البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبمقالات رأي وبحوثالاتصال بنا
 
 
   
  الأكثر قراءة   المقالات الأقدم    
 
 
 
 
تصفح باقي الإدراجات
مقالات متعلقة بالكلمة : تونس

اليمن في الربيع العربي

كاتب المقال محمد عمر غرس الله - كاتب ليبي / بريطانيا    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 5719


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


في طريقها للثورة، لم تكن اليمن في حاجة سوى لعود ثقاب البوعزيزي - في قرية سيدي بوزيد التونسية - لتتلقف الشرارة التي أشعلت بننزين الثورة المسكوب بالظروف المأسوية للمجتمع اليمني، فعجت الساحات، وتوالى الحشد للجمع، جمعة بعد جمعة في حماس دفع فيه الشباب الثائر الارواح في سبيل تحقيق أهدافه، ورحل رأس النظام وبقى النظام أو ما تبقى منه في المشهد السياسي يلعب دوراً متمثلاً في الحزب الحاكم وأذرعه، ومقربيه، حتى من التيارات السياسية الاخرى، فكيف تميزت الحالة اليمنية في الربيع العربي عن اخواتها؟

لا تختلف أسباب الربيع العربي في بلدان المنطقة في الكثير حول أسبابها، رغم بعض التباينات هنا أوهناك، إلا إن القاسم المشترك بينها جميعا كان الواقع التنموي وغياب التحديث والعصرنة، حيث كان الواقع المعاش تنمويا - بإمتياز -الوقود الأكبر الذي حرك قاع المجتمع لتلك الهبة الملتهبة من حضرموت شمال أفريقيا( سوسة التونسية) الى حضرموت الربع الخالي( المكلاء) ببحر من البسطاء الذين أضناهم التخلف التنموي وتخشب الأنظمة المهترئة، غير إن مسيرة الثورة ونتائجها في بلدان الربيع الربيع العربي لم تكن متساوية او في نفس الإتجاه، حيث أفضت الثورة اليمنية إلى صفقة ومساومة - بمباركة إقليمية وقيادة أممية - أكثر منها إطاحة بنظام سياسي متكامل، وبقت مطالب الثورة الأساسية - معلقة - عبر التفاوض بين يدي (بن عمر وساعدة السفير) ومرهونة بالأيادِ الكثيرة المنغمسة في الطبخة اليمنية.

ولعل طبيعة اليمن الإجتماعية وطبيعة مراكز القوى، وطبيعة الإختناقات فيها، وواقع الفعل الثوري يمنياً - مثل بقية بلدان الربيع العربي بعدم وجود رؤية أو مشروع واضح للثورة بعد كلمة (إرحل) - ساقت الامور إلى ما سارت عليه، حيث قفزت من عمق الأزمة الإجتماعية إلى واجهت الثورة - في لحظة واحدة معا - ( قوى قبلية أسرية - الحوثيين - الحراك الجنوبي - تكتل اللقاء المشترك - وحدات عسكرية مُنشَقة) الذين صاروا فيما بعد هم المفاوض بإسم الثورة ومطالبها والمتحدث بإسمها كلاً بما لديه من نزعة ومطالب - تتقاطع مع بعضها البعض - فلم يعد للثورة يد ولسان ومطلب مشترك بعد رحيل رأس النظام، وصارت أقرب للتقاطع منها للإتفاق، من أجل تحقيق مطالب خاصة.

ولعله من المنصف القول إن الثورة اليمن ( بصفقتها) تفادت فداحة الفعل الثوري والتدخلات الخارجية فيه بالمقارنة بالنموذج الليبي الأكثر فداحة عربياً ( حجم الخسائر في الارواح والخسائر المادية)، ويمكن أن يحسب للصفقة تخفيف الأضرار على بلد هو في أمس الحاجة لتبقى فوهات البنادق والمدافع بعيدة عن التجاذبات رغم الحوادث المأسوية التي حدثت في عدن، والحصبة أو في الساحات، والتي تعد ضريبة مقبوله - ربما - لو حسبت في حساب الفعل الثوري الوطني وليس في حساب أحد الاطراف المطلة برأسها من وسط الثورة لتجني مطالبها الفئوية، رغم صدقية وموضوعية مطالبها ، ولعله من المنصف أن لا توضع جميعها في سلة واحدة من التقييم، فثمة تراكمات إجتماعية ومطلبية كبيرة وعميقة وحقيقية في مسيرة البلاد تاريخياً وخاصة في موضوع الحراك الجنوبي وأبعاده وأسبابه الجوهرية، وموضوع الحوثيين وأبعاده وأسبابه أيضاً.

إن عملية إسقاط النظام وصعود المعارضة ربما لا يعني إتصار الثورة بالمعنى الحقيقي - إلى الأن - الأمر الواضح جداً في بلدان الربيع العربي، حيث تم تبادل المواقع بين الحكم السابق والمعارضة السابقة، بل إن الامر في اليمن سار في إتجاه تقاسم المناصب مع الحزب الحاكم نفسه، وبقت الثورة تمور في الساحات والميادين وحناجر الشباب الثائر التواق للتنمية والعمل والبناء والحرية، وهذا الامر يبدو واضحاً في الحالة اليمنية التي قاد فيها ( أحزاب اللقاء المشترك) دفة الثورة السياسية مما جعل الثورة تكريس لتجاذبات قديمة أكثر منها حالة شعبية جارفة تطالب بالتغيير الكامل، فتم تثمير الفعل الثوري على صورة التي نراها، هذا على المستوى المحلي، أما الاقليمي فإن الثورة اليمنية - نتيجة لفقدان الرؤية - فوتت فرصة كبيرة في الضغط والمساومة بقبول التدخل الخليجي بثمن الإنظمام لمجلس التعاون الخليجي أو حتى جدولته زمنياً لمنطقيته، هذا الإنظمام الذي يعتبر طبيعياً ( ديموغرافياً وجغرافياً) بكل المعايير، خاصة بالمقارنة بما قيل عن مشروع إنظمام الأردن والمغرب الى مجلس التعاون.

إن الثورة اليمنية في تاريخيتها ليست مفصول عن التاريخ السياسي اليمني الزاخر جداً بالمفاوضات والتفاوض، بل وإن القوة الوطنية اليمنية تمتلك إرث كبير في التعامل مع الأزمات والإحتقانات وهو راجع الى خبرة القوة الوطنية وتجذرها وإلى الموروث القبلي وطبيعة العلاقات الاجتماعية وتراتبيتها ووطنيتها المتميزة، وهي من جهة أُخرى الأكثر سيلا في الإنتاج الفكري الناضج عبر وسائل الاتصال الحديثة والصحف الصادرة، ورغم كل حالات النشاز التي إعترت المسيرة الثورية وفتاوي التكفير للكثير من الكاتبات اليمنيات، إلا إن الثورة اليمنية تمتلك عمق شبابي ناضج له رؤية ونشاط وحيوية، الأمر الذي يعد بعبور واثق للازمة الحالية بأقل الخسائر الوطنية، خاصة وأن الدولة بمعناها المؤسسي قائمة بالمعني اليمني للمؤسسة، وأيضا القوة الأمنية والعسكرية متماسكة، مما حافظ على هيبة الدولة وإطارها العام وهي في حالة مخاضها التاريخي، فيبقى على القوة الوطنية اليمنية مطلب العمل على التنمية كهدف أول وأساس من اجل العصرنة والتحديث، فالتنمية هي الحرية، وهي الديمقراطية، وهي التقدم، وهي الوحدة، ولا يجب إغفال وإهمال السبب التنموي للثورة التي قام بها الفقراء المعدمين أكثر منها تعبير إنتلجنسيا سابحة في عالم المثل وتنميق العبارات.

إن الثورة وأهدافها ستبقى معلقة بين واقع الفقر والعوز والإقطاعية القبلية، وحلم التنمية والعصرنة والتحديث، فالمعنى العصري للثورة ليس فقط شعراً و نثراً و هتافات، أو شعارات خطابية صارخة، بل تنمية وبنية تحتية وتدفق أموال وإستثمارات ورخاء إقتصادي، والذي ينعكس على ألإنسان والأُسرة والارض(وهو ما تحتاجه اليمن) ألامر المطلوب اليوم العمل عليه وتثمير العلاقات الخارجية وتدخلاتها- خليجياُ وعربياً ودولياً - من أجله،ولعل اليمن أقرب إلى النموذج الخليجي التنموي المبهر - وخاصة في الإمارات العربية المتحدة - بما تملكه اليمن من موقع جغرافي وكفاية ديموغرافية،وخصوبة أرض وإرادة إنسان كادح لا تقهر، وتاريخ وموروث وإرث عميق من الحضارة ضاربة في جذور التاريخ منذ عصر أرض الجنتين.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

اليمن، الثورات العربية، الربيع العربي، ذكرى الثورة اليمينة،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 18-02-2013  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
ماهر عدنان قنديل، سامح لطف الله، د. خالد الطراولي ، إياد محمود حسين ، عبد الله الفقير، محمد العيادي، أبو سمية، د - محمد بن موسى الشريف ، ياسين أحمد، خالد الجاف ، سعود السبعاني، ضحى عبد الرحمن، منجي باكير، عمر غازي، رافد العزاوي، جاسم الرصيف، محرر "بوابتي"، صلاح المختار، محمد أحمد عزوز، أحمد النعيمي، محمد شمام ، د. عبد الآله المالكي، د.محمد فتحي عبد العال، عراق المطيري، عزيز العرباوي، حاتم الصولي، د - مصطفى فهمي، عبد الغني مزوز، محمد عمر غرس الله، عمار غيلوفي، صالح النعامي ، فوزي مسعود ، د. ضرغام عبد الله الدباغ، محمد الياسين، الهيثم زعفان، حميدة الطيلوش، تونسي، فهمي شراب، د- هاني ابوالفتوح، أحمد بوادي، سيد السباعي، أحمد ملحم، فتحـي قاره بيبـان، د- محمد رحال، د. أحمد بشير، حسن الطرابلسي، سفيان عبد الكافي، أحمد الحباسي، د - شاكر الحوكي ، د. عادل محمد عايش الأسطل، يحيي البوليني، محمد الطرابلسي، نادية سعد، مراد قميزة، صباح الموسوي ، د. صلاح عودة الله ، د. كاظم عبد الحسين عباس ، رشيد السيد أحمد، حسني إبراهيم عبد العظيم، د - صالح المازقي، سلوى المغربي، أ.د. مصطفى رجب، أشرف إبراهيم حجاج، رضا الدبّابي، رافع القارصي، خبَّاب بن مروان الحمد، رحاب اسعد بيوض التميمي، محمود سلطان، صلاح الحريري، محمد يحي، مصطفى منيغ، صفاء العراقي، د. مصطفى يوسف اللداوي، يزيد بن الحسين، علي الكاش، مصطفي زهران، عواطف منصور، سامر أبو رمان ، محمود طرشوبي، إسراء أبو رمان، كريم السليتي، د. أحمد محمد سليمان، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د - المنجي الكعبي، طلال قسومي، أنس الشابي، عبد الرزاق قيراط ، سليمان أحمد أبو ستة، العادل السمعلي، محمود فاروق سيد شعبان، فتحي الزغل، كريم فارق، الهادي المثلوثي، صفاء العربي، رمضان حينوني، د- محمود علي عريقات، د - عادل رضا، المولدي الفرجاني، علي عبد العال، محمد اسعد بيوض التميمي، وائل بنجدو، مجدى داود، الناصر الرقيق، حسن عثمان، إيمى الأشقر، فتحي العابد، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، عبد الله زيدان، د- جابر قميحة، د - محمد بنيعيش، د - الضاوي خوالدية، د. طارق عبد الحليم، أحمد بن عبد المحسن العساف ، سلام الشماع،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضات من طرفه أومن طرف "بوابتي"

كل من له ملاحظة حول مقالة, بإمكانه الإتصال بنا, ونحن ندرس كل الأراء