ولدت حركة تحرير المرأة ونشأت وترعرعت في مصر وذلك بعد أن قدم من أوفدهم محمد علي باشا إلى فرنسا لاكتساب الخبرات الفنية والصناعية فبعد أن عاد هؤلاء وقد تشعبت أفكارهم بالحياة الفرنسية واغتروا بها جاءوا ليقطفوا الحياة الفرنسية على المجتمع المصري، وكان واعظ البعث رفاعة الطهطهاوي [1].
أكثر من نشر مبادئه وأفكاره المشبعة بالوحل الفرنسي نشرها في مجتمعه الذي كان ينتظر منه الخبرات الفنية والزراعية والاقتصادية التي تساعد في تقدم البلاد، وبذلك يكون رفاعة الطهطهاوي هو أول من أثار قضية تحرير المرأة في مصر في القرن التاسع عشر.
ثم يأتي بعد ذلك قاسم أمين [2] الذي رد على الدوق داركير عندما اتهم المصريين.
وفي كتابه الذي رد به على داركير رفع من شأن الحجاب وتنقص من السافرات التي يتشبهن بالأوروبيات فجاش غيظ الأميرة نازلي [3] فهدأها محمد عبده وسعد زغلول وقربوا قاسم أمين إلى الأميرة نازلي فعفت عنه وتردد على صالونها واعتلت مكانته عندها ثم بعد ذلك نشر كتابه الذي دعا فيه إلى تحرير المرأة (ولا يمتاز قاسم أمين عن رفاعة الطهطهاوي إلا بأنه عقد صداقة مع أقطاب الماسونية المصرية ومن رواد صالون نازلي فاضل)[4].
وتوفي قاسم أمين بعد أن عدل عن رأيه عام 1906 وبين أنه كان على خطأ [5]. ولكن وحتى بعد وفاة قاسم أمين لم تهدأ الحركة.
وفي أعقاب الثورة التي حدثت سنة 1919م اتسع نطاق حركة تحرير المرأة في مصر وتسلمت قيادتها هدى شعراوي.
ثم بعد هدى شعراوي تأتي سيزا نبراوي [6] لتكون في مقدمة مستشارات هدى شعراوي. وإلى قيام الثورة عام 1919م كانت الدعوة إلى تحرير المرأة ضعيفة حتى أن بعض المتظاهرات كن يخرجن للمظاهرة وهن يرتدين البراقع.
وبعد انتهاء الثورة دعيت هدى شعراوي إلى حضور مؤتمر الاتحاد النسائي الدولي في روما عام 1922م، وكونت هدى شعراوي الاتحاد النسائي المصري عام 1923م..
ومن أهدافه:
1- القضاء على الحجاب الإسلامي.
2- إباحة الاختلاط للمرأة المسلمة بالأجانب عنها.
3- تقييد الطلاق ووجوب وقوعه أمام القاضي.
4- منع الزواج بأكثر من واحدة.
ثم في عام 1944م عقد المؤتمر النسائي العربي، فاستاءت الأوساط الإسلامية استياءً شديداً حتى إن ملك شرق الأردن أصدر منشوراً قال فيه: [وإني أعلنكم بأنني لا أتساهل مدة حياتي بما فيه الاعتداء على شرف الإنسانية وما جاء به الدين الحنيف، وإن اللاتي يخرجن متبرجات غير مستترات فإنهن قد عصين الله عمداً، ومن يعص الله عمداً فلا دين له، وقد قال الله - تعالى -: ((وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ)) فلا يحل لامرئ مؤمن أن تكون ربة بيته على هذا الطراز] إ. هـ[7].
ثم تكون عام 1945 م الحزب النسائي وهو حزب جديد له الأهداف نفسها ثم في عام 1949م تكون حزب بنت النيل برئاسة درية شفيق [8].
ومن أهدافه:
1- منح المرأة حق الانتخاب ودخول البرلمان.
2- إلغاء تعدد الزوجات والأخذ بالقوانين الأوروبية في الطلاق وتطبيقها في مصر.
وفي عام 1951م وبالتحديد في 19 فبراير خرجت مظاهرة من قاعدة ايوارث بالجامعة الأمريكية في القاهرة، وهذه المظاهرة تكونت من عشرات من الفتيات دخلن البرلمان وهن يهتفن بالمطالبة بالحقوق السياسية، ثم بعد أيام قامت مظاهرة أخرى لبضع عشرات من طالبات المدارس في مصر واتجهن إلى قصر عابدين في مصر وقدمن عريضة بمطالبهن.
واعترفت درية شفيق بأن وزيرة الشئون الاجتماعية في انجلترا (سمر سيكل) هي التي حرضتهن على هذا العمل. وانهالت رسائل التشجيع والترحيب من الدوائر الأجنبية فأبرقت رئيسة الاتحاد الدولي إلى رئيسة حزب بنت النيل ودعتها لحضور الجمعية العمومية للاتحاد.
وفي أثينا أرسلت رئيسة الاتحاد الدولي في الوقت نفسه إلى وكيلة الاتحاد المصري تطلب بياناً عن مظاهرة 19 فبراير ونتائجها والقرارات التي اتخذت بعدها.
وأبرقت جمعية سان جيس النسائية بانجلترا تهنئ الهيئات النسائية المصرية على كفاحها ويعلن عن تأييدها لها، وفي الوقت نفسه وصلت إلى مصر رئيسة الحقوق الاقتصادية بالاتحاد الدولي إلى مصر في 30 مارس 1951م لتتصل بالجمعيات النسائية وتقف على مدى نشاطها واتجاهاتها[9].
وهكذا حتى جاءت ثورة سنة 1952م (فتوسعت للدعوة إلى تحرير المرأة قاعدة التعليم المختلط فشملت المدارس الإعدادية والثانوية بعد أن كانت قاصرة على التعليم الجامعي).
وهكذا بذرت البذرة الأولى المسمومة في مصر الإسلامية، ثم حملت المصريات لواء هذه الدعوة ونشرتها في المجتمع المصري بكامله، ثم انتشرت الدعوة إلى التحرر إلى البلاد الإسلامية الأخرى، وساعد على انتشارها الوضع السائد في البلاد الإسلامية، ذلك الوضع السيء الذي تعيشه المرأة المسلمة نتيجة للتطبيق الخاطئ لتعاليم الإسلام والبعيدة كل البعد عن منهج الإسلام.
ثم نأخذ بلداً آخر غير مصر وهو الكويت:
تأسست في الكويت عام 1963م جمعية النهضة الأسرية برئاسة نوريه السداني وأخذت على عاتقها مع زميلتها الجمعية الثقافية النسائية برئاسة لولوه القطامي حركة تحرير المرأة الكويتية، وحاولت نورية السداني جاهدة لقيام يوم المرأة الكويتية، وبالفعل بعد صبر دام سبع سنوات تحقق لها ما تريد وأقيم يوم المرأة الكويتية عام 1969م.
وكان من نتائجه أن وجهت بعض النساء لنورية السداني السؤالين الآتيين:
* لماذا لم يطالب يوم المرأة الكويتية بالاختلاط.
* لماذا لم يطالب يوم المرأة الكويتية بالحقوق النسائية في السياسة من ناحية الانتخابات والترشيح.
وردت نورية السداني بما يلي:
قالت: قبل أن ابدأ بالإجابة أريد أن أبدي ملاحظتين:
الملاحظة الأولى: باعتقادي أن الاختلاط ليس مشكلة بنائية ولكنها مشكلة اجتماعية لأن المرأة الكويتية حينما تطالب بالاختلاط فالهدف من ذلك هو خدمة مجتمعها وتخليصه من العقد التي تسيطر على الشاب والفتاة في الحياة نتيجة عدم التقاء عنصري الوجود الرجل والمرأة وخصوصاً في المجالات العلمية الشريفة..وكذلك الاقتصاد بنفقات الجامعة وتحويل المصاريف الانعزالية هذه إلى خدمات اجتماعية بحاجة لهذه المصاريف..كل ذلك بحشمة وجدية تقتضيها أوضاعنا وعاداتنها العربية والإسلامية الأصيلة[10].
ثم ذكرت الملاحظة الثانية[11].
ثم تقول نورية السداني: (وقد فكرت كثيراً حول دوري المرتقب الذي أريد أن أقوم به فترة قصيرة من تاريخ الكويت حيث سأفجر وضعاً خاطئاً في الكويت هو وضع يعاني منه نصف سكان الكويت من الإناث).
وبالتالي عقد المؤتمر النسائي الأول في الكويت في 15 ديسمبر عام 1971م.
وحضرته مائة سيدة من مختلف الطبقات، وخرج المؤتمر بالتوصيات الآتية:
1- المطالبة بمساواة المرأة في جميع الميادين أسوةً بالرجل.
2- المطالبة بحق المرأة في ممارسة عملية الانتخاب غير المشروط.
2- المطالبة بضرورة انخراط المرأة في السلك الدبلوماسي.
4- الحد من تعدد الزوجات. وغيرها من المطالب [12].
ثم في عام 1974 وبالتحديد في 16/12/1974 م تكون الاتحاد النسائي الكويتي بعد الاتفاق بين جمعية النهضة الأسرية والجمعية الثقافية النسائية.
ثم في 16/12/1974 تكون الاتحاد النسائي الكويتي بعد الاتفاقية بين جمعية النهضة الأسرية والجمعية الثقافية النسائية.
ثم في 12/6/1976م انسحبت من الاتحاد الجمعية الثقافية النسائية وانحل الاتحاد.
ثم رفعت الوثيقة النسائية الكويتية إلى جابر الأحمد الصباح ولي العهد آنذاك في 2/7/1977م، وهذه الوثيقة وقع عليها ثلاثمائة وخمس وتسعون امرأة نستخلص مما سبق أن النساء اللاتي تولين قيادة المرأة الكويتية في ذلك الوقت كن يطالبن بما يلي:
* منع الطلاق بشتى الوسائل إلا إذا كانت هناك أسباب قاهرة ويكون الطلاق أمام القاضي وبأسباب يقتنع بها القاضي.
* الحد من تعدد الزوجات.
* منح المرأة فرص التعلم الممنوحة للرجال دون تميز.
* عدم حرمان الطالبات من التعليم في دول أخرى.
* تطبيق الاختلاط في جامعة الكويت.
* فتح المجال أمام المرأة في الكليات العسكرية وكليات الشرطة. وغير ذلك من المطالب [13].
واتخذت الحركة التحريرية للمرأة وسائل متعددة في العالم الإسلامي، مثل:
* التطبيق الحرفي لكلمة مساواة بين الرجل والمرأة دون النظر إلى الفرق بينهما.
* حث المرأة على الخروج للعمل وإشعارها بأن البيت للخادمات.
* القضاء على الحجاب الإسلامي.
* إباحة الاختلاط.
* ربط الحشمة بالتخلف الصناعي.
وللحركات أهداف عديدة منها:
* تفكيك الأسرة.
* تدمير المجتمع الإسلامي وإفساد أخلاقه.
* تحطيم الوازع الديني والروحي للمسلمين وقطع صلة المسلمين بربهم.
* إخراج المسلمة عن عقيدتها وخلقها وكرامتها.
* ربط المجتمع المسلم بالمجتمعات الكافرة يستقى من أفكارها وأخلاقها.
الإحالات:
____________
[1] هو الشيخ رفاعة رافع الطهطهاوي رافق البعثة المصرية في باريس بمثابة مواعظ البعثة أقام في باريس من 1826م 1831م.
[2] هو الشخصية الهامة في قضية تحرير المرأة حصل على إجازة الحقوق سنة 1884م وأخرج كتابه تحرير المرأة سنة 1889م توفي سنة 1906م.
[3] الأميرة نازلي داعية التحرر الأولى حفيدة إبراهيم باشا وزوجة الملك فؤاد وأم الملك فاروق ارتدت في آخر حياتها عن الإسلام.
[4] الأخوات المسلمات ص 245.
[5] الأخوات المسلمات ص 252.
[6] سيزا نبراوي امرآة تلقت تربيتها في فرنسا تجيد اللغة الفرنسية عادت من فرنسا عندما بلغت الثامنة عشرة، كانت متمردة متحسسة رفضت لبس البرقع وأصرت على لبس القبعة قامت بدور السكرتيرة الخاصة لهدى شعراوي.
[7] انظر المرأة ماذا بعد السقوط ص 35.
[8] درية شفيق سافرت وحدها إلى فرنسا للحصول على الدكتوراه.
[9] انظر الحركات النسائية وصلتها بالاستعمار لمحمد عطية خميس من 73 96.
[10] تاريخ المرأة الكويتية ج2 نورية السداني ص 568.
[11] تاريخ المرأة الكويتية ج2 نورية السداني ص 36 37.
[12] تاريخ المرأة الكويتية جـ 2 نورية السداني ص 348 349.
[13] المرأة ماذا بعد السقوط ص 46.