البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

قيس سعيد.. ليس هذا الرئيس الذي تحتاجه تونس

كاتب المقال محمد أمين   
 المشاهدات: 1646



حتى كتابة هذه السطور، مازال الرئيس التونسي يشكل لغزا محيرا لكثير من التوانسة فضلا عن العرب الذين راقبوا فوزه العام الماضي في الانتخابات، رغم عدم انضواء الرجل تحت مظلة أي حزب، وعدم امتلاكه لأي خبرة سياسية سابقة، وافتقاده لأي قدر من الكاريزما.

وعقب الجولة الأولى التي تقدم فيها سعيد مطيحا بعبد الفتاح مورو مرشح حزب حركة النهضة الأكبر في البلاد، ونبيل القروي المحسوب على الدولة العميقة، كان واضحا أن ثمة شيئا غامضا يكتنف تقدم سعيد وفوزه الساحق، مع استمرار تأكيده أنه لا يتلقى أي دعم لا من تيار، ولا من دولة، ولا من أي جهة سياسية.

صعود سعيد المفاجئ، شكل زلزالا سياسيا، فتونس رغم عبقرية تجربتها هي ليست فرنسا أو بريطانيا حتى نقول أن صعود الرجل يشبه غضب الفرنسيين من تيارات اليمين واليسار وبالتالي البحث عن خيار ثالث، كما أن سعيد نفسه لا يمثل تيارا ثالثا فالرجل كان أستاذا مغمورا للقانون في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، ولم يعرف عنه الانتماء أو التنظير لأي بديل سياسي، أو مشروع ثالث، بل كان طيلة حياته مدرسا بالجامعات التونسية واشتهر أخيرا بتفسيراته القانونية للدستور.

وكما كان قيس سعيد مفاجئا في ١٥ سبتمبر ٢٠١٩ بتقدمه في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، فإن أداءه الضعيف المرتبك كان مفاجئا كذلك في ٢٠٢٠، من خطابات تتسم بالحشو اللغوي، وضبابية المعنى، إلى حمل كيس الطحين ومحاولة عمل دعاية بأسلوب قديم، إلى المشهد الضعيف والمهزوم أمام ايمانويل ماكرون "المستعمر القديم"، عندما فاجأ "أستاذ القانون" شعبه وطلابه بلي عنق القانون وتبرير الاحتلال الفرنسي، أو حتى وصفه بأن لم يكن احتلالا، بل عملا خيريا كانت تقوم به باريس خدمة للتوانسة!!؟

بدأ التاريخ التونسي تحت الحكم الفرنسي في عام 1881 بفرض الحماية الفرنسية في تونس وانتهى في عام 1956 بإعلان استقلال تونس، فهل يعتقد سعيد أن الذكاء السياسي يكمن في مغازلة المستعمر وإعفائه المجاني من تسديد فاتورة عقود من الاستعمار والاستعباد وسرقة البلاد المستعمرة، عوضا عن مطالبته بالاعتذار والتعويض؟

وفي سياق الارتباك المشار له أعلاه، كان مفاجئا كذلك استدعاء الرئيس المدني للجيش، أو مغازلته، إذ يبدو أمرا مستغربا أن يستدعي رئيس منتخب مدني الجيش، والغريب أن هذا الرئيس كان أستاذا للقانون.



وفي سياق الغموض الذي كنا نتحدث عنه سابقا والذي لم يفك سره حتى الآن، ففي الغالب يبدو أن من انتخب قيس سعيد لم يصوت لشخصه بل ما حصل عليه كانت أصواتا عقابية للأحزاب القائمة، لكن أداء الرجل يثبت أن السياسة مهنة مثلها مثل غيرها من المهن، ومن يمارسها يجب أن يكون متمرسا من قبل في حزب سياسي، ففي الغرب يقضي السياسي عمره في الحزب قبل أن يتحصل على منصب رفيع، فما بالك برئيس دولة.

تقديري أن الرئيس سعيد يشعر بالضعف أمام حركة النهضة، ليس لقوتها أو لموقف أيديولوجي خاص منها، بل لأنه أصلا لم ينتم يوما لحزب سياسي، وأقنع نفسه بما روجه نظام المستبد المخلوع بن علي بأن الأحزاب السياسية مفسدة، وأن الحزب الوحيد المشروع هو حزب النظام، كما أن عدم انتماء الرجل لحزب سياسي وعدم ممارسته أي عمل سياسي يفسر هذا الضعف في الأداء والارتباك في المواقف، فالسياسة ليست خطابات، الخطابات هي أداة من أدوات السياسة، وليست السياسة، كما أن الخطابات السياسية لها أصولها وقواعدها ورسائلها، ليس منها الصراخ بلغة متقعرة غير مفهومة.


بطبيعة الحال لا يمثل ما أوردته آنفا نقدا شخصيا لقيس سعيد، فهو كشخص قصة نجاح وعصامية واعتماد على النفس، كما أن موقفه من الاحتلال الإسرائيلي متميز ولو حتى على الصعيد النظري، لكنه سياسيا ليس الرئيس الذي تريده تونس الثورة، التي يتداعى على تجربتها الخصوم، ويحيط المتربصون بتجربتها الديمقراطية الناجحة من كل مكان، فأمام دول إقليمية تدعم وتخطط وتمول الثورات المضادة، وبالنظر لوجود عزم على تخريب التجربة التونسية، تحتاج البلاد لباجي قايد سبسي آخر، بحنكة السياسي وحكمة الشيوخ، وتجربة العمل الوطني، لا برئيس يساوي بين رئيس البرلمان المنتخب وحزبه السياسي الأكبر، وبين متمردة داخل قبة البرلمان، ما يدفع بالشك بأجندته، وهل يعتقد أن إذكاء هذه المشاكل من شأنها أن تخلصه من خصومه؟ وأن انقلابا سياسيا أو عسكريا يمكن أن يكون فرصة له؟ هو بالضرورة مخطئ، الانقلابات بكل أشكالها وباء ووصفة لتدمير الدولة، والديمقراطية، والمدنية.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الإمارات، فرنسا، قيس سعيد، الثورة المضادة،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 31-07-2020   المصدر: عربي 21

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
محمد الطرابلسي، سعود السبعاني، الهيثم زعفان، الناصر الرقيق، محمد أحمد عزوز، جاسم الرصيف، عمر غازي، د - شاكر الحوكي ، العادل السمعلي، أ.د. مصطفى رجب، محمد عمر غرس الله، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د. خالد الطراولي ، أنس الشابي، فوزي مسعود ، عبد الغني مزوز، د. عبد الآله المالكي، تونسي، خبَّاب بن مروان الحمد، صفاء العربي، منجي باكير، إسراء أبو رمان، عراق المطيري، أبو سمية، أحمد النعيمي، علي الكاش، صالح النعامي ، عمار غيلوفي، محمود طرشوبي، سلام الشماع، صفاء العراقي، الهادي المثلوثي، أحمد الحباسي، محمد يحي، فتحـي قاره بيبـان، سلوى المغربي، د - مصطفى فهمي، سامح لطف الله، سفيان عبد الكافي، سامر أبو رمان ، كريم السليتي، صلاح الحريري، د. أحمد بشير، رافد العزاوي، عزيز العرباوي، محمد العيادي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، فهمي شراب، سليمان أحمد أبو ستة، د. عادل محمد عايش الأسطل، محمد شمام ، يزيد بن الحسين، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د- هاني ابوالفتوح، صباح الموسوي ، د. مصطفى يوسف اللداوي، فتحي العابد، أحمد ملحم، رضا الدبّابي، د- محمود علي عريقات، د. كاظم عبد الحسين عباس ، رمضان حينوني، د - عادل رضا، رحاب اسعد بيوض التميمي، مراد قميزة، أشرف إبراهيم حجاج، مجدى داود، عواطف منصور، إياد محمود حسين ، حسن عثمان، د- محمد رحال، خالد الجاف ، د. أحمد محمد سليمان، نادية سعد، إيمى الأشقر، محمد اسعد بيوض التميمي، عبد الله الفقير، يحيي البوليني، ضحى عبد الرحمن، حميدة الطيلوش، ماهر عدنان قنديل، عبد الله زيدان، طلال قسومي، فتحي الزغل، د - محمد بن موسى الشريف ، وائل بنجدو، محمود فاروق سيد شعبان، مصطفي زهران، سيد السباعي، د.محمد فتحي عبد العال، محرر "بوابتي"، د- جابر قميحة، ياسين أحمد، مصطفى منيغ، د - محمد بنيعيش، د - الضاوي خوالدية، كريم فارق، د. طارق عبد الحليم، محمد الياسين، صلاح المختار، د. صلاح عودة الله ، حسن الطرابلسي، د - صالح المازقي، حاتم الصولي، رشيد السيد أحمد، محمود سلطان، المولدي الفرجاني، علي عبد العال، حسني إبراهيم عبد العظيم، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د - المنجي الكعبي، أحمد بوادي، رافع القارصي، عبد الرزاق قيراط ،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة