البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبمقالات رأي وبحوثالاتصال بنا
 
 
   
  الأكثر قراءة   المقالات الأقدم    
 
 
 
 
تصفح باقي إدراجات الثورة التونسية
مقالات الثورة التونسية

رحيل الباجي قد يعني نهاية البورقيبية

كاتب المقال نور الدين العلوي - تونس   
 المشاهدات: 7335



رحم الله الرئيس الباجي قائد السبسي، لقد رحل كما يليق برجل يحترم الدولة، وبعد طقوس العزاء سيكون لنا الحق في نقد مرحلة الباجي، فنحن لم نكن بحضرة نبي مرسل ولا زعيم خارق ولا حتى رئيس استثنائي، كانت مرحلة عشناها بألم ورجاء، ثم ختمت بموت شريف لم يبتز عواطفنا لنبكي نصف إله، كل الذين بكوه بكوا بصدق غير طامعين ولا متزلفين، لقد أذن موت الباجي بنهاية البورقيبية، فكيف يكون ذلك؟

الباجي جامع فلول التجمع

كانت مزية الباجي على التجمعيين (فلول حزب بن علي) أنه ظهر في وقت احتاجوا فيه إلى رجل (معقول) لم يساهم في جرائم بن علي بشكل مفضوح، وله تلك الروح البورقيبية التي حولها لضرورة التجميع إلى أيديولوجيا.

كان التجمعيون يلبسون السفساري خوفًا من الثورة، فلما ظهر لهم - أو لعلهم أظهروه - استعادوا به جرأتهم أو وقاحتهم وألفوا معه حزب النداء ثم ربحوا انتخابات 2014، لكن الباجي لم يكن من القوة بحيث يحميهم من ضعفهم الأزلي وهو الطمع (أو محركهم الوحيد) في غنائم الدولة، ذلك الطمع الذي جعلهم يألفون بن علي ويناصرونه في باطله.

تلقى التجمعيون ضربة موجعة عندما تحالف الباجي مع الغنوشي (حزب النهضة) لإدارة المرحلة فاكتشف التجمعيون أن لهم شريكًا في الغنائم، فبدأت حركة الشتات الجديد، فتفكك حزب النداء وذهب التجمعيون خلف زعماء أقل قيمة وأقل معرفة بإدارة الأزمات، فلم يفلحوا في لقاء آخر، والآن والباجي يفارق محمودًا ويجد التجمعيون أنفسهم أيتامًا، لقد مات الأب ميتة ثانية ولن ينفع أن يقام له تمثال، فتمثال بورقيبة تحول إلى مبولة سكارى (لولا أنه يقبع أمام وزارة الداخلية لحمايته).

انتهى بورقيبة من أذهان الأجيال التي لم تقدسه إذ لم تخضع لآلته الدعائية، وانتهى الباجي كصيغة أخيرة مخففة من البورقيبية ولن يمكن لمدعيه أن يؤلفوا باسمه أحزابًا تربح الانتخابات إلا نزرًا يسيرًا لا يمنح غنائم، والشريك الجديد في السلطة (أو الشركاء وهم كثر) يراقب ويطمع ويقسم ويحاسب، والشعب خلف الجميع يرى ويسمع ويصبر طويلًا لكنه يمنح العفو أو الغضب، هذه أحكام الثورة فأين التجمعيين منها؟

الصندوق الانتخابي قضى على التجمعيين

عندما كان قانون العزل السياسي يعرض على البرلمان تحمس شباب الثورة للنص ولكن في لحظة حاسمة خذلهم حزب النهضة وقال رئيس الحزب سنفككهم بالصندوق وثار الناس ضد "خيانة" حزب النهضة للثورة.

خسر حزب النهضة أنصارًا كثرًا بهذا الموقف، ولكن ننظر فنرى أن الصندوق الانتخابي فكك حزب التجمع وكان يجب بعض الصبر على المرحلة، فالثوريون لا يصبرون لكن للسياسة أحكام أخرى، فقد تلاشى التجمعيون ولم يعودوا وحدة انتخابية تربح انتخابات وبأس الفلول بينها شديد في هذه اللحظة المفصلية.

حزب عبير موسي يتطرف مستعيدًا نموذج بن علي فيطرد حيث ما حل، وحزب النداء تفكك إلى شظايا بعضها مع ابن الرئيس الراحل وبعضها ضد ابن الرئيس وبعضها يبحث عن ملجأ عند النهضة، أما يسار بن علي (طابور فرنسا الخامس في تونس) فقد خسر الحاضنة التي أكل منها شهدًا دون أن يبذل أي جهد فكري أو سياسي ليستقل ويؤلف ويحكم أو يقترح أمرًا غير استعمال التجمعيين في قتل الإخوانية.

نحن إزاء مشهد تجمعي تذرر حتى لم نعد نعرف عدد الأحزاب التي تدعيه وتدعي البورقيبية التي أنفق منها الباجي وهو غير مؤمن بها، وتأذن نهاية الباجي باندثاره من المشهد السياسي، لكن أين سيذهب التجمعيون بعد الباجي؟

الأيتام سيبحثون عن أب

من يكون الأب القادم؟ لا أراهم يصادفونه في الطريق وليس في الشخصيات الظاهرة الآن من يمكنه أن يقوم بهذا الدور، فكل رجال التوليف إما ميت أو عاجز، والأجيال الجديدة ممثلة في عبير موسي تعمل لحسابها وإن ادعت ميراث البورقيبية، فضلًا عن أن أجيالًا جديدة ولدت زمن بن علي لم تعرف تاريخ بورقيبة ولا تلتزمه وتبحث عن دور ومشاركة ومنافع ولن يكون بإمكانها استعمال حصان التجمع لتدبير الرأس بعد الباجي، فقد تغيرت تونس وصار يمكن قراءة واقعها دون مكون ادعى ذات يوم أنه الأساسي الذي لا حل غيره.

الأجيال القادمة تحررت وإن لم تتعلم السياسة على طريقة الباجي، ولا نراها ترغب في ذلك فلها سبلها وخطابها، ولن يتوقف الفلول عن البحث عن أب يقدمونه وموعد الانتخابات سيكون دالًا عن هؤلاء الذين فقدوا البوصلة لأنهم فقدوا الربان، فسيزدهر عندهم خطاب الرثاء ككل المهزومين ولن ينتبهوا إلى فارق الأجيال ولا فارق المؤثرات لأنهم يفكرون بطريقة واحدة منتهية الصلاحية، هي أن السياسة باب للمغنم ليس أكثر. موت الباجي يؤذن بنهاية جيل وفكر ومرحلة وميلاد أخرى فمن يحضن القادمين؟

الديمقراطية وعاء جامع

ليس للتجميعيين إلا الديمقراطية والتوقف أخيرًا عن الادعاء بأنهم تونسيون أكثر من التونسيين وأنهم ملكوا أو يملكون الحقيقة، فخطاب الوطنية والشفقة على الشعب الطفل لم يعد مقبولًا، لقد كبر هذا الشعب ونضج ولم يعد محتاجًا إلى وصي لص.

الخيار الوحيد المتبقي هو الانخراط في الديمقراطية والتسليم بآلياتها ونتائجها ومنها التوقف عن ابتزاز مشاعر التونسيين بزعيم مصطنع في الإذاعة وإيهامهم بأنه منتج أفكار، فما هو إلا عاشق سلطة استعملها لصالحه وقسم بها شعبه شيعًا ومناطق متناحرة.

الباجي كان آخر البورقيبيين ولن يمكن العثور على نسخة أخرى منه لإعادة توليف سياسة مماثلة لحزب النداء والباب مفتوح الآن لأجيال شابة لابتكار طرق أخرى وربما خلق زعماء آخرين وإن كانت الديمقراطية لا تحتاج إلى زعماء أنصاف آلهة، لقد خرجت تونس من الزعيم إلى الديمقراطية، واليوم ندفن آخر مدعيها تقبله الله برحمته الواسعة.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الباجي قائد السبسي، موت الرئيس التونسي، موت الباجي،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 31-07-2019   الموقع الأصلي للمقال المنشور اعلاه المصدر: نون بوست

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك
شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
حميدة الطيلوش، عمار غيلوفي، ماهر عدنان قنديل، كريم السليتي، بيلسان قيصر، محمود سلطان، حسن الطرابلسي، د - الضاوي خوالدية، د. ضرغام عبد الله الدباغ، فتحي الزغل، د. طارق عبد الحليم، د - محمد بن موسى الشريف ، د - المنجي الكعبي، سلام الشماع، المولدي الفرجاني، فوزي مسعود ، يزيد بن الحسين، يحيي البوليني، عبد الله الفقير، طلال قسومي، طارق خفاجي، مجدى داود، مصطفى منيغ، أحمد بن عبد المحسن العساف ، رحاب اسعد بيوض التميمي، د. مصطفى يوسف اللداوي، خالد الجاف ، سليمان أحمد أبو ستة، نادية سعد، أ.د. مصطفى رجب، ضحى عبد الرحمن، رشيد السيد أحمد، محمد الطرابلسي، الهيثم زعفان، ياسين أحمد، علي الكاش، محمد أحمد عزوز، فهمي شراب، د. عادل محمد عايش الأسطل، عبد الله زيدان، صلاح الحريري، محمد الياسين، صباح الموسوي ، رافد العزاوي، صالح النعامي ، محمد شمام ، سلوى المغربي، د. صلاح عودة الله ، محمد العيادي، عبد العزيز كحيل، د. أحمد محمد سليمان، سعود السبعاني، الهادي المثلوثي، محمد اسعد بيوض التميمي، عراق المطيري، د - مصطفى فهمي، أحمد الحباسي، مراد قميزة، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، صفاء العربي، سفيان عبد الكافي، د- محمد رحال، د - عادل رضا، أحمد بوادي، كريم فارق، خبَّاب بن مروان الحمد، العادل السمعلي، محرر "بوابتي"، أحمد النعيمي، د.محمد فتحي عبد العال، محمد يحي، سيد السباعي، أشرف إبراهيم حجاج، فتحـي قاره بيبـان، مصطفي زهران، جاسم الرصيف، منجي باكير، أحمد ملحم، أنس الشابي، محمود فاروق سيد شعبان، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د- محمود علي عريقات، عبد الرزاق قيراط ، محمد علي العقربي، حسني إبراهيم عبد العظيم، تونسي، د. أحمد بشير، رافع القارصي، د- جابر قميحة، صفاء العراقي، فتحي العابد، د. عبد الآله المالكي، عمر غازي، سامح لطف الله، د. خالد الطراولي ، محمود طرشوبي، وائل بنجدو، رمضان حينوني، حسن عثمان، إسراء أبو رمان، الناصر الرقيق، عواطف منصور، محمد عمر غرس الله، رضا الدبّابي، سامر أبو رمان ، علي عبد العال، عزيز العرباوي، أبو سمية، د - صالح المازقي، د - محمد بنيعيش، د- هاني ابوالفتوح، حاتم الصولي، إياد محمود حسين ، د. كاظم عبد الحسين عباس ، عبد الغني مزوز، صلاح المختار، د - شاكر الحوكي ، إيمى الأشقر،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضات من طرفه أومن طرف "بوابتي"

كل من له ملاحظة حول مقالة, بإمكانه الإتصال بنا, ونحن ندرس كل الأراء