البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

إسرائيل تسوّق إنسانيتها

كاتب المقال د. عادل محمد عايش الأسطل - فلسطين    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 4120


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


لم تكن مسألة اعتراف إسرائيل بالمسيحيين الآراميين كقومية مستقلة بذاتها عن القومية العربية، ضمن نسيج الدولة هكذا، وفي هذه المرحلة بالذات، خاصة وأنها نفسها تعترف بأن هناك مطالبات بهذا الاعتراف موجودة داخل المؤسسة الإسرائيلية المعنيّة، منذ أكثر من خمسة عقود متتالية، لكنها جاءت بعد دراسة وتفكيرٍ معمّقين، بأن ذلك الاعتراف سوف يأتي بقائمة طويلة من الإيجابيات تصب في صالح الدولة، ولذلك كان سوق المبررات في هذا الاتجاه مُيسراً – برغم أن الشروط اللازمة للاعتراف متواجدة منذ الأزل- والتي تمثلت في أنّ حقيقة وجود القوميّة الآراميّة أصبحت ظاهرة للعيان، والشروط المطلوبة باتت متوفّرة بالتمام، حيث يتواجد تراثها التاريخي المشترك، والدين الواحد، والنشَأة الواحدة، واللغة المشتركة إلخ، حيث سُمح من خلاله كنتيجة فورية لأبناء الطوائف المسيحية الخمس المختلفة في الدولة، كتابة القومية (الآرامية) بدلاً من (العربية) في خانة القوميّة في بطاقة الهوية، كما كان متبعاً من قبل.

لقد وجدت إسرائيل في إقدامها على ذلك الاعتراف الفرصة المهمّة لأن تضرب عدة عصافير بحجرً واحد، ففي الوقت الذي تجد الأقليات غير المسلمة في الدول العربية من أشكال العنف والقتل والتشريد، نتيجة الصراعات الداخلية وانتشار التشدد الديني وعوامل أخرى، والتي ربما لا تخلو من أنواع عنصرية واختلافات فكريّة وثقافات عرقيّة، ومن ناحيةٍ أخرى تحاول فيه مواجهة الانتقادات الأمريكية والأوروبية بخاصة، في شأن سياستها المتصلّبة بشأن القضية الفلسطينية، وممارساتها الاحتلالية ضد الشعب الفلسطيني في ماله وممتلكاته ومقدّساته، بإظهار إنسانيتها بشأن الأقليات المتواجدة لديها، وفي أنها تمثل الدولة الديموقراطية في المنطقة المكتظة بالتسلط والدكتاتوريات، وخاصة في مسألة احترام حقوق الأقليات لديها، وحرصها على إعطائها كامل حقوقها في الدولة، سواء بسواء بالتساوي مع المواطنين الإسرائيليين اليهود.

إسرائيل ولا شك، بعيدة عن كل ما قامت بإظهاره من علامات إنسانية وحقوقية، بسبب أنها لا تمتّ لهما بِصلة، والقرار بشكله أحدث ردود فعل غاضبة لدى أغلبية أبناء الطائفة المسيحية، باعتباره طائفي، هدفه التفرقة والشرذمة وإضعاف وحدة الأقلية الفلسطينية التي تُعاني من سياسيات التمييز والتهميش من قِبل المؤسسات الإسرائيلية المختلفة، لكن إسرائيل شعرت بسرور لإقبال البعض داخل الطائفة على خطوة الاعتراف باعتبارها إنجازًا، وعلى رأسهم "جبرائيل نداف" رئيس الطائفة الآرامية (سابقا) الذي يدعو أبناء الطائفة للخدمة المدنية والعسكرية في الجيش الصهيوني، وأيضاً "جون زاكنون" الناطق الرسمي بلسان الجمعية الآرامية المسيحية في إسرائيل، وأولئك الذين يطمحون في تبوّء مراكز في الدولة الإسرائيلية، والذين هم ممتعضون ممّا تلاقيه الأقليات المختلفة وخاصة المنبثقة من أصول آرامية داخل دول المنطقة العربية، وإن كانوا يعلمون أن ذلك الإجراء، لن يكفل لهم كل الحقوق التي من المفترض أن يتلقوها منذ لحظة الاعتراف بهم، بسبب أن مشاهد مؤلمة أمام أعينهم لا تزال ماثلة ضد حقوق الأقليات، والحديث لا يدور عن الإجحاف ضد العرب الفلسطينيين وحدهم، ولكن هناك مواطنين يهود لا يحصلون على ما يحصل عليه مواطنين يهودٍ آخرين.

تاريخ إسرائيل يكشف بأن هناك خبايا وأغراض أخرى كانت وراء هذا الاعتراف، فعلاوةً على أن في اعتقادها بأن هذا الإجراء سيعود على الدولة بالفائدة الأمريكية والأوروبية، التي أعدت العُدّة باتجاه حماية المسيحيين في المنطقة الأوسطية المشتعلة، باعتبارها لا زالت تشكّل خط الدفاع الأول عن مسيحيي المنطقة، وبالتالي استدراج تأييدات وتعاطفات لطوائف مسيحية في الداخل والخارج، تقلل من شدة غضبتها المتنامية باتجاهها، نتيجة ممارساتها السياسية السيئة ضد الفلسطينيين، فإنه يمثل خطوة صهيونية إضافية، هدفها شق وتقسيم الأقلية العربية داخل الدولة، توفير إمكانية التمييز بين عرب مسيحيّين وعرب مسلمين، وصولاً إلى تأسيس وتعميق مشاركة السكان المسيحيّين في المجتمع وتشجيعهم على الانضمام لخدمة العلم، وخاصة لتسهيل عملية الالتحاق بصفوف الجيش الإسرائيلي، وصولاً إلى إسقاط النظرية القومية العربية التاريخية حول الأصول العربية لمسيحي المنطقة بشكلٍ نهائي.

نحن مع كل الأقليات الطامحة إلى نيل حقوقها كاملة، وضد أيّة إجراءات مُغرضة، والتي من شأنها أن تمس الهوية العربية والروح الوطنية الفلسطينية، وسنظل لا نؤمن ولا نُسلّم بأيّة إجراءات أو وسائل التفافيّة خبيثة كما فعلت إسرائيل.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

إسرائيل، الإحتلال الإسرائيلي، ناتنياهو، فلسطين،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 20-10-2014  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  كيف نتواطأ على الكذب ؟
  البحرين تتكلم العبرية
  نصر محفوف بالمخاطر
  سنوات حالكة على القدس
  عباس يتوعّد بسلاح معطوب
  حماس، ما بين التهدئة والمصالحة
  الأمل الإسرائيلي يصدح في فضاء الخليج
  واشنطن: فرصة للابتزاز ..
  الهجرة اليهودية، سياسة الاستفزاز
  ثورة 25 يناير، قطعة مشاهدة
  الاتحاد الأوروبي والقضية الفلسطينية، صوت قوي وإرادة مُتهالكة
  عن 70 عاماً، الأونروا تحت التفكيك!
  دوافع الاستيطان ومحاسنه
  مطالب فاسدة، تُعاود اقتحام المصالحة الفلسطينية
  الفلسطينيون تحت صدمتين
  "نتانياهو" وصفقة القرن .. السكوت علامة الرضا
  حماس .. مرحلة التحصّن بالأمنيات
  دعاية تقول الحقيقة
  الولايات المتحدة.. الزمان الذي تضعُف فيه !
  سياسيون وإعلاميون فلسطينيون، ما بين وطنيين ومأجورين
  القرار 2334، انتصار للأحلام وحسب
  سحب المشروع المصري، صدمة وتساؤل
  المبادرة الفرنسية، والمصير الغامض
  دماء سوريا، تثير شفقة الإسرائيليين
  البؤر الاستيطانيّة العشوائية، في عين اليقين
  "نتانياهو" يعيش نظرية الضربة الاستباقية
  "أبومازن" – "مشعل"، غزل مُتبادل في فضاءات حرّة
  "نتانياهو"، حياة جديدة في اللحظات الأخيرة
  السّفارة الأمريكيّة في الطريق إلى القدس
  ترامب، "السيسي" أول المهنّئين و"نتانياهو" أول المدعوّين

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د - محمد بن موسى الشريف ، حسني إبراهيم عبد العظيم، د. ضرغام عبد الله الدباغ، محمد يحي، د - الضاوي خوالدية، د - شاكر الحوكي ، مصطفي زهران، د. عبد الآله المالكي، الناصر الرقيق، د- جابر قميحة، طلال قسومي، فتحي الزغل، سلام الشماع، د - محمد بنيعيش، محمد شمام ، سامح لطف الله، الهيثم زعفان، حسن الطرابلسي، محمد اسعد بيوض التميمي، عبد الله الفقير، د- محمود علي عريقات، كريم فارق، أبو سمية، د. صلاح عودة الله ، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د - مصطفى فهمي، رافع القارصي، علي عبد العال، فتحـي قاره بيبـان، د. عادل محمد عايش الأسطل، حسن عثمان، محمد أحمد عزوز، إسراء أبو رمان، د.محمد فتحي عبد العال، محرر "بوابتي"، ضحى عبد الرحمن، سعود السبعاني، محمد الياسين، سلوى المغربي، أنس الشابي، المولدي الفرجاني، عزيز العرباوي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، حاتم الصولي، محمود فاروق سيد شعبان، إياد محمود حسين ، جاسم الرصيف، سليمان أحمد أبو ستة، عمر غازي، رشيد السيد أحمد، أشرف إبراهيم حجاج، صفاء العربي، د - عادل رضا، علي الكاش، خبَّاب بن مروان الحمد، وائل بنجدو، رمضان حينوني، د. أحمد بشير، ماهر عدنان قنديل، محمد العيادي، سامر أبو رمان ، محمد الطرابلسي، أحمد النعيمي، مجدى داود، صلاح المختار، صالح النعامي ، الهادي المثلوثي، أحمد ملحم، عراق المطيري، يحيي البوليني، محمود طرشوبي، إيمى الأشقر، أحمد بوادي، مراد قميزة، يزيد بن الحسين، سفيان عبد الكافي، د - المنجي الكعبي، كريم السليتي، نادية سعد، عمار غيلوفي، فتحي العابد، صفاء العراقي، مصطفى منيغ، د - صالح المازقي، عبد الله زيدان، عبد الغني مزوز، محمود سلطان، خالد الجاف ، محمد عمر غرس الله، أحمد الحباسي، فوزي مسعود ، العادل السمعلي، رحاب اسعد بيوض التميمي، د. خالد الطراولي ، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، رضا الدبّابي، د- محمد رحال، د. أحمد محمد سليمان، صلاح الحريري، عبد الرزاق قيراط ، حميدة الطيلوش، د. طارق عبد الحليم، فهمي شراب، أ.د. مصطفى رجب، د- هاني ابوالفتوح، صباح الموسوي ، تونسي، ياسين أحمد، سيد السباعي، د. مصطفى يوسف اللداوي، منجي باكير، رافد العزاوي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، عواطف منصور،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة