أحمد الحباسى - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 3806
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
لا حديث بعد الثورة إلا عن موضوع أموال تونس المنهوبة، لا أحد من هؤلاء السياسيين و المحللين و الإعلاميين و الخطباء في بيوت الله لم يتحدث و لم يدل بدلوه حول مسألة الأموال التونسية المنهوبة، و حين نستمع إلى صوت العميد شوقي الطبيب و هو رجل مشهود إليه بنظافة اليد ندرك أن الوضع متعفن و أن الفساد قد بلغة مراتب متقدمة لينخر جسد الوطن و الاقتصاد ومستقبل الأجيال العاطلة القادمة، و بعيدا عن كل أطروحات السياسيين التونسيين الذين يحاولون استغلال هذا ‘ القلم’ انتخابيا أو سياسيا حسب المواقع أو الوقت فالظاهر أن هناك من يتستر على جرائم تهريب الأموال التونسية خارج الوطن منذ ما قبل عهد الرئيس بن على إلى هذا الوقت ، بل لنقل بمنتهى الوضوح أنه لا أحد من هذه العائلات السياسية التي تتصارع اليوم مباشرة أو بالواسطة ليس معنيا بتهم الفساد المالي السياسي أو بنهب و تهريب الأموال التونسية.
طبعا عملية نهب الأموال التونسية هي عملية معقدة و عويصة و تحتاج إلى انخراط منظومة داخلية و خارجية كاملة، هذا من تحصيل الحاصل و لذلك تبين بعد بعض المجهودات المحتشمة التي قامت بها حكومات ما بعد الثورة أن عملية استرجاع الأموال المنهوبة ليست فسحة و أن استرجاع تلك الأموال بشكل كامل كما يحتاج إلى توفر إرادة سياسية لدى الدول الغربية التي أودعت فيها تلك الثروات يحتاج إلى كثير من الصبر و من الإرادة السياسية التونسية لتعقب المفسدين، بهذا المنطق فانه من الظاهر أن الإرادة السياسية التونسية شبه منعدمة لأسباب يطول شرحها تتعلق أساسا بوجود ضغوط دولية و شخصية من بعض البلدان و الأفراد المهمين في العالم على هذه الحكومة حتى تبطئ محاولاتها، طبعا، الحكومة الحالية هي مجرد حكومة تصريف أعمال لا تختلف كثيرا من حيث عدم الجدوى و الفاعلية عن حكومة السيد المهدي جمعة المشتبه بتورطها في عمليات نهب المال العام و في عدم تقديم كشف حساب واضح عن فترة ‘ تصرف’ حركة النهضة المتهمة بنهب المال العام و تهريبه إلى الخارج.
نحن نعتقد يقينا أن ما تم نهبه من أموال و ثروات مختلفة قد أصبح من الماضي، نعتقد أيضا أنه و بعد تسريب وثائق بنما الشهيرة و ما سبقها من وثائق ويكيليكس الشهيرة أصبح الجميع في تونس يتحسسون رؤوسهم و لذلك سارعوا ‘بربطة المعلم’ كما يقال لمجلس نهاب الشعب – عفوا نواب الشعب - لإحداث لجنة برلمانية ‘للتنقيب ‘ عن الأموال المهربة و هي مجرد لجنة مخصصة ‘لمعالجة’ الملف على طريقة بعض المستشفيات المعدومة الإمكانيات في المناطق النائية، و لا نظن أن هناك من المتفائلين بهذه اللجنة سواء من حيث تركيبتها ‘الحزبية’ أو من حيث المأمورية الغامضة الفضفاضة الموكلة إليها أو من حيث الانتظارات التي ينتظرها الشارع المتعود على تمييع المسائل و تعويمها و خير دليل على ذلك قبر نتائج التحقيق في حادثة ‘مزبلة’ الاتحاد و لجنة التحقيق في أحداث الاعتداء على المواطنين في شارع 9 افريل و أحداث الرش في سليانة كل ذلك زمن حكم الترويكا، ولان الحديث ذو شجون فانه من السخافة الادعاء اليوم أن عودة السيد سليم شيبوب و دخوله في عملية مصالحة مع السيد المكلف العام بنزاعات الدولة سيكون أول القطر الذي سيشجع البعض على إرجاع المال المنهوب سواء في عهد بن على أو في عهد النهضة و ما تلاها.
يعتبر السؤال حول كيفية نهب المال العام سؤالا غبيا في مجمله فالسارق يغلب الذي يصرخ كما يقول المثل و غياب مؤسسات الرقابة التي تحولت إلى شهود زور في عديد من الأحيان - يحتاج الأمر إلى التفكير في سن قوانين لمعاقبة تصرفاتها المريبة في عديد الملفات التي بقيت مفتوحة دون محاسبة - و المشجع رقم واحد لكل الناهبين و المفسدين الذين تمتعوا بحصانة تلك المؤسسات و حصانة بعض الشخصيات السياسية النافذة سواء في عهد بن على أو في عهد حكومة النهضة الفاسدة، و في حالة وثائق بنما مثلا شاهد الجميع كيف تعاملت الشخصيات الغربية المستهدفة بالتسريب و كيف قدمت استقالتها في حين حاول ‘جماعة تونس’ استعمال التهريب الجدلي بعد أن كشف التهريب المالي المشبوه، و حين تصرف حركة النهضة ما يناهز العشرة مليارات في تجهيز مؤتمرها العاشر فلا بد من الانتباه أن ذلك هي عملية إخراج لسان لكل هؤلاء الذين يطالبون الحركة بكشف مصادر تمويلها الخليجية المشبوهة و بالذات كيف استطاعت نهب المال العام و تهريبه طيلة 3 سنوات عبر مطار ‘ عبد الكريم العبيدى ‘.
لقد قيل الكثير عن حزب النداء و بعض الأحزاب الأخرى ( حزب سليم الرياحى و ياسين إبراهيم و حزب المؤتمر للمنصف المرزوقي مثلا ) و تبين أن هناك شبهات للمال الخليجي الفاسد، و شبهات بوجود أموال خيالية في بعض البنوك الغربية المشبوهة و إلى الآن لم تتمكن الحكومة ‘ الرشيدة’ من محاسبة هذه الأحزاب أو استرجاع أموال الحملة الانتخابية أو التدقيق في بعض الشبهات و التحقيق في بعض الشكاوى المسربة في الإعلام ، في كل الأحوال لا أحد في ‘ الموالاة’ أو في’ المعارضة ‘ إن صح التعبير يريد المحاسبة قولا و فعلا لان الجميع في نفس قارب الشبهات المتعسر، و حين يكون القضاء معطلا بهذه الكيفية المشبوهة من طرف هيئة القضاة و نقابته الذين يحاولان ممارسة السياسة على حساب مصلحة هيبة القضاء و تكون مؤسسات الدولة معطلة من طرف كبار القوم المهربين و رجال الأعمال الفاسدين و بعض الإعلام الفاسد المتعود على بيع الضمير بالجملة و التفصيل، فالظاهر أن الحديث عن استرجاع الأموال التونسية المنهوبة سيصبح مجرد حكاية على بابا و الأربعين حرامي.
--------
وافانا الكاتب بمحتوى آخر للمقال، ألغينا إذن المحتوى الأول، وننشر المحتوى الجديد كما وردنا
محرر موقع بوابتي
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: