البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

تونس : قيس سعيد و القضاء، تفاهمات خفية

كاتب المقال أحمد الحباسى - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 3511


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


منذ فترة لم يعد الرئيس يتكلم عن القضاء و هذا الصمت لم يعد مفاجأة بالنسبة لكثير من المتابعين بل هناك من يجزم أن الرئيس بعد أن حقق أهدافه في سجن كل معارضيه بتحريض الجسم القضائي عليهم بسبب أو بدونه و في تجاوز صارخ للدستور و لمبدأ التفريق بين السلطات و لروح و أهداف ما يسمى " بالثورة " قد أبرم صلحا مع هذا الجسم يقضى ضمنيا بأن لا يواصل حملاته المشبوهة ضد القضاة فاسدين أو صالحين و أن لا يقوم بنقل بعضهم إلى أماكن وظيفية يمكن اعتبارها من باب العقوبات التأديبية الخفية و أن لا يفتح ملفات حارقة بإمكانها أن تقضى على مستقبل الكثير منهم ، في المقابل يتعهد أعضاء الجسم القضائي بفتح الأبحاث و التحقيقات اللازمة لإيقاف و إبقاء كافة من يرى الرئيس أنهم يشكلون خطرا على مستقبله السياسي قيد المحاكمة و بالذات ترشحه للانتخابات الرئاسية 2024 و لما لا تحوير الدستور تماما كما فعل الرئيس الراحل زين العابدين بن على بعد قبضه على السلطة سنة 1987 .

لقد صدق البعض رئيس الدولة حين صرح بأنه يعزو عيوب القضاء إلى تسلل السياسة إلى قصور العدالة كما صدّق هؤلاء الرئيس حين أظهر ذلك الموقف العدائي العلني الصريح يوم 25 جويلية 2021 المتزايد الحدة بمرور الوقت تجاه الجسم القضائي الذي أنهكه حكم حركة النهضة طيلة عشرية كاملة و كانت كل تصريحات سيادته ناقدة على وجه التحديد بطء العدالة و ما سماه في إحدى خطبه بدفن ملفات معينة معتبرا أن المجلس الأعلى للقضاء هو أحد الأطراف الأساسية و الفاعلة التي تسعى جاهدة لتفجير الدولة من الداخل . لقد صدّق البعض رئيس الدولة حين أثار مسألة " نوم " المئات من القضايا الحساسة في أدراج مكاتب السادة القضاة و رأوا في ذلك دفعة مهمة سيكون لها انعكاس ايجابي على مفهوم العدالة الناجزة المطلوبة و التي تقوم عليها دعامات الدولة الديمقراطية و لكن و مع الوقت تبيّن بما لا يدع مجالا للشك و الريبة أن الرئيس قد اكتفى بالكلام دون الفعل و أن هذا الموقف المرتبك و الغامض هو تعبير مفضوح على وجود حالة من التلعثم السياسي الذي ميّز السنوات الأولى لحكم الرجل و جعل الأسئلة الحائرة تتضاعف بمرور الوقت .

لا يختلف اثنان اليوم على التأكيد بأن الرئيس قيس سعيد قد جعل من مؤسسات الدولة مجرد أطلال و من الوزراء مجرد متفرجين صاغرين و من وزارة الداخلية مجرد أداة قوية ضد بعض الذين يحاولون الوقوف ضد مشروعه في الاستحواذ الكامل على كل السلطات و ما حصل لرئيسة الحزب الدستوري الحرّ السيدة عبير موسى أكبر و أوضح مثال على استعمال الرئيس للأداة البوليسية و القضائية للتخلص من كل من يحاول أو يظن نفسه مؤهلا لمنافسته بقوة في الانتخابات الرئاسية المقبلة . لم يعد بالإمكان اليوم الحديث عن وجود سلطات تنفيذية أو تشريعية أو قضائية بل على من سمّاه بعض المحللين مجرد " وظائف " و إذا سلطنا النظر بدقة في مضمون المرسوم عدد 35 لسنة 2022 فسيمكننا التنبّه أنه قد منح للرئيس امتيازا غير مسبوق منذ الاستقلال يعطيه القدرة على إعفاء القضاة بمجرد أمر رئاسي و عليه يمكن القول أن القاضي الذي تيقّن بعد سنّ هذا المرسوم أن مصيره بيد الرئيس سيكون قابلا بالضرورة و بالمنطق للضغوط و لما يأتي من تعليمات و أوامر .

لعل السيد الرئيس قد تذكر تلك المقولة الشهيرة " من ليس معي فهو ضدي " التي صرح به الرئيس جورج بوش الابن بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 و صاغها في شكل جديد لتصبح " من يبرأ الفاسدين ( حسب وجهة نظره طبعا ) فهو شريك لهم " بل لم يكتف بذلك فطبق المثل الشائع " اضرب القطوسة تتربى العروسة " مصدرا أمره العلي بإعفاء ما لا يقل عن 57 قاض من مهامهم دون محاكمة أو تنبيه و مسلطا على بعضهم حملة إعلامية و إشاعات تمس بشرفهم المهني دون الانتباه إلى ما سيلحق عائلاتهم من ضرر معنوي سيجعلهم عرضة للنميمة و هتك العرض و مزيد إشاعة مناخ من عدم الاطمئنان للمؤسسة القضائية برمتها . بطبيعة الحال لا يمكن الحديث عن ضرب القضاء دون الأخذ بعين الاعتبار ما يتعرض له العديد من الإعلاميين من محاولات ترهيب و محاكمات لان ذلك ليس خارجا عن سياق واحد و هو تسليط الضغوط على هذا القطاع حتى يتجنب التعرض إلى ما يحدث من محاولات السيد الرئيس الاستفراد بالسلطة و الضغط على القضاء و تطويعه .

ربما ظن السيد الرئيس أنه بتنفيذ انقلاب كامل و مفضوح على الدستور السابق و على مؤسسة المجلس الأعلى للقضاء السابق و على مجلس نواب الشعب السابق و على الهيئة العليا للانتخابات السابقة و على قانون الأحزاب السابق و على غيرهم من المؤسسات قد يضعه في طريق مفتوح نحو الحصول على فترة رئاسية ثانية في الانتخابات الرئاسية القادمة و ربما سيسعى الرجل في غمرة الغرور إلى تحوير نفس الدستور المشكوك في أمره من طرف العميدين أمين محفوظ و الصادق بلعيد و الذي وضعه بنفسه ليجعله قادرا على الطموح إلى ولاية رئاسية ثالثة و رابعة و مدى الحياة إن أمكن و لكن الثابت أن فشله الغير مسبوق في التخطيط لخطة اقتصادية طموحة و قابلة للتطبيق بإمكانها انتشال الوضع الاقتصادي من الكارثة و غلاء المعيشة و تعاظم مشكلة البطالة و إفلاس المؤسسات المشغلة إضافة إلى تكميم أفواه الغيورين على هذا الوطن سيؤدى إلى غليان شعبي بإمكانه الإطاحة بكل أحلام الرئيس و إسقاط كل منصات صواريخه الكرتونية .

---------------
أحمد الحباسى
كاتب و ناشط سياسي


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، قيس سعيد، انقلاب قيس، المعارضة،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 4-12-2023  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  آسيا العبيدى ، القاضية التي قالت لا
  أنظمة جبانة ، أنظمة بلا ضمير
  متى استعبدتم الناس و قد ولدتهم أمهاتهم أحرارا
  تونس : قيس سعيد و القضاء، تفاهمات خفية
  لماذا يتم التنكيل بعبير موسى ؟
  "ميزيريا" زرقاء
  التآمر على أمن الدولة، التهمة الأكثر إضحاكا في تونس
  إن عدتم عدنا، فها أنا عدّت
  تونس : رغيف عيش يا أولاد الحلال
  بلاغ للنائب العام
  هل باع حمة الهمامى دم الشهيد شكري بلعيد؟
  لبن، سمك، تمر هندي
  كيف أتقيّد بقواعد النشر ؟
  هل الشعب هو سبب البلاء ؟
  قيس سعيد، هذا " النظيف" الذي يتسخ كل يوم
  قاللك تحيا تونس
  حرب الاسكات، من يريد بحرية التعبير شرا ؟
  لماذا يريد الرئيس توريث ابنه بالقوة ؟
  سهام طائشة و كلام في الممنوع
  نهضاويات
  عزيزي المتابع تخيل لو نجحوا ...فقط تخيل ...
  لو تحدثنا عن البقايا ...
  تونس : انقلاب الجنرال، الأسئلة و الأجوبة
  يوسف الشاهد، من الغباء السياسي ما قتل
  سى الطبوبى : ياريت تنقطنا بسكاتك
   قناة التاسعة : تلفزيون "شالوم" و أبناء "شحيبر"
  صراخ فلسطين و صمت العرب
  عبير موسى، هذا القضاء الفاسد
  مسلسل هابط اسمه ‘ مجلس نواب الشعب ‘
  نقابة المرتزقة، الحبيب عاشور لم يمت

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
العادل السمعلي، صلاح المختار، محمود طرشوبي، رمضان حينوني، إياد محمود حسين ، أ.د. مصطفى رجب، د - محمد بن موسى الشريف ، محمد اسعد بيوض التميمي، د - المنجي الكعبي، محمود فاروق سيد شعبان، أحمد ملحم، فتحي العابد، عبد الرزاق قيراط ، د - صالح المازقي، د- جابر قميحة، فهمي شراب، طلال قسومي، إيمى الأشقر، د- محمد رحال، أحمد بوادي، منجي باكير، بيلسان قيصر، د - مصطفى فهمي، رشيد السيد أحمد، أحمد النعيمي، المولدي الفرجاني، حسني إبراهيم عبد العظيم، د.محمد فتحي عبد العال، د. كاظم عبد الحسين عباس ، حاتم الصولي، سلام الشماع، ماهر عدنان قنديل، كريم فارق، عزيز العرباوي، د. عبد الآله المالكي، جاسم الرصيف، عبد الله الفقير، خالد الجاف ، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، أنس الشابي، إسراء أبو رمان، الهيثم زعفان، سيد السباعي، د - الضاوي خوالدية، د. صلاح عودة الله ، فتحـي قاره بيبـان، حسن الطرابلسي، أبو سمية، ياسين أحمد، د- هاني ابوالفتوح، فتحي الزغل، د- محمود علي عريقات، رضا الدبّابي، فوزي مسعود ، كريم السليتي، عبد الله زيدان، محمد علي العقربي، مجدى داود، أحمد بن عبد المحسن العساف ، صفاء العربي، محمد شمام ، صالح النعامي ، مصطفي زهران، سليمان أحمد أبو ستة، علي الكاش، يزيد بن الحسين، رحاب اسعد بيوض التميمي، ضحى عبد الرحمن، محمد يحي، طارق خفاجي، د. عادل محمد عايش الأسطل، سفيان عبد الكافي، صباح الموسوي ، حسن عثمان، حميدة الطيلوش، عبد العزيز كحيل، سلوى المغربي، رافع القارصي، محرر "بوابتي"، د. خالد الطراولي ، المولدي اليوسفي، مصطفى منيغ، محمود سلطان، د. أحمد محمد سليمان، عواطف منصور، عراق المطيري، سامح لطف الله، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، يحيي البوليني، د - محمد بنيعيش، محمد الياسين، الهادي المثلوثي، وائل بنجدو، تونسي، صفاء العراقي، سامر أبو رمان ، د. مصطفى يوسف اللداوي، سعود السبعاني، نادية سعد، أحمد الحباسي، رافد العزاوي، عمر غازي، خبَّاب بن مروان الحمد، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د. أحمد بشير، علي عبد العال، محمد عمر غرس الله، مراد قميزة، محمد العيادي، د - عادل رضا، عبد الغني مزوز، د - شاكر الحوكي ، محمد أحمد عزوز، صلاح الحريري، أشرف إبراهيم حجاج، الناصر الرقيق، د. طارق عبد الحليم، عمار غيلوفي، محمد الطرابلسي،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة

سياسة الخصوصية
سياسة استعمال الكعكات / كوكيز