البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبمقالات رأي وبحوثالاتصال بنا
 
 
   
  الأكثر قراءة   المقالات الأقدم    
 
 
 
 
تصفح باقي إدراجات الثورة التونسية
مقالات الثورة التونسية

حقوق الانسان في تونس، في خطر

كاتب المقال كريم السليتي - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 7686 karimbenkarim@yahoo.fr


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


كان من المنتظر أن تتحول تونس إلى واحة خضراء لحقوق الإنسان بعد الثورة، لأن ثورتنا كانت ضد "بن علي" أحد أكبر منتهكي حقوق الإنسان في العصر الحديث و ضد الآلة القمعية الوحشية التي بناها لبنة لبنة على أسس الانتهاك الممنهج لحقوق المواطن التونسي، و كانت تلك هي الوسيلة التي استعملها ليُثبّت بها أسس حكمه المبني على نشر الرعب و الخوف بين التونسيين.

اليوم ليس بوسع التونسيين و الحقوقيين (الحقيقيين) إلا أن يطلقوا صيحة فزع و يقرعوا جرس الإنذار و يدقوا ناقوس الخطر أمام عودة قوية لإنتهاكات بالجملة لحقوق الإنسان، و أمام عودة أقوى لنفس الخطاب التبريري الذي شنف به "بن علي" آذاننا كلما تعالت أصوات التنديد بتلك الإنتهاكات. جرس الإنذار يجب أن يرن بشدة أيضا أمام إنخراط جزء غير قليل من الحقوقيين في صمت رهيب و مطبق، نتيجة إما لحسابات سياسوية ضيقة أو بسبب عدم التقائهم فكريا مع ضحايا الإنتهاكات. و هذه سابقة خطيرة في تاريخ تونس و تاريخ النضال الحقوقي، حيث عودنا مناضلوا حقوق الإنسان (وليس مرتزقته) في عهود الإستبداد على التضامن مع جميع ضحايا الانتهاكات مهما كانت مشاربهم الفكرية أو الايديولوجية، لكننا اليوم و إزاء حالة الإنقسام و التجاذب التي عليها المجتمع فقد خير البعض الصمت و التواطؤ بما أن الطرف الآخر هو ضحية الانتهاكات.

اليوم حقوق الإنسان في تونس في خطر! لا يغرنكم أيها التونسيون حرية التعبير و عدد القنوات و الإذاعات و الجرائد، لا يغرنكم عدد الجمعيات و المنظمات و النقابات، فكلها سوف تصمت صمتا مطبقا إذا ما أنتهكت حرمتكم الجسدية أو المعنوية، لن يدافع أحد عنكم أذا ما اقتحمت منازلكم، أو تعرضتم للتعذيب الشنيع، لأن من يقترف ذلك سوف يطلق عليكم عبارة صغيرة تبرر كل ما يفعل: سوف يصفكم بغلو أوالتطرف أو الإرهاب حتى و إن كنتم علماننين أو يساريين أو حتى ملحدين. فلا أحد سيتحقق و يتثبت من هويتكم الفكرية بعد أن تنعتوا بالإرهاب. سيبتلع الجميع ألسنتهم ، هذا إن لم يبرروا تلك الانتهاكات أصلا و لكم في بعض تجار حقوق الإنسان مثال على ذلك، فالجورشي سوف يخرج لكم في نشرة الثامنة و يجد أعذارا لتلك الانتهاكات و عبد الستار موسى سوف يبتلع لسانه و يخرس تماما.

بالأمس القريب كان بن علي يتهم أنصار النهضة الذين تعرضوا للتعذيب و الإهانة و حرموا من حقوقهم، كان يتهمهم بالغلو و التطرف و الإرهاب و ذلك ليبرر للداخل و الخارج ما يأتيه من انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان، وقد بدأ بالنهضاويين، ليتوسع بعد ذلك ليشمل الجميع تقريبا. اليوم نفس الخطاب بتفاصيله المملة سمعناه من وزير الداخلية علي العريض والمصيبة الأعظم أن نسمعه بالأمس من وزير حقوق الإنسان و العدالة الانتقالية سمير ديلو وهو يتهم به الشباب السلفي. "بن علي" كان ينكر تماما وجود سجناء رأي أو سجناء سياسيين في تونس، طوال فترة حكمه و كان يصف المساجين النهضاويين بأنهم مساجين حق عام إقترفوا جرائم عنف و إرهاب و يهددون أمن البلاد. نفس المفردات يكررها السيد وزير الداخلية و وزير حقوق الإنسان : نحن لم نحاكم أحدا من أجل رأيه أو تصريحاته، بل كل المساجين "السلفيين" اقترفوا أعمال عنف و إرهاب و يهددون أمن البلاد".

تغير النظام و تغير الأشخاص، لكن الخطاب لم يتغير، و انتهاكات حقوق الإنسان لم تتغير، و استعداء الطرف المخالف و تخوينه و سلبه حقه في هذا الوطن لم يتغير. لا بل إني أرى أن الوضع قد ساء على ما كان عليه. ففي عهد بن علي و إجرامه لا أذكر على الأقل بعد سنة 2000 أنه قتل إمرأة آمنة في بيتها فوق فراش نومها بالرصاص الحي ، و لا أذكر أنه قتل من الشباب السلفي بالرصاص الحي ما تم قتله خلال سنة واحدة من حكم الحكومة "الشرعية". و الخطير في الأمر أن كل من تم قتلهم قتلوا أثناء مظاهرات و احتجاجات، بما يعني أن لهم نفس صفة شهداء الثورة من حيث قتلهم فقط لأنهم خرجوا ليعبروا عن أراءهم . طبعا من السهل جدا على الحكومة و أجهزتها أن تقول ما تشاء لتبرير جرائمها، بل بإمكانها فبركة أدلة ضد خصومهم حتى لا تتم مساءلتهم لكن نذكرهم بأن بن علي كان يفعل ذلك أيضا وهم بالتالي تلاميذه الذين يسيرون على خطاه.

إن الإنسان ليشعر بالخجل من أننا في عصر ما بعد الثورة، و لكن لا تجد من يفضح الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان التي وصلت حد قتل الأبرياء داخل غرف نومهم بدعوى مكافحة الإرهاب. فلتذهب مكافحة الإرهاب إلى الجحيم إذا كانت سوف تقتل الأبرياء الآمنين في بيوتهم و تيتم الأطفال، و تلهينا عن محاربة الجريمة و الفساد و المخدرات. خاصة و أن التونسي يعلم بأن أكبر خطر يتهدده هو السرقة و السطو و البراكاجات و المخدرات و الفساد الإداري و أن الإرهاب مثل خرافات الغول، تسمع بها و لا تراها. و هنا تساؤلات بسيطة، إلى متى تضل أولوياتنا الأمنية "غير وطنية"، تسطر في باريس و واشنطن؟ ومن له مصلحة من الوضع الحالي حيث يتم تشتيت المجهود الأمني بالتركيز على الإرهاب في حين أن تونس تسجل كل يوم أرقاما قياسية جديدة في السرقات و استهلاك المخدرات، مما يهدد الممتلكات و الاستثمارات، و الأمن المجتمعي؟

هذا المقال هو فقط صيحة فزع وتذكير للتونسيين و للحقوقيين خصوصا بأن الجميع يتحمل المسؤولية إذا ما رجعنا إلى الدولة القمعية التي تقوم بإنتهاك حقوق الإنسان بصفة ممنهجة. اليوم صمت، لا تحقيقات جدية و مستقلة، لا تنديد، و تواطؤ مفضوح مع الجلاد. اليوم دور الانتهاكات (قتل و تعذيب و مداهمات و تلفيق تهم) على الشباب الذين يتهمونه بالغلو و غدا جميع التونسيين بدون استثناء سيكونون الضحية، إلا أن نرى استفاقة ضمير جماعية، نندد فيها بالجرائم ضد حقوق الإنسان الحاصلة من أجهزة الحكومة "الشرعية" و نقول كفانا قتلا ...كفانا تعذيبا...كفانا تمييزا بين التونسيين... كفانا سجناء رأي... كفانا استسلاما.

----------
كريم السليتي: كاتب و محلل سياسي


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الثورة التونسية، الثورة المضادة، السلفية، مقاومة الإرهاب، العنف،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 7-01-2013  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك
شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
جاسم الرصيف، د- هاني ابوالفتوح، د. صلاح عودة الله ، د. كاظم عبد الحسين عباس ، علي عبد العال، صالح النعامي ، أحمد بوادي، وائل بنجدو، مصطفي زهران، أ.د. مصطفى رجب، سلوى المغربي، طلال قسومي، محمد اسعد بيوض التميمي، محمد يحي، مراد قميزة، د - مصطفى فهمي، صلاح الحريري، عواطف منصور، فتحي العابد، الهيثم زعفان، عمر غازي، د. مصطفى يوسف اللداوي، أحمد الحباسي، د - الضاوي خوالدية، رافد العزاوي، د. أحمد بشير، رمضان حينوني، محرر "بوابتي"، حسن الطرابلسي، رحاب اسعد بيوض التميمي، خالد الجاف ، عبد الرزاق قيراط ، محمد العيادي، رضا الدبّابي، سليمان أحمد أبو ستة، أحمد النعيمي، عبد الله زيدان، خبَّاب بن مروان الحمد، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د - محمد بن موسى الشريف ، د. أحمد محمد سليمان، د - عادل رضا، حسني إبراهيم عبد العظيم، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، عبد الغني مزوز، صباح الموسوي ، المولدي الفرجاني، حسن عثمان، فتحـي قاره بيبـان، صلاح المختار، يحيي البوليني، د. طارق عبد الحليم، أحمد ملحم، إسراء أبو رمان، محمد الطرابلسي، العادل السمعلي، صفاء العربي، ماهر عدنان قنديل، سامر أبو رمان ، محمود فاروق سيد شعبان، محمد الياسين، فوزي مسعود ، أنس الشابي، أبو سمية، فهمي شراب، كريم فارق، يزيد بن الحسين، د. عبد الآله المالكي، أشرف إبراهيم حجاج، د - المنجي الكعبي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د- جابر قميحة، سعود السبعاني، ضحى عبد الرحمن، سيد السباعي، د - صالح المازقي، مصطفى منيغ، سفيان عبد الكافي، د. خالد الطراولي ، نادية سعد، د- محمود علي عريقات، محمد عمر غرس الله، د - محمد بنيعيش، ياسين أحمد، سامح لطف الله، مجدى داود، محمد أحمد عزوز، صفاء العراقي، فتحي الزغل، رشيد السيد أحمد، الهادي المثلوثي، سلام الشماع، د - شاكر الحوكي ، عزيز العرباوي، الناصر الرقيق، د.محمد فتحي عبد العال، عبد الله الفقير، حاتم الصولي، منجي باكير، تونسي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، رافع القارصي، إيمى الأشقر، إياد محمود حسين ، د. عادل محمد عايش الأسطل، محمد شمام ، محمود طرشوبي، محمود سلطان، علي الكاش، د- محمد رحال، عمار غيلوفي، حميدة الطيلوش، عراق المطيري، كريم السليتي،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضات من طرفه أومن طرف "بوابتي"

كل من له ملاحظة حول مقالة, بإمكانه الإتصال بنا, ونحن ندرس كل الأراء