البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبمقالات رأي وبحوثالاتصال بنا
 
 
   
  الأكثر قراءة   المقالات الأقدم    
 
 
 
 
تصفح باقي الإدراجات
مقالات متعلقة بالكلمة : تونس

هل كان حنبعل "تقدميا" أم "رجعيا" ؟

كاتب المقال كريم السليتي - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 6709 karimbenkarim@yahoo.fr


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


تونس، ربما بحكم موقها الجغرافي، كانت منذ آلاف السنين أرضا لصراع بين حضارات و مجتمعات مختلفة و بالتالي بين هويات مختلفة. حنبعل البطل التاريخي للتونسيين آمن بقوة هويته أمام الرومان الذين كانوا أكثر تطورا ماديا من مجتمعه. حنبعل كان يمكن أن يكون "حداثيا" و "تقدميا" فيقبل بغزو الرومان بل و يفتح لهم أرضه التي هي اليوم أرضنا لينشروا ثقافتهم الحداثية و التقدمية في تلك المرحلة من التاريخ. حنبعل هو بطلنا التاريخي الى اليوم لسبب واحد هو أنه كان وطنيا واثقا من قوة هويته، خاض الحروب انهزم و انتصر ثم انهزم لكنه لم يستسلم أبدا بل كان مقتنعا ومتمسكا بتفوق هويته حتى بعد هزيمته النهائية.

أنطلق من هذه الحقيقة التاريخية، لأسقطها على واقع مجتمعنا اليوم و مؤسساته، و الذي يتعرض لصراع بين أقلية ذات هوية متفسخة لكنها ذات سطوة سياسية و اقتصادية و إعلامية، و أغلبية ذات هوية عربية إسلامية لكنها سلبية و لا تأخذ بزمام المبادرة كي لا أقول متفرجة أو مستسلمة.
الهوية القوية الحاضرة في أذهان التونسيين هي السبيل الوحيد لبناء مجتمع قوي، متماسك وحديث.
الهوية هي التي تكمن التونسيين من الوثوق بأنفسهم و الحديث برأس مرفوعة أمام العالم. فمن لا تاريخ له لا مستقبل له و من لا هوية له لا حضارة له. أمّا التفسخ و الانهزام الحضاري فلا ينتج عنه سوى عقد ومُركّبات النقص أمام الآخر، و الإحساس بالتقزم أمام الحضارات الأخرى. كما أنه سبب في نشوء التناقضات في نفسية التونسي.

الخطير في الأمر أن بعض المنهزمين حضاريا، والمدعين للحداثة و التقدم يسيطرون على جزء من النسيج الاقتصادي والسياسي و الإعلامي و حتى الأمني و الإداري في تونس. بعضهم يساهم في وضع البرامج في وزارة المرأة بالتعاون مع الجمعيات ذات نفس التوجه، يحاولون التأثير على المناهج الدراسية لتلاميذنا في المدارس و المعاهد، يسعون من خلال عمليات التوجيه الجامعي إلى إبعاد الطالبات عن عائلاتهن، يضعون برامج إعلامية تمجد ثقافة التفسخ و تصور جوهر الهوية على أنه رجعية و ظلامية و تخلف.

دعاة التغريب و الانحلال الاجتماعي ينظمون أنفسهم في جمعيات، يربطون علاقات مع مؤسسات و منظمات دولية، ينشؤون مواقع أنترنات، ينظمون ملتقيات و اجتماعات، يطبعون قصصا و كتبا و أقراص و يوزعونها على عمال المصانع و تلاميذ المدارس و طلبة الجامعات. يكتبون المقالات، ينشؤون الجرائد و الإذاعات و التلفزات، و لا يتركون أية مساحة إلا و يستغلونها لنشر ثقافة الانهزام الحضاري التي يسمونها حداثة و انفتاح و تقدمية.
يجتهدون و ينفقون من أموالهم و يخصصون أوقاتهم من أجل نشر التفسخ وضرب هوية التونسيين، وهم يعلمون أنهم لن يحصلوا لا على أجر و لا على راحة بال، وأقصى ما يتمنونه إطراء من قناة فرنسية أو جريدة غربية.

أما أغلبية التونسيين فهي تتفرج و لا تحرك ساكنا، اللهم بعض النقد الخافت هنا أو هناك. هل هذه هي ايجابية المجتمع التونسي و قوة إرادته؟ ينتقد القنوات التونسية و يدمن مشاهدتها، ينتقد العري و الانحلال الأخلاقي واللفظي و لا يراقب أبناءه و بناته، ينتقد تصرفات الناس و تكالبهم و انتهازيتهم، ينتقد كثرة انتشار المخدرات و الإجرام، ينتقد العنف اللفظي و المادي، ينتقد الانحلال الأخلاقي و عودة المجتمع لعصور الغرائز الحيوانية. و لكن ماذا فعلنا لننشر الأخلاق السامية و قيم مجتمعنا الحقيقية، ونجعل من ذلك منطلقا لبناء مجتمع متحضر و حديث، كما يحلم به كل إنسان؟ ومتى يقرر كل منا أن نخصص لوطننا و لمجتمعنا بعض الجهد حتى ترسخ معالم هويتنا في أذهاننا و أذهان أبنائنا و في تصرفاتنا.

كريم السليتي
خبير بمكتب استشارات دولي


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الثورة التونسية، النخب الفكرية، النخب المثقة، تغريب، تبعية، حنبعل، الحداثة،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 10-10-2011  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  في ذكرى ثورة التحرير الجزائرية، البنك الجزائري يصدر ورقة نقدية جديدة بالعربية والانجليزية
  موظفون أم عبيد؟!
  تونس، صدمة الأزمة الصحية والاقتصادية تكشف أكذوبة "الكفاءات التونسية" وخرافة "المادة الشخمة"
  الإعلام التونسي ومهمة الإلحاق اللغوي بفرنسا
  كيف ستتأكد هيئة الانتخابات من شرط الإسلام للمترشحين لرئاسة الجمهورية؟
  بعد مجزرة نيوزيلاندا الإرهابية وجريمة حي التضامن، هل حان الوقت لسن قانون يجرم الإسلاموفوبيا؟
  لغة التعليم في تونس - إلى متى الفرنسية عوض الإنقليزية؟
  جرائم فرنسا ووقاحة هولند
  لماذا اغتاظت فرنسا من الاهتمام الأنقلوساكسوني بتونس؟
  خطة جديدة للقضاء على لجان حماية الثورة
  ماذا لو دافع المرزوقي عن عاريات الصدر؟
  إنفصام الشخصية: هل هو وباء ما بعد الثورة
  20مارس: ذكرى التوقيع على تأبيد الإستعمار الفرنسي لتونس
  إلى متى يتواصل توجيه الرأي العام نحو التفاهات؟
  هل بالمناشدات سوف نتخطى الأزمة السياسية في تونس؟
  هل تساهم سيطرة الفضاءات التجارية الكبرى الفرنسية في تفاقم أزمة الغلاء في تونس؟
  هل تونس محظوظة بالإستعمار الفرنسي؟
  الإعلام الفرنسي و دم شكري بلعيد
  عندما يصبح العلمانيون صوفيين
  حقوق الانسان في تونس، في خطر
  القناة الوطنية : إعلام الهواة و إحتراف الكذب
  هل استسلمت الحكومة لأعداء الثورة في الداخل و الخارج؟
  متى يغضب التونسيون لمقدساتهم؟
  لماذا نجح الخليجيون و فشل المغاربة؟
  المنظومة الإجرامية في تونس
  إنسداد الأفاق أمام نادي المنكر
  المرزوقي و تأثيره على الانتخابات الرئاسية المصرية
  موسم الحج إلى قسم الأخبار!!!
  الدستور و اعتماد الشريعة الإسلامية:ضمان للهوية أم تهديد للحداثة
  الداعية الإسلامي الذي أسر قلوب التونسيين و أثار هلع العلمانيين
  قدوم المشائخ إلى تونس: موش حتقدر تغمض عينيك
  إلى متى يسير إعلامنا و صحافتنا إلى الخلف؟
  التونسيون لن يسمحوا بأن تتحول تونس إلى كوبا جديدة
  الاستعمار الفرنسي أم الاستعمار الانقليزي:"عند في الهم ما تختار"
  الاعلام و الاعتصامات: أبطال هنا وغرباء هناك... و انتخابات في الافق
  تونس لن تكون أسوأ من زمن بن علي
  ألا يستحق "استنكار السياسيين و الاعلاميين لإعتصام جامعة منوبة" الاستنكار و الشجب؟
  منع تعدد الزوجات مكسب افتراضي في غياب الانجازات الحقيقية
  "الحداثيون" في تونس: دروس مُرّة... بعد انتخابات حُرّة
  كيف يمكن لهوية المجتمع أن تستقر في ظل تعاقب التيارات السياسية على الحكم في تونس؟
   استعمال ألفاظ طائفية لوصف شريحة من المواطنين في أخبار القناة الوطنية
  كيف انتصرت قناة "المستقلة" على قناتي "نسمة" و "حنبعل" بالضربة القاضية
  لماذا رفضت الأقلية النخبوية قبول نتائج الانتخابات
  هل تسترجع تونس هويتها بعد انتخابات المجلس التأسيسي؟
  صحافيو تونس: أنصر أخاك حتى لو سبّ الذات الالاهية
  تونس الثورة : بين دكتاتورية الأقلية "الالحادية" و سلبية الأغلبية "المسلمة"
  هل كان حنبعل "تقدميا" أم "رجعيا" ؟
  الحداثة و التقدمية و التحرر: قصة المصطلحات المختطفة في تونس
  لماذا أصبح التونسيون يرفضون كل ماهو فرنسي
  كيف تحصل على وظيفة بآلاف الدولارات
  حينما تصبح الثورة 'شماعة' للأخطاء

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
أ.د. مصطفى رجب، د- محمد رحال، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، سفيان عبد الكافي، د. مصطفى يوسف اللداوي، عواطف منصور، محمد الياسين، سليمان أحمد أبو ستة، د - الضاوي خوالدية، علي الكاش، محرر "بوابتي"، د. طارق عبد الحليم، سامر أبو رمان ، مصطفي زهران، محمد أحمد عزوز، مراد قميزة، د.محمد فتحي عبد العال، أبو سمية، ياسين أحمد، عمر غازي، صالح النعامي ، صفاء العربي، فهمي شراب، الهادي المثلوثي، د. عبد الآله المالكي، علي عبد العال، يحيي البوليني، محمد اسعد بيوض التميمي، د - عادل رضا، أنس الشابي، يزيد بن الحسين، حسني إبراهيم عبد العظيم، د - مصطفى فهمي، إياد محمود حسين ، حسن الطرابلسي، عزيز العرباوي، أحمد ملحم، سيد السباعي، المولدي الفرجاني، د - المنجي الكعبي، إيمى الأشقر، حاتم الصولي، كريم السليتي، نادية سعد، محمود فاروق سيد شعبان، رحاب اسعد بيوض التميمي، محمد عمر غرس الله، سلام الشماع، محمد العيادي، د. أحمد بشير، د- هاني ابوالفتوح، منجي باكير، عبد الغني مزوز، رضا الدبّابي، صباح الموسوي ، حميدة الطيلوش، ضحى عبد الرحمن، العادل السمعلي، مصطفى منيغ، صفاء العراقي، خالد الجاف ، رافد العزاوي، د - محمد بن موسى الشريف ، محمود طرشوبي، فوزي مسعود ، أشرف إبراهيم حجاج، طلال قسومي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، إسراء أبو رمان، رشيد السيد أحمد، د - صالح المازقي، الهيثم زعفان، د. أحمد محمد سليمان، خبَّاب بن مروان الحمد، د. صلاح عودة الله ، محمود سلطان، سامح لطف الله، تونسي، جاسم الرصيف، مجدى داود، رمضان حينوني، فتحي العابد، سلوى المغربي، فتحـي قاره بيبـان، عبد الرزاق قيراط ، عبد الله الفقير، عراق المطيري، أحمد النعيمي، صلاح الحريري، حسن عثمان، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د- جابر قميحة، وائل بنجدو، د - محمد بنيعيش، سعود السبعاني، محمد يحي، الناصر الرقيق، د- محمود علي عريقات، محمد شمام ، د. خالد الطراولي ، ماهر عدنان قنديل، فتحي الزغل، د. كاظم عبد الحسين عباس ، عمار غيلوفي، د - شاكر الحوكي ، كريم فارق، محمد الطرابلسي، رافع القارصي، عبد الله زيدان، أحمد بوادي، صلاح المختار، أحمد الحباسي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د. عادل محمد عايش الأسطل،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضات من طرفه أومن طرف "بوابتي"

كل من له ملاحظة حول مقالة, بإمكانه الإتصال بنا, ونحن ندرس كل الأراء