البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

الحوارات السياسية، و أطفال السياسة

كاتب المقال أحمد الحباسى - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 4545


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


منابر محطات التلفزيون تعج بالسياسيين أو بالأصح أشباه السياسيين، هؤلاء يثرثرون يوميا في حالة إسهال تثير الاستهزاء، مقدمات طويلة ركيكة، لغة ‘فاسدة’ مكررة، إسراف في الاستطراد و العودة لنفس الفكرة، إصرار على النقاش بدون طائل، عجن للغة العربية و رفس، خطب عنترية، و نهايات في اللغط و الصراخ و الاشتباك، هؤلاء هم المثقفون و السياسيون و المهتمون الأفاضل بالشأن العام، و هذه هي حالتهم المرضية الدائمة كما يتابعها المشاد العربي المنكود الحظ، و لولا بعض ‘البريك’ الإعلاني لنام المتابعون قرفا من هذه الفئة التي رضعت حليب المزايدات و دخلت بعد الثورة في سباق محموم نحو الكراسي الفارغة التي تركها النظام السابق، هؤلاء لا يهتمون بعنصر الوقت و فائدته، و لا يعلمون أن البلاغة في الإيجاز، و لا يدخلون إلى لب الموضوع مباشرة، فهم أعجز عن فهم متطلبات الخطاب السياسي العصري و لا يهتمون بوقع تصريحاتهم و تحاليلهم و أفكارهم سلبا أو إيجابا، كل ما يهم هؤلاء هو البقاء أطول وقت ممكن على المنبر .

منذ فترة قامت الدنيا و لم تقعد بسبب ذلك التصرف ‘البايخ’ من الرئيس المصري السابق محمد مرسى في مقابلة مع رئيسة الأرجنتين حين نظر إلى ساقيها ثم مسح نصفه الأسفل بحركة غريزية أثارت سخرية المتابعين و تساؤلات بعض المهتمين حول عدم تلقين البروتوكول للرئيس بشكل ضاف ليتجنب مثل تلك الحركات الخارجة عن الايتيكيت الرئاسي، نحن نتذكر كيف سقط الأمير القطري السابق في وحل الغرور أثناء زيارة الرئيس التونسي محمد المرزوقي إلى قطر حين وعده بتعليمه أصول البروتوكول الرئاسي في زيارته القادمة، المخجل و المثير أن الرئيس أوباما قد وعد الأمير القطري بنفس الوعد عند آخر زيارة قطرية للعاصمة واشنطن، لن ننسى طبعا تصرف الرئيس مرسى في زيارته لألمانيا حين نظر بشيء من الامتعاض إلى ساعته إبان المؤتمر الصحفي مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في تنافر تام مع البروتوكول و الايتيكيت خاصة و أن الألمان معروفون بالدقة في المواعيد و الحرص على الوقت .

في ألمانيا، على سبيل المثال طبعا، يصل المترو إلى المحطة بالدقيقة و الثانية، مثل ذلك في اليابان، و القطارات السريعة في الغرب تعبر عن رغبة واضحة في اختصار الوقت و الزمن، و العرب في هذا المضمار متأخرون جدا و رغم ذلك يسرفون في إضاعة الوقت في تكرار المكرر و إعادة تحمير القوالب الجاهزة، و لعل الرئيس التونسي الحالي قد تفطن إلى عامل الوقت و أهمية الاختصار فجاء ‘خطابه’ الأخير منذ يومين مثالا في الاختزال، بالمقابل لا يزال السيد رئيس الحكومة متمسكا بخطاب التأتأة الطويل الخالي من المعنى و المحتوى ، و لا يزال السيد حمة الهمامى معتمدا على نفس الأطروحات الطويلة بما في ذلك الحديث عن ‘ خالتي فاطمة ‘ التي اعترضنه في الحامة و ‘عمتي صلوحة ‘ التي طالبته بثمن رغيف، في حين يطل السيد الهاشمي الحامدى زعيم تيار المحبة الكرتوني بنفس المعزوفة التي ألبت عليه كل فئات المجتمع ليطرد من التلفزة و من اعتصام نقابات الأمن و من تظاهرة بنزرت منذ ساعات، لن ننسى طبعا الرئيس المؤقت السابق، و هو الذي يزخرف خطابه و تصريحاته بكثير من ‘ الأفيات’ المثيرة للسعال الديكى .

لا يعلم بعض الساسة في مسرح السياسة التونسية أنهم يخاطبون الرأي العام، و أن هذا الخطاب ليس سهلا أو مقدورا عليه ، فالخطابة و الرد على الأسئلة في منابر الإعلام هي فن يملكه البعض بالفطرة و يتعلمه البعض الآخر بالتلقين المدروس، فليس كل ما يأتي على اللسان يقال و ليس كل سؤال يستحق الرد و ليس كل رد بإمكانه أن يقنع الجمهور المتابع، فالخطاب السياسي بمعناه الشامل يحتاج إلى حنكة و دراية و كثير من الاطلاع و الصبر و برودة الأعصاب، فالمناظرة التلفزيونية بين الرئيس فرانسوا ميتران و رئيس الحكومة جاك شيراك إبان الانتخابات الرئاسية في 28 أفريل 1988 بقيت عالقة في الأذهان حين تبادل المرشحان كثيرا من ‘الطعنات’ الحوارية القاتلة أدت إلى فوز الرئيس الاشتراكي لمدة سبعة سنوات أخرى، في برنامج ‘Déshabillons les, les gestes des politiques ‘ الذي يبث على قناة جمهور البرلمان ‘ Public Sénat ‘ تفضح الكاميرا و ألسنة المحللين كل حركات السياسيين على اعتبار أن ‘ الجسم يفضح ما يخفيه العقل ‘، في كتاب ‘ المعاني الخفية لحركات السياسيين ‘ يؤكد الكاتب جوزيف ميسنجر أن كلامهم يمكن أن يخدعك لكن حركاتهم إن انتبهت إليها جيدا بإمكانها أن تكشف كل عوراتهم، و حين ننظر مثلا إلى حركات السيد رئيس الحكومة في زيارته القصيرة الأخيرة إلى فرنسا ندرك لماذا قامت الاضطرابات في الجنوب و لماذا يتحدث البعض عن ثورة ثانية في تونس .


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الثورة التونسية، وسائل الإعلام، النشطاء السياسيون،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 25-01-2016  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  أنظمة جبانة ، أنظمة بلا ضمير
  متى استعبدتم الناس و قد ولدتهم أمهاتهم أحرارا
  تونس : قيس سعيد و القضاء، تفاهمات خفية
  لماذا يتم التنكيل بعبير موسى ؟
  "ميزيريا" زرقاء
  التآمر على أمن الدولة، التهمة الأكثر إضحاكا في تونس
  إن عدتم عدنا، فها أنا عدّت
  تونس : رغيف عيش يا أولاد الحلال
  بلاغ للنائب العام
  هل باع حمة الهمامى دم الشهيد شكري بلعيد؟
  لبن، سمك، تمر هندي
  كيف أتقيّد بقواعد النشر ؟
  هل الشعب هو سبب البلاء ؟
  قيس سعيد، هذا " النظيف" الذي يتسخ كل يوم
  قاللك تحيا تونس
  حرب الاسكات، من يريد بحرية التعبير شرا ؟
  لماذا يريد الرئيس توريث ابنه بالقوة ؟
  سهام طائشة و كلام في الممنوع
  نهضاويات
  عزيزي المتابع تخيل لو نجحوا ...فقط تخيل ...
  لو تحدثنا عن البقايا ...
  تونس : انقلاب الجنرال، الأسئلة و الأجوبة
  يوسف الشاهد، من الغباء السياسي ما قتل
  سى الطبوبى : ياريت تنقطنا بسكاتك
   قناة التاسعة : تلفزيون "شالوم" و أبناء "شحيبر"
  صراخ فلسطين و صمت العرب
  عبير موسى، هذا القضاء الفاسد
  مسلسل هابط اسمه ‘ مجلس نواب الشعب ‘
  نقابة المرتزقة، الحبيب عاشور لم يمت
  بورقيبة، وردة على قبر الزعيم

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د- محمد رحال، الهيثم زعفان، علي الكاش، أبو سمية، سلوى المغربي، تونسي، عراق المطيري، محمد عمر غرس الله، فهمي شراب، د - شاكر الحوكي ، كريم السليتي، سيد السباعي، منجي باكير، د. خالد الطراولي ، خبَّاب بن مروان الحمد، عبد الرزاق قيراط ، عمار غيلوفي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، نادية سعد، أنس الشابي، عبد الله الفقير، طلال قسومي، إيمى الأشقر، صفاء العراقي، د - صالح المازقي، سامح لطف الله، د. مصطفى يوسف اللداوي، ضحى عبد الرحمن، أحمد بوادي، يحيي البوليني، الهادي المثلوثي، د - مصطفى فهمي، د - محمد بنيعيش، فتحي العابد، رافد العزاوي، د- جابر قميحة، يزيد بن الحسين، رضا الدبّابي، محمد العيادي، حاتم الصولي، حميدة الطيلوش، عبد الغني مزوز، سفيان عبد الكافي، حسن الطرابلسي، صفاء العربي، مراد قميزة، صلاح المختار، محمد الياسين، كريم فارق، فوزي مسعود ، فتحي الزغل، محمود فاروق سيد شعبان، د - المنجي الكعبي، د - محمد بن موسى الشريف ، ماهر عدنان قنديل، د - عادل رضا، د.محمد فتحي عبد العال، محرر "بوابتي"، أشرف إبراهيم حجاج، محمد أحمد عزوز، العادل السمعلي، أحمد النعيمي، محمد الطرابلسي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د. أحمد بشير، وائل بنجدو، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، عمر غازي، محمد شمام ، أحمد ملحم، صلاح الحريري، حسن عثمان، رحاب اسعد بيوض التميمي، إياد محمود حسين ، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، عزيز العرباوي، رافع القارصي، مجدى داود، د- هاني ابوالفتوح، أحمد بن عبد المحسن العساف ، فتحـي قاره بيبـان، صباح الموسوي ، حسني إبراهيم عبد العظيم، الناصر الرقيق، أحمد الحباسي، محمد اسعد بيوض التميمي، جاسم الرصيف، د. عبد الآله المالكي، د. طارق عبد الحليم، خالد الجاف ، سامر أبو رمان ، د - الضاوي خوالدية، رمضان حينوني، ياسين أحمد، صالح النعامي ، سعود السبعاني، سليمان أحمد أبو ستة، إسراء أبو رمان، مصطفى منيغ، سلام الشماع، د. صلاح عودة الله ، مصطفي زهران، علي عبد العال، رشيد السيد أحمد، د. عادل محمد عايش الأسطل، أ.د. مصطفى رجب، د. أحمد محمد سليمان، المولدي الفرجاني، د- محمود علي عريقات، محمد يحي، عواطف منصور، عبد الله زيدان، محمود سلطان، محمود طرشوبي،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة