البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

أين اللؤلؤ؟

كاتب المقال سلام الشماع - البحرين    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 7976 Salam_alshamaa@yahoo.com


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


رسخ في ذهني منذ الطفولة أن اللؤلؤ بمنزلة الذهب والمعادن الثمينة والأحجار الكريمة التي لا يمتلكها الفقراء..

كانت جدتي رحمها الله تسميه (الليلو)، وكذا العراقيون جميعا، وهذه التسمية عمرها أكثر من خمسة آلاف سنة في العراق، وعندما كانت تصف جمال أسنان بنت تقول إن (سنونها جنها ليلو)، أي كأنها لؤلؤ، وروت لي أنني لم أسلم الطفح الجلدي الذي يظهر على وجوه الأطفال وأجسامهم إلا بتعليق قلادة ليلو، تمت استعارتها من عائلة ميسورة، في رقبتي لأيام.. كانوا يطببون الطفح الجلدي بهذه الطريقة التي توارثوها عن أجدادهم منذ أكثر من خمسة آلاف عام أيضاً.

والعراقيون كانوا يوصون الذاهب إلى البحرين أو القادم منها أن يجلب لهم من اللؤلؤ شيئاً، فإن الذاهب إلى ساحل اللؤلؤ، كما كان يسمى الخليج العربي، أو الآيب منه لابد أن يستطيع جلب هذا الشيء الثمين معه.

لا أريد أن أتحدث لكم عن عملية الغوص وأقدم لكم معلومات عن اللؤلؤ وأنواعه لاني سأكون كمن يبيع الماء في حارة السقائين او من ينقل تمرا الى هجر او البصرة، ولكني سأتحدث عن بغداد والعراق ككل وماذا يعني لديهم اللؤلؤ.

وعندما أقول أن علاقة أهل العراق باللؤلؤ تمتد إلى خمسة آلاف سنة فإنما استند في ذلك إلى العلاقة التاريخية التي ربطت حضارات وادي الرافدين بحضارة دلمون، وإلى ما يعتقده الباحثون المعاصرون من أن أول ذكر لرحلة الغوص كان ما ورد في ملحمة جلجامش عن زهرة الخلود، وأن المقصود بهذه الزهرة هو اللؤلؤ، مستدلين على ذلك بوصف طريقة الحصول على الزهرة من قاع البحر، وامتداد جذورها في أرضه وإن الباحث عن هذه الزهرة يستعين بحجر ثقيل لإيصاله إلى القاع... وإلى آخر ما ذهبت إليه الأسطورة..
وتدل آثار الآشوريين على احتفائهم باللؤلؤ الذي اطلقوا عليه اسم (عيون السمك)، وقد تكلم المؤرخ (بلينى) على (تايلوس) وكيف أنها كانت تشتهر باللؤلؤ.

وعلق اللؤلؤ في ذهني من الحكايات التي كانت ترويها لنا جدتي أيام الشتاء ونحن نتحلق حول الموقد الذي يقينا من البرد، ومن تلك الحكايات حكاية رجل جائع ليس في جيبه من نقود يستطيع شراء الطعام بها، عثر على كيس حرير وجد في داخله عقداً ثمينا من اللؤلؤ وحدث نفسه أن يبيعه ليشتري الطعام ولكنه وجد شيخاً في السوق ينادي: من وجد كيسا صفته كذا وكذا له ( 500 ) دينار من الذهب، فأعطى الشيخ الكيس ولم يأخذ المكافأة لأنه جعلها على الله، وبعد مدة سافر الرجل في البحر وغرقت السفينة ومات جميع من فيها إلا هو فقد تعلق بقطعة منها أوصلته إلى اليابسة حتى قذف به البحر إلى جزيرة فيها أميّون لا يقرأون ولا يكتبون، فجلس في مسجدهم وعلمهم القراءة والكتابة وطلبوا منه الزواج من فتاة يتيمة ثرية لكي يستقر في قريتهم، وعندما رآى الفتاة وجد عقد اللؤلؤ عندها وكان أبوها الشيخ قد توفي وأخبر أهل القرية بقصة العقد ثم أنجبت له المرأة ولدين ماتت وماتا وآل العقد إليه وباعه بمائة ألف دينار.

وقصص أخرى مثل هذه كانت تلهب خيالنا الطفل، لكننا كنا نسمع من كبار السن أيضاً أن اللؤلؤ يستطب به من بعض الأمراض ويستعمل في علاج الامراض الجلدية لميسوري الحال فلمسحوق اللؤلؤ مع بعض المستخلصات الحيوانية والنباتية قابلية شفائية للصدفية والاكزيما والامراض الجلدية المستعصية، ويستعمل مسحوقه ايضا في تراكيب لبعض امراض القلب او لتصفية الدم من السموم السحرية كما يستعمل في تراكيب تجميلية لازالة الاثار المستعصية الازالة في الجلد عامة وفي الوجه وفي عملية السنفرة وتبييض البشرة واعادة الشباب وازالة التجاعيد.

والمعروف المالوف لدى كبيرات السن ان ينصحن الامهات الحديثات الولادة بتعليق قطعة حلي تحوي اللؤلؤ على كتف الطفل الوليد في اول ايامه لتفادي الطفح الجلدي او الشري الذي يصيبه نتيجة تغير المحيط البيئي للطفل.
وقد ورد اسما اللؤلؤ والمرجان مقترنين في القران لانهما بحريان ويستخرجان بالطريقة والجهد نفسهما فهما مكنونان ووصف القائمون في خدمة الجنان كانهم اللؤلؤ المكنون مايدل على التباهي ببديع خلقه وعظيم صنعه.

نافست العقود المصنوعة من اللؤلؤ العقود المصنوعة من الألماس، فقد كان اللؤلؤ من مقتنيات أصحاب الثروات وأصحاب السلطان، وظل محافظا على مكانته إلى منتصف القرن الماضي، إذ طورت اليابان صناعة اللؤلؤ وجعلت زراعته بكميات كبيرة أمرا ممكنا في مزارع خاصة، وكانت النتيجة انخفاض قيمة اللؤلؤ كحجر نادر، وتحوله إلى احجار متوفرة للجميع وبأسعار متباينة حسب نوعيتها، وسرعان ما أصبح العقد الذي كان يساوي عشرة آلاف دولار يباع مثيله من لؤلؤ مزارع اليابان بمبلغ لا يزيد على مائة دولار، ومع هذه التطورات كلها ظل اللؤلؤ ثمينا في نظر الكاتب الساخر شلش العراقي الذي خاطب قيادتي حزبي الطالباني والبرزاني، قبل أيام، بعد أن ذكر لهم المثل: (اتريد لؤلؤ؟ أغطس في البحر)، بقوله: (كركوك أغلى من اللؤلؤ بس لو تغطسون بالمحيط ما تصير كردية).

وقد صدق شلش لأن كركوك ليست كردية ولا عربية ولا تركمانية.. إنها مدينة عراقية فيها ألوان العراق كلها.
وكان من سوء حظي أن يتحقق حلمي أخيرا بزيارة البحرين، بل والإقامة فيها ولكن بعد أن انهزم اللؤلؤ أمام التكنولوجيا الحديثة وانسحبت بقايا قواته لتستقر في المتاحف.

----------
نشر من قبل بجريدة البلاد البحرينية



 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

العراق، البحرين، اللؤلؤ، أطفال، ذكريات،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 7-10-2009  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
حميدة الطيلوش، أبو سمية، أشرف إبراهيم حجاج، د - مصطفى فهمي، د- محمد رحال، عراق المطيري، أحمد الحباسي، محمد اسعد بيوض التميمي، عبد الله الفقير، محمد عمر غرس الله، علي عبد العال، كريم فارق، أحمد بن عبد المحسن العساف ، علي الكاش، خالد الجاف ، محمود فاروق سيد شعبان، رمضان حينوني، سلام الشماع، محمد الياسين، الهادي المثلوثي، العادل السمعلي، عواطف منصور، د- هاني ابوالفتوح، فتحي الزغل، رافع القارصي، د. خالد الطراولي ، حسني إبراهيم عبد العظيم، سلوى المغربي، د - صالح المازقي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د. عبد الآله المالكي، فتحـي قاره بيبـان، ياسين أحمد، حسن عثمان، إسراء أبو رمان، مصطفي زهران، أحمد بوادي، صلاح المختار، سامر أبو رمان ، محمد شمام ، سليمان أحمد أبو ستة، رشيد السيد أحمد، إياد محمود حسين ، فوزي مسعود ، رضا الدبّابي، ضحى عبد الرحمن، د - محمد بنيعيش، محمد الطرابلسي، د. أحمد بشير، سامح لطف الله، منجي باكير، د. أحمد محمد سليمان، تونسي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، عبد الرزاق قيراط ، د- محمود علي عريقات، رافد العزاوي، وائل بنجدو، مصطفى منيغ، صالح النعامي ، محمود طرشوبي، رحاب اسعد بيوض التميمي، حسن الطرابلسي، صباح الموسوي ، د. مصطفى يوسف اللداوي، سفيان عبد الكافي، د.محمد فتحي عبد العال، ماهر عدنان قنديل، محمد يحي، د - الضاوي خوالدية، أحمد النعيمي، أحمد ملحم، الناصر الرقيق، د - عادل رضا، يزيد بن الحسين، إيمى الأشقر، نادية سعد، حاتم الصولي، المولدي الفرجاني، يحيي البوليني، صفاء العربي، د - شاكر الحوكي ، خبَّاب بن مروان الحمد، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، سيد السباعي، أ.د. مصطفى رجب، د. عادل محمد عايش الأسطل، الهيثم زعفان، صلاح الحريري، محمود سلطان، محمد العيادي، د. طارق عبد الحليم، د- جابر قميحة، مجدى داود، فهمي شراب، محمد أحمد عزوز، طلال قسومي، سعود السبعاني، مراد قميزة، جاسم الرصيف، فتحي العابد، عزيز العرباوي، د - محمد بن موسى الشريف ، د. صلاح عودة الله ، عمر غازي، د - المنجي الكعبي، محرر "بوابتي"، عبد الغني مزوز، عمار غيلوفي، صفاء العراقي، كريم السليتي، عبد الله زيدان، أنس الشابي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة