إتحاد الشغل و جبهة الخلاص: اليسار وتوظيف النقابة لنجدة الإنقلاب
الحبيب بوعجيلة - تونس المشاهدات: 3082
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
استباق زمن سياسي متسارع
حوار هادئ مع حوار الاخ نورالدين الطبوبي ..
لم أكن اتوقع مسارعة السيد نورالدين الطبوبي باعلان الموقف الرسمي للمنظمة من جبهة الخلاص و تدعيم هذا الاعلان بمقابلة الحزب الفاشي ..لكنني لم أكن استبعد هذا الموقف لاعتبارات عديدة :
أولا :
رغبة المنظمة في احتكار اللحظات الاخيرة من ازمة الانقلاب ومؤشرات اغلاق القوس و فرض هذا الاغلاق تحت سقف " 25 جويلية" المزعوم باعتباره " انتفاضة شعب " ضد المسار السابق بما يمكن السيستام( بمعناه العميق و الشامل) من فرض شروط الحل وفق ميزان القوة الذي يريده اعادة ترتيب لموازين القوة مع منظومة الثورة و الانتقال الديمقراطي الحقيقي .
كلما امسكت المنظمة في ظل طبيعة الاطراف السياسية / النقابية المتحكمة فيها الان بقيادة طاولة الحوار و ملامح الحل كان ذلك بالضرورة تحجيما للقوى المقاومة للانقلاب منذ تسعة اشهر ميدانيا على قاعدة الانحياز للثورة و الانتقال الديمقراطي . المسارعة باعلان الموقف من جبهة الخلاص هو محاولة تدارك لما فرضه اعلانها من اعلان القوة الديمقراطية المقاومة للانقلاب نفسها طرفا رئيسيا في كل حل على قاعدة دستور الثورة و الشرعية و احترام المؤسسات .
ثانيا :
المسارعة باصدار الموقف من جبهة الخلاص و من نجيب الشابي بالاساس و من المكونات الحزبية لهذه الجبهة هو موقف فرضته داخل الاتحاد تيارات نقابية سياسية ذات تاريخ وظيفي في علاقة بالاستبداد و مقاومته اثناء حركة 18 اكتوبر وذات نزوع ايديولوجي قائم على الاستئصال و هي تيارات وازنة في الاتحاد و ضاغطة على الامين العام و تستطيع دفعه الى ذلك عبر التذرع بوجود ائتلاف الكرامة و حتى تونس الارادة وما عرف عن قيادات هذين الطرفين من اعلان واضح لنقدهما لتمشيات الاتحاد في علاقة بالمسار الديمقراطي منذ انتخابات اكتوبر 2011 .
اعتبر بطبيعة الحال ان موقف الاخ نورالدين الطبوبي كان متسرعا و استباقيا بشكل مبالغ فيه لاسباب عديدة :
اولا:
جبهة الخلاص بطبيعة الحال ترفض ان تقوم على قاعدة الاقصاء و نحن نراها امتدادا و ثمرة لمسار كفاحي ميداني كان له فضل محاصرة الانقلاب و زعزعته و في هذا المسار شاركت كل القوى التي اختارت ان تشارك في معركة الشرف الديمقراطي و سيكون من الطبيعي ان تكون جميعا في جبهة واحدة تتويجا للمسار الكفاحي الميداني باعداد الشرط السياسي .
لكن ما كان يجب ان ينتظره الاخ نورالدين الطبوبي قبل اصدار موقفه هذا هو ان ينتظر طبيعة الخطاب السياسي لهذه الجبهة و الخطاب الذي ستعلنه تجاه الاتحاد الا اذا كان تعجل الاخ الامين العام نابعا فعلا من المبررات اعلاه .
ان يكون في الجبهة مختلفون مع الاتحاد او حتى معادون له او لعدد من القيادات المحمولة فيه على احزاب و تنظيمات و تيارات ايديولوجية لا يعني ان الجبهة ستتبنى هذا الخطاب و هنا نفهم ان الامر في العمق لا يتعلق بتعجل مضغوط فقط بل بتعجل موقف سياسي مفكر فيه .
ثانيا :
تجربة السنوات العشرة التي يريد البعض نسبة سلبياتها الى اطراف دون اخرى او تحويلها الى سواد مطلق و بناء الامين العام موقفه من الجبهة على اساس هذه السردية و التذرع بوجود هذه الاطراف المسؤولة عن فشل هذه السنوات هو موقف يحتاج الى تنسيب .
هناك اطراف في الجبهة و نحن منهم نملك تقييما اخر و سردية اخرى لمسار انتقالنا الديمقراطي المتعثر نوزع فيه الحصيلة بين السلبية و الايجابية اولا و ثانيا نعتبر فيها الجميع مسؤولين بأقدار عديدة و اذا كان لابد من توزيع المسؤوليات فلن تكون المنظمة الشغيلة بمعزل عن تحمل جزء من مسؤولية الفشل و بعض النجاح في عشرية البناء المتعثر للديمقراطية بطبيعة من قاد المنظمة و طبيعة العقل السياسي الذي حكمها في هذه العشرية و التي غادرت فيه المنظمة خطها العاشوري لتنحرف في بعض مساراتها الى خطابات الوظيفيين .
ثالثا :
ليست لنا مشكلة كبيرة في اختيار الاتحاد ان يكون في صف معارضة اخرى للانقلاب و معادية لجبهة الخلاص في نفس الوقت و ان كنا طبعا لا نحب ان يتصرف الاخ نورالدين كحانوتي او ضابط حالة مدنية يمنح حجج الموت او الحياة للقوى و الجبهات .
و عندها سنعتبر انفسنا معارضة عضوية ديمقراطية و نصنف المعارضة المقابلة معارضة وظيفية تضم بشكل طبيعي الفاشية و الوظيفيين و الشعبوية الاستئصالية فنحن نعتبرهم حلفاء لبعضهم بعضا منذ تمهيدهم للانقلاب بترذيل الديمقراطية و التامر على الثورة ...لكننا نحتفظ وقتها بحقنا في القول ان الاتحاد هو منظمة لجميع التونسيين بمختلف تياراتهم و ليس من حقه ان يتموقع مع جهة سياسية في مقابل اخرى الا على قاعدة الانتصار للديمقراطية و المصلحة الوطنية للشغيلة و من المؤكد ان مصلحة العمال التونسيين لن تكون مع الفاشية و الشعبوية و لا مع الوظيفيين ايضا حتى لو انهم يفوزون منذ سنوات بمواقع متقدمة في سلطة القرار و القيادة النقابية .
----------
وقع تغيير في العنوان الأصلي للمقال
محرر موقع بوابتي
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: