البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

موظفون أم عبيد؟!

كاتب المقال كريم السليتي - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 770


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


لا يتعلق هذا الامر بالموظف الاداري فقط بل بكل الذين يعملون في القطاع العام وحتى الخاص، عندما تصبح الوظيفة وبالأحرى الراتب عنوانًا لنوع من العبودية الحديثة طويلة الأجل، تتجاوز حتى سن التقاعد، لأنها وببساطة تصبح سلوكًا وعقلية مترسخة في العقول.

يتنازل الموظف شيئًا فشيئًا بعد حصوله على الوظيفة والراتب على كثير من مبادئه وقيمه، المبادئ والقيم المتعلقة بالحرية تحديدًا ، حرية التعبير ، القدرة عن على ابداء الرأي بشكل علني في مواقع التواصل الاجتماعي او في شكل مقالات او نشر كتب .

كثير من هؤلاء الذين نراهم داخل الإدارة، كانوا متألقين مميزين أثناء سنوات دراستهم الثانوية والجامعية ، كانوا جذوة من الحماس وإرادة التغيير، كانوا منارات للتجديد والتطوير والتفكير خارج الصندوق يحدوهم الأمل في تحقيق نجاح في تغيير العقليات وتطوير البلاد وادخالها للقرن الواحد والعشرين… ولكن… كل تلك الموجات الايجابية يتراجع مداها وتخفت شيئا فشيئًا ، مع أول مرتب مع أول قرض بنكي ومع أول طفل ، يحاول الموظف إعادة ترتيب أولوياته. ويبدأ في التركيز على دراسة المخاطر وكيفية المحافظة على ذلك الراتب وتلك الوظيفة لأنه يراها المنقذ الوحيد له من مخاطر الفقر والبطالة، فيبدأ بإقناع نفسه بأن يجب أن يدخل قالب العبيد وأنه مجبر على ذلك ولا مخرج له إلا بإغلاق فمه وقفل دماغه وقتل ذلك الشخص المبدع داخله بل يصبح من الناس الذين يرون الابداع تهورًا والتجديد عدم خبرة والتعبير عن رأيه نقصًا في المهنية.

شيئًا فشيئًا وبعد قتل النَفَس الابداعي الثوري داخله، يمر مباشرةً ليصبح تحت تأثير العقليات السائدة، عقلية "المسمار في حيط" وعقلية الانتهازية الشخصية والأنانية المتطرفة وإستغلال الوظيفة للحصول على أقصى حد من المنافع الشخصية بأقل مجهود وأقل انتاجية. وهكذا يتحول دون أن يشعر من مبدع إلى عبد وهو يظن نفسه أنه قد أصبح أكثر ذكاء وحكمة وعقلانية.

يدخل اذن إلى حضيرة العبيد من بابها الواسع، فيصبح هو نفسه منظرًا لفوائدها ويحرص على التزام جميع زملائه بها، بل قد يصبح من الوشاة بؤلائك الموظفين الجدد الذين يتمردون على قواعد عمل العبيد، الذين لا يحترمون واجب التحفظ ويبدون آراءهم علنا على منصات التواصل الاجتماعي ، أو ينشرون مقالاتهم وإبداعاتهم… وتبقى حلقة صناعة العبيد متواصلة من جيل إلى جيل!

بعد أن يقضي الموظف العبد زهاء ثلاثة عقود في نفس الوظيفة ونفس الادارة وبنفس العقلية يحال إلى التقاعد، ويالها من مصيبة أن يخرج من حضيرة العبيد إلى العالم، لكنه عوض أن يتحرر من العبودية يدخل في محاولة تأطير المجتمع واقناعه بأهمية العبودية في حفظ النظام والسلامة الشخصية ، ويصبح منظرًا للأجيال الأخرى حول أهمية نظرية الجمود وخطورة التغيير لأنه قد يؤدي الى مخاطر غير معلومة.

لقد بعت أيها المبدع نفسك بأرخص الأثمان لترتهن في عبودية قاسية، وأنت تظن أنك تحسن صنعًا ، فمتى تعتق نفسك وتخرج من قالب العبيد وتعبر عن رأيك الحقيقي المدفون في زحمة ضغوطات الواقع. متى تجدد وتبتكر وتطلق ذلك الانسان الطيب داخلك الذي يستمتع بمساعدة الناس؟


---------
كريم السليتي
كاتب وباحث في الإصلاح والتطوير الإداري


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

الوظيفة، العمل، الشغل،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 24-10-2022  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  في ذكرى ثورة التحرير الجزائرية، البنك الجزائري يصدر ورقة نقدية جديدة بالعربية والانجليزية
  موظفون أم عبيد؟!
  تونس، صدمة الأزمة الصحية والاقتصادية تكشف أكذوبة "الكفاءات التونسية" وخرافة "المادة الشخمة"
  الإعلام التونسي ومهمة الإلحاق اللغوي بفرنسا
  كيف ستتأكد هيئة الانتخابات من شرط الإسلام للمترشحين لرئاسة الجمهورية؟
  بعد مجزرة نيوزيلاندا الإرهابية وجريمة حي التضامن، هل حان الوقت لسن قانون يجرم الإسلاموفوبيا؟
  لغة التعليم في تونس - إلى متى الفرنسية عوض الإنقليزية؟
  جرائم فرنسا ووقاحة هولند
  لماذا اغتاظت فرنسا من الاهتمام الأنقلوساكسوني بتونس؟
  خطة جديدة للقضاء على لجان حماية الثورة
  ماذا لو دافع المرزوقي عن عاريات الصدر؟
  إنفصام الشخصية: هل هو وباء ما بعد الثورة
  20مارس: ذكرى التوقيع على تأبيد الإستعمار الفرنسي لتونس
  إلى متى يتواصل توجيه الرأي العام نحو التفاهات؟
  هل بالمناشدات سوف نتخطى الأزمة السياسية في تونس؟
  هل تساهم سيطرة الفضاءات التجارية الكبرى الفرنسية في تفاقم أزمة الغلاء في تونس؟
  هل تونس محظوظة بالإستعمار الفرنسي؟
  الإعلام الفرنسي و دم شكري بلعيد
  عندما يصبح العلمانيون صوفيين
  حقوق الانسان في تونس، في خطر
  القناة الوطنية : إعلام الهواة و إحتراف الكذب
  هل استسلمت الحكومة لأعداء الثورة في الداخل و الخارج؟
  متى يغضب التونسيون لمقدساتهم؟
  لماذا نجح الخليجيون و فشل المغاربة؟
  المنظومة الإجرامية في تونس
  إنسداد الأفاق أمام نادي المنكر
  المرزوقي و تأثيره على الانتخابات الرئاسية المصرية
  موسم الحج إلى قسم الأخبار!!!
  الدستور و اعتماد الشريعة الإسلامية:ضمان للهوية أم تهديد للحداثة
  الداعية الإسلامي الذي أسر قلوب التونسيين و أثار هلع العلمانيين

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
تونسي، مجدى داود، محمود فاروق سيد شعبان، محمد اسعد بيوض التميمي، عزيز العرباوي، د - الضاوي خوالدية، محمد الطرابلسي، د - المنجي الكعبي، حميدة الطيلوش، محمد عمر غرس الله، منجي باكير، الهيثم زعفان، محرر "بوابتي"، د. ضرغام عبد الله الدباغ، حسن الطرابلسي، رمضان حينوني، د - عادل رضا، د - محمد بنيعيش، فتحي العابد، عمار غيلوفي، إياد محمود حسين ، عبد الغني مزوز، د. طارق عبد الحليم، محمود سلطان، سامح لطف الله، عمر غازي، مراد قميزة، سيد السباعي، سفيان عبد الكافي، أحمد ملحم، سلوى المغربي، رشيد السيد أحمد، فتحي الزغل، صلاح المختار، يحيي البوليني، حسن عثمان، سليمان أحمد أبو ستة، أحمد النعيمي، سلام الشماع، صالح النعامي ، د. خالد الطراولي ، سامر أبو رمان ، د- محمود علي عريقات، د- محمد رحال، د - صالح المازقي، ياسين أحمد، صباح الموسوي ، د. أحمد بشير، عبد الرزاق قيراط ، د. مصطفى يوسف اللداوي، د. أحمد محمد سليمان، محمد أحمد عزوز، أبو سمية، حسني إبراهيم عبد العظيم، ماهر عدنان قنديل، محمد العيادي، رحاب اسعد بيوض التميمي، أنس الشابي، د. عبد الآله المالكي، د - محمد بن موسى الشريف ، وائل بنجدو، الناصر الرقيق، أشرف إبراهيم حجاج، علي عبد العال، أحمد بن عبد المحسن العساف ، صفاء العربي، أحمد الحباسي، عراق المطيري، العادل السمعلي، سعود السبعاني، صلاح الحريري، أ.د. مصطفى رجب، فهمي شراب، د - مصطفى فهمي، إسراء أبو رمان، محمد يحي، علي الكاش، كريم فارق، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د.محمد فتحي عبد العال، عواطف منصور، خبَّاب بن مروان الحمد، رافد العزاوي، فتحـي قاره بيبـان، طلال قسومي، الهادي المثلوثي، كريم السليتي، مصطفي زهران، نادية سعد، د- هاني ابوالفتوح، جاسم الرصيف، ضحى عبد الرحمن، د. عادل محمد عايش الأسطل، صفاء العراقي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، رافع القارصي، د. صلاح عودة الله ، رضا الدبّابي، محمد الياسين، مصطفى منيغ، يزيد بن الحسين، عبد الله زيدان، فوزي مسعود ، عبد الله الفقير، د - شاكر الحوكي ، أحمد بوادي، إيمى الأشقر، المولدي الفرجاني، محمود طرشوبي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، محمد شمام ، د- جابر قميحة، خالد الجاف ، حاتم الصولي،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة