البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

تعرية الديمقراطية الأوروبية

كاتب المقال شهيد بولسين   
 المشاهدات: 2582



تشهد هذه الأيام التحول السريع ليانيس فاروفاكيس، وزير المالية اليوناني السابق في حكومة سيريزا، إلى أخطر رجل في أوروبا! والسبب هو لا شيء آخر إلا أنه يريد أن يحول الاتحاد الأوروبي إلى الديمقراطية، ولأنه فضح حاجتهم اليائسة للتحول إلى الديمقراطية.

لقد قدم فاروفاكيس استقالته من مجلس وزراء سيريزا (تحت الضغط)، عندما رفض قبول خطة تقشف الترويكا، كما رفض قبول شريحة ضخمة أخرى من قروض صندوق النقد الدولي الجديدة؛ كان من شأنها أن تستعبد الاقتصاد اليوناني تحت عبء عدم القدرة على الوفاء بدين غير مسبوق في الضخامة.

ولكن لمدة خمسة أشهر كاملة، تمكن هذا الاقتصادي اليساري الجذري من اختطاف نظرة من داخل هيكل السلطة في أوروبا، ليعرف طريقة صناعة القرارات. واليوم نجده يشارك شعوب أوروبا بكل قوة، وبلاغة، فيما رآه وعرفه، وما قاله حتى الآن يعتبر شيئا مروعا بجميع المقاييس!

عندما بدأ فاروفاكيس ممارسة مهام منصبه لأول مرة، حضر اجتماعا لمجموعة اليورو، التي تضم وزراء مالية جميع دول الاتحاد الأوروبي التي تستخدم اليورو. والترويكا كما نعرف هي التي ترأس مجموعة اليورو، وهي تتألف من ممثلين عن كل من المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي. وفي هذا الاجتماع خاطب فاروفاكيس الوزراء بشأن خطة التقشف التي طُلِبَت من اليونان، والتي من أجلها انتخب الشعب اليوناني حكومة سيريزا خصيصا لكي تعارضها. وأخبرهم أن الحكومة الجديدة مستعدة لتقديم تنازلات للترويكا، ولكنهم هم أيضا (كوزارة منتخبة) لديهم مسؤولية تجاه ناخبيهم، لكي يتمكنوا من تنفيذ وعودهم للشعب اليوناني، واتخاذ خطوات لتنمية الاقتصاد المحلي. باختصار، كان يخبرهم بأن خطة الترويكا يجب أن يتم تغييرها لتعكس إرادة الشعب اليوناني، وتخدم مصالح إنعاش الاقتصاد. ولكن فولفغانغ شويبله (وزير مالية ألمانيا) قام فورا بمقاطعة فاروفاكيس ليقول له: "غير مسموح للانتخابات أن تقوم بتغيير السياسة الاقتصادية لليونان!"

ومن ثم قدمت الترويكا عرضا لفاروفاكيس، عبارة عن قرض من صندوق النقد الدولي جنبا إلى جنب مع خطة شاملة للتقشف؛ سيكون من شأنها أن ترسم السياسة الاقتصادية لليونان على مدى السنوات العشرين المقبلة. وقد اعترفت كريستين لاغارد، مديرة صندوق النقد الدولي، لفاروفاكيس بأن برنامج التكيف الهيكلي لن ينجح، ومع ذلك كان من الضروري القبول به من أجل "مصداقيته" هو السياسية، ومن أجل حماية ما استثمرته الترويكا من رأس مال سياسي لإثبات فاعلية التقشف. وبشكل أساسي، هذا الكلام يعني أن سلطة صندوق النقد الدولي السياسية لإملاء السياسات الاقتصادية، التي تسبب في إفلاس الدول، لا بد أن تحترم أيا كانت الأسباب.

لماذا؟

هذا هو السؤال المهم! لقد أجاب شويبله هذا السؤال في محادثة خاصة مع فاروفاكيس عندما قال له إنه لن يسمح لأي من الدول المحيطية، مثل اليونان، أن تتحدى سياسة التقشف؛ لأن الهدف مما يفعلونه هو "نقل الترويكا إلى باريس". وبعبارة أخرى، هم يريدون الاستئثار بمركزية واحتكار السيطرة على السياسة الاقتصادية حتى على الاقتصادات الأكثر أهمية في أوروبا، من أجل السيطرة على القارة بأكملها، وأثناء القيام بذلك، سيتم تخريب أية آليات للديمقراطية ستكون ما زالت قائمة.

ومثال بسيط على هذا، فإن فاروفاكيس يعتقد أن مجرد المطالبة بأن يتم بث الاجتماعات المغلقة لمجموعة اليورو على الهواء مباشرة عبر شبكة الإنترنت؛ يعتبر أمرا شديد الثورية والديمقراطية... وها أنتم ترون أمامكم كيف أن عملية صناعة القرارات في الاتحاد الأوروبي أبعد ما تكون عن الديمقراطية، فهي غير قادرة أن تتم بأمان أمام الجماهير!

كل هذا سيأتي بمثابة مفاجأة كبيرة لمعظمنا في العالم الإسلامي؛ لأننا نتصور أن أوروبا هي المركز الكبير للديمقراطية. ولكن فاروفاكيس يهدم كل هذا الوهم الذي نعيشه نحن وشعوب أوروبا، ويفضح حقيقة هذه السلطة الخاصة والطبيعة المعادية للديمقراطية للرأسمالية العالمية اليوم. أنا أنصح الجميع أن يستمعوا بعناية إلى رسالته، لكي يتم تكييف استراتيجياتنا من أجل التحرر، وفقا لهذه المعلومات التي يهديها إلينا هذا الرجل، والتي لا تقدر بثمن.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

أورروبا، اليونان، المركزية الأوروبية، الغرب،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 7-09-2016   المصدر: عربي 21

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
فتحي العابد، فتحي الزغل، مجدى داود، إيمى الأشقر، مصطفي زهران، د- محمد رحال، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، المولدي الفرجاني، د. عادل محمد عايش الأسطل، حاتم الصولي، عبد الرزاق قيراط ، صلاح المختار، عبد الغني مزوز، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، أنس الشابي، رافد العزاوي، محمد يحي، حميدة الطيلوش، محمود فاروق سيد شعبان، محمد الطرابلسي، فهمي شراب، عزيز العرباوي، عبد الله زيدان، محمد اسعد بيوض التميمي، عمار غيلوفي، تونسي، سعود السبعاني، أ.د. مصطفى رجب، سلام الشماع، حسن الطرابلسي، كريم فارق، سليمان أحمد أبو ستة، د. طارق عبد الحليم، يزيد بن الحسين، أحمد ملحم، سلوى المغربي، رحاب اسعد بيوض التميمي، صالح النعامي ، فوزي مسعود ، الهادي المثلوثي، إياد محمود حسين ، محمد العيادي، نادية سعد، محمد الياسين، العادل السمعلي، محرر "بوابتي"، رمضان حينوني، ماهر عدنان قنديل، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د - الضاوي خوالدية، سيد السباعي، الهيثم زعفان، علي الكاش، منجي باكير، عراق المطيري، سفيان عبد الكافي، حسن عثمان، عبد الله الفقير، كريم السليتي، خبَّاب بن مروان الحمد، د. صلاح عودة الله ، د. عبد الآله المالكي، د - مصطفى فهمي، إسراء أبو رمان، رشيد السيد أحمد، حسني إبراهيم عبد العظيم، د. أحمد محمد سليمان، صلاح الحريري، عواطف منصور، د. خالد الطراولي ، مراد قميزة، أحمد النعيمي، جاسم الرصيف، د. مصطفى يوسف اللداوي، د.محمد فتحي عبد العال، د. أحمد بشير، صباح الموسوي ، مصطفى منيغ، محمود طرشوبي، سامر أبو رمان ، د- هاني ابوالفتوح، د - المنجي الكعبي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، محمد شمام ، أحمد الحباسي، صفاء العراقي، أحمد بوادي، طلال قسومي، ياسين أحمد، محمد أحمد عزوز، علي عبد العال، د - عادل رضا، صفاء العربي، د - محمد بنيعيش، سامح لطف الله، د - شاكر الحوكي ، رافع القارصي، يحيي البوليني، خالد الجاف ، د- محمود علي عريقات، د - صالح المازقي، محمد عمر غرس الله، أبو سمية، محمود سلطان، فتحـي قاره بيبـان، وائل بنجدو، د- جابر قميحة، عمر غازي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، الناصر الرقيق، د - محمد بن موسى الشريف ، ضحى عبد الرحمن، رضا الدبّابي، أشرف إبراهيم حجاج،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة