البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

التنظيم ...عندما يجفف ابداع الأتباع

كاتب المقال صالح النعامي    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 7747


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


يجزم فريق من علماء النفس برئاسة برتارد مويس أن أفضل طريقة لتربية الأطفال هي عرض الأفكار المتناقضة أمامهم، ‏وتدريب عقولهم على استيعاب مسافات الفروق، لتوعيتهم في سن مبكرة بأهمية التعددية والتعايش معها. فالتعايش مع الرأي ‏الآخر، ومنحه الشرعية للتعبير عن ذاته هو من مظاهر الصحة في المجتمعات والشعوب والأحزاب والتنظيمات. فوجود ‏المعارضة يعني أن هناك ثمة وجود للعقل والإستقلالية، لأنها توحي بأن هناك ثمة تقصير يتوجب إصلاحه، ولا يكون هذا ‏إلا من خلال الإعتراض وإبداء الرأي الآخر، فالعصمة ليست إلا للإنبياء. والصدع بالرأي ضرورة وفرض حتى عندما ‏يكون ثمنه غالياً. فالقرآن امتدح ليس فقط الذين يجاهرون بالرأي الآخر، بل وبأولئك الذين يدافعون عن حق الآخرين في ‏ذلك. فسورة " غافر " تحدثنا عن ذلك الرجل الذي كان يكتم إيمانه، لكنه لم يصمت عندما رأى قومه يوشكون على قتل نبيه ‏لمجرد أنه قال ربي الله، فقال " أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله ". وهذا يعني أن المعارضة هي لب الصحة السياسية وهي ‏مفيدة للحاكم قبل المحكوم وللقائد قبل المقود. فهي جرعة التوازن وملح الطعام وفرامل السيارة الاجتماعية. فالمعارضة ‏تعني عمل العقل والاستقلالية. وأنها نوع من الإقرار الخفي أن هناك ثغرة في الأوضاع قصر فيها المسؤولون ولذا كانت ‏المعارضة وابداء الرأي. وعندما تغيب المعارضة لا يجد الزعيم والقائد إلا المنافقين المتملقين الذين يسبحون بحده، فيسقطه ‏الشعور بأنه خير من وطأت أقدامهم البرية وأن جبلتهم مصنوعة من طينة اخرى غير طينة البشر. ففي المجتمعات الفاسدة ‏يوحي المنافقون إلى الزعيم زخرف القول غرورا وأن الأمور في أحسن أحوالها، وأن كل شيء تحت السيطرة؛ فلا ‏يسجلون إلا الانتصارات ولا يظهرون إلا عظمة القائد الذي لايخطيء.‏

‏ فالأتباع هم الذين يصنعون الطواغيت، وكما تقول مدرسة علم النفس السلوكي: كلما اظهر الاتباع المزيد من الخضوع، فأن ‏ذلك يعزز مشاعر السيطرة لدى القادة. وفقط المجتمعات الخرساء هي التي تمنح الصوت لفم واحد فلا يتكلم إلا فرد واحد. ‏

لكن حتى يتم التسليم بشرعية الرأي الآخر، فأن ثمة جهد يتوجب أن يبذل، فالذين يتشبثون بالأمر الواقع لا تحركهم فقط ‏قناعاتهم به، بل، في كثير من الأحيان مصالحهم التي يرون أنها لا تتحقق إلا ببقاء هذا الواقع وديمومته. وهذا يفسر مشقة ‏المهمة التي قام بها الانبياء في التغيير الاجتماعي لأنهم دعوا الى تغيير قضايا تمس أهم الأمور حيوية في حياة الناس ‏تتطلب سحب امتيازات منهم.‏

لكن المشكلة الكبرى أن تنظيماتنا وقوانا الحزبية والسياسية لا تقبل بشرعية الرأي الآخر، رغم تشدقها بشعارات الدفاع عن ‏الديموقراطية، ومن بين هذه القوى الحركات الإسلامية. ومع أن هذه ظاهرة تميز جميع القوى السياسية والفكرية العاملة في ‏العالم العربي، إلا أن الحديث عن مظاهرها لدى الإسلاميين يكتسب أهمية خاصة، ليس لأنهم أكثر انغلاقاً من غيرهم في ‏تقبل الرأي الآخر، فالجميع متساوون في قمع " الآخر " بغض النظر عن هويته، لكن لكون الحركات الإسلامية هي حاضنة ‏القطاعات الجماهيرية الأوسع في فلسطين والعالم العربي، وبالتالي فأن قيادات الحركات الإسلامية يتوجب أن تكون الأكثر ‏انفتاحاً على الرأي الآخر. من هنا تتجلى ضرورة التخلص من هذا المرض العضال.‏

فالبيئة التي تسمح بالرأي الآخر، هي حاضنة الإبداع، وعندما تتقلص القدرات الإبداعية تسقط حتى الأمبرطوريات ‏العظيمة، فالاتحاد السوفياتي سقط بفعل "قصور الطاقة الإبداعية" أكثر من الهجوم الخارجي، مع أنه في قدرته تدمير الكون ‏مرات.‏

وفي ظل بيئة الرأي الواحد يعجز المرء عن تمييز الأشياء مهما كانت بسيطة. يروي أبن خلدون في مقدمته أن وزيراً اعتقله ‏سلطانه ومكث في السجن سنين ربى فيها ابنه، وفي في ذلك السجن كان يقاسمهما فيه فأر، فلما كبر الطفل و أدرك وعقل ‏سأل عن مصدر اللحم الذي يتناوله في وجبات الطعام، فقال له أبوه هذا لحم الغنم فقال وما الغنم؟ فيصفها له أبوه بنعوتها ‏فيقول: ياأبت تراها مثل الفأر!‏


 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 01-01-2008  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  "الحسيدية" اليهودية و "اجتهاداتها الفقهية"
  رئيس الموساد السابق: نضرب حماس لتعزيز عباس
  في إسرائيل........ يستعدون للفرار
  مفكر إسرائيلي: فصل الدين عن الدولة يصفي الصهيونية
  إكراه ديني في الجيش الإسرائيلي
  جنود الاحتلال بصقوا في الطعام قبل إدخاله للفلسطينيين
  الردع الإسرائيلي: سم مزدوج الفاعلية
  أبحاث الإسرائيليين تسبق صواريخهم
  هكذا عرى ليبرمان معسكر " الاعتدال " العربي !!
  شاس: كسب الانتخابات بالشعوذة
  نحو بلورة عقيدة أمنية فلسطينية جديدة بعد الحرب على غزة
  كاتب إسرائيلي: هكذا نعيد الإعتبار لهتلر
  فلسطينية تحت القصف تودع أهلها الوداع الأخير
  هكذا أباد الجيش الإسرائيلي عائلات فلسطينية بأكملها !!
  الحرب النفسية مركب هام في حملة إسرائيل على حركة حماس
  شهادات إسرائيلية على تواطؤ العرب في مجزرة غزة
  معلقون صهاينة يتوقعون الفشل رغم موقف القاهرة
  هكذا تستعد الفاشية لتولي الحكم في إسرائيل
  إسرائيل تسعى لضمان " شرعية " عربية لضرب حماس
  أبو الغيط:عندما يساعد ليفني في تبرير ذبح غزة
  العلاج مقابل...... العمالة !!!
  هكذا يطارد الموت الفلسطينيين في غزة
  السمات الفاشية للنظام التربوي الإسرائيلي
  بحث اسرائيلي هام: مناهجنا تعيق التسوية مع العرب
  ما تذكره "رابعة" عن شارون ودجان
  حاخامات يبتزون بعضهم......... " جنسياً "
  إسرائيل في عيون العرب، مخاطر التهويل والتهوين
  هكذا تكافئ أوروبا إسرائيل على جرائمها
  رؤوس الإجرام: "تسيفي ليفني"، بنت "إيتان" الرهيب
  50% من ضباط الجيش الإسرائيلي متدينون

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
خالد الجاف ، أحمد الحباسي، د - شاكر الحوكي ، صالح النعامي ، أحمد النعيمي، صلاح المختار، عمر غازي، د. طارق عبد الحليم، مجدى داود، د. عبد الآله المالكي، عبد الله الفقير، د- محمود علي عريقات، د. عادل محمد عايش الأسطل، العادل السمعلي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، حاتم الصولي، إيمى الأشقر، فتحـي قاره بيبـان، مصطفى منيغ، عزيز العرباوي، مصطفي زهران، محمد يحي، د. مصطفى يوسف اللداوي، فتحي العابد، عواطف منصور، نادية سعد، سامح لطف الله، أنس الشابي، منجي باكير، د. كاظم عبد الحسين عباس ، وائل بنجدو، رحاب اسعد بيوض التميمي، د. خالد الطراولي ، فهمي شراب، علي عبد العال، عبد الله زيدان، تونسي، رافد العزاوي، سيد السباعي، د - محمد بنيعيش، رافع القارصي، صلاح الحريري، حسن عثمان، أ.د. مصطفى رجب، د. صلاح عودة الله ، عبد الرزاق قيراط ، سليمان أحمد أبو ستة، د.محمد فتحي عبد العال، محمد أحمد عزوز، محمد شمام ، كريم السليتي، د - عادل رضا، صفاء العراقي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، فوزي مسعود ، إسراء أبو رمان، د- هاني ابوالفتوح، د - المنجي الكعبي، سلام الشماع، مراد قميزة، د- جابر قميحة، رشيد السيد أحمد، محمود طرشوبي، محمود سلطان، محمود فاروق سيد شعبان، أبو سمية، حسن الطرابلسي، حميدة الطيلوش، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، سامر أبو رمان ، محمد اسعد بيوض التميمي، د - مصطفى فهمي، كريم فارق، د- محمد رحال، فتحي الزغل، أحمد ملحم، د. أحمد محمد سليمان، ضحى عبد الرحمن، سلوى المغربي، د. أحمد بشير، د - الضاوي خوالدية، الهادي المثلوثي، ياسين أحمد، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، محمد الطرابلسي، عبد الغني مزوز، علي الكاش، عراق المطيري، ماهر عدنان قنديل، يحيي البوليني، يزيد بن الحسين، صفاء العربي، طلال قسومي، أحمد بوادي، خبَّاب بن مروان الحمد، محمد عمر غرس الله، أشرف إبراهيم حجاج، عمار غيلوفي، رضا الدبّابي، الناصر الرقيق، محمد الياسين، المولدي الفرجاني، حسني إبراهيم عبد العظيم، صباح الموسوي ، رمضان حينوني، د - محمد بن موسى الشريف ، محرر "بوابتي"، جاسم الرصيف، محمد العيادي، سفيان عبد الكافي، د - صالح المازقي، الهيثم زعفان، سعود السبعاني، إياد محمود حسين ،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة