البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبمقالات رأي وبحوثالاتصال بنا
 
 
   
 
 
 
 
تصفح باقي إدراجات محرر بوابتي
مقالات محرر بوابتي

الخلط بين الواقع والصواب

كاتب المقال فوزي مسعود - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 6273


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


من ضمن أسباب الانحطاط لدينا يوجد عامل الخلط بين الواقع والصواب، أي أن هناك تصور يقوم على افتراض أن كل ما هو واقع فهو صواب.
قد يكون هذا التصور لدى البعض مباشرا وواضحا، ولكنه أحيانا أخرى ضمنيا فقط، وفي كل الحالات لا يتم تتبع الواقع ونقده باعتباره مصنفا صحيحا أي صوابا.

لا أريد الإطالة في الرد على فساد هذا الخلط المنهجي، يكفي لذلك القول أن الصواب هو ما يجب ان يكون نسبة لمرجعية حكم أما الواقع فإنه ما هو كائن كمحاولة لفهم تلك المرجعية، والمسافة بينهما هي المسافة بين النظري وبين التطبيقي، بين المبدأ في أصوله وبين المبدأ المنزل، بين ما هو بالقوة وما هو بالفعل كما يقول الفلاسفة.

إذا أردنا التعمق، فإن الفرق قد يكون معرفيا فلسفيا، فيصبح مقابلة بين من يعتمد على المبادئ كخلفية وبين من يعتمد على الواقع كمرجع، أي مقابلة بين أصالة المجردات من فكر وعقل وبين أصالة الواقع المادي، بين نظرية المعرفة الإسلامية وبين نظرية المعرفة الغربية الواقعية المادية.

يمكن ملاحظة هذا الخلط في الاستعمالات العادية، حيث يقول بعضهم في معرض الكلام: الحقيقة أن ذلك الأمر هو كذا وكذا عوض أن يقول: الواقع أن ذلك الأمر هو كذا وكذا، والعكس بالعكس، لاستواء الحقيقة بالواقع لديه.

تتفاقم نتائج الخلط هذا حينما ننظر لبعض عينات ممارساتها، إذ يصبح كل متحكم بالواقع مقبولا وتتناسى فضاعاته.

فسيئ الذكر مثلا وقع تناسي انه مؤسس تبعية تونس للغرب والمسؤول عن مجمل ما نعيشه من مآسي من ضمنها التفكك المجتمعي والتبعية الذهنية لعموم التونسيين للغرب وضعف حس الانتماء الحضاري وكره الذات لدى التونسيين وغياب المساهمة العلمية والتقنية لتونس باعتبار أن المسلوب حضاريا في تونس لن يمكنه إلا أن يكون عاجزا ذهنيا، أكبر أمانيه أن يدرس في فرنسا ويشتغل بها ويستحيل لديه أن يجاوز فرنسا بإنجاز او غيره، فكيف يمكنه ان يفكر في صناعة سيارة مثلا أو غيرها، هذا غير ممكن لدى تلك العقليات المسلوبة التابعة.

ثم تمّ تناسي كل أفاعيل سيئ الذكر تلك، بل وتم الاتفاق بين اغلب الفاعلين المتحكمين بالواقع الآن الذين يمثل اغلبهم ضحاياه، اتفقوا انه يجب المحافظة على انجازات سيئ الذكر تلك، مما يعني انه تم ضمنيا اعتبار ان الواقع صواب، وأن صوابية الواقع المفترضة ألغت صوابية الأفكار والمبادئ التي تحكم على الواقع ذلك بالفساد.

مثل آخر، لو رجعنا لنماذج من تاريخينا الإسلامي، يمكن أن نجد عينات أخرى للخلط بين الواقع و الصوابية، فحكام بني أمية قتلة الناس يتغاضى عن أفاعيلهم ويستعاض عنها باعتبار واقعهم صوابا ومرجعا، أي أن صوابية الواقع غلبت صوابية المبدأ الذي يحتم الحكم عليهم كمجرمين، فضلا على أن يكونوا قدوات يعلى من شأنهم بل منهم من تروى عنه الأحاديث النبوية.

مثل آخر، فعموم من نعرف من علماء بل ومؤسسي مذاهب، كانوا مجرد فقهاء سلطان متواطئين مع الحكام وساكتين عن الحق، ولكنه تم تاريخيا الإعلاء من شأنهم لمصلحة الحكام في ذلك، وتم بالمقابل التغاضي عن سقطاتهم، وانتهى بنا الحال أن اعتبرناهم فعلا قدوات كما اعتبرهم المتحكمون في ذلك الواقع من قبل، أي انه تم تغليب صوابية الواقع على صوابية المبدأ الذي يحتم أن نرفض كون أولئك هم قدوات فضلا على أن يرووا الأحاديث فضلا على أن يكونوا مؤسسي مذاهب


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

الخلط، الواقع، الصواب، التاريخ الإسلامي،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 22-04-2014  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك
شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
رافد العزاوي، محمد أحمد عزوز، د- محمود علي عريقات، خبَّاب بن مروان الحمد، عواطف منصور، عزيز العرباوي، محمد يحي، محمود سلطان، خالد الجاف ، أ.د. مصطفى رجب، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، سلام الشماع، رضا الدبّابي، مجدى داود، رشيد السيد أحمد، مصطفي زهران، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د. عادل محمد عايش الأسطل، فوزي مسعود ، سلوى المغربي، فتحي الزغل، أحمد النعيمي، جاسم الرصيف، أنس الشابي، محمود طرشوبي، سامر أبو رمان ، محمد اسعد بيوض التميمي، فتحـي قاره بيبـان، الناصر الرقيق، د- جابر قميحة، د. مصطفى يوسف اللداوي، محرر "بوابتي"، كريم فارق، صلاح المختار، عمار غيلوفي، سعود السبعاني، يحيي البوليني، سفيان عبد الكافي، صفاء العراقي، أحمد ملحم، يزيد بن الحسين، أحمد الحباسي، الهادي المثلوثي، منجي باكير، أبو سمية، محمود فاروق سيد شعبان، إسراء أبو رمان، رحاب اسعد بيوض التميمي، محمد عمر غرس الله، مراد قميزة، عراق المطيري، وائل بنجدو، حاتم الصولي، د. صلاح عودة الله ، رافع القارصي، د - مصطفى فهمي، عبد الله زيدان، أحمد بن عبد المحسن العساف ، صفاء العربي، محمد الطرابلسي، مصطفى منيغ، سليمان أحمد أبو ستة، د - صالح المازقي، د. أحمد بشير، فهمي شراب، أشرف إبراهيم حجاج، حميدة الطيلوش، صلاح الحريري، سيد السباعي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، حسني إبراهيم عبد العظيم، محمد شمام ، إياد محمود حسين ، عبد الغني مزوز، كريم السليتي، حسن عثمان، د - شاكر الحوكي ، د. خالد الطراولي ، طلال قسومي، علي الكاش، د. أحمد محمد سليمان، د- هاني ابوالفتوح، تونسي، د. طارق عبد الحليم، فتحي العابد، أحمد بوادي، رمضان حينوني، د. عبد الآله المالكي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، الهيثم زعفان، صالح النعامي ، عبد الرزاق قيراط ، سامح لطف الله، صباح الموسوي ، نادية سعد، العادل السمعلي، ياسين أحمد، د - محمد بن موسى الشريف ، علي عبد العال، إيمى الأشقر، ضحى عبد الرحمن، د.محمد فتحي عبد العال، محمد الياسين، د - محمد بنيعيش، محمد العيادي، د - المنجي الكعبي، ماهر عدنان قنديل، د - الضاوي خوالدية، د - عادل رضا، عمر غازي، د- محمد رحال، حسن الطرابلسي، المولدي الفرجاني، عبد الله الفقير،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضات من طرفه أومن طرف "بوابتي"

كل من له ملاحظة حول مقالة, بإمكانه الإتصال بنا, ونحن ندرس كل الأراء