمشاريع الصهيونية المعلنة و الخفية على حد سواء، و في الحقيقة، كان معلنا خاصة بعد سقوط نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين سنة 2003 أن نظام المافيا السعودي قد دخل في شراكة إستراتيجية مشبوهة مع إسرائيل و الولايات المتحدة لتنفيذ ما يسمى بمشروع الفوضى الخلاقة الذي جاء لتفتيت المنطقة العربية.
لم يكن مفاجأ أن يتم اختراق موقع جريدة الوطن السعودية بعد ساعات قليلة على نشره قنبلة تصريحات ولى العهد السعودي الأمير محمد بن نايف تحدث فيها بمنتهى الوضوح و الصراحة عن فشل السعودية في أزمات و صراعات المنطقة، في تصريحات الفشل السعودي أنه كان من المتوقع أن تتم إزاحة الرئيس بشار الأسد بمساعدة تركيا و أمريكا و تم التعويل كليا على هذه التطمينات لكن هذه الوعود لم تتحقق على أرض الواقع و عليه يجب على النظام السعودي مراجعة كامل سياسته و حساباته حتى لو تطلب الآمر تقديم تنازلات حقيقية و مؤلمة إذا ما أراد جر المنطقة إلى بر الآمان و تخليصها من الاقتتال، مشددا على أن عاصفة الحزم السعودية طال أمدها بحيث خرجت عن التوقعات، بعد أن فشل التحالف في حسم المعركة من البداية، طبعا هذه التصريحات لا تحتاج إلى التأكيد أو النفي لان حقائق الميدان قد كشفت هذا الفشل منذ البداية، و حتى لو نفى الأمير محمد بن نايف هذه التصريحات فمن المؤكد أن الإدارة الأمريكية قد عبرت عن قلقها المرار العديدة و دعت النظام السعودي إلى وقف تحالفه المعلن مع الجماعات الإرهابية و وقف طلعاته الجوية في سماء اليمن بعد أن تبين الفشل في الميدانين السوري و اليمنى و بات موضع تعليق و سخرية وسائل الإعلام العالمية .
من علامات الفشل السعودي في اليمن التقرير الصادر عن الأمم المتحدة و الذي يتهم التحالف السعودي بقتل مئات الأطفال و الذي أثار حفيظة السفير السعودي بهذا المنتظم، من علامات الفشل السعودي أيضا أن الجماعات الإرهابية التي تحارب باسمه في سوريا خدمة للمشروع الصهيوني قد بدأت تنهار في بنيتها التحتية بعد الضربات القوية و المركزة من القوات السورية، و كما حدث صيف تموز 2006 فان كل الدعوات و المحاولات التركية الأردنية اللبنانية ( تيار الحريري ) الصهيونية طبعا لمطالبة السعودية بتعزيز منطقة النزاع بالمقاتلين و بالسلاح النوعي المتطور لمجابهة الضربات الجوية الروسية بالذات لم تأت بنتيجة على الأرض بل على العكس جاءت تصريحات الأمير بن نايف مشابهة لتصريحات رئيس الوزراء الصهيوني ايهود اولمرت سنة 2006 حين اعتذر بكثير من الأسف و الإحباط لمطالبات حكومة فؤاد السنيورة و مطالبات حسنى مبارك و الملك عبد الله و ملك الأردن عبد الله الثاني بمواصلة ضرب البنية التحتية لحزب الله بعد أن تأكد من فشل حربه الاستباقية ضد المقاومة و الذي وضع عنوانا لها هو كسر عظم حزب الله و إجباره على نزع سلاحه و القبول بالسلام على الطريقة الصهيونية الأمريكية .
من الثابت اليوم و مهما كانت الصورة مشوشة للبعض فان هزيمة التحالف في اليمن قد بدأت تظهر للعيان دون أن تتحقق الأهداف السعودية المعلنة و الخفية و أن الجيش السعودي ‘ الرسمي ‘ قد هزم هزيمة فعلية تامة في حربه على الشعب اليمنى، فقد هاجم ليحقق أهدافا أعلنها و عجز في النهاية على تحقيقها على الميدان بما يعد انتصارا تاريخيا لكل أحرار اليمن الذين يرفضون الهيمنة السعودية الصهيونية، بالطبع هذه الهزيمة في ‘الدربى ‘(DERBY) سيكون لها الأثر الزلزالي على هذا النظام الشمولي السعودي و ستمتد تداعيات الفشل إلى مفاصل النظام و سيحرك كل الذين يريدون إسقاطه شعبيا و يقدم لهم دعما معنويا غير مسبوق خاصة بعد أن انهارت الخزينة السعودية نتيجة الكلفة الجنونية لهذه الحرب الدامية على سوريا و اليمن،أما الخسائر المعنوية و المادية التي تجرعها النظام الفاسد نتيجة رعونة قيادته السياسية و العسكرية و التي قاربت في بعض مواضعها حد الكارثة فسيكون لها أثرها بحيث ستسقط ‘الهيبة’ السعودية في سوق دول مجلس التعاون و ستحاول بلدان مثل الإمارات التجرؤ على هذه الهيبة المصطنعة تماما كما فعلت قطر .
من الداخل تعتبر تصريحات الأمير نايف بمثابة الزلزال بحيث ستكون لها تداعيات مقلقة لمساع النظام الجديد لفرض نفسه بما يعنى أن السعودية مقبلة على بعض التغييرات على مستوى القيادة الحاكمة و على مستوى التعامل مع بعض الملفات الإقليمية الحساسة مثل الملف السوري و الملف اليمنى، و لعل التصريحات الأخيرة و حالة الفشل المعلن ستقود هذا النظام العنصري إلى فتح بعض الأبواب و النوافذ مع رموز النظام اليمنى السابق و إعادة البحث عن حلول، في الملف السوري تبدو الأمور أكثر تعقيدا و حساسية للنظام، فالإدارة الأمريكية محبطة و منهكة و زاد قرب موعد الانتخابات الرئاسية و رحيل الرئيس المتخلى من حساسية موقفها المتردد أصلا في هذا الملف الذي دفعت فيه هذه الإدارة ثمن فشلها بالحاضر و هو تمكين غباءها الدب الروسي من العودة إلى منابع النفط و المياه الدافئة من الباب الكبير، و لعل رفع العقوبات عن إيران بعد الاتفاق النووي هو عنوان الهزيمة الإستراتيجية للسياسة الأمريكية العامة في المنطقة خاصة بعد أن انتزعت طهران كل حقوقها و قفزت على كل التهديدات الإسرائيلية بضرب مواقعها النووية و على كل المؤامرات السعودية لإبطال إمضاء الاتفاق و أخرها إعدام الشهيد باقر النمر .
لعل الرئيس الأسد قد قرأ في خطابه الأخير عناوين المرحلة التاريخية القادمة، سبقه إلى نفس هذه القراءة السياسية و الإستراتيجية و العسكرية سماحة السيد حسن نصر الله في تأبين الشهيد مصطفى بدر الدين، و حين تأتى تصريحات الفشل السعودية بهذه الطريقة و بهذا الوضوح في ظل اجتماع وزراء دفاع روسيا، إيران، سوريا في طهران و في ظل حديث بعض وسائل الإعلام المهمة عن إعداد روسيا لضربات عسكرية موجعة للجماعات الإرهابية ستشكل نهاية وجودها في بعض المدن السورية المتبقية فلا شك أن تصريحات الأمير نايف تمثل قنبلة الموسم و بداية خروج المنطقة من أزمتها الدامية التي طالت أكثر من اللزوم نتيجة انخراط دول الخليج و الأردن و تركيا في مساندة الإرهاب لإسقاط النظام السوري لكن يظهر أن النار السورية قد تمكنت من تلابيب الرئيس التركي و باتت تهدد عرش حزب العدالة و التنمية و ما سمي بالأنموذج التركي
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: