البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبمقالات رأي وبحوثالاتصال بنا
 
 
   
 
 
 
 
تصفح باقي إدراجات محرر بوابتي
مقالات محرر بوابتي

التسول يسيء لنا ولا يسقط انقلابا

كاتب المقال فوزي مسعود - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 1099


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


ما أذكر أن النهضة وائتلاف الكرامة و الحداثيون التقدميون اتفقوا في أمر، لكنهم زمن الانقلاب صعدوا جميعا مركبا واحدا أخذهم لمنازل الإسفاف وأي إسفاف

لسبب ما تنادى العديد لسلوكيات التسول في ما يعتقدون أنه يمثل أسلوبا لمواجهة الانقلاب، ولكنهم ما أفلحوا في شيئ مثل فلاحهم في الإضرار بأنفسهم وبالثورة وبمعارضي الانقلاب، وهم في ذلك جعلوا أنفسهم مطايا للانقلاب يخدمونه ويرفعون شأنه و يديمونه من حيث لايعلمون، و لعل بعضهم يعلم ذلك

وقد برع المتسولون في تسولهم، فمنهم الذي يستعمل مرضا ألمّ به أو بزوجته ومنهم الذي يتخذ وضع أبنائه والتضييق عليهم، أداة للاحتماء من الانقلاب، وفيهم آخرون جاوزوا هؤلاء مرحلة إذ عمدوا لتسول الرأي العام الخارجي والمواقف الدولية

ثم إن الالتجاء لاستدرار العطف من خلال المرض (مرض المعني بالأمر كمصطفي بن احمد وهاجر بوهلال ، مرض الزوجة كحالة عماد الخميري، مرض الأبناء في حالة ماهر زيد) دفعا للانقلاب، معناه الضمني أن فعل الانقلاب في ذاته ليس كافيا لاتخاذه سببا للتصدي له وعلينا بالتالي البحث في أسباب أخرى لرفضه، ومعناه أن المشكلة ليست مع الانقلاب و إنما مع ما ترتب عنه من منع الدواء والعلاج والأجر، أي لو لم يمنع الانقلاب تلك الأمور لما اعترضوا، فهذا اختزال للنائب في بعد المرتزق الساعي للمال، و تسفيه لدور نائب الشعب و إساءة لنا رافضي الانقلاب حيث لم يترك لنا هؤلاء ما ندافع به عنهم

مقاومة الانقلاب عمل ذو مستويات عديدة، ولا يجوز تسطيحه واختزاله في أتفه أبعاده وهو الحالة الاجتماعية

فالتصدي للانقلاب مسار ذو مستوى قانوني لأن الانقلاب عمل غير قانوني ومواجهته نصرة للقانون وللاجتماع البشري المدني المنظم باتفاق بين التونسيين

والتصدي للانقلاب مسار ذو مستوى أخلاقي لأن الانقلاب بمثابة سطو بغير حق على ملك لامادي لمجموعة بشرية وهي دولة التونسيين وقوانينها، وهو بهذا المعنى نوع من الظلم، والتصدي للظلم عمل أخلاقي لا يقوم به إلا من أوتي شهامة تمنعه من السكوت عن الظلم

والتصدي للانقلاب مسار ذو مستوى تاريخي، لأن الانقلاب فعل في مسار تاريخي أسس لثورة أو ما نعتقد أنه كذلك، انطلقت من تونس ، وبالتالي فالمنقلب ومقاوموه يمثلون عناصر فعالة في هذا المسار التاريخي، فالمتصدي للانقلاب يقوم بفعل سيذكره التاريخ، وسيذكر التاريخ أن أحدهم انقلب و أن آخرين تصدوا له بفعالية و أن آخرين دونهم ركنوا للتسول لاتقاء شره

والتصدي للانقلاب مسار ذو مستوى ذاتي شخصي، حيث مقاومة الانقلاب امتحان لفعالية القيم التي يزعم الناس في عمومهم الالتزام بها وتمكنهم منها وتمكنها منهم، فالكل يقول بأنه شجاع و أنه شهم و أنه ديموقراطي وأنه يأنف الخضوع ويرفض قبول المتسلطين، حتى تأتيهم الأحداث فتعكرهم وتمتحن قناعاتهم، ويتبين للفرد ذاته أولا مدى علاقته بما كان يعتقد من مفاهيم، ثم يتبين للناس من حوله ذلك الفرد الجديد، وتتيح لهم تصنيفه مرة أخرى على سلم القيم

ثم أخيرا، فإن التصدي للانقلاب عمل ذو بعد مادي حيواني أي بعد الارتزاق والأكل والعلاج من المرض، فالتصدي للانقلاب يمكن أن يكون بدافع استرداد الأجر الذي كان يتقاضاه النواب، ويمكن أن يكون بغرض استرداد حق العلاج الذي منع عن النواب، ويمكن أن يكون بغرض طلب سلامة الأسرة والأبناء التي منعها عنهم الانقلاب

إذن فإن أبعاد التصدي للانقلاب هذه، فيها مستويات قرينة اللامادة أي القيم ونصرتها، وفيها التي قرينة المادة، وكل ميسر لما خلق له، فالذي يأخذ مقاومة الانقلاب بكل أبعاده فإنه يثبت أنه إنسان جدير أن لا يحكمه منقلب أو أن يخضع لانقلاب، أما الذي يصر على تناول حدث الانقلاب في بعده الاجتماعي فإنه يجعل نفسه موضوع حالة اجتماعية مثله مثل فاقدي السند مرتادي دور العجزة ومشردي الشوارع، وجدير بنا أن نعامل هؤلاء مثلما أرادوا أنفسهم أن نعاملهم، عجزة وحالات اجتماعية وليسو أعضاء مجلس نواب شعب لهم مسؤولية قانونية وتاريخية

ثم إن جماعة آخرين من النواب ممن لهم مسؤولية باعتبارهم منتخبين ولهم الأهلية القانونية للتصدي للانقلاب، خنسوا ولم نسمع لهم حسّا، وهم يتعاملون مع الانقلاب بمنطق "اذهب انت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون" انتظارا للنتيجة التي سيسفر عنها التصدي للانقلاب، وترى الناس تحرض على التظاهرات ضد الانقلاب ودفعا له، وهم غائبون لا تكاد تدري إن كانوا معنا أم لا

وغير بعيد عن هؤلاء جماعة حركة النهضة، التي لزمت ركنا لا تغادره إلا ببضع بيانات فضفاضة تذكرنا ببيانات جامعة الدول العربية في التنديد والاستنكار، لكن النهضة تبرع في ضرب من التسول أو ما يشبه التسول، لا ينافسها فيه أحد وهو تتبع مواقف القوى الخارجية والترويج لتلك المعارضة للانقلاب وتنشط شبكتها بالتواصل الاجتماعي لتعقب أي بادرة في هذا الاتجاه
و لسبب ما تعتقد النهضة أن الانقلاب سيسقط بالقوى الخارجية وبالضغط الدولي في حين تقعد هي ورئيسها مرتخيي الأيدي في انتظار ذلك، وهذا أولا تصور يقرب للسذاجة ولعلها السذاجة ذاتها التي ضيعت الثورة و جرأت علينا بقايا فرنسا (*) من نقابات وإعلام وحزيبات، وأوصلت قيس للحكم و أدامت بقاءه بعد الانقلاب، وهو ثانيا موقف خطير يجب أن نرفضه كقوى متصدية للانقلاب
التدخل الأجنبي يجب أن نرفضه مهما كان مبرره وكائن من كان طالبه، لا يجب أن تدفعنا خصومتنا أو حتى عداوتنا لقيس أو لأي كان من التونسيين لان نتناصر عليهم بطرف أجنبي

الانقلاب يجب أن نسقطه نحن، بفعل تشارك فيه وجوبا الأطراف التالية مجتمعة : التونسيون رافضو الانقلاب و نواب الشعب الذين لهم مسؤولية في استنقاذ البلاد باعتبارهم السلطة المنتخبة و رئيس مجلس النواب باعتبار له من المسؤولية ما ليس لغيره

----------
(*) بقايا فرنسا هم من أصفهم في مقالات فكرية بوصف : فواعل مفكرة و فواعل إلحاقية، والسبب أنني هنا اكتب مقال رأي يدخل فيه الذاتي ولي الحق في إطلاق الأوصاف المقيمة للموقف، بينما تلك البحوث الفكرية لا يحق لي فيها استعمال غير الوصف الموضوعي


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

إنقلاب قيس سعيد، تونس، الإنقلاب في تونس، حركة النهضة،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 7-11-2021  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك
شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
حسن عثمان، سفيان عبد الكافي، عمر غازي، طلال قسومي، د. عبد الآله المالكي، فتحي الزغل، عبد الله زيدان، سلام الشماع، د - محمد بنيعيش، د. مصطفى يوسف اللداوي، د - عادل رضا، رمضان حينوني، خبَّاب بن مروان الحمد، رحاب اسعد بيوض التميمي، المولدي الفرجاني، أ.د. مصطفى رجب، محمد عمر غرس الله، الهيثم زعفان، فتحـي قاره بيبـان، د. صلاح عودة الله ، صفاء العراقي، فتحي العابد، د - شاكر الحوكي ، د. أحمد محمد سليمان، إياد محمود حسين ، أحمد ملحم، سامح لطف الله، خالد الجاف ، كريم فارق، عبد الرزاق قيراط ، سامر أبو رمان ، عبد الله الفقير، علي عبد العال، حسن الطرابلسي، محمد أحمد عزوز، وائل بنجدو، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، ضحى عبد الرحمن، كريم السليتي، د- هاني ابوالفتوح، د - المنجي الكعبي، منجي باكير، أحمد النعيمي، مصطفي زهران، د - صالح المازقي، عواطف منصور، د. عادل محمد عايش الأسطل، سلوى المغربي، د- محمد رحال، د. كاظم عبد الحسين عباس ، عراق المطيري، نادية سعد، صالح النعامي ، محمود طرشوبي، صلاح الحريري، رافع القارصي، حميدة الطيلوش، محمود فاروق سيد شعبان، صفاء العربي، سيد السباعي، العادل السمعلي، جاسم الرصيف، د- جابر قميحة، د.محمد فتحي عبد العال، محمد العيادي، د - الضاوي خوالدية، عمار غيلوفي، رشيد السيد أحمد، سعود السبعاني، محمد الطرابلسي، صباح الموسوي ، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د- محمود علي عريقات، أنس الشابي، علي الكاش، يزيد بن الحسين، أشرف إبراهيم حجاج، محمد يحي، فهمي شراب، أبو سمية، سليمان أحمد أبو ستة، أحمد بوادي، حاتم الصولي، عزيز العرباوي، محمد اسعد بيوض التميمي، إسراء أبو رمان، رضا الدبّابي، ياسين أحمد، مراد قميزة، ماهر عدنان قنديل، د. أحمد بشير، محمد الياسين، مصطفى منيغ، د - مصطفى فهمي، تونسي، أحمد الحباسي، عبد الغني مزوز، محمود سلطان، إيمى الأشقر، مجدى داود، الهادي المثلوثي، رافد العزاوي، يحيي البوليني، محرر "بوابتي"، الناصر الرقيق، د - محمد بن موسى الشريف ، فوزي مسعود ، د. خالد الطراولي ، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د. ضرغام عبد الله الدباغ، صلاح المختار، محمد شمام ، د. طارق عبد الحليم، حسني إبراهيم عبد العظيم،
أحدث الردود
مقال ممتاز...>>

لغويا يجب استعمال لفظ اوثان لتوصيف مانحن بصدده لان الوثن ماعبد من غير المادة، لكني استعمل اصنام عوضها لانها اقرب للاذهان، وهذا في كل مقالاتي التي تتنا...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

واضح أن الكاتب يعاني من رؤية ضبابية، وهو بعيدٌ عن الموضوعية التي يزعم أنه يهتدي بها..
نعم، وضعت الأنظمة القومية قضية تحرير فلسطين في قائمة جدول...>>


الأولى أن توجه الشتائم التي قدمتها لما يُسمى بالمعارضة الذين هم في الحقيقة تجار الوطن والشرف.. ارتموا كبائعات الهوى في حضر التركي والأمريكي والقطري وا...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضات من طرفه أومن طرف "بوابتي"

كل من له ملاحظة حول مقالة, بإمكانه الإتصال بنا, ونحن ندرس كل الأراء