البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبمقالات رأي وبحوثالاتصال بنا
 
 
   
  الأكثر قراءة   المقالات الأقدم    
 
 
 
 
تصفح باقي إدراجات الثورة التونسية
مقالات الثورة التونسية

"دون كيشوت" التونسي

كاتب المقال فتحي العابد - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 8210


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


لو استطلعنا الرأي العام التونسي الثقافي اليوم، حول الفكرة التي توختها بعض المسامير الصدئة في الإتحاد العام التونسي للشغل، أو بالأحرى أعداء تونس، والمبنية على التحريض والمظاهرات لإسقاط الحكومة الحالية الشرعية، أو تعطيلها، مستعينين بإعلام التسول، المخادع المتحيل، خاصة في الفترة الأخيرة مع الظروف المناخية القاسية في الشمال الغربي، لوجدنا أن الرواية التي يتمنى المثقفون التونسيون أن يطبع آلاف النسخ منها، وتوزع مجانا على امتداد تونس، من أجل النهوض بالوعي الوطني والحس القومي ضد يتامى فرنسا من ديوك اليسار، لكانت رواية "دون كيشوت".

هؤلاء الـ"دون كيشوتيون" الموجودون داخل الإتحاد، الذين يظنون أنهم هم الفرسان الأوائل في الزمن الغابر، وأن الناس ستعجب بهم وبصفاتهم وبطولاتهم الفذة، وتتعلق بهم وبزمانهم أشد التعلق، إلا أنهم في الواقع لا يمتلكون مواهب ومقومات شخصية الفرسان الذين صنعوا تاريخ الإتحاد العام التونسي للشغل من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن زمن الفروسية بالصورة العنجهية التي حاولوا تمريرها للشعب قد إنقضت وولت مع بن علي.. فكانت كل محاولاتهم المتكررة للعب دور الفارس الفريد والبطل المجيد في الواقع الجديد للناس تثير الضحك والإستهجان العام، خصوصا مشهدهم وهم يلبسون دروع الدفاع عن الطبقة الشغيلة، ويمتطون حصان المنظمة الهزيل الذي يكاد يسقط مغشيا عليه من شدة الأعياء، جارين خلفهم خدمهم المساكين من أصحاب الصفر على اليسار، الذين ينغزون ذاك الحمار الأجرب!.. مصرين على موقفهم المثالي وحلمهم الطوباوي معتقدين في أنفسهم لأنفسهم بأنفسهم أنهم أبطال، وأنهم رسل العناية التاريخية لبعث قيم وتقاليد الفروسية بصورتها القديمة في العالم من جديد!..

هؤلاء المساكين الواهمون وهم يهذون ويجرون ويصولون ويجولون بين القنوات والإذاعات، أو المنابر التي لايحضر لها إلا بضع عشرات، ظلوا مأسورين لأوهامهم الكبيرة وأحلامهم الغريرة يقاتلون طواحين هواء من اختارهم الشعب متخيلين إياهم فلول الأعداء، محاولين أن يثبتوا للناس بأنهم فرسان زمانهم، وأبطاله الوحيدين لينتهوا بصدمتهم الكبيرة بالواقع الحقيقي..
ينطبق عليهم:
يا راكب الجحش المطرز بالحصان*** هدئ من خبط الحوافر فأنت في تونس الثورة
تنساب كل يوم تبحث عن عدو*** تختال على جحش مبحوحِ الصوت مزركش الجنبات
مزروع بالوهم والخيلاء فلا *** العدو يأتي.. ولا تقتل الكلمات

لو قرئنا تاريخنا كما يجب لوجدنا أن كل من انتحل من أبناء جلدتنا شخصية دون كيشوت، لم يجني سوى المغامرات الزائفة.. والخيال الجامح الذي يؤدي إلى سلسلة من المفارقات المضحكة.. حتى أن الدون كيشوتية، أمست عندنا تعني الذهنية التي أفسدتها المثالية الموغلة في البعد عن الواقع كما يقول الباحث علي الخليلي. التي أعتقد أنها تتوافق مع الغباء والتخلف، وربما مع الجنون.
هذا التشائم الذي نراه أحيانا في تصريحات بعض من اختيروا للدلو بدلوهم سواء على القنوات أو على بعض الصفحات، في عمل الحكومة الجديدة، ترفضه إرادة النهوض الثقافي ببلادنا تونس. والغريب أن هؤلاء الجبناء لم يسمع بهم أحد في عهد النظام السابق وظهرت بطولاتهم فقط بعد الثورة.

يبدو أننا نعيش في مسرح اللامعقول أو مسرح العبث. هذا الذي يجري على الساحة التونسية اليوم لا يمكن تفسيره بالمنطق أو بالعقل. هل من الممكن أن بضعة من أبناء تونس يبذلون قصارى جهدهم من أجل هدم تونس، وجعل كل شيء فيها خرابا. ليس هناك إنتاج، وليست هناك سياحة، وهناك استثمارات قديمة هربت، والمستثمرون الجدد خائفون من الوضع الأمني الغير مستقر.. يحدث هذا كله في تونس التي ينتظر انطلاقتها العالم أجمع وليس الأشقاء والأصدقاء فقط.. رغم الكثير من بوادر النهوض التي أراها يوما بعد يوم في بلادي، ولملمة الجراح والإنطلاق نحو المستقبل الزاهر بإذن الله.

اليوم هناك قوى تقف بالمرصاد لإنطلاق نهوضنا ومحاولة إجهاضه بشتى الطرق، وهي محاولة بائسة لتحطيم هذا النهوض تحت واقع المرحلة الراهنة، ولذلك نرفضه. وهنا أطرح سؤال: ماذا يفعل الرفض كي يتحول إلى فعل على الأرض؟

حسب اعتقادي الرفض يفشل هذه المحاولات، وهو يرى ويلاحظ في الشارع التونسي وعند أغلب المثقفين، ومعاده إلى التجذر الذي حصل في وعي الجماهير، وفي نشاطها، وإلى تصميمها وعدم مساومتها في كنس بقايا نظام العهر والعري، وهو معطى وسّع حالة العجز في صفوف جبهة قوى هاته الثورة المضادة، ولفيف واسع من القوى الإنتهازية، التي تدور في فلك شظايا أحزاب من بقايا نظام بن علي، وحلفائه الإمبرياليين الذين يظهروا علينا كل يوم بفزاعة جديدة.

أظن أن هذا الإستطلاع المتخيل الذي بدأنا به حديثنا لو وقع حقا، والذي يقارب الخيال فيه سقف الوهم في سياق الواقع الذي يصدر عنه، وهو يفتقر إلى الخيال في الأساس، سيخرج بنتيجة واحدة واقعية جدا، ذات قوة واقعية مسيطرة إلى حد مقاربة الحقيقة التي لا تحتاج إلى مساءلة، هي رواية دون كيشوت.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الثورة التونسية، الإنتخابات، الإتحاد العام اللتونسي للشغل،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 20-02-2012  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك
شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
عبد الله الفقير، د. خالد الطراولي ، إياد محمود حسين ، إسراء أبو رمان، إيمى الأشقر، رضا الدبّابي، مراد قميزة، خالد الجاف ، محمود فاروق سيد شعبان، محمد اسعد بيوض التميمي، عبد الرزاق قيراط ، فتحي العابد، علي عبد العال، د - صالح المازقي، أبو سمية، محمد عمر غرس الله، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د. طارق عبد الحليم، صفاء العربي، محمد شمام ، د- هاني ابوالفتوح، صلاح الحريري، فهمي شراب، خبَّاب بن مروان الحمد، فتحي الزغل، صالح النعامي ، د - عادل رضا، أحمد النعيمي، محمود سلطان، د - محمد بن موسى الشريف ، يزيد بن الحسين، صلاح المختار، د - شاكر الحوكي ، سامح لطف الله، يحيي البوليني، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، مجدى داود، كريم السليتي، فتحـي قاره بيبـان، سعود السبعاني، د- محمود علي عريقات، الهادي المثلوثي، سلام الشماع، د. عادل محمد عايش الأسطل، مصطفي زهران، حاتم الصولي، صفاء العراقي، محرر "بوابتي"، د - محمد بنيعيش، الهيثم زعفان، عبد الله زيدان، رافع القارصي، أحمد بوادي، العادل السمعلي، سيد السباعي، ياسين أحمد، رافد العزاوي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، تونسي، أحمد الحباسي، أنس الشابي، مصطفى منيغ، د- جابر قميحة، عزيز العرباوي، أ.د. مصطفى رجب، محمد أحمد عزوز، طلال قسومي، الناصر الرقيق، ضحى عبد الرحمن، أحمد ملحم، سامر أبو رمان ، المولدي الفرجاني، سفيان عبد الكافي، حسن الطرابلسي، سليمان أحمد أبو ستة، محمد العيادي، عمار غيلوفي، ماهر عدنان قنديل، عراق المطيري، حميدة الطيلوش، رمضان حينوني، د.محمد فتحي عبد العال، د. عبد الآله المالكي، د - الضاوي خوالدية، د. أحمد بشير، د. مصطفى يوسف اللداوي، حسن عثمان، كريم فارق، منجي باكير، نادية سعد، سلوى المغربي، محمد الطرابلسي، حسني إبراهيم عبد العظيم، د. صلاح عودة الله ، وائل بنجدو، د- محمد رحال، د - مصطفى فهمي، محمد الياسين، عمر غازي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، جاسم الرصيف، د. أحمد محمد سليمان، صباح الموسوي ، رحاب اسعد بيوض التميمي، عبد الغني مزوز، فوزي مسعود ، علي الكاش، أشرف إبراهيم حجاج، رشيد السيد أحمد، د - المنجي الكعبي، محمد يحي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، محمود طرشوبي، عواطف منصور،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضات من طرفه أومن طرف "بوابتي"

كل من له ملاحظة حول مقالة, بإمكانه الإتصال بنا, ونحن ندرس كل الأراء