البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

"غزّة" و الإسلاميّون

كاتب المقال فتحي الزغــــل - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 6019


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


انقضى شهر على عدوان الصّهاينة المغتصبين على غزّة. دمّروا فيها كلّ أشكال الحياة و البسمة، بعد أن كانوا حوّلوها لسنوات إلى سجن كبير لم تُفرَّج أصفاده إلاّ لفترة قصيرة جدًّا عندما حكم المصريّين من انتخبوه و أقصد الرئيس "محمد مرسي" . شهر كامل قتلوا فيه ما يقارب الألفين نفس بشريّة من "الغزّاويّين" الأبطال، كان ثلثهم من الأطفال و تسعة أعشارهم من المدنيّين العزّل.

و بقيت غزّة، طوال فترة العدوان و كما كانت، رمز العزّة لكلّ العرب و المسلمين و التّائقين للحرّية في كلّ شبر من العالم، عزّةٌ لعلّها ولدت أصلا في غزّة، و بدت جلّية هذه الأيّام في صمود أهلها، و في بسالة مقاومتها، و في حنكة قيادتها، و في تتالي مفاجآتها. الأمر الّذي كان يصعب تصديقه إذا لم يُرَ رأي العين. فالأسود هناك يقاتلون عدوّا مسلّحا مسخّرًا معه أحدث آلات القتل من الرّصاصة إلى القمر الاصطناعي، و مسخّرا معه كذلك مع ترسانة القتل تلك، كلّ المنافقين من غير العرب و من العرب أيضا. هؤلاء الذين أصبح اسمهم اصطلاحا "الصّهاينة العرب"، هؤلاء الذين يتباكون مع الأمريكان و الأوروبيون لهلع طفل صهيوني يعيش في مغتصبة من المغتصبات الفلسطينية، فيتسارعون لإظهار دموعهم ليقدّموا العون المغدوق للقاتل، و يتجاهلون أطفالا بالمئات كلّ يوم يقتلون.

إلاّ أنّ تلك المواقف المخزية الّتي طبعت هؤلاء الصّهاينة و المتصهينين، و بالرّغم من فضاعتها، و فجاجتها، و نفاقها، بالانحياز إلى القاتل ضدّ الضّحية. لم تخرج عن سياق صراع، أو لأقل، اصطفاف فكريّ سياسيّ عامّ، أصبح غير خافٍ في كلّ دول العالم عامّة و في الدّول الإسلاميّة خاصّة، تجلّى أكثر فأكثر منذ ظهوره المعلن عند الإطاحة بدكتاتوريات دول الرّبيع العربي و ما تلى تلك الأحداث من تأييد شعبيٍّ لافت للفكر الإسلامي في مجتمعات تلك الدّول.

فحسب تقديري، فإنّ ما حدث في غزّة، و لا يزال يحدث و سيحدث، من تضييق و عدوان و مؤامرات على أهلها، لا يعدو أن يكون سوى تجلٍّ واضح لذلك الصّراع الذي أصبح علنا منذ سنوات قليلة خلت. بعد أن كان صراعا صامتا استمرّ صمته لقرون عديدةٍ خلت، تطوّر فيه من مرحلة تاريخيّةٍ اتّسمت بعداء للإسلام و للمسلمين عامّة، كما روته اتفاقيات "فرنديناند" الإسباني مع ملوك الطّوائف في الأندلس و إجباره المسلمين على ترك دينهم أو قتلهم أو نفيهم. إلى مرحلة عداء للفكر الإسلامي خاصّة عند من يدينون بالإسلام دينا، كما رأينا واضحا في تواطؤ الغرب الدّيمقراطي و " الخليج" المسلم مع الانقلابيين في مصر عند انقلابهم على شرعيّةٍ انتخابيّة شهد العالم بأسره بأنها شرعيّة ديمقراطيّة حقيقيّة غير زائفة. و بين هاتين المرحلتين المَثلَين، تتموضع عديد الأحداث و الحلقات التّاريخية، سواء في حركة الاستعمار الامبريالية، و ما رافقتها من عداء للفكر الإسلامي الذي اصطدمت به في دول المستعمرات الإسلاميّة، أو عند تولّي من يشاطرهم الرّأي من بني جلدة تلك الدّول حكمها بعد استقلالها، تجسّد الصّراع فيها على محاكمات صوريّة و إعدامات و سجون و منافٍ، كالّتي حدثت في مصر مثلا إبّان انقلاب 1952 أو بعد انقلاب 2013 أو في إفشال و تركيع خيارات الفكر الإسلامي لدى الشّعوب التي اختارته منهجا لها مثل ما حدث في الجزائر و تركيا و لا يزال يحدث في تونس.

فأصل المسألة إذن في نظري هو هذا الاصطفاف الذي يرقى للصّراع بين مجموعتين لا ثالث لهما مجموعة متجانسة الفكر و المرجعيّة ، و أقصد الإسلاميين، و مجموعة مختلفة الفكر و المرجعيّة، اجتمعت فيها المتناقضات بين اليسار و الرأسماليّة و بين الاشتراكيّة و الإمبرياليّة و بين المبدئيّة و العمالة و البراغماتية، لا يقود تحرّكها سوى عدوّهم المشترك في الخانة المقابلة.

و ما غزّة سوى فصل من فصول هذا الصّراع و صورة من صور هذا العداء، حيث توحّدت تلك القوى المعادية للفكر الإسلامي من شرق الأرض و غربها مع نظم عربيّة تدين بدين "لا إلاه إلا الله محمّد رسول الله" في مساندة الكيان الصهيوني الذي لا يختلف عقلان في أنّه غاصب لأرض غيره، أرض فلسطين التاريخيّة. و لا في أنّه يقتل بأبشع وسائل القتل، و في أنّه و بعد قيامه بجرائمه، ينفض الدّماء من يديه ليبكي أمام الكاميرات و الشاشات بأنّه الضحيّة و أنّه الطرف المدافع عن نفسه. و إلّا فكيف نبرّر هذا التحالف الاستراتيجي الذي وُلِدَ مؤخّرا في أيام العدوان على غزّة بين مصر و السعوديّة و الإمارات العربية مع الكيان الإسرائيلي الغاصب، تحالُف يخزي أعضاءه المتآمرون في الظلام، أعلن عنه ناطق باسم الحكومة الصهيونية في إحدى الفضائيات مدّعيا أنّه تحالفٌ عنوانه القضاء على الفكر الإخواني الذي يشترك مع هؤلاء "العاربة" في تصنيفه في خانة "الفكر الإرهابي"


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

العدوان على غزة، إسرائيل، الحركات الإسلامية، التعاطف مع غزة، نصرة غزة،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 12-08-2014  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  إنذارات بمجتمع يهوي
  أنا اللّص الذي عنه تبحثون
  قراءة في المشهد الانتخابي البرلماني التونسي بعد غلق باب التّرشّحات
  السّياسةُ في الإسلام
  ماذا يقع في "وينيزويلّا"؟ حسابات الشّارع وموازين الخارج
   بعد تفجير شارع بورقيبة ... ألو... القائد الأعلى للقوات المسلّحة؟
  إلى متى تنفرد الإدارة في صفاقس بتأويل خاصّ لقوانين البلاد 2؟
  "التوافق" في تونس بين ربح الحزب وخسارة الثورة
  "ترامب"... رحمة من الله على المسلمين
  حكاية من الغابة... حكاية اللئيم و الحمير
  بقرة ينزف ضرعـــها دما
  تعليقا على مؤتمر النهضة... رضي الشيخان ولم يرض الثّائر
  بعد مائة يوم على الحكومة... إلى أين نحن سائرون؟
  الغرب و الشّرق و "داعش" و "شارلي"
  "الإرهاب و مسألة الظّلم" ج3
  "الإرهاب و مسألة الظّلم" ج2
  "الإرهاب و مسألة الظّلم" ج1
  كيف تختار الرّئيس القادم؟
  قراءة في الانتخابات البرلمانية التونسية
  سكوتلاندا لا تنفصل... درس في المصلحيّة
  قراءة في النّسيج الانتخابي التّونسي
  "أردوغان" رئيسا لتركيا... تعازي غلبت التهاني
  "غزّة" و الإسلاميّون
  الانتخابات الفضيحة
  أُكرانيا و مصر و نفاق الغرب
  رئيسٌ آخر و حكومة جديدة.... قراءة في ما بعد الحدث
  بيان بخصوص رفض الأطبّاء العمل في المناطق الدّاخليّة
  بيان بخصوص إضراب القضاة
  سلطتنا التّنفيذيّة وعلامات الاستفهام
  سلطتنا القضائيّة و علامات الاستفهام

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د - شاكر الحوكي ، الهادي المثلوثي، ضحى عبد الرحمن، سامح لطف الله، صفاء العربي، د. مصطفى يوسف اللداوي، كريم السليتي، جاسم الرصيف، د. صلاح عودة الله ، سلام الشماع، خبَّاب بن مروان الحمد، سعود السبعاني، يزيد بن الحسين، أحمد الحباسي، د. عادل محمد عايش الأسطل، محمد أحمد عزوز، أحمد النعيمي، أنس الشابي، تونسي، د - الضاوي خوالدية، د- محمد رحال، د. أحمد بشير، إيمى الأشقر، صلاح الحريري، صلاح المختار، محمد اسعد بيوض التميمي، إياد محمود حسين ، محمود طرشوبي، د. خالد الطراولي ، أحمد ملحم، مجدى داود، عراق المطيري، ياسين أحمد، الهيثم زعفان، منجي باكير، إسراء أبو رمان، فتحي الزغل، فتحي العابد، عمار غيلوفي، أ.د. مصطفى رجب، رضا الدبّابي، فهمي شراب، أحمد بوادي، د- هاني ابوالفتوح، د - صالح المازقي، فتحـي قاره بيبـان، الناصر الرقيق، صباح الموسوي ، رافد العزاوي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د - مصطفى فهمي، د. عبد الآله المالكي، رمضان حينوني، عبد الغني مزوز، خالد الجاف ، رحاب اسعد بيوض التميمي، نادية سعد، علي الكاش، مصطفى منيغ، محمد العيادي، عواطف منصور، ماهر عدنان قنديل، مصطفي زهران، وائل بنجدو، المولدي الفرجاني، حسن الطرابلسي، د- محمود علي عريقات، د. كاظم عبد الحسين عباس ، حميدة الطيلوش، صالح النعامي ، سامر أبو رمان ، صفاء العراقي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، عمر غازي، رشيد السيد أحمد، محمود سلطان، سيد السباعي، حسني إبراهيم عبد العظيم، د.محمد فتحي عبد العال، مراد قميزة، محرر "بوابتي"، أبو سمية، محمد الطرابلسي، د - محمد بنيعيش، سفيان عبد الكافي، د - عادل رضا، محمود فاروق سيد شعبان، أحمد بن عبد المحسن العساف ، محمد يحي، عبد الله زيدان، سلوى المغربي، حسن عثمان، محمد شمام ، د - المنجي الكعبي، يحيي البوليني، كريم فارق، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د- جابر قميحة، علي عبد العال، رافع القارصي، العادل السمعلي، عزيز العرباوي، عبد الرزاق قيراط ، أشرف إبراهيم حجاج، عبد الله الفقير، سليمان أحمد أبو ستة، محمد الياسين، محمد عمر غرس الله، د - محمد بن موسى الشريف ، د. طارق عبد الحليم، حاتم الصولي، فوزي مسعود ، طلال قسومي، د. أحمد محمد سليمان،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة