البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبمقالات رأي وبحوثالاتصال بنا
 
 
   
  الأكثر قراءة   المقالات الأقدم    
 
 
 
 
تصفح باقي الإدراجات
مقالات متعلقة بالكلمة : تونس

هل ينتهي الربيع العربي بالمصالحة مع المشروع الجهادي ؟

كاتب المقال عبد الغني مزوز - المغرب    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 5519


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


لعل السمة البارزة التي تميز الحراك العربي الراهن هي أن لا أحد يستطيع أن يتنبأ بأحداثه ووقائعه المتسارعة، فمن كان يتوقع أن ينتهي الأمر بحسني مبارك بسجن طرة، ومن كان يظن أن القذافي سيقتل شر قتلة، وان تندلع في سوريا ثورة هي الأطول نفسا والابهض تكليفا.
كان استدعاء كوفي عنان كمبعوث أممي لحل "الأزمة السورية" بمثابة ضوء اخضر للنظام ليوسع من نطاق جرائمه ومجازره، فعنان عندما كان امينا عاما للأمم المتحدة كانت المجازر والإبادات الجماعية ترتكب على قدم وساق عبر ربوع الكرة الأرضية في البوسنة والشيشان ورواندا والعراق ولم يسجل له أي موقف لصالح الضحية بقدر ما كانت مواقفه متناغمة مع سادية الجلاد ووحشته.
الغرب عندما يقول بأنه يسعى إلى حل" الأزمة" في سوريا فهو ليس بكاذب في ذلك لأنه ينظر الى ما يحدث في سوريا على أنه "ازمة ومشكلة" إذا أخدنا بعين الاعتبار مصالحه المهددة في المنطقة.وحله لهذه المشكلة سيكون وفق مصالحه وأجندته هو وليس بما تقتضيه مبادئ العدل والانتصار للمظلوم، ولذلك فما آلت إليه سوريا الآن من مجازر و تقتيل بالجملة وتفكك جغرافي وديمغرافي وإطالة لنفس النظام المجرم ومد في عمره هو بمثابة " الحل " الذي ينشده الغرب والمركز عموما، لأن أساس المشكلة بنظر الغرب هي الثورة وليس طريقة تعاطي النظام معها المشكلة هي الروح الثورية القابلة للتمدد أكثر فأكثر وما من حل لها سوى باستنزافها وإرهاقها بفواتير الدم والمجازر.

لكن الشيء الذي لا يدركه الغرب هو أنه يبيع أو بالأحرى يخسر أسهمه الوهمية في الربيع العربي والتي كان قد استحوذ على حصة منها خلال فعاليات الثورة في ليبيا، مكنته من أن يتطفل على الحراك العربي بعد ذلك ويحاول تحريف مساره وتقرير مصيره، في مقابل انحسار دور الغرب وتراجعه وانفضاح برغماتيته ونواياه وأنه لا يتدخل في أي ثورة إلا ليحرف بوصلتها وليضمن صعود ديكتاتوريات أخرى "معدلة " ترعى مصالحه وتبقي على حالة التبعية أو تعززها _مثال النموذج اليمني_هذه التبعية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي كانت عاملا رئيسيا من عوامل التخلف والانحدار العربي، في مقابل هذا الانحسار يممت الشعوب وجهها شطر المشاريع والبدائل الأخرى ومن ضمنها المشاريع الجهادية التي كانت موجودة بالساحة لكنها لم تحضا بالتأييد اللازم لتصبح خيارا شعبيا وجماهيريا يمكن الاعتماد عليه لكسب التحديات التي تواجهها الشعوب .

استدعاء الخطاب الجهادي والاستعانة به في سياق تحول الربيع العربي من ربيع سلمي إلى ربيع دموي في ليبيا وسوريا سبقته مجموعة من الخطوات التي يمكن أن تقرأ على أنها بوادر تطبيع ومصالحة مع التيار الجهادي ثمتلت في إطلاق سراح قادته ورموزه التاريخيين من السجون، وتمكينهم من العمل الدعوي والفكري والسياسي والتنظير، ففي مصر أطلق سراح العشرات من منظري ورموز التيار الجهادي من الرعيل الأول مثل : محمد الظواهري والأخوين عبود وطارق الزمر والدكتور سيد إمام وغيرهم وفي ليبيا خرج جميع أبناء التيار الجهادي وانخرطوا بفعالية في مجريات الثورة الليبية، في المغرب كذلك أفرج عن شيوخ التيار السلفي الجهادي مثل: حسن الكتاني وأبو حفص وعمر الحدوشي وأبو أويس بوخبزة وغيرهم في تونس ظهر أنصار الشريعة ذوو التوجه السلفي الجهادي ونظموا ملتقيات وأنشطة علنية ووجهوا دعوات حضور لعدد من شيوخ التيار السلفي الجهادي عبر العالم.

ولعل الخطوة الكبيرة والجريئة في هذا السياق هي تعهد الرئيس محمد مرسي بتحرير الشيخ الأزهري الضرير من سجون أمريكا في أول خطاب جماهيري له رغم التداعيات التي يمكن أن تنجم عن هكذا تصريح، وعمر عبد الرحمن هو أمير الجماعة الإسلامية وأحد الرموز التاريخية والروحية للتيار الجهادي ويقبع بسجنه بأمريكا مند بداية تسعينيات القرن الماضي.

غير أن الذي يجب الإشارة و التنويه إليه أن بعض حالات" الارتماء" على الخطاب الجهادي وتوظيفه في سياق الاستقطاب والتوتر الطائفي الذي تشهده عدد من المناطق الساخنة لا يبتعد عن المنطق البرغماتي المصلحي الذي تمارسه عدد من الدول الخليجية، لحماية كياناتها من التمدد الشيعي القادم من إيران مما يعيد إلى الأذهان المناخ الجهادي الذي كان سائدا إبان الغزو السوفيتي لأفغانستان والرعاية الرسمية الغربية والعربية التي كانت تغذيه و تمده بعوامل البقاء والصمود للحيلولة دون وصول الخطر الشيوعي إلى صلب المصالح الغربية في الخليج.

ويمكن النظر إلى الفضائيات الإسلامية الاخدة في الانتشار والتي تبث مواد جهادية ضمن هذا الإطار، فالأناشيد والإصدارات الجهادية والخطب الطافحة بمفاهيم التكفير والولاء والبراء والجهاد والخطر الرافضي التي كان مجرد الولوج إلى المواقع التي ثبتها تهمة يؤخذ عليها بالنواصي والأقدام في السابق باتت تعرف طريقه اليوم إلى بعض الفضائيات الممولة بأموال البترول.

وحتى بعض الشيوخ الذين عهدت إليهم مهمة مناظرة "الإرهابيين الجهاديين " وإقناعهم بالعودة إلى جادة الصواب والابتعاد عن سبيل العنف والتكفير أصبحوا الان أبواقا تستحث الهمم وتتغنى بفضائل الجهاد، وتسهب في سرد الأدلة على وجوب قتال الرافضة الكفار والمجوس الحاقدين وإسقاط النظام السوري الكافر، ليجد هؤلاء الشيوخ أنفسهم مجبرين على العودة للأدبيات التي كانوا يحذرون منها ومن خطرها لينهلوا منها علوم الجهاد والمقاومة، وربما تجدهم يستمعون خلسة وعلى استحياء لمحاضرات أبي مصعب الزرقاوي ليوسعوا من ثقافتهم الجهادية.

إذن فنحن بصدد إنهاء حالة القطيعة والصراع مع الخطاب الجهادي في أفق توظيفه في معارك كبرى قد تشهدها بعض بؤر التوتر الطائفي خصوصا في الشام والخليج، ونقطة مهمة ينبغي الإشارة إليها وهي أن حالة الاحتقان والاصطفاف الطائفي التي حتمت استدعاء الخطاب الجهادي ستكشف عن نوعين من هذا الخطاب : الخطاب الأصيل والخطاب المصطنع فالخطاب الجهادي الأصيل هو الذي تكون في سياق تاريخي احتلت فيه مواجهة الأنظمة العربية والقوى الغربية الداعمة لها مكانة كبيرة وصاغ مفاهيمه ونظرياته على أساس شرعي بعيدا عن توجهات نفعية برغماتية، وكان هدفه إقامة "خلافة إسلامية" ولم تنجح معظم محاولات الترويض والمواجهة والاحتواء من إنهائه ونفيه من الساحة رغم شدتها وباسها.

موازاة مع هذا الخطاب الأصيل سينشأ خطاب آخر مصطنع بمعنى أن الظروف الراهنة اقتضت "طبخه" على عجل لتوظيفه في مواجهة الأخطار المحدقة بالمصالح، وسيتم إعادة تدوير ماكينات الفتوى الرسمية في الاتجاه المعاكس لتنتج خطابا جهاديا يستلهم من الخطاب الأصيل أدبياته ومن تم استغلاله والاعتماد عليه في الحروب الوشيكة . وسيقف الخطابين على مسافة غير قريبة من بعضهما على اعتبار أن الخطاب الأصيل صعب المراس وغير قابل للترويض كما أنه لا يستطيع أن يتخلى عن أمميته وراديكاليته في مقابل برغماتية ومحلية الخطاب الموازي.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

الثورات العربية، الحركات الجهادية، التنظيمات الجهادية، الربيع العربي،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 18-07-2012  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  تقنيو القاعدة يكشفون تطفل CIA
  الظاهرة الجهادية ومعضلة الإعلام المؤدلج والمأجور
  غزال فرنسا وضواري تمبكتو
  إرهاب أمريكا يطال "جبهة النصرة"
  بين إنجيلينا جولي ورمضان البوطي
  كفى من شيطنة التيار السلفي
  الخطاب الجهادي المغشوش
  هل هي مقدمة ثورة ضد التبعية؟
  عام دون بن لادن..هل تتهاوى "القاعدة" ؟
  المد الإعلامي وانحسار الديكتاتوريات
  الجهاديون في سوريا: المسار والمصير
  هل فعلا انتكس الإسلاميون في ليبيا ولماذا ؟
  هل ينتهي الربيع العربي بالمصالحة مع المشروع الجهادي ؟

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
عمار غيلوفي، رحاب اسعد بيوض التميمي، د- هاني ابوالفتوح، مصطفى منيغ، محمود طرشوبي، وائل بنجدو، جاسم الرصيف، عبد الله زيدان، صلاح الحريري، طلال قسومي، عبد الغني مزوز، محمد عمر غرس الله، سليمان أحمد أبو ستة، صالح النعامي ، مجدى داود، ضحى عبد الرحمن، ياسين أحمد، د. عبد الآله المالكي، سامر أبو رمان ، د - الضاوي خوالدية، أبو سمية، الهيثم زعفان، صلاح المختار، أحمد بوادي، محمد العيادي، إيمى الأشقر، فتحي الزغل، حميدة الطيلوش، د- محمود علي عريقات، يزيد بن الحسين، المولدي الفرجاني، العادل السمعلي، سعود السبعاني، صفاء العربي، نادية سعد، سلام الشماع، محمد أحمد عزوز، أحمد الحباسي، د. أحمد بشير، علي الكاش، يحيي البوليني، رافع القارصي، سفيان عبد الكافي، د - عادل رضا، د. عادل محمد عايش الأسطل، إياد محمود حسين ، د.محمد فتحي عبد العال، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، فوزي مسعود ، الهادي المثلوثي، د. خالد الطراولي ، عواطف منصور، محمد الطرابلسي، محمد الياسين، عمر غازي، د - محمد بن موسى الشريف ، د - مصطفى فهمي، د - شاكر الحوكي ، خبَّاب بن مروان الحمد، فتحـي قاره بيبـان، منجي باكير، أ.د. مصطفى رجب، سلوى المغربي، د- جابر قميحة، كريم فارق، رضا الدبّابي، إسراء أبو رمان، فهمي شراب، محمد اسعد بيوض التميمي، محمود فاروق سيد شعبان، حاتم الصولي، مصطفي زهران، فتحي العابد، صفاء العراقي، سامح لطف الله، صباح الموسوي ، خالد الجاف ، د - المنجي الكعبي، د - صالح المازقي، عزيز العرباوي، أحمد النعيمي، محمد يحي، د. مصطفى يوسف اللداوي، د. طارق عبد الحليم، أحمد بن عبد المحسن العساف ، ماهر عدنان قنديل، د. أحمد محمد سليمان، أشرف إبراهيم حجاج، أحمد ملحم، حسن عثمان، د - محمد بنيعيش، حسن الطرابلسي، رمضان حينوني، د- محمد رحال، عراق المطيري، حسني إبراهيم عبد العظيم، محرر "بوابتي"، د. ضرغام عبد الله الدباغ، الناصر الرقيق، رافد العزاوي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، كريم السليتي، محمد شمام ، عبد الرزاق قيراط ، عبد الله الفقير، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، سيد السباعي، رشيد السيد أحمد، د. صلاح عودة الله ، أنس الشابي، تونسي، محمود سلطان، مراد قميزة، علي عبد العال،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضات من طرفه أومن طرف "بوابتي"

كل من له ملاحظة حول مقالة, بإمكانه الإتصال بنا, ونحن ندرس كل الأراء