البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

الانتفاضة الثالثة انتفاضة الكرامة (4)
نفوسٌ خبيثة وأحقادٌ موروثة

كاتب المقال د. مصطفى يوسف اللداوي - بيروت    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 3581


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


لا أقول أن انتفاضة القدس الثانية قد كشف عن نفوسٍ إسرائيليةٍ خبيثة، وأظهرت أحقادهم القديمة على العرب والمسلمين، وأنه لولا الانتفاضة ما كانت أخلاقهم لتظهر بهذه الصورة السافرة المقيتة، أو أنهم كانوا قبل أحداث القدس يتحلون بأخلاقٍ عاليةٍ وقيمٍ نبيلة، بل هذه هي طبيعتهم القديمة، وجبلتهم الأصلية، التي جبلوا وعاشوا عليها، وهم لا يستطيعون أن يخفوا حقيقتهم، ولا أن ينكروا طبيعتهم، لأن هذه النفوس الخبيثة موجودة دائماً، وحاضرة أبداً وإن بدت أنها تغيب أحياناً، وهي نفوسٌ متوارثة، وأحقادٌ يتواصون عليها جيلاً بعد جيل، ويتوارثونها كأنها صبغياتٌ وراثية، تميزهم عن غيرهم، وتعلمهم عمن سواهم.

فهذا مستوطنٌ يهودي يضع شرائحَ من لحم خنزيرٍ على جثة الشهيد محمد الجعبري (18 عاماً)، على مرأى ومسمعٍ من الشرطة الإسرائيلية ومن جنود الاحتلال، الذين قتلوه بدمٍ باردٍ، وكانوا قد أحاطوا به كوحوشٍ مفترسة، يريدون أن ينقضوا عليه لكنهم منه كانوا يخافون، وعلى أنفسهم منه يخشون، وهو الأعزل إلا من يقينه، فلا سكيناً كان يحمل ولا حجراً، ولكنهم تكاثروا عليه، وأطلقوا عليه رصاصاتٍ قاتلة، قبل أن يأتي مستوطنٌ حاقدٌ ويضع على جسده الطاهر ووجهه الصبوح، بمباركة المحيطين به، وفي حضور عناصر الإسعاف ورجال الدفاع المدني، قطعاً من لحم الخنزير بقصد الإهانة والإساءة، بينما كان غيرهم من المستوطنين والحضور يصورون الحادثة التي بثوها بفخرٍ عبر الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي.

قيادة أركان جيش الاحتلال سمحت للجنود بارتكاب المزيد من الإساءات بحق الفلسطينيين، فقد هيأت ودربت كلاباً خاصة، تلاحق وتمسك، وتعض وتنهش، وتقتل وتجرح، وتفتك بمن يريدون الفتك به، وقد دربوها على مهاجمة العرب دون غيرهم، وتمزيق ثيابهم، والانقضاض بقوة عليهم، وعلى كل من يطلق صيحات أكبر، مبررين جريمتهم التي لا يفرقون فيها بين رجل وامرأة، بأن من يفجر نفسه، ويعزم على مهاجمة الإسرائيليين، فإنه عادةً يهتف الله أكبر، لذا فقد دربوا الكلاب القوية السريعة على مهاجمة هؤلاء عند سماعهم تكبير الفلسطينيين قبل تفجير أنفسهم، علماً أن التكبير عبادةً وتسبيحاً، يلتزم بها المسلمون في كل مكانٍ، اقتداءً بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو يستخدمونها أيضاً لمحاولة التعرف على المارة والمشتبه فيهم إن كانوا يحملون متفجراتٍ أو أسلحة نارية.

كما أنهم يأمرون بخسةٍ ونذالةٍ، وانعدامٍ للرجولة والمروءة، كلابهم بمهاجمة النساء، ومنهن محجبات، ويتركونها تتحرش بهن، عضاً ونهشاً وتمزيقاً للثياب، بينما يقومون بتصوير المشاهد، وأخذ الصور التذكارية الخاصة بهم، في أجواء من الضحك والسخرية والتهكم، ولا يستثنون من جريمتهم الأطفال والصبية، في الوقت الذي يمنعون الآخرين من نجدة المعتدى عليهم ومساعدتهم، وإلا أمروا الكلاب بملاحقتهم أيضاً.

لا يكتفي الجنود ورجال الشرطة الإسرائيليون ومعهم قطعان المستوطنين، بطلقةٍ واحدةٍ أو أكثر عندما يقتلون فلسطينياً بحجة أنه كان ينوي طعن أحدهم، يل يمطرونه بعشرات الطلقات، ومن أكثر من قطعة سلاح، وكأنهم بإطلاقهم النار عليه بكثافةٍ، ينتقمون منه ومن الفلسطينيين، ويشفون بقتله صدورهم ويروون غليلهم، إذ أن من يطلق عليه النار مجموعةٌ وليس فرداً واحداً، وكأنهم فريق إعدامٍ ينفذ الأمر، لكنهم ينفذونه بمتعةٍ وسعادةٍ، وفرحٍ كبيرٍ يبدو على وجوههم.

كما تثبت العديد من الصور التي تنشر عبر وسائل الإعلام الإسرائيلية والعربية وغيرها، إقدام الإسرائيليين جميعاً، جنوداً ومستوطنين ومارةً، على قتل الجرحى والمصابين الفلسطينيين، حيث يجهزون على الجريح والمصاب، وهم يرونه على الأرض ملقى ويتلوى ألماً، أو يطلق صيحات الاستغاثة وطلب النجدة، لكن أحداً لا يصغي عليه، ورغم انعدام الخطر منه، وإصابته البينة الواضحة، ودمه النازف بشدة على الأرض، ومع ذلك يأتي من يطلق النار عليه من جديد، ويصيبه في الرأس أو الصدر ضماناً لقتله، وتأكيداً على "موته".

لعل مشاهد قتل الإسرائيليين لنساءٍ فتياتٍ فلسطينيات، يكشف عن مدى السقوط الأخلاقي والتردي القيمي لجيش الاحتلال، الذي يوجه سلاح جنوده القاتل إلى النساء العزل، وهو الذي يدعي أنه الجيش الأكثر أخلاقية ومناقبيةً في العالم، وأنه يحترم قوانين الحرب ومبادئها، ومنها أنه لا يقتل أطفلاً ولا نساءً ولا مسنين ولا عجزة، ولا يجهز على مريضٍ أو مصاب، ولكن الحقيقة أنه يقتل كل هؤلاء، وقد رأينا كيف أطلق جنوده النار على العديد من الفلسطينيات، في الوقت الذي كانوا فيه قادرين على اعتقالهن، وتكبيل حركتهن، إذ يكن غالباً في حالة ضعف إذا سقطن على الأرض، ولا يشكلن خطراً على حياة الإسرائيليين، وسط هذا الكم الكبير من الجنود ورجال الشرطة المحيطين بهن من كل مكان، والذين يشهرون بنادقهم ومسدساتهم ويسددونها تجاههن، ومع ذلك فإنهم لا يطمئنون إلا إذا أطلقوا النار عليهن غزيراً بقصد القتل، وليس بنية شل حركتهن، والسيطرة عليهن لمنعهن من الحركة.

نحن لا نقاتل عدواً عادياً يمكن مصالحته، أو الوثوق به يوماً ومصافحته، فهذا عدوٌ يتغذى على الحقد، ويعيش على الكره، ويؤمن بدونية الآخرين واستعلاء شعبه، ولا يرى في قتل الآخر جريمة، ولا يعتقد أن ضميره يؤلمه إن هو اعتدى على الآخرين وقتلهم، فهذا في عرفهم ضرورة وميزة، فلا يكونون يهوداً إن لم يذلوا الآخرين ويركبوهم، أو يقتلوهم ويشربوا من دمائهم، أو يصنعوا منها فطيرةً لأطفالهم، فما هم في عقيدتهم إلا غويم، حميراً يركبون، أو عبيداً يخدمون.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

فلسطين، إنتفاضة الأقصى، الإغتيالات بالقدس، المستوطنون،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 13-10-2015  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  يومٌ في الناقورة على تخوم الوطن
  فرنسا تضيق الخناق على الكيان الصهيوني
  ليبرمان يعرج في مشيته ويتعثر في سياسته
  يهودا غيليك في الأقصى والكنيست من جديد
  عيد ميلاد هدار جولدن وأعياد الميلاد الفلسطينية
  ليبرمان يقيد المقيد ويكبل المكبل
  سبعون عاماً مدعاةٌ لليأس أم أملٌ بالنصر
  ويلٌ لأمةٍ تقتلُ أطفالها وتفرط في مستقبل أجيالها
  سلاح الأنفاق سيفٌ بتارٌ بحدين قاتلين
  دلائل إدانة الأطفال ومبررات محاكمتهم
  طبول حربٍ إسرائيلية جديدة أم رسائلٌ خاصة وتلميحاتٌ ذكية
  سياسة الأجهزة الأمنية الفلسطينية حكيمةٌ أم عميلةٌ
  العلم الإسرئيلي يرتفع ونجمة داوود تحلق
  نصرةً للجبهة الشعبية في وجه سلطانٍ جائر
  طوبى لآل مهند الحلبي في الدنيا والآخرة
  تفانين إسرائيلية مجنونة لوأد الانتفاضة
  عبد الفتاح الشريف الشهيد الشاهد
  عرب يهاجرون ويهودٌ يفدون
  إيلي كوهين قبرٌ خالي وقلبٌ باكي ورفاتٌ مفقودٌ
  إرهاب بروكسل والمقاومة الفلسطينية
  المساخر اليهودية معاناة فلسطينية
  الدوابشة من جديد
  المهام السرية لوحدة الكوماندوز الإسرائيلية
  المنطقة "أ" إعادة انتشار أم فرض انسحاب
  إعلان الحرب على "فلسطين اليوم" و"الأقصى"
  عظم الله أجر الأمريكيين وغمق لفقيدهم
  الثلاثاء الأبيض وثلاثية القدس ويافا وتل أبيب
  الهِبةُ الإيرانية والحاجةُ الفلسطينية
  هل انتهت الانتفاضة الفلسطينية ؟
  سبعة أيامٍ فلسطينيةٍ في تونس

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
محمد العيادي، فتحي العابد، خالد الجاف ، أحمد ملحم، د. ضرغام عبد الله الدباغ، حسن عثمان، طلال قسومي، رافع القارصي، حسن الطرابلسي، د- جابر قميحة، د.محمد فتحي عبد العال، صفاء العربي، د - محمد بن موسى الشريف ، إيمى الأشقر، سامر أبو رمان ، محمود طرشوبي، أبو سمية، مجدى داود، محمد يحي، د - شاكر الحوكي ، صفاء العراقي، عبد الغني مزوز، سلوى المغربي، أحمد النعيمي، د- محمود علي عريقات، أنس الشابي، محمود فاروق سيد شعبان، مصطفى منيغ، حميدة الطيلوش، د- محمد رحال، منجي باكير، رمضان حينوني، كريم فارق، عزيز العرباوي، مراد قميزة، الناصر الرقيق، إياد محمود حسين ، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د. كاظم عبد الحسين عباس ، صباح الموسوي ، د. أحمد بشير، فتحي الزغل، عمر غازي، العادل السمعلي، سامح لطف الله، د - مصطفى فهمي، صلاح المختار، د. عادل محمد عايش الأسطل، عبد الله الفقير، رشيد السيد أحمد، المولدي الفرجاني، د- هاني ابوالفتوح، عمار غيلوفي، محمد اسعد بيوض التميمي، محمد شمام ، د. طارق عبد الحليم، عبد الله زيدان، مصطفي زهران، الهادي المثلوثي، محمد أحمد عزوز، عبد الرزاق قيراط ، فهمي شراب، رحاب اسعد بيوض التميمي، د. خالد الطراولي ، عواطف منصور، أحمد الحباسي، محمد الطرابلسي، سعود السبعاني، سلام الشماع، د. أحمد محمد سليمان، إسراء أبو رمان، يحيي البوليني، د - الضاوي خوالدية، أحمد بوادي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، جاسم الرصيف، د - المنجي الكعبي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، ياسين أحمد، ضحى عبد الرحمن، حاتم الصولي، صلاح الحريري، د - صالح المازقي، رافد العزاوي، خبَّاب بن مروان الحمد، يزيد بن الحسين، حسني إبراهيم عبد العظيم، د - محمد بنيعيش، د. عبد الآله المالكي، علي الكاش، كريم السليتي، أشرف إبراهيم حجاج، د. مصطفى يوسف اللداوي، عراق المطيري، سيد السباعي، أ.د. مصطفى رجب، د. صلاح عودة الله ، الهيثم زعفان، فتحـي قاره بيبـان، ماهر عدنان قنديل، علي عبد العال، سفيان عبد الكافي، محمد الياسين، فوزي مسعود ، محمد عمر غرس الله، صالح النعامي ، رضا الدبّابي، محرر "بوابتي"، وائل بنجدو، سليمان أحمد أبو ستة، نادية سعد، د - عادل رضا، محمود سلطان، تونسي،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة