الحقائق التاريخية والأدلة الدامغة على عدم كردية كركوك
خالد عزيز الجاف - برلين
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
المشاهدات: 13686
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
إن حداثة ظهور الكرد كقومية تحت الإيحاء الغربي المبالغ فيه في بداية القرن الماضي، مما جعل الأكراد يبالغون في وحدة أصلهم ولسانهم وتاريخهم ووطنهم ، ومن نشوء تصورات خيالية في عقلية المثقف الكردي حول كمال عرقهم وعظمتها، وان وطنهم التاريخي الخيالي احتله العرب والفرس والأتراك. ويقول الباحث ماكدويل (انه من المشكوك فيه جدا أن يكون الأكراد يكونون مجتمع عرقي منطقي مترابط من ناحية النسب. عدم وجود ثقافة مدنية كردية وأدب قومي كردى في بدايات القرن العشرين كانت تعتبر من العوائق القاتلة في تعريف الكرد كقومية. في حالة الأكراد الشعور بالتماسك القومي ينبع من فكرة - من المحتمل زائفة - النسب واللغة المشتركة. يواجه الكرد هنا صعوبة عملية المبنية قسما على عدم وحدة اللغة، والحداثة في نشوء الأدب، وعدم استعمال كتابة واحدة). وهذا الشعور القومي الكردي الذي نمى بصورة غير طبيعية جعل من الأكراد يندفعون في محاربة الدول التي يتواجدون فيها لإرجاع مجدهم الضائع بعد أن أقنعهم وكذب عليهم الغرب بوجود وطن أجدادهم (كردستان) .
لقد اختلف المؤرخون في إعطاء الفصول الأولى من تاريخهم وأصولهم ومنشأهم. ودراسة تاريخ الكرد يحتاج إلى عناية مركزة في البحث عن جذور هذا الشعب وموطنه الأصلي . جاءت المقولة الكردية الحديثة للمثقفين الكرد بعد اكتشاف الاثار التاريخية العظيمة في جبال كردستان الكبرى حسب منطقهم الغريب والعجيب على الشكل التالي ((أنهم أعرق أمة في هذه المنطقة التي يسميها الغربيون "الشرق الأوسط" ولعلهم أسبق وجوداً فيها من أولى الموجات السامية كالأكاديين ;, ومن المؤكد أنهم أقدم من الآراميون والعرب والترك . ومن المتعارف عليه بين الأثريين والمؤرخين أن دولة ميديا دولة كردية )) .
(من بين الركام والأطلال خرجت درر المعرفة الأصيلة لتاريخ البهي, من أعماق البحيرات في كردستان شعت أمواج الحقائق لترسم للكون شمس ميديا الخلود, وعلى صفحات (آفستا) رسم التاريخ المجيد لشمس هذه الإمبراطورية التي قضت على جبابرة الشرق, أجل هؤلاء الميديون الذين أطلقوا اسم (كي ه –رك) على مدينة كركوك ) هذا ماكتبه وبالنص احد هؤلاء الكتاب .
والباحث الالمانى باول وايت يقول (إن الصعوبات في تعريف كلمة كرد تواجه الاكادميون منذ القدم، لا يوجد هناك تعريف واحد تتفق عليه) وحتى المؤرخ مينورسكى يصف هذا المصطلح الكرد بالغامض والمبهم) هناك ثلاث نظريات حول اصل الكرد، ولكنها نظريات ضعيفة لا يمكن الاعتماد والتركيز عليها لكي نصل للحقيقة التي مازالت ناقصة وغامضة وحتى مفقودة في صفحات التاريخ. بعض المؤرخين يرجع اصل الكرد إلى الهوريين سكان مملكة ميتانى سنة 1500 قبل الميلاد. ومنهم من يعتبر أن اغلب الأكراد من الميديين، وحتى بعض المؤرخين الأكراد يركزون على هذه النظرية بدون تقديم الدليل والإثبات على صحتها، حيث كانوا يعتبرون أن عصرهم الذهبي بدأ في القرن السابع قبل الميلاد في مملكة الميديين ، فهذه النظرية إذن ضعيفة وحتى ربما مختلقة. ومع توسع الدراسات حول تاريخ الكرد بدأت تنعدم تدريجيا نظرية إرجاع اصل الكرد الى الميديين. ويقول برنارد لويس بهذا الصدد (لا يزال تحديد اصل الأكراد موضع خلاف تاريخي، رغم ادعاء معظم اكاديمى الكرد على الاصل الميدى، إلا أن هذا الادعاء يلاقى صعوبة في الإثبات) والبعض الآخر يرجع أصولهم إلى الاسكيتيين.فعليه يعود أصلهم على الأرجح إلى الشعوب والقبائل الفارسية. ويقول الأستاذ ب. م. هولت أستاذ التاريخ العربي في جامعة لندن في كتابه تاريخ كامبرج للإسلام الصادر عام 1970 (أن الأكراد يطلق عليهم بدو الفرس). بينما يرى المؤرخ مورنى في كتابه العراق بعد الفتح الاسلامى ( أن كلمة كرد تعنى قطاع الطرق)، وجاء في كتاب الطبري أن الكرد دلالة على الفلاحين ويذكر ماكدويل أن مصطلح الكرد يطلق على الشرائح الاجتماعية الخارجة على القانون والهاربة في اعالى جبال زاكروس، ولفترة أكثر من ألفى عام، ولم يكن يعنى اسما لقومية. إذن المؤرخين المعاصرين يختلفون في تحديد اصل الكرد. وقد ذكر المؤرخ ماكدويل المختص في تاريخ الكرد، أن كلمة الكرد لا تعنى اسما للعرق بل كان يطلق على المرتزقة البارثيين الساكنين في جبال زاكروس. وبعض المؤرخين أشاروا إلى أن أصلهم مشتق من الكردوخيين، كما جاء ذلك في كتاب (الأكراد ملاحظات وانطباعات) للباحث مينورسكى الصادر عام 1915. وقد تغير هذا الاعتقاد في الفترة الأخيرة، لان الكردوخيين ليسوا من اصل آري، بل يعتبرون الكورتيين الذين يعيشون في القسم الشرقي من بلاد الكردوخيين، جبال زاكوروس، هم من أجداد الكرد (مينورسكى ). أما المؤرخ ماكدويل المختص في تاريخ الكرد فأنه يرفض هذا الاستنتاج ويقول (إن اصطلاح كورتى كان يطلق على المرتزقة البارثيين والسلوسيين الساكنين في جبال زاكاروس، وانه ليس أكيدا إذا كانت تعنى لغويا اسما لعرق). أما عن علاقة الكردوخيين بالكورتيين فيرى مار انه من الأمور التي يصعب الحكم عليها.
وقد ورد في الدليل العراقي الرسمي لسنة 1936 – بغداد ص 64 " الميديون هم من الشعب الآري الذي كان يسكن البلاد التي يسميها المتأخرين بلاد شيروان وأذربيجان..وقد حاربوا الآشوريين من الشمال, كما أن الكلدان حاربوهم من الجنوب إلى أن قوضوا تلك الدولة القوية الشكيمة..فأصبح في العراق شعبان يسودانه الكلدان من الجنوب والميديون من الشمال".
وبعد سقوط الدولة الميدية (550 – 549) قبل الميلاد ظهر أقرباء الميدين الفرثيون فوق المسرح السياسي للمنطقة, ففي حدود الربع الأخير من القرن الثاني قبل الميلاد حكمت أسرة سكائية اديابين (حدياب), وكانت كركوك عاصمة حكامها الذين كانوا تابعين للإمبراطورية الفرثية, وكانت أربيل أيضاً تدخل ضمن مملكتهم, وتؤلف إحدى قواعدهم .
ويقول المؤرخ الأرمني موسيي ( موفسيس) الذي عاش في القرن الخامس – بداية القرن السادس, كان الساسانيون أقرباء الميديين . إذن ومن هنا نكتشف الحقيقة أن الكرد كانوا بالاصل من الساسانيين ، وبمرور الزمن انفصلوا من هذه العشيرة واطلقوا على انفسهم بالكرد ، وهم لاعلاقة لهم بالشعوب المنقرضة من الكوتيين والفرثيين والميديين . ولكن من المضحك أن يعيد بعض الكتاب اصل الساسانيين إلى الاكراد ، فالساسانيون لهم حضارة اثارها موجودة ، فأين هي حضارة الكرد في شمال العراق أو في ايران ؟ .
عندما ذكر المؤرخ حنّا بطاطو في كتابه العراق / الجزء الثالث مايلي :- " تقع كركوك وهي مركز نفطي على بعد 180 ميلاً ( 280 كم)، الى الشمال من بغداد وكانت مدينة تركمانية بكل مافي الكلمة من معنى...." استغرب الكاتب الكردي سيامند ابراهيم كل الاستغراب من هذا الكشف الحقيقي للواقع والتاريخ كيف يصرح بهذه الحقيقة وهم يحاولون اخفائها بكل الطرق . إذن حسب اعتقاده كما يقول هو بالذات ( فهو بذلك يقفز على الحقائق لكردية كركوك, أن هذا الرجل الذي حرف في تناوله تاريخ كركوك إلى مناحٍ غير صحيحة , و كان يجب على ضميره, وأخلاقه المهنية في كتابة التاريخ الحقيقي للعراق, ولمدينة كركوك كما اطلع عليها من عشرات المصادر والموسوعات الأجنبية والتي لا تجانب هذا الطرف الكردي, أو العربي أو الآشوري المسيحي, أخلاق مهنة الكتابة هي فوق العواطف والأهداف السياسية والكتابة بصدق وأمانة هي التي ترفع من قيمة الباحث العلمية والأخلاقية, ولأن عمد إلى تحريف الوقائع والحقائق التاريخية فهنا تسقط آراء ودراسات هذا الباحث التاريخية ويفقد القراء والمتابعين للشأن الثقافي والتاريخي من مصداقية هذه الشخصية التي أبتعد عن جادة الصواب العلمي كما هو الحال لدى المؤرخ (بطاطو) ويقول عن هذا الباحث أن الذين كتبوا واستندوا إلى مصادر الباحث بطاطو, نقول لهم بأن بطاطو لم يتعمق كثيراً في تاريخ كركوك القديم منذ آلا لاف السنين؟ وهو ابتعد عن الحقائق التاريخية المثبتة في مراجع قوية فمثلاً إذا عدنا إلى كتاب (الجغرافيا السياسية) من تأليف عدد من الأساتذة الجامعيين المصريين في العام 1961 م ما نصه بهذا الخصوص" الأكراد سلالة منحدرة من أصل شمالي.. وكانت لهم دولة قديمة عاصمتها ارابخا ARAPKHA , وهي كركوك الحالية. ) أن المنطقة التي فيها كركوك حاليا كانت تابعة للامبراطورية الاشورية ، فكيف استطاع الكوتيون الوصول إلى تلك المنطقة لبناء هذه المدينة والامبراطورية الاشورية مازلت في عنفوان قوتها وسيطرتها ؟ . وهؤلاء الاساتذة المصريون كيف استطاعوا الوصول إلى هذا الكشف العلمي على أن ارابخا هي كركوك بالذات ، مع العلم أن اربيل كان يطلق عليها ارابخا أيضا ؟ .
أن أي طرح اكاديمي يجب أن يعزز بالمصادر التاريخية والمكتشفات من الاثار القديمة للشعوب المنقرضة ، وحتى الموسوعات الاجنبية الروسية والانكليزية عليها أن تقدم هذه المستندات التاريخية ، وليس اطلاق الكلام جزافا . وعندما يذكر الدكتور الكردي كمال مظهر" ان سكان بلاد ما بين النهرين القدماء كانوا في الألف الأول قبل الميلاد يطلقون اسم الكوتيين على جميع الشعوب التي كانت تقطن إلى الشمال والشرق من بابل بما في ذلك الميديون اعتمادا على الانسكلوبيديا السوفيتية المجلد الرابع الصفحة 914 . فهذا الادعاء غير صحيح لأنه كانت هناك شعوب أخرى ارامية عديدة تسكن تلك المناطق الشمالية الغربية للعراق ولا علاقة لهم بالكرد اصلا ، وكما قلنا سابقا ليس هناك دليل واثبات على أن الكوتيين هم اجداد الاكراد الحاليين .
أما الكاتب الكردي الأستاذ كريم زند فإنه يرى انه في حدود القرن السادس قبل الميلاد أطلق على المدينة أسم كاركوك من قبل الأهالي, وهذا الكلمة كانت متداولة أيام السومريين فهل هذه هي الحقيقة التي يريد أن يقدمها للقأري على كردية كركوك ؟ ، لان الاهالي طبعا من اصل كردي سومري وهم الذين اطلقوا اسم كركوك عليها . وطالما أن اسم كركوك له صلة بكلمة (بابا كركر) وهذه كلمة كردية أيضا فهي إذن مدينة كردية ، ولايهمهم فيما اذا كانت الكلمة مشتقة من (كرك ) أي القلعة أو (كهرمة كان) الفارسية أو (بيت كرماي) في المصادر السريانية القديمة . وقد استغرب الكاتب سبماند ابراهيم أيضا من مقولة السيد فريد فاضل في جريدة المدار حيث يقول إنها كانت تسمى (عربايا) ومنها أخذت تسمية (عرفة) التي أطلقت على المجمع السكني الذي أقامته (شركة نفط العراق) قائلا : بالفعل إنه ربط وتحليل ساذج لا يقنع إنسان لم يقرأ عراقة تاريخ المدينة بشكل جيد . وقد ذكر الكاتب الكردي عوني الداودي قائلا : وقد أطلق عليها البابليين اسم (آميخة) أي (عرفه) .
عندما نراجع تاريخ المدينة سنجد إن هناك من يعتقد إن اسم كركوك أتى من السومرية، بمعنى العمل العظيم (كار - عمل وكوك - عظيم). وقد ورد لها اسم أخر هو (اريخا) في عهد الملك سرجون الاكدى. وتكشف الآثار التاريخية في قلعة كركوك أن عمرها يمتد إلى ثلاثة ألاف عام قبل الميلاد، وقد اكتسبت أهمية دفاعية لدرء المخاطر عن المدينة. ويبدأ تاريخها مع انبثاق النار الأزلية عام 550 قبل الميلاد في العهد الكلدانى، والتي مازالت مشتعلة لحد ألان، وسبب اشتعالها وجود الغاز المنبثق من تحت الارض، والتي يطلق عليها في الوقت الحاضر (بابا كركر) مع العلم إن هذه التسمية حديثة لم تعرف قبل احتلال العثمانيين للعراق، وهى تعنى بالعربية أب النار. وبسبب وجود هذه النار الأزلية ومنذ ذلك العصر تحولت هذه المدينة إلى مركز لعبادة الإله (حدد) السامي. وتشير التنقيبات الأثرية إن منطقة عرفة في كركوك هي مدينة مقدسة لدى الملوك العراقيين القدماء، لأنها مدينة الآلهة، واتخذت معبدا مقدسا تقدم فيه قرابين الطاعة والغفران، وقد استوطنها عدة أجناس أولا العراقيون الناطقون بالسومرية، ثم العراقيون الناطقون بالاكدية بلهجتها الآشورية، وكذلك الجماعات المهاجرة من الجبال والهضاب المجاورة مثل الحوريون والكاشيون والفرثيون والفرس والآراميون والعرب والتركمان وأخيرا الأكراد.. وقد سكن التركمان هذه المدينة والمنطقة المحيطة بها منذ القرن الثامن قبل الميلاد، ومن خلال كل هذه الفترة الطويلة من الزمن لم يكن للأكراد اى موطىء قدم في هذه المدينة، بل كانت تحوى على الأكثرية التركمانية، وكانت اللغة التركمانية هي الشائعة بين سكان المدينة.
وقد اختلف المؤرخون والباحثون في اسم كركوك. ويرى الدكتور مصطفى جواد إن اجتماع ثلاث كافات في هذا الاسم من الأمور النادرة من حيث الحروف وتركيبه اللفظي، وهذا ما يدل على انه من الأسماء السامية الآرية اى الآرامية، ويقول أيضا إن هذه الصورة اللفظية قريبة من كلمة الكرخ السامية أيضا وكلتاهما تدل على الحصن أو القلعة. ويطلق على كركوك اسم كرخينى أيضا. وجاء في معجم البلدان لياقوت الحموي المتوفى عام 1228 ميلادية (كرخينى بكسر الخاء المعجمة ثم باء ساكنة ونون وياء، وهى قلعة في وطاء من الارض حسنة حصينة بين داقوقا واربل، رأيتها وهى على تل عال ولها ربض صغيرة)وهذا الوصف الجغرافي ينطبق على مدينة كركوك الحالية. وجاء ذكرها في القرن السادس للهجرة في كتاب (تاريخ بنى سلجوق) لصدر الدين ناصر الحسيني ص 179 على اسم كرخانى. وسماها ابن فضل الله العمرى في فصل الأكراد من مسالك الإبصار (الكرخين) وذلك في أواسط القرن الثامن للهجرة. وهناك من يعتبر إن كركوك أصلها (كرخ سلوخا) بعد إن تحولت هذه المدينة بعد الاحتلال الاغريقى بقيادة لاسكندر المقدوني عام 331 قبل الميلاد إلى مركز رئيسي للمسيحية النسطورية السريانية. وبنى فيها القائد الاغريقى سلوقس قلعة عسكرية، وأطلق عليها اسم (كرخ سلوقيا) اى قلعة السلوقيين، ويعتبر مصطفى جواد انه ليس هناك تقارب بين الاسمين لاختلاف البقعتان، لان كرخ سلوخى هي غير الكرخينى. والعصر الذي سميت به بلدة كرخينى كركوك هو زمن الدولة التركمانية القراقونيلية، في القرن التاسع للهجرة اى الخامس عشر للميلاد، بدأ اسم الكرخينى يختفي شيئا فشيئا، وشاع اسم كركوك، وأصبح بدون منازع له الشهرة على الاسم القديم. فالحوادث التاريخية تؤيد أيضا إن كرخينى هي كركوك نفسها. ويذكر التاريخ انه عام 1230 ميلادية وصلت جيوش التتار والمغول إلى اربل (اربيل) ثم واصلوا تقدمهم إلى الكرخين (كركوك) كما جاء ذلك على لسان عز الدين ابن الأثير، حيث جهز الخليفة المستنصر بالله العباسي الأموال والعساكر، وساروا قاصدين مظفر الدين كوكيرى ملك اربل، فألتقوا به في موضع قريب في (الكرخينى) كركوك فأقاموا فيها أياما، وذلك يدل على أنها كانت من المواضع الحصينة. هذا ما كتبه ابن الأثير في كتابه (الحوادث الجامعة).
وبعد احتلال كركوك من قبل الساسانيين الفرس قاموا بتنفيذ عدة مذابح شهيرة ضد النساطرة في القرن الرابع ميلادي. وفى القرن السادس تمكن (يزيدن) احد القادة السريان من إن يكون أميرا على المدينة، وسميت باسمه (كرخا يزيدن). وكانت في كركوك أقدم كنيسة مسيحية في تاريخ المنطقة التي تواجدت منذ عام 470 ميلادي، وفجرها الأتراك بعد انسحابهم من المدينة عام 1918. لقد كانت كركوك عام 1535 ميلادية عبارة عن القلعة الموجودة فيها فقط، باعتبارها الحي السكاني الوحيد فيها. وتظهر الوثائق التي تعود إلى 1548 أن المدينة مؤلفة من 145 دارا تقطنها العوائل و23 دارا يقطنها العزاب. ويعود أقدم مصدر تاريخي للطابع السكاني للمدينة إلى القرن الثالث عشر الميلادي.
وعندما ذكر السيد عبد الرزاق حسني في كتابه (العراق قديماً وحديثاً) يقول بأن (سردنا بال) ملك الآشوريين هو الذي أنشأ هذه المدينة مستنداً إلى بعض المصادر السريانية, استغرب الكاتب سيماند على هذا الطرح قائلا ( لكن لم يبين لنا مدى مصداقية هذه المصادر وما هي حجتها ومن أين وصلت هذه المصادر إلى الحقائق العلمية الموثوقة في تاريخ هذه المدينة.) بينما يصر على رأيه بأنها مدين كردية حسب اقوال الموسوعة الروسية ، وبدورنا نرد عليه طالبين منه ذكر المصادر التي يعتمد عليها ومن اين وصلت هذه المصادر وماهي حجتها التاريخية والعلمية ؟
إن نتيجة الحفريات التي جرت في المدينة والتي كانت تؤكد وجود مدينة تعرف ب (آربخا) أو (ارنجا) أو (أرفا) وتؤكد هذه الحقائق دائرة المعارف الإسلامية حيث ورد فيها حول مدينة كركوك – أن كل من ( S.H. Gadd) و (سدني سميث) يعتقد بأن كركوك الحالية هي نفس المدينة التي كانت تعرف ب (أربخا ) ويذهب العلامة توفيق وهبي بأن كركوك مدينة قديمة وهي أقدم من مدينة أربيل, وجاءت تسمية آربخا نفسها لمدينة كركوك في كتاب"فاتحة انتشار المسيحية في امبراطوريةالإيرانيين (ميسوبوتاميا وإيران)
ومن جهة أخرى نراه يعتمد على رأي الدكتور شاكر خصباك العراقي في كتابه الكرد والمسألة الكردية إلى أن "الكوتيين هم الذين بنوا مدينة كركوك" ومن الثابت أن الكوتيين هم كرد أقحاح تاريخياً, (وماهو الدليل على ذلك) وتقول السيدة ليلى نامق وهي كردية أيضا بأن الكوتيين عاشوا في هذه المدينة واتخذوا من مدينة (أربخا) مركزاً لهم. ( هذه هي المصادر التي اعتمدت عليها ) ومن الجدير بالذكر أن الدكتور العراقي العربي شاكر خصباك يؤكد مرة ثانية في كتابه ( العراق الشمالي) : واعترف السومريون وكذلك الأكاديون من بعدهم بمملكة الكوتيين التي كانت أسمها (أربخا) والتي ربما كانت تقع بالقرب من كركوك الحالية .
وهكذا توصل هذا الكاتب الكردي سيامند إلى الحقيقة التاريخية المهمة وهي تأييد القول بأن الكوتيين هم الذين بنوا مدينة كركوك, حيث سجل (تلت – نزت) الأول الملك الآشوري (1255-1218) أنه فتح بلاد (أربخ) وكان أول ملك آشوري استولى عليها, ثم وقعت بيد الملك العيلامي (شهلك – انششنك) 1165- 1151) ق.م أي بعد بناء هذه الدولة بما يقرب من بناء مدينة (أربخ) ب عشرة قرون, وهنا فإن هذه المعلومة العلمية المدونة والمهمة هي التي أكدت أن الكوتيين الأكراد هم الذين بنوا مدينة (كركوك) قبل الآشوريين بألف سنة؟
ويقول الدكتور (كمال مظهر) في كتابه (كركوك وتوابعها – حكم التاريخ والضمير) :"بل ذكروها باسم (كرخيني) فالرحالة (ياقوت الحموي) لم يذكر بشيئ اسمه كركوك في كتابه (معجم البلدان) لأنه لم يجد لها اسما يحتوي هذه الكلمة وحتى القلقشندي توفي 831- 1418 م) لم يذكرها إلا باسم الكرخيني , ويقول الدكتور كمال بأن القلقشندي قد حدد طابعها الكردي مكاناً وسكاناً, بالاستناد إلى" مسالك الابصار في ممالك الأمصار" للجغرافي الدمشقي ابن فضل الله العمري توفي 748 هجري – 1347- 1348- كتب القلقشندي: انه حدد عشرين مكاناً في كل مكان منها طائفة من الأكراد ويستمر القلقشندي حيث يعدد الأماكن العشرين تلك, وتحت البند العاشر منها فيقول:" بلاد الكرخيني ودقوق- ( ولم يقل كركوك ) وبه طائفة من الكرد عدتهم تزيد على سبعمائة, ولهم أمير يخصهم . حسب ماجاء في كتاب القلقشندي, شهاب الدين أحمد صبح الأعشى, الجزء الرابع, ص 373- 374 . ويجدر الذكر حسب قول الكاتب سيامند ابراهيم أن السبعمائة رقم معتبر من المنظور الديموغرافي لذلك العهد والزمان" نقول له حسنا اذا كان هذا العدد القليل من الاكراد من المنظور الديموغرافي في ذلك الزمان له اهمية في نظرك ، فكم كان العدد الحقيقي للعرب والتركمان والمسيحيين ، طبعا اعداد كثيرة مضاعفة ، فهل اصبحت كركوك مدينة الاكثرية كردية اذا كان عددها بهذه الكمية الكردية القليلة من النفوس ؟ تكلم ياايها الكاتب الكردي بمنطق عقلاني . فهل اصبحت كركوك في ذلك العصر جزءا من بلاد شهرزور ، وهل شهرزور تعني ألان بلاد كردستان ؟ . وهم يعتمدون على قول مؤرخ كردي اسمه ابن خلكان . وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان, حققه وعلق على حواشيه ووضع فهارسه محمد محيي الدين – القاهرة 1987- ص 193. بأن اسم كركوك ارتبط باسم (بلاد شهرزور) منذ العهد الاسلامي وقد تجاوزت حدود بلاد شهرزور كركوك بعيداً في العصر العباسي الأخير لتغدوا أربيل قاعدة لها يوم ذاك " , وقد وصف المؤرخ الكردي ابن خلكان شهرزور هكذا :" وهي بلدة كبيرة معدودة من أعمال أربيل" إذن حسب وصف ابن خلكان فأن كركوك ليست من توابع بلاد شهرزور طالما الاخيرة تقع بالقرب من اربيل ، وثم أن بلاد شهرزور لايعني بالضرورة وقفا على الاكراد ولاتوجد شعوب وقبائل أخرى . بينما ذكر العلامة والمؤرخ الاشوري هرمز أبونا في كتابه الموسوم " الآشوريون بعد سقوط نينوى " في مجلده الخامس وعلى الصفحة 118 , حيث يقول (( بخصوص تواجد الأكراد في منطقة أذربيجان أيران وضمن المناطق التي كانت عبر مراحل التاريخ مسكونة بالآشوريين فأن ابن الأثير . مؤرخ القرن الثالث عشر وهويتحدث عن حوادث سنة 296 هجرية 906 ميلادية فانه يقول : بأن الأكراد كانوا حول جبل قنديل ( رحل) طوردوا فتوجهوا نحو اذربيجان . اما على سيدي الكوراني , في كتابه ( من عمان الى العمادية ) , ص 204 . ويحدثنا عن حوادث سنة 293 هجرية 980 ميلادية ذاكراً بان الأكراد قاموا بالزحف نحو سهول شهرزور من مناطق ـ الدينور وهمدان ونهاوند والصامغان ومن بعض أطراف أذربيجان قبل نحو خمسين سنة " ابن الأثير , التاريخ 6 : 426 ـ 427 .
أما ياقوت الحموي في (تقويم البلدان) :" بلاد شهرزور" ما نصه وأهل هذه النواحي كلهم أكراد ، ولكنه لم يحدد قولا بأن كركوك سكانها كلهم الاكراد . أما قول الكاتب سيامند ابراهيم بأنه ثبتت هذه المعلومات التاريخية القيمة في العهود الإسلامية الأمر الذي يؤكده ياقوت الحموي الذي قال " كان هؤلاء الأكراد يتمتعون بقدر كبير من الاستقلالية, , وأضاف "وأهلها عصاة على السلطات" ليست حجة لاْثبات أن كركوك كردية الأصل . نفس المصدر. ( من كتاب كركوك حكم التاريخ والضمير) د كمال مظهر- الجزء الأول ص 20. سيامند إبراهيم : الحقائق التاريخية والأدلة الدامغة على كردستانية كركوك فهل هذه الاقوال المشكوك في صحتها حول وجود السبعمئة نفر من الاكراد في كركوك اصبحت هذه المدينة مسجلة بالطابو لهؤلاء البشر واصبحت من الحقائق التاريخية والادلة الدامغة على كردستانية كركوك حسب ماجاء في كتاب الدكتور كمال مظهر ؟
لنعود إلى كركوك مرة ثانية ونستعرض المزيد من الآراء التاريخية حول انتماء هذه المدينة فمن خلال الرقم المسمارية المكتشفة في قرية(تركلان) التي تبعد عن كركوك 12 كيلو متراً فقد أعتبر أن كركوك جزءاً من بلاد الكاشيين كما جاء ذلك في كتاب ( بلاد ما بين النهرين – الحضارتان البابلية والآشورية ) تأيف ل . ديلابورت) , ويدعي الكاتب بدون أن يقدم الدليل والاثبات قائلا ( ومن المؤكد أن الكاشيين هم من الكرد أيضاً وقد حافظوا على الحضارة السومرية وطوروها ) واذا كان الكرد قد حافظوا على الحضارة السومرية فلماذا لم يحافظوا على حضارتهم الكردية ويطوروها اذا كانت لديهم حضارة اصلا ؟ . ويقول الباحث المحامي (جرجيس فتح الله ) في كتابه زيارة للماضي القريب :" بأن كركوك اسم تاريخي لا غبار عليه وللإقليم كله اسمه التأريخي الذي عرفه المؤرخين العرب والمسلمون وهو (باجرمي) أو (كرميك) ويجمع الباحثون أن الوجود المسيحي هو أقدم من الوجود العربي, وقد بقيت كركوك مركزاً للنساطرة المسيحيين ومازالت كركوك كرسياً لرئيس أساقفة كلداني, وقد ظلت المدينة تفتخر بوجود أقدم كنيسة في العالم, حيث بنيت هذه الكنيسة في النصف الثاني من القرن الخامس الميلادي, وكانت تعرف ببيعة الشهداء, تخليداً لذكرى شهداء الملك الساساني يزدكرد الثاني (438- 457) . ويستمر الكاتب سيامند قائلا في اثبات حجة عائدية كركوك لبني جنسه قائلا ( وللذين يدعون بعراقية كركوك نقول لهم إن كركوك قد عرفت العصيان على الدولة العراقية وبقيت خارج السيطرة الدولة العراقية لمدة خمس سنين أي منذ 1918 م ولم يرتفع عليها العلم العراقي على مبانيها.) ولهذا السبب فأنها كردية بالطبع والعصيان ، طالما أن الاكراد هم دوما من يرفعون شعار العصيان ويطبقونه في جبالهم الشامخة
ويستمر الكاتب في تنقيباته الاثرية في بطون الكتب لعله يكتشف اثرا يقوده إلى اثبات اصل قومه وتاريخهم وحضارتهم ، والتنقيب عن انتماء كركوك إلى قوميته الكردية التي ترسخت جذورها عبر الالاف السنين حسب قوله , وإزاء هذه المسألة الهامة في انتماء كركوك إلى قوميته الكردية خاصة, وما هي الحقائق التاريخية الدامغة التي يتحجج بها الأكراد ، فهم يقولون إنها خط أحمر لا يجوز لأحد الاقتراب منه, والتركمان يقولون هي جزء من ممالكنا وغالبية السكان هم من التركمان, ويقول الآثورييون إنها جزء من الإمبراطورية الأثورية العظيمة.
يطالب الكاتب الحيادي في طرح بحوثه ، حيث يقول ( وقبل الدخول في مسألة هذه المدينة والبحث عن المصادر التاريخية يجب علينا أن نكون حياديين تجاه هذه المسألة ونتجرد من عواطفنا الشخصية وأن نعترف بالحقيقة, نعم حقيقة الوقائع التاريخية الصحيحة بشكل ديمقراطي
اسمعوا إلى الخربطة في الكلام في نقل الحقائق من بطون الكتب في فكر هذا الكاتب الكردي التي تؤكد على ضعف حجة صاحب المناقشة والبعيدة كل البعد عن المضامين العلمية في البحث عن الحقيقة التاريخية في بطون الكتب والمصادر الموثوقة عالميا والتاريخية يقول: ف(كركوك) ليست من المدن العراقية القديمة, والحقائق التاريخية هي التي ثبتتها الوقائع المتتالية في الاستيطان السامي الذي جاء من الجزيرة العربية, حيث يقول السيد ك . ن. ساندرز وهو الذي حقق ونقل ملحمة كلكاميش إلى اللغة الانكليزية وترجمة حمد نبيل نوفل- فاروق حافظ القاضي – دار المعارف مصر 1960. بالله عليك أيها القاريْ الفطن فسر لي معنى هذه العبارة الغامضة وما يقصده الكاتب بها وما علاقة ساندرز الذي حقق ونقل ملحمة كلكامش إلى اللغة الانكليزية فهل اكتشف ساندرز اصل مدينة كركوك الكردية في هذه المسلة التاريخية على انها ليست من المدن العراقية القديمة ؟
ويستمر في اعتماده على مصدر كردي وحيد حيث يقول أن الباحث كمال مظهر في كتابه القيم والذي يعد من أغنى الكتب التي تناولت تاريخ كركوك في اعتقاده ، لما بذل فيه من جهود كبيرة في البحث عن المراجع التاريخية الدقيقة في مسألة تاريخ كركوك منذ العهد الأكادي التي وردت إشارات صريحة إلى مدينة كركوك في النصوص المسمارية, مما يفترض تاريخياً أن يكون اللولبيين هم بناة المدينة" . ومن الثابت تاريخياُ أن الخوريين هم الذين كانوا يقطنون كركوك وتوابعها في الألف الثاني والأول قبل الميلاد, ويوم ذاك كانت كركوك تعرف باسمين – آرباخا واليلاني- أي مدينة الآلهة.
ويذهب الباحث الكردي عوني الداودي إلى أن الدلائل التاريخية تشير أن الكوتيين على الأرجح هم الذين وضعوا اللبنات الأولى لبناء هذه المدينة . كما جاء ذلك في كتابه كركوك المدينة الضاحكة – عوني الداودي- منشورات مكتب الفكر والتوعية – السليمانية 2002. . فهل الكوتيين هم اجداد الشعب الكردي ؟ . ومن الأسماء التي أطلقت على كركوك اسم (نوزي) وقد أطلقه الحوريون على مدينة كركوك, ؟ والحور يون يؤلفون شعباً انحدر منذ الألف الثالثة قبل الميلاد من الجبال الشمالية. ولعب دوراً مهماً في تأريخ الشرق الأدنى وسياسته وثقافته في الألف الثاني قبل الميلاد . حسب ماجاء في كتاب جان بوتيرو, ( بلاد الرافدين, الكتابة العقل, الآلهة ) ترجمة البير أبونا, مراجعة الدكتور وليد الجادر, بغداد 1990- ص 89 . فهل شعب الحوريين أيضا من اصل كردي ؟ . وقد أكتشفت فيها لوحات باللغة الأكادية تتضمن معلومات تاريخية عن الحوريين وعن حياتهم الاجتماعية والاقتصادية G wilhilm grunddzurge und kurtur Der Hurriter, Dramstadt 1982, p 10 . ويعترف الكاتب أن من الحقائق التاريخية الثابتة أن الحوريون الذين حكموا بلاد آشور على مدى قرن من الزمان, هم الذين شيدوا دون ريب, عددا من توابع كركوك ، أي انه كان استعمار لارض اشور والتي لم تكن تابعة للخوريين أو الحوريين ، حسب المفهوم الحديث للاستعمار الشعوب والاوطان .
ويقدم لنا أيضا وبالدليل القاطع قائلا: ( وهنا لا يستطيع أي مؤرخ أن لا يقر بانتساب الشعب الكردي إلى الحوريين الذين ينتسبون إلى العرق الآري ) وقد كشفت البعثة الأمريكية في التسعينيات من القرن الماضي إحدى أعظم مدنهم وهي (تل موزان) الأثري الواقع إلى غرب القامشلي ب 25 كليومتراً وإلى الشرق من عامودا ب 3 كيلومترات, وقد نقلت السلطات السورية جميع الوثائق والمكتشفات الأثرية إلى متحف دير الزور. و لا يخفى على المملكة الكردية الأخرى المملكة الميتانية والتي أكتشفها المستشرق الألماني (أوبنها يم )هو وزوجته في سنة 1917 م, إذ حطت بطائرتهم إلى غرب رأس العين في تل حلف الذي يبعد عن رأس العين ب 4 كيلومترات, وقد أخذ غالبية كنوز ومكتشفات هذه الحضارة إلى متحف برلين, وقد نسخت السلطات السورية العديد من التماثيل كالأسود ووضعتها في مدخل المتحف الوطني في حلب الشهباء . إذن حسب ادعاء هذا الدكتور فأن الحضارة الكردية تمثلها الدولة المفتري عليها دولة الحوريين الكردستانية ، واللمملكة الكردية الأخرى الميتانية . أن من يدعي أن نوح عليه السلام كردي الأصل ، من السهل عليه أيضا الادعاء بأن السومريين والحوتيين والميتانين من الشعوب الكردية الأصل والفصل .
يقول الكاتب وهو يطمئن الباحثين في بطون التاريخ لاكتشاف حقيقة واصل الكراد قائلا لهم ( لمن ينتمي الشعب الكردي؟ سؤال حيرً جميع الدارسين والباحثين لأصول هذا الشعب الذي استمر في البقاء رغم طوفان الممالك والإمبراطوريات الغازية من الجنوب إلى الشرق فالغرب, لكن ليطمئن الجميع أننا ننتسب إلى أعرق الممالك التي عاشت ولا تزال تعيش على أرضها كردستان منذ آلالاف السنين, نحن ننتمي إلى الحوريين الذين تربطهم بالآريين صلة قوية ومن المؤكد أنهم امتزجوا بهم, فكان الآريون يؤلفون بين الحوريين طبقة أرستقراطية قائدة في القرن الخامس عشر والرابع عشر قبل الميلاد, أي في الوقت الذي أحكم الحوريون الحكم كلياً على كامل شمال العراق, والتي كانت تطلق على المملكة الحورية اسم المملكة الميتانية" والميتانيون كنية مشتقة كانت تطلق على الآريين( العراق القديم – جورج رو – ترجمة حسين علوان- مراجعة الدكتور عبد الواحد علي- بغداد 1982- ص- 317-318) والكاتب جورج رو لم يقل حرفيا أن الحوريين والميتاتيين هم اجداد الكرد حاليا ، لان البحث العلمي يستند فقط في كشف الحقيقة إلا على الوقائع والاثباتات العلمية والنصوص التاريخية .ا
الكوتيين وكركوك
يستند الدكتور كمال مظهر إلى الموسوعة السوفيتية وتقول " أن شعب زاكروسي آخر ارتبط باسم كركوك وهم الكوتيين . أن من يعتمد على قول موسوعة في نقل الاخبار ليست حجة قوية يمكن الاعتماد عليها , ويقول أيضا ( فمن الثابت من النصوص المسمارية أن الكوتيين, الذين أدوا نفس دور الحوريين والسوباريين والميتانيين , في تكوين الشعب الكردي لاحقاً ) كانوا يعيشون في الألف الثالث قبل الميلاد في المنطقة الواقعة جنوب سهل شهرزور, ووصلوا كركوك وتوابعها, بل سيطروا على جميع نواحي هذه المدينة, وحكموا المدينة وسموها (آرباخا) تاريخ كمبردج القديم- كمبردج- 1924- المجلد الأول – الصفحة 423- المجلد الثالث ص 223 . أن النصوص السومريية لم تؤكد مطلقا أن الكوتيين أيضا قاموا في تكوين الكرد لاحقا .
ويؤكد السير سدني سميث في كتابه تاريخ آشور القديم حتى الألف الأول قبل الميلاد" الحقيقة ذاتها حين كتب أن قلب "المملكة الكوتية" كان المربع الواقع بين نهري الزاب الأسفل ودجلة, وبين جبال السليمانية ونهر ديالي, وكانت عاصمتها (اراباخا) تقع حيث مدينة كركوك الآن.ومن جهة ثانية تؤكد ألواح بابل أن بلاد الكوتيين تؤلف دولة مستقرة, وإن سكانها متحدين يحكمهم ملك واحد منذ الألف الثالث قبل الميلاد. ويبدوا أن السومريين والأكاديين والآشوريون كانوا في قتال مستمر مع الكوتيين" بوضع دفاعي أكثر منه هجومي" ومن المعروف تاريخياً أن الكوتيين كانوا يغيرون على أطراف الإمبراطورية الأكادية القوية, كما أنهم حكموا منطقة بابل مدة تجاوزت القرن من الزمان (أواخر الألف الثالث قبل الميلاد) ونقلوا منها ومن مدن سومر كنوزهم إلى عاصمتهم ارباخا. ، كتاب ( كركوك وتوابعها - حكم التاريخ والضمير – د كمال مظهر –الجزء الأول ص 10-11 ) . اذا كانت هذه الشعوب قد اندثرت ولم يبقى لها اثر عين ، فكيف استطاع الكرد في الحفاظ على نسلهم وبقائهم كل هذه الفترة الطويلة من الزمن ، وكم كان عددهم أيضا في تلك العصور الغابرة ، طالما أن عددهم لايبلغ اكثر من 25 مليون نسمة في الوقت الحاضر ؟ . وبعد كل هذا السرد التاريخي الموثق فكيف يستطيع معاند من التأكيد على تقارب الاصول الكردية منذ القدم بينها ؟ .
وكيف يستطيع يوثق بعض الاراء المعاكسة في وجهات نظرهم على مصداقية نظرياتهم التي يعتبرها وثائق ومراجع بشأن كردستانية كركوك التي لاغبار على كردستانيتها ، وان العناصر الكردية العريقة هي من اوائل الذين بنوا وحكموا مدينة كركوك وتوابعها فهل تم بنائها بهذا العدد القليل الذي يبلغ 700 نفر ؟ . ويدعي أيضا أن السجلات العراقية الرسمية العربية للدولة, وكتابات المؤرخين العرب, أمثال فوزي رشيد, شاكر خصباك, العزاوي وغيرهم تؤكد على انتماء هذه العناصر الكردية المختلفة إلى الشعب الكردي, كالحوريين, الكاسيين, السوباريين, اللولبيين, الكوتيين ، واين الدليل الذي يثبت أن هذه الشعوب المندثرة هم اجداد الكرد الحاليين . وهنا نرجع إلى رأي الدكتور كمال مظهر إذ يقول " إن تاريخ نشوء القومية الكردية تكونت من امتزاج العديد من السكان الأصليين الذين هم الشعب الكوتي, الذين كان البابليون يسمونهم " كاردو" وهذه مغالطة أخرى جديدة فالفكر القومي للكرد لم ينشيْ ويتكون إلا في القرن الثامن عشر عن طريق الغرب والبعثات الاستعمارية ، أما اعتماده على مصدر عربي اخر حيث يقول مجموعة من الأساتذة الجامعيين المصريين وما دونوه في الكتب المنهجية العربية كما ورد في كتاب "الجغرافيا السياسية" الأكراد سلالة من أصل شمالي, وكانت لهم دولة قديمة عاصمتها اراباخا ARAPKHA, هي كركوك حالياً " ( الدكتور دولت احمد صادق و آخرون, الجغرافيا السياسية, الطبعة الثانية القاهرة, 1961 م, ص 458.) فهذا اعتماد ضعيف لايمكن الارتكاز عليه .
مازال الكاتب يركز على حلم وأساطير الامبراطوريات الكردية العظمى التي ليس لها وجود إلا في افكاره ويعتبر كل تلك الامبراطوريات في الشرق الاوسط من اصول كردية ، ومملكة الميديين التي سقطت وانقرض شعبها يعتبرهم من الاكراد (( منذ سقوط آخر الإمبراطوريات الكردية (الميدية)( ويتناسى دور الامبراطورية الاشورية في شمال العراق . كل المؤرخين قاطبة لم يسمعوا بوجود امبراطوريات كردية عبر التاريخ . شعوب الامبراطوريات السابقة اندثروا بمرور الزمن ، واصبحت قصصهم وتواريخهم مكتبوبة فقط في بطون التاريخ ، اين هم شعوب سومر وبابل وكلدان واشور ؟ لقد أصبحوا من اثار الماضي السحيق . ويقول أيضا ( أن الشعب الكردي عاش تحت سيطرة الإمبراطوريات التي حكمت كردستان ) . المؤرخون لم يكتشفوا مطلقا بوجود كلمة كردستان أو كرد على الالواح الطينية للحضارات وادي الرافدين ! ، فكيف يستطيع الكرد أن يحافظوا على وجودهم عبر هذا الزمن الطويل ؟ ، ويستمر قائلآ : ( لكن هذا الشعب حافظ على وجوده رغم الواقع المأسوي الذي كان يعيش تحت حكم هذه الأقوام, ولم تكن الجبال وحدها هي التي صانت وحافظت على وجود الأكراد لكن الإرادة القوية والعزيمة وروح العنفوان وحياة الأكراد في الصراع العسكري, الاقتصادي, والاجتماعي المديد هي التي أبقت على وجود هذه الشعب في حين زالت إمبراطوريته العظيمة, ونقص وتضاءل دور هذا الشعب صال وجال وحكم البلاد كالشعب الآشوري الكبير . )
وأخيرا نذكر الذين يحاولون تحقيق الحلم بتزوير وتلاعب في التاريخ ومحاولة طمث الحقائق والأدلة ، على حساب باقي الشعوب ، أن لا يحلموا كما يحلم قوم موسي في كذبة وأسطورة نجمة داود والدولة العظمي المزعومة .
26-02-2008
|
24-05-2022 / 21:27:36 شرف خان طاهر