البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

تعرية الديمقراطية الأوروبية

كاتب المقال شهيد بولسين   
 المشاهدات: 2590



تشهد هذه الأيام التحول السريع ليانيس فاروفاكيس، وزير المالية اليوناني السابق في حكومة سيريزا، إلى أخطر رجل في أوروبا! والسبب هو لا شيء آخر إلا أنه يريد أن يحول الاتحاد الأوروبي إلى الديمقراطية، ولأنه فضح حاجتهم اليائسة للتحول إلى الديمقراطية.

لقد قدم فاروفاكيس استقالته من مجلس وزراء سيريزا (تحت الضغط)، عندما رفض قبول خطة تقشف الترويكا، كما رفض قبول شريحة ضخمة أخرى من قروض صندوق النقد الدولي الجديدة؛ كان من شأنها أن تستعبد الاقتصاد اليوناني تحت عبء عدم القدرة على الوفاء بدين غير مسبوق في الضخامة.

ولكن لمدة خمسة أشهر كاملة، تمكن هذا الاقتصادي اليساري الجذري من اختطاف نظرة من داخل هيكل السلطة في أوروبا، ليعرف طريقة صناعة القرارات. واليوم نجده يشارك شعوب أوروبا بكل قوة، وبلاغة، فيما رآه وعرفه، وما قاله حتى الآن يعتبر شيئا مروعا بجميع المقاييس!

عندما بدأ فاروفاكيس ممارسة مهام منصبه لأول مرة، حضر اجتماعا لمجموعة اليورو، التي تضم وزراء مالية جميع دول الاتحاد الأوروبي التي تستخدم اليورو. والترويكا كما نعرف هي التي ترأس مجموعة اليورو، وهي تتألف من ممثلين عن كل من المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي. وفي هذا الاجتماع خاطب فاروفاكيس الوزراء بشأن خطة التقشف التي طُلِبَت من اليونان، والتي من أجلها انتخب الشعب اليوناني حكومة سيريزا خصيصا لكي تعارضها. وأخبرهم أن الحكومة الجديدة مستعدة لتقديم تنازلات للترويكا، ولكنهم هم أيضا (كوزارة منتخبة) لديهم مسؤولية تجاه ناخبيهم، لكي يتمكنوا من تنفيذ وعودهم للشعب اليوناني، واتخاذ خطوات لتنمية الاقتصاد المحلي. باختصار، كان يخبرهم بأن خطة الترويكا يجب أن يتم تغييرها لتعكس إرادة الشعب اليوناني، وتخدم مصالح إنعاش الاقتصاد. ولكن فولفغانغ شويبله (وزير مالية ألمانيا) قام فورا بمقاطعة فاروفاكيس ليقول له: "غير مسموح للانتخابات أن تقوم بتغيير السياسة الاقتصادية لليونان!"

ومن ثم قدمت الترويكا عرضا لفاروفاكيس، عبارة عن قرض من صندوق النقد الدولي جنبا إلى جنب مع خطة شاملة للتقشف؛ سيكون من شأنها أن ترسم السياسة الاقتصادية لليونان على مدى السنوات العشرين المقبلة. وقد اعترفت كريستين لاغارد، مديرة صندوق النقد الدولي، لفاروفاكيس بأن برنامج التكيف الهيكلي لن ينجح، ومع ذلك كان من الضروري القبول به من أجل "مصداقيته" هو السياسية، ومن أجل حماية ما استثمرته الترويكا من رأس مال سياسي لإثبات فاعلية التقشف. وبشكل أساسي، هذا الكلام يعني أن سلطة صندوق النقد الدولي السياسية لإملاء السياسات الاقتصادية، التي تسبب في إفلاس الدول، لا بد أن تحترم أيا كانت الأسباب.

لماذا؟

هذا هو السؤال المهم! لقد أجاب شويبله هذا السؤال في محادثة خاصة مع فاروفاكيس عندما قال له إنه لن يسمح لأي من الدول المحيطية، مثل اليونان، أن تتحدى سياسة التقشف؛ لأن الهدف مما يفعلونه هو "نقل الترويكا إلى باريس". وبعبارة أخرى، هم يريدون الاستئثار بمركزية واحتكار السيطرة على السياسة الاقتصادية حتى على الاقتصادات الأكثر أهمية في أوروبا، من أجل السيطرة على القارة بأكملها، وأثناء القيام بذلك، سيتم تخريب أية آليات للديمقراطية ستكون ما زالت قائمة.

ومثال بسيط على هذا، فإن فاروفاكيس يعتقد أن مجرد المطالبة بأن يتم بث الاجتماعات المغلقة لمجموعة اليورو على الهواء مباشرة عبر شبكة الإنترنت؛ يعتبر أمرا شديد الثورية والديمقراطية... وها أنتم ترون أمامكم كيف أن عملية صناعة القرارات في الاتحاد الأوروبي أبعد ما تكون عن الديمقراطية، فهي غير قادرة أن تتم بأمان أمام الجماهير!

كل هذا سيأتي بمثابة مفاجأة كبيرة لمعظمنا في العالم الإسلامي؛ لأننا نتصور أن أوروبا هي المركز الكبير للديمقراطية. ولكن فاروفاكيس يهدم كل هذا الوهم الذي نعيشه نحن وشعوب أوروبا، ويفضح حقيقة هذه السلطة الخاصة والطبيعة المعادية للديمقراطية للرأسمالية العالمية اليوم. أنا أنصح الجميع أن يستمعوا بعناية إلى رسالته، لكي يتم تكييف استراتيجياتنا من أجل التحرر، وفقا لهذه المعلومات التي يهديها إلينا هذا الرجل، والتي لا تقدر بثمن.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

أورروبا، اليونان، المركزية الأوروبية، الغرب،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 7-09-2016   المصدر: عربي 21

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د. أحمد بشير، د. عادل محمد عايش الأسطل، عبد الغني مزوز، د - عادل رضا، عمار غيلوفي، أبو سمية، أحمد الحباسي، مصطفي زهران، د. ضرغام عبد الله الدباغ، الناصر الرقيق، فتحي الزغل، ضحى عبد الرحمن، خالد الجاف ، محمد الطرابلسي، يحيي البوليني، محرر "بوابتي"، حميدة الطيلوش، د. أحمد محمد سليمان، د. خالد الطراولي ، مجدى داود، جاسم الرصيف، فتحـي قاره بيبـان، سامح لطف الله، عبد الرزاق قيراط ، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د - مصطفى فهمي، محمد العيادي، محمد الياسين، أنس الشابي، د - الضاوي خوالدية، رمضان حينوني، رضا الدبّابي، رحاب اسعد بيوض التميمي، حسني إبراهيم عبد العظيم، د - المنجي الكعبي، سفيان عبد الكافي، د- محمود علي عريقات، د. صلاح عودة الله ، إياد محمود حسين ، الهادي المثلوثي، مراد قميزة، محمد عمر غرس الله، د - محمد بن موسى الشريف ، د - صالح المازقي، أ.د. مصطفى رجب، إيمى الأشقر، عراق المطيري، د. عبد الآله المالكي، المولدي الفرجاني، د- محمد رحال، صلاح المختار، كريم فارق، فهمي شراب، صباح الموسوي ، مصطفى منيغ، عمر غازي، منجي باكير، د - محمد بنيعيش، حسن الطرابلسي، د- جابر قميحة، صلاح الحريري، د - شاكر الحوكي ، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، طلال قسومي، تونسي، رشيد السيد أحمد، حاتم الصولي، وائل بنجدو، ماهر عدنان قنديل، الهيثم زعفان، صفاء العربي، علي الكاش، محمد اسعد بيوض التميمي، العادل السمعلي، فوزي مسعود ، د.محمد فتحي عبد العال، صالح النعامي ، أحمد بوادي، محمود طرشوبي، محمد يحي، سامر أبو رمان ، أحمد النعيمي، سلوى المغربي، محمود سلطان، نادية سعد، خبَّاب بن مروان الحمد، محمد أحمد عزوز، سلام الشماع، سعود السبعاني، فتحي العابد، د. مصطفى يوسف اللداوي، عزيز العرباوي، صفاء العراقي، عواطف منصور، حسن عثمان، د- هاني ابوالفتوح، إسراء أبو رمان، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، سليمان أحمد أبو ستة، أحمد ملحم، يزيد بن الحسين، أحمد بن عبد المحسن العساف ، ياسين أحمد، رافع القارصي، كريم السليتي، محمد شمام ، د. طارق عبد الحليم، رافد العزاوي، أشرف إبراهيم حجاج، عبد الله الفقير، علي عبد العال، سيد السباعي، محمود فاروق سيد شعبان، عبد الله زيدان،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة