البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

رئيسٌ آخر و حكومة جديدة.... قراءة في ما بعد الحدث

كاتب المقال فتحي الزغل - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 6238


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


عندما تابعت مراسم نقل السّلطة من السّيد "علي العريّض" رئيس الحكومة المتخليّ إلى السّيد "مهدي جمعة" رئيس الحكومة المكلّف، لا أخفي أنّي شعرتُ بالانتشاء و الفخر و كثير من العزّة و الأنفة، لانتمائي لهذا البلد، و لكوني من هذا الوطن... لأنّ تلك المشاهد لم تكن مألوفة، وليست بعدُ مألوفة، سواء في بلدي العزيز هذا، أو في سائر البلدان العربية أو في معظم البلدان الإسلاميّة. فها نحن و بفضل الثّورة الّتي لازلتُ أعتبرها لم تحقّق كلّ أهدافها، لنا رؤساء حكومات سابقين، ليسوا في القبر و لا في السّجن، المكانين الّذيْنِ لم يكن لهما ثالثُ في كلّ عمليّة تغيير قائدٍ أو رئيسٍ أو حاكمٍ في بلداننا التي ذكرتُ.

إلاّ أنّ ذاك الشّعور لم يُخفِ عنّي بعض الأمور و الملاحظات الّتي فرضت نفسها أمامي و أنا أتابع الحدث و شخصيّات الحدث. فالمرحلة و كما هو معلومٌ، فرضت على كلّ المتابعين و غير المتابعين من أهل الرّأي و غيرهم، قبولَ ما تمخّض عنه الوفاق داخل ما عُرِف بــ "الـحوار الوطني" رغم تحفّظات القوى الثّورية على ذاك الحوار، من ناحية موضوعيّته و مشروعيّته، كما من ناحية رُعاتهِ و الجهة التي اصطفّوا فيها أمام استحقاقات و أهداف الثّورة بعد أوّل انتخابات نزيهة عرفها الوطن منذ تأسيسه. لكن و رغم كلّ ذلك، قوبل التّوافقُ على السّيد "مهدي جمعة" ليشكّل حكومة تخلف حكومة وصلت إلى السّلطة عبر الصناديق، بأملِ في أن تُلجِم كلّ معطّلي المرحلة و معطّلي التّنمية و معطّلي البلاد.

إلاّ أنّ رجل القصبة الجديد جاء بتشكيلة حكوميّةٍ أقلّ من المنتظر في عمومها، من حيث خلوّها التّام من بعض الوجوه الثّورية التي يمكن بحضورها أن تُطمئِنَ السّواد الأعظم من الشعب. و الوجوه الثوريّة الّتي أقصدها هي تلك الّتي لا تزال محافظة على مبادئ الثّورة، دون أن تكون متحزّبة أو متأدلجة. و هي – لَعمري - كثيرة لم تجد لنفسها الفرصة أو الحظّ في الحكومات المتعاقبة السّابقة، الأمرُ الذي أراه في نظري أصل إشكاليّة عدم تحقيق أهداف الثّورة إلى اليوم ، بعد مضيّ ثلاث سنوات على خلع الدّيكتاتور.

بل بالعكس تماما، إذ أنّي شعرتُ بنوع من الإحباطِ عندما تابعتُ - ككلّ المحللّين - ما تقاذفَتْه وسائلُ الاستقصاء ووسائل الإعلام من أنباء و معلوماتٍ، كان يكفي حضورها في أيّ شخصيّة حتى تكون من المرفوضين شعبيًّا ، و ذلك لحساسيّة المرحلة، و الفترة السياسيّة. فما بالكم إذ كانت ما تقاذفته تلك الوسائل من معلوماتٍ هي صحيحة مائة بالمائة كما يقولون، مثل الوزير الذي كان ينصح و يشتري القرود لصهر المخلوع، أو الوزيرة التي سمحتْ بطابع الكيان الصهيوني في جواز سفرها، أو ذلك الوزير الذي كان من الخائفين من المُساءلة ليلة هروب المخلوع درجة خروجه من البلاد يومها... فهل لهؤلاء يمكن إسناد ثقةٍ أصلًا؟ هذا إذا سلّمنا بنظافة يدهم و قيمتهم الأكاديميّة.

و نأتي إلى حكاية الأكاديميّة هذه، و ما فعلته هذه الأيّام في التحاليل النوفمبريّة التي أقضّت مضجعي كلّ لحظةٍ. فحسب رأيي لا تغيّر الشّهادة الأكاديميّة لدى وزيرٍ، أو رئيس جهاز تنفيذيٍّ الشّيء الكثيرَ أمام ما تُمثّلُه ملكة القيادةِ و التّسييرِ و قوّة الشّخصيةِ و الإلمام بتفاصيل الأشياءِ من قيمةٍ واجبةُ التّوفّر في الوزير أو في القائدِ. بل علّمتنا التّجارب أنّ المُوغلين في الأكاديميّات ينقصهم الكثيرُ من الإلمام بتفاصيل غير علمهم، و غير اختصاصهم، و لذلك فإن الزّعماء المعروفين في العالم لم يكونوا علماء. و العلماء الّذين قادوا شعوبهم لم يكتب لهم نفس النّجاح الذي عُرِف عن غيرهم. فأن يكون القائد أسدا، هذا لا يتعلّمُ في الجامعات، و أن يكون الأسدُ مثقّفا، هذا لا يُكتسب في مراكز البحث التي تعرف دائما بحدودها الضّيقة داخل مجالها التّخصّصي.

ففي نظري ، أكثر ما نحتاج إليه هذه الفترة و كلّ الفترات، ذاك الزّعيم الذي تظهر زعامته في شكله، و مظهره، و كلامه، و أفكاره، و في طريقة عمله و تصرّفاته، و هو ما يُعرِّفه كثيرون بالكاريزما. إلاّ أنّ الكاريزما الّتي أقصدُها هي الكاريزما المبنيّة على الشّدّة و الحزمِ، لا على الطّيبة و اللّيونة. فالحلم مطلوبٌ و الشّدة أطلبُ... و الرّفق محمودٌ و الهيبة أحمدُ...

و عليه فإنّي لا أرى أيّا من هؤلاء الوزراء من يثلجُ لي صدري، سواء في ماضيهم أو في شخصيّاتهم. كما أنّي مهووس و متخوّفٌ بإمكانيّة لعب جهات ليس لها أخلاق في الحياة فما بالكم في السّياسة، بهؤلاء الشّخصيّات، حتّى إذا حدث ما أنّبِه لخطورته، فيومها سيلقى من خرج يومًا هاتفا بالثّورة نفسه في السّجون تحت عنوان تحقيق العدل.

لكنّي سأبقى متفائلا، و أبقى أقرأ الخير و أتوسّمه في كلّ من يمسك بأمرٍ من أمور هذا الوطن العزيز. كما سأبقى أنتظر من يُسمِعُني ما أحبُّ لبلدي، و أرى منه ما أرنو لهذا الصّرح الذي و منذ ثلاث سنوات وأنا أبنيه في فكري .


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الثورة التونسية، إعداد الدستور، حكومة مهدي جمعة، مهدي جمعة،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 10-02-2014  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  إنذارات بمجتمع يهوي
  أنا اللّص الذي عنه تبحثون
  قراءة في المشهد الانتخابي البرلماني التونسي بعد غلق باب التّرشّحات
  السّياسةُ في الإسلام
  ماذا يقع في "وينيزويلّا"؟ حسابات الشّارع وموازين الخارج
   بعد تفجير شارع بورقيبة ... ألو... القائد الأعلى للقوات المسلّحة؟
  إلى متى تنفرد الإدارة في صفاقس بتأويل خاصّ لقوانين البلاد 2؟
  "التوافق" في تونس بين ربح الحزب وخسارة الثورة
  "ترامب"... رحمة من الله على المسلمين
  حكاية من الغابة... حكاية اللئيم و الحمير
  بقرة ينزف ضرعـــها دما
  تعليقا على مؤتمر النهضة... رضي الشيخان ولم يرض الثّائر
  بعد مائة يوم على الحكومة... إلى أين نحن سائرون؟
  الغرب و الشّرق و "داعش" و "شارلي"
  "الإرهاب و مسألة الظّلم" ج3
  "الإرهاب و مسألة الظّلم" ج2
  "الإرهاب و مسألة الظّلم" ج1
  كيف تختار الرّئيس القادم؟
  قراءة في الانتخابات البرلمانية التونسية
  سكوتلاندا لا تنفصل... درس في المصلحيّة
  قراءة في النّسيج الانتخابي التّونسي
  "أردوغان" رئيسا لتركيا... تعازي غلبت التهاني
  "غزّة" و الإسلاميّون
  الانتخابات الفضيحة
  أُكرانيا و مصر و نفاق الغرب
  رئيسٌ آخر و حكومة جديدة.... قراءة في ما بعد الحدث
  بيان بخصوص رفض الأطبّاء العمل في المناطق الدّاخليّة
  بيان بخصوص إضراب القضاة
  سلطتنا التّنفيذيّة وعلامات الاستفهام
  سلطتنا القضائيّة و علامات الاستفهام

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
مراد قميزة، سيد السباعي، فتحي العابد، محمد يحي، نادية سعد، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، فتحي الزغل، عبد الله الفقير، حاتم الصولي، مصطفي زهران، إياد محمود حسين ، يزيد بن الحسين، حسن الطرابلسي، محمد أحمد عزوز، د - شاكر الحوكي ، حسني إبراهيم عبد العظيم، ياسين أحمد، وائل بنجدو، د. أحمد محمد سليمان، خبَّاب بن مروان الحمد، محمود سلطان، د - مصطفى فهمي، كريم فارق، أحمد ملحم، مصطفى منيغ، فتحـي قاره بيبـان، رشيد السيد أحمد، د.محمد فتحي عبد العال، د - صالح المازقي، طلال قسومي، د- جابر قميحة، إيمى الأشقر، عراق المطيري، رمضان حينوني، د. ضرغام عبد الله الدباغ، صلاح الحريري، سلام الشماع، سعود السبعاني، سامر أبو رمان ، سلوى المغربي، د. عادل محمد عايش الأسطل، رضا الدبّابي، د. صلاح عودة الله ، رافد العزاوي، د - عادل رضا، عبد الله زيدان، محمد الياسين، د - الضاوي خوالدية، عواطف منصور، د. مصطفى يوسف اللداوي، د. عبد الآله المالكي، يحيي البوليني، عزيز العرباوي، أبو سمية، المولدي الفرجاني، الهيثم زعفان، أحمد بن عبد المحسن العساف ، علي الكاش، إسراء أبو رمان، ضحى عبد الرحمن، د- هاني ابوالفتوح، محرر "بوابتي"، أحمد الحباسي، د - محمد بن موسى الشريف ، مجدى داود، محمد اسعد بيوض التميمي، صالح النعامي ، أشرف إبراهيم حجاج، رافع القارصي، محمد العيادي، د - محمد بنيعيش، محمد الطرابلسي، صفاء العراقي، محمد شمام ، سفيان عبد الكافي، فهمي شراب، فوزي مسعود ، د- محمود علي عريقات، عمار غيلوفي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، محمد عمر غرس الله، أنس الشابي، أ.د. مصطفى رجب، سامح لطف الله، الهادي المثلوثي، رحاب اسعد بيوض التميمي، جاسم الرصيف، كريم السليتي، صباح الموسوي ، خالد الجاف ، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، عمر غازي، الناصر الرقيق، د. أحمد بشير، ماهر عدنان قنديل، سليمان أحمد أبو ستة، أحمد بوادي، حسن عثمان، محمود طرشوبي، علي عبد العال، منجي باكير، د - المنجي الكعبي، العادل السمعلي، أحمد النعيمي، صلاح المختار، محمود فاروق سيد شعبان، د. خالد الطراولي ، د. طارق عبد الحليم، صفاء العربي، عبد الغني مزوز، د- محمد رحال، حميدة الطيلوش، تونسي، عبد الرزاق قيراط ،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة