البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبمقالات رأي وبحوثالاتصال بنا
 
 
   
  الأكثر قراءة   المقالات الأقدم    
 
 
 
 
تصفح باقي إدراجات الثورة التونسية
مقالات الثورة التونسية

فساد مفهوم القيم الكونية

كاتب المقال فوزي مسعود - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 9571


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


تسعى الجهات الحاملة لمشاريع فكرية مُغالبة تدور في أفق المركزية الغربية لاستعمال مصطلحات مستحدثة، يقع تكثيفها من خلال لفظ فضفاض حمّال أوجه هو القيم الكونية، وهو المصطلح الذي يستعمل كمنطلق لإلغاء المجال المفاهيمي الإسلامي بدعوى أن الأمر قد حسم على مستوى الفكر البشري وأن كل ما عارض القيم الكونية تلك المتفق عليها عالميا فهو لاغ ولا مجال لإبقائه في حقل الفاعلية الواقعية.

وسأبرهن في ما يلي على فساد هذا القول ومن ثمّ فساد الأطروحات المتكئة على ذلك المصطلح، وسأبين أن الأمر لا يعدو أن يكون مصادرة على المطلوب من طرف حملة مشعل المركزية الغربية، وأنه لا توجد قيم كونية وإنما هذا المصطلح يستعمل للاقناع بجدارة التبيعة للغرب

توليد المفاهيم والقيم:

القيم ومفاهيمها لا تملك تمثيلا على محوري / بُعدي الزمان والمكان، وبالتالي لا يمكن لمفهوم ما كالصدق أو الحرية أن يتغير بتغير الزمن لذات الزمن أو لتغير المكان لذات المكان، يعني فإن مفهوم الحرية مثلا لا يتغير مابين ساعتين لمجرد تغير الوقت، كما لا يتغير ما بين داخل البيت وخارجه مثلا لمجرد تغير المكان. وإنما التغيير يقع نسبة لمحور / بُعد الإنسان، فالإنسان هو الذي يحدث التغيير في المفاهيم.
وبالتالي إذا كنا نقصد بالكون هو تلاقي أبعاد الزمان والمكان والإنسان، فإن القول بقيم كونية يعتبر قولا من دون معنى، لأنه لا توجد قيم كونية وإنما توجد قيم لأناس أوجدوا تلك القيم.

القيم نسبة للزمان:

القيم ومفاهيمها كالحرية والصدق يمكن أن تكون متغيرة نسبة للزمن أو لا، وهنا نقصد دائما أن الذي يحدث التغيير هو الإنسان وليس الزمن الذي أثبتنا انه لايغير المفاهيم بذاته.
إن كانت القيم ثابتة عبر الزمن لكل الناس، كان معنى ذلك نفي القيم ذاتها، لأن تكونها من طرف البشر إنما كان عن طريق البناء الذاتي للمعاني، وذلك التكوين الذاتي انطلق من عدم ثم تدرج حتى استواء المفهوم، إذن فهناك تغير للمفهوم عبر الزمن وهو مايناقض الافتراض، فكان معنى ذلك أن المفهوم لايمكن أن يكون ثابتا عير الزمن، وأن الصحيح هو أن المفاهيم البشرية متغيرة حسب الزمن، ومن هناك فإن القيم البشرية أي القيم التي تنطلق من تأسيس بشري عرضة للتغير عبر الزمن.

وجود المفاهيم المرجعية:

لما كانت المفاهيم البشرية عرضة للتغير نسبة للزمن وليس بفعل الزمن، فإننا إذا أخذنا مفهوما معينا في زمن معين من محور الزمن، كان ذلك المفهوم قابلا للتغير في زمن آخر يسبقه أو يليه، وبالتالي فلا يمكن إيجاد أي زمن يكون المفهوم فيه ثابتا، لأن محور الزمن لا تأثير له على المفهوم كما قلنا.

وبطل بالتالي وجود مفهوم بشري غير قابل للتغيير بحيث يجوّز دعوة البعض لاتخاذه كمرجع باعتباره يمثل مفهوما مرجعيا غير قابل للتبدل كما ينادي جماعة المفاهيم الكونية الثابتة، لان المفهوم البشري لا يوجد سبب لأن يقع توقيف نموه في لحظة معينة، يعني لايوجد مرجح يفسر إتخاذه في لحظة ما كمفهوم مرجع، ولو صح جدلا إتخاذ نقطة زمنية كمحدد لاتخاذ مفهوم كمرجع ثابت، كان معنى ذلك إلغاء المفهوم ذاته، لأنه يعني إمكان اتخاذ مفاهيم أخرى على كل لحظات مسار المفهوم عبر الزمن، وهو ما يلغي ذلك المفهوم لأنه يمكن الرجوع بالمفهوم لبداياته التي كانت عدما في لحظة ما.

المفاهيم الثابتة والمتغيرة:

ولكن واقعا فإنه يمكن وجود مفهوم مرجعي في حالتين:
إما أن يكون مفهوما بشريا وساعتها فإن اتخاذه مفهوما مرجعيا يكون من خلال الفرض القهري عن طريق المصادرة على المطلوب أي أن البعض ممن له سلطة التحكم في حقل المفاهيم العامة أي المجال المفاهيمي يقوم بتشكيل المفاهيم وتحديد معانيها ويجبر الغير على الالتزام بها، وهذا هو ما وقع بتونس بعيد الاستقلال وهو ما يقع الآن في العالم من خلال أدوات التثقيف ووسائل الإعلام الغربية في سياق ترويج المجال المفاهيمي ذي أفق المركزية الغربية، ويدخل في هذا الباب الترويج لمفهوم المبادئ والقيم الكونية.

والاحتمال الثاني يخص الحالة التي لايكون فيها المفهوم ذا تأسيس بشري، وإنما هو مضبوط الأبعاد من خلال عقيدة كما هو الحال لدى المسلمين أي فعل تأسيسي حول مركزية عقدية إسلامية موازية للمركزية الغربية، في مجمل المفاهيم كمفهوم الصدق والفضيلة والحلال والحرام والعفاف وغيرها، فهذه كلها مفاهيم مضبوطة ومحددة ولا مجال للاجتهاد البشري في تغير دلالتها وإن كان يمكن تغير معانيها حسب الواقع، وفي هذه الحالة من المفاهيم فإنه يمكن الحديث عن ثبات المفهوم عبر الزمن، لأنه في هذه الحالة لا يوجد أصلا فعل تفكيري بشري مؤثر على تغير المفهوم، ولا مجال للنظر لذلك نسبة للزمن.

وثبت بالتالي أنه لا توجد مفاهيم كونية وإنما توجد مفاهيم تنبع من مركزيات عقدية إما سماوية كما لدى الإسلام وإما بشرية كما لدى المركزية الغربية، وكل عمليات الاقناع بوجود قيم كونية متعالية عن المركزيات العقدية المؤطرة وجوبا للوجود البشري تصور فاسد، وإنما هو محاولة فرض عن طريق المصادرة على المطلوب كمفاهيم مرجعية في لحظات ضعف المقاومة لدى الطرف المستهدف


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، النموذج المجتمعي، النقد العلمي، المكاسب الحداثية، المصادرة على المطلوب، القيم الكونية، ،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 3-10-2012  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك
شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
الردود على المقال أعلاه مرتبة نزولا حسب ظهورها  articles d'actualités en tunisie et au monde
أي رد لا يمثل إلا رأي قائله, ولا يلزم موقع بوابتي في شيئ
 

  3-10-2012 / 22:38:17   أبو محمد
قيمنا أجدر بأن تكون كونية

نعم من واجب المسلم أن يرفض مسألة القيام الكونية هذه، لأن قيمه هي الأجدر بأن تكون القيم الكونية.
شكراً للمقال.
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د. أحمد محمد سليمان، مصطفى منيغ، د - عادل رضا، محمد الطرابلسي، حاتم الصولي، سلام الشماع، مراد قميزة، ضحى عبد الرحمن، الهيثم زعفان، أبو سمية، عراق المطيري، منجي باكير، د. مصطفى يوسف اللداوي، مجدى داود، د. صلاح عودة الله ، د- هاني ابوالفتوح، د - محمد بن موسى الشريف ، حسني إبراهيم عبد العظيم، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د- جابر قميحة، محمد شمام ، يحيي البوليني، محمود سلطان، صلاح الحريري، طلال قسومي، كريم السليتي، خالد الجاف ، محمود فاروق سيد شعبان، محمد أحمد عزوز، فوزي مسعود ، سامح لطف الله، عواطف منصور، علي الكاش، أ.د. مصطفى رجب، حسن عثمان، د. طارق عبد الحليم، عمار غيلوفي، الهادي المثلوثي، سليمان أحمد أبو ستة، مصطفي زهران، ماهر عدنان قنديل، إيمى الأشقر، أحمد بن عبد المحسن العساف ، رمضان حينوني، سامر أبو رمان ، أحمد النعيمي، أشرف إبراهيم حجاج، عزيز العرباوي، أحمد بوادي، عمر غازي، رحاب اسعد بيوض التميمي، أحمد ملحم، ياسين أحمد، محرر "بوابتي"، كريم فارق، حسن الطرابلسي، د - محمد بنيعيش، عبد الله الفقير، د.محمد فتحي عبد العال، فتحـي قاره بيبـان، صفاء العراقي، صلاح المختار، عبد الرزاق قيراط ، نادية سعد، خبَّاب بن مروان الحمد، محمد العيادي، رافد العزاوي، د - الضاوي خوالدية، صالح النعامي ، أحمد الحباسي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د. خالد الطراولي ، تونسي، المولدي الفرجاني، د- محمد رحال، د. عبد الآله المالكي، محمد اسعد بيوض التميمي، د - شاكر الحوكي ، إسراء أبو رمان، فتحي العابد، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د- محمود علي عريقات، علي عبد العال، رشيد السيد أحمد، صباح الموسوي ، العادل السمعلي، د. عادل محمد عايش الأسطل، جاسم الرصيف، عبد الغني مزوز، سعود السبعاني، فهمي شراب، يزيد بن الحسين، حميدة الطيلوش، الناصر الرقيق، رضا الدبّابي، إياد محمود حسين ، سلوى المغربي، د - مصطفى فهمي، رافع القارصي، د - صالح المازقي، وائل بنجدو، عبد الله زيدان، أنس الشابي، صفاء العربي، سفيان عبد الكافي، سيد السباعي، محمد يحي، محمود طرشوبي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د - المنجي الكعبي، فتحي الزغل، محمد الياسين، محمد عمر غرس الله، د. أحمد بشير،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضات من طرفه أومن طرف "بوابتي"

كل من له ملاحظة حول مقالة, بإمكانه الإتصال بنا, ونحن ندرس كل الأراء