البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبمقالات رأي وبحوثالاتصال بنا
 
 
   
 
 
 
 
تصفح باقي إدراجات محرر بوابتي
مقالات محرر بوابتي

دعاة العلمانية والحداثة والوصاية على التونسيين

كاتب المقال فوزي مسعود    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 16531


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


أفزعت الثورة التونسية الكثير من الأطراف المحلية حملة رايات التبعية الفكرية للغرب وخاصة فرنسا، وهي العناصر التي طالما تحالفت مع النظام المخلوع، وهي التي كانت تمثل جناحه الفكري والثقافي، وهي التي كانت ولازالت متحالفة مع الغرب وممثلة لمصالحه بل ومدافعة عنها وخاصة مصالحه الثقافية والفكرية.

هذه الشراذم التي هي كشجر الزقوم الذي زرع بين التونسيين وفي أرضهم، يمثلون للأسف إحدى نجاحات مشروع الإلحاق الفكري الذي زرعته فرنسا بأرضنا، ورعاه ونظر له سيئ الذكر بورقيبة، واستغله الطاغية المخلوع حين أتخذ هؤلاء بطانة له لفرض مشروعه الاستبدادي، وهل كان دعاة التبعية إلا مستبدين يحبون الاستبداد وأهله، متسلطين على الناس بثقافتهم الهجينة.

ويمكن تمييز عنصرين يؤكدان نجاح مشروع التبعية الفكرية والثقافية ببلادنا للغرب وفرنسا تحديدا، و هما: أولا ان هذه العملية المتصلة طيلة عقود كانت من القوة والنجاعة بحيث أثمرت ونجحت لحد بعيد في زعزعة الخلفية الفكرية العربية الإسلامية لدى كثير من التونسيين، ثم ثانيا أن هذه النجاحات كانت من القوة بحيث أن ضحاياها وصلوا مرحلة الاستقلال عن المركز الذي هو الغرب، في إنتاج المواقف، بحيث أن تونس وصلت لمرحلة إنتاج عينات من المنبتين فكريا من الذين تجاوزوا مرحلة الدعوة للمفاهيم الفكرية الإلحاقية بالغرب في شكلها الخام، و انتقلوا لمرحلة التنظير لمواقفهم المتفرعة عن تلك الأسس من خلال محاولات عرجاء لتأصيلها بالبحث لها عن تأويلات في التراث الإسلامي.

و التبعية الفكرية أمر كبير، ولكن يمكن الإشارة إلى بعض تمظهراتها الفكرية والسياسية وهي العلمانية واللائكية والحداثة، فهذه مصطلحات أصبحت أوعية تحمل المفاهيم الفكرية والثقافية وتجارب الغرب لغرض زرعها بمختلف الأساليب بين التونسيين.

أما الذي أبانت عنه الثورة فهو قوة هؤلاء المنبتين فكريا، حدا جعلهم يستأنسون في أنفسهم الجرأة ليطرحوا أنفسهم منظمين لمسار الحراك الفكري بتونس بل ومقيّمين حتى للتراث الإسلامي وناقدين له.

دعاة التبعية والوصاية على التونسيين


لم يرضى دعاة الحداثة والعلمانية بأن يكونوا طرفا كمجمل الأطراف بتونس، يعرضون بضاعتهم بين الناس ويقبلون بما يرتضيه هؤلاء، ولكنهم نصبوا أنفسهم قيمين على سوق الأفكار والثقافة، ففكرهم وثقافتهم هما الأرقى والأفضل بزعمهم، فالعلمانية هي التي يجب ان تنظم حياة التونسيين، والحداثة يجب ان تكون هي موئل التونسيين.

ويصل التنطع بهؤلاء حد تصور أنهم مخولون بالتحكم في مصائر التونسيين، من خلال تنصيب أنفسهم أوصياء عليهم.

فهؤلاء يرون أن لهم الحق في تحديد الخطوط وألوانها التي يجب على التونسيين مراعاتها في تحركاتهم، فهم يحددون الخطوط الحمر التي لا يجب على التونسيين الوصول إليها، وهم يحددون الخطوط الخضراء التي يمكن للتونسيين المرور بها، ولعلها الخطوط البرتقالية تلك التي يجب الوصول إليها لكي يقع القبول بك في منظومة الحداثة، علما أن الحداثة لدى دعاة التبعية هي كبيرة الآلهة وصنمهم العتيد أين منه أصنام العرب القدماء.

ينصب دعاة التبعية هؤلاء أنفسهم أوصياء على البلاد من دون إذن أي من التونسيين، وهل يستحق الموصى به إذنا لدى هؤلاء، مايهم لديهم هو الإذن من الجهات المانحة الغربية، ومراكز البحث الأجنبية والأطراف التي تقف معها في نفس درجات الإنبات وإن كانت عربية.

يسمح هؤلاء لأنفسهم أن يوزعوا صكوك القبول والرفض على التونسيين ويسعون لجعل مواقفهم تلك هي المعتمدة دون سواها، أسوة بالدول الغربية حين تتصرف بمنهج استعماري مع باقي دول العالم، فتقبل تلك الدولة وترفض الأخرى، ومن شابه أباه فما ظلم، فدعاة التبعية الفكرية بتونس أيضا، يريدون أن يجعلوا مواقفهم الفكرية العرجاء القوانين المسيرة لتونس، فهم يريدون منظومة فكرية وثقافية تلغي الأبعاد العربية الإسلامية إلا في بعض جوانبها المبتسرة الفلكلورية، وهو يلحون أن تكون هذه المنظومة منسوخة بأشكال معينة من تلك الغربية.

ودعاة التبعية هؤلاء ينصبون أنفسهم أوصياء على التونسيين في العمل السياسي، يعطونهم التوصيات الواجبة إتباعها لقبولهم في الساحة السياسية، فهذا احدهم يقول في ما معناه أن على حركة النهضة التقيد بمبادئ الحداثة لكي يقع قبولها.

ودعاة التبعية هؤلاء ينصبون أنفسهم أوصياء على التونسيين في العمل الإعلامي، فهذه إحداهن تقول في ما معناه أن على الإسلاميين أن لايذكروا بعض مصطلحاتهم علنا ويجب عليهم تغييرها، وعليهم أن يتخلوا على بعض أدبياتهم لكي يقع القبول بهم.

ودعاة التبعية هؤلاء ينصبون أنفسهم أوصياء على التونسيين في أمور الإسلام وفهمه، فهذه إحداهن تقول في ما معناه أن الإسلام لا يجب أن يتدخل في تنظيم أمور الناس ويجب على القوانين الضابطة وعلى رأسها الدستور أن تكون علمانية بحيث لا يكون هناك تأثير للإسلام عليها.

واجب التونسيين نحو دعاة التبعية الفكرية


لدعاة التبعية أن يعتقدوا أن الفكر الغربي الذي يحملون راياته هو الأفضل، ولكنهم لا يجب ان يعتقدوا أن التونسيين يشاطرونهم ذلك الرأي، فعموم التونسيين يرون مواقفهم تلك مجرد دلالات على مراحل متقدمة من الإلحاق الثقافي والاستلاب الذهني.

لهؤلاء أن يؤمنوا بعلوية الفكر والثقافة الغربية وأفضليتهما على مثيلتهما العربية الإسلامية، ولكنهم يجب أن يعرفوا أن عموم التونسيين لايرون مثل ذلك الرأي، فالتونسيون معتزون بدينهم لايرتضون غيره منظما لحياتهم، وعموم التونسيين معتزون بلغتهم العربية لايزالون متشبثين بها رغم عقود الاستهداف.

وإذا كان دعاة التبعية مصابون بنوع من تضخم الذات الفكرية والثقافية، يتصورون أنهم بما يحملون هم المركز، فإن من حق التونسيين بل من واجبهم أن يوضحوا لهؤلاء ان تحركاتهم لاتناسب أحجامهم، من واجب التونسيين أن يوضحوا لهؤلاء أن الفكر والثقافة التي يحملونها لا تكاد تساوي شيئا لدى المسلم، وان أمرهم والهباء سواء.

من واجب التونسيين أن يوضحوا لهؤلاء أن العلمانية هي اجتهاد بشري يلغي علوية الإسلام ومرجعيته الضابطة لكل مناحي المجتمع، وهي بهذا المعنى حرب على الإسلام، والمنادون بها محاربون للإسلام.

من واجب التونسيين أن يوضحوا أن قيم الحداثة هي تشاريع بشرية تكرس في أغلبها الانحرافات وتقننها، وهي بهذا المعنى نقض للإسلام ومحاربة له، والمنادون بها محاربون للإسلام.

من واجب التونسيين أن يبينوا لهؤلاء حقيقتهم وأنهم مجرد أعوان الاستعمار وأدواته، يشتغلون على الجانب الفكري والثقافي، وأنهم حقيقة ابعد مايكونون عن دور رجال الفكر والثقافة كما يروجون لأنفسهم.



 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، علمانية، الحداثة، لائكية، الغرب، حرب فكرية، حرب ثقافية، حرب أفكار، العلمانية،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 8-03-2011  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك
شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
الردود على المقال أعلاه مرتبة نزولا حسب ظهورها  articles d'actualités en tunisie et au monde
أي رد لا يمثل إلا رأي قائله, ولا يلزم موقع بوابتي في شيئ
 

  9-03-2011 / 14:54:40   وسيم
النفاق بعينه

تعليقي على آخر جملة من مقالكم "وأنهم حقيقة ابعد مايكونون عن دور رجال الفكر والثقافة كما يروجون لأنفسهم" :
هم كما قلت أبعد ما يكونون عن رجال الفكر والثقافة، بل هم امساخ لا هوية لهم ، رجل الفكر يجب أن تكون له هوية ينطلق منها وينشط في اطارها لينتج إبداعاً ينضاف إلى التراث الإنساني،
فلن تجد مسيحياً ينكر ثقافة ابائه ( مع ما لنا من مؤاخذات عليها) ويبحث عن إطار إسلامي لينشط فيه! ولا ملحداً يبحث عن دين لينشط في كنفه.

الغريب، أنه عندما يسأل شراذم "مثقفينا" ومن ورائهم أفراد من شبابنا المغرر بهم عن هويتهم، يدعون أنها عربية إسلامية! حاشى العرب والاسلام منها!

انهم يدعون الإنتماء إلى هوية يعملون على تفكيكها وتحطيمها! أليس هذا النفاق بعينه؟
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
مجدى داود، إيمى الأشقر، نادية سعد، د- جابر قميحة، محمود فاروق سيد شعبان، محمد الياسين، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، عزيز العرباوي، علي عبد العال، فتحي العابد، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، صفاء العربي، رشيد السيد أحمد، د. طارق عبد الحليم، الناصر الرقيق، فتحـي قاره بيبـان، رمضان حينوني، ياسين أحمد، د. أحمد بشير، صباح الموسوي ، تونسي، سفيان عبد الكافي، عمار غيلوفي، ضحى عبد الرحمن، أحمد الحباسي، د- محمود علي عريقات، أشرف إبراهيم حجاج، يزيد بن الحسين، سعود السبعاني، محمد عمر غرس الله، أحمد بن عبد المحسن العساف ، عبد الله الفقير، د - شاكر الحوكي ، حسن عثمان، د - محمد بن موسى الشريف ، علي الكاش، د. مصطفى يوسف اللداوي، د - صالح المازقي، يحيي البوليني، محمود سلطان، د - مصطفى فهمي، أحمد بوادي، رحاب اسعد بيوض التميمي، ماهر عدنان قنديل، خالد الجاف ، محرر "بوابتي"، أ.د. مصطفى رجب، د. كاظم عبد الحسين عباس ، سامح لطف الله، إياد محمود حسين ، حسني إبراهيم عبد العظيم، المولدي الفرجاني، محمد أحمد عزوز، الهادي المثلوثي، حسن الطرابلسي، مراد قميزة، د.محمد فتحي عبد العال، كريم السليتي، د. صلاح عودة الله ، محمد اسعد بيوض التميمي، جاسم الرصيف، إسراء أبو رمان، سلام الشماع، رافد العزاوي، أحمد النعيمي، محمد العيادي، د. خالد الطراولي ، وائل بنجدو، عبد الله زيدان، د - الضاوي خوالدية، محمود طرشوبي، كريم فارق، محمد الطرابلسي، محمد يحي، فهمي شراب، د. أحمد محمد سليمان، منجي باكير، د. عبد الآله المالكي، صلاح الحريري، سلوى المغربي، عراق المطيري، صالح النعامي ، د- محمد رحال، د - عادل رضا، سليمان أحمد أبو ستة، حميدة الطيلوش، أنس الشابي، سيد السباعي، عمر غازي، خبَّاب بن مروان الحمد، عبد الغني مزوز، حاتم الصولي، الهيثم زعفان، عبد الرزاق قيراط ، د. عادل محمد عايش الأسطل، د. ضرغام عبد الله الدباغ، محمد شمام ، رافع القارصي، مصطفي زهران، صفاء العراقي، طلال قسومي، رضا الدبّابي، العادل السمعلي، أحمد ملحم، د - المنجي الكعبي، د- هاني ابوالفتوح، د - محمد بنيعيش، فوزي مسعود ، عواطف منصور، سامر أبو رمان ، مصطفى منيغ، أبو سمية، صلاح المختار، فتحي الزغل،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضات من طرفه أومن طرف "بوابتي"

كل من له ملاحظة حول مقالة, بإمكانه الإتصال بنا, ونحن ندرس كل الأراء