البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

غزة تحت النار (7) العملية البرية

كاتب المقال د. مصطفى يوسف اللداوي - بيروت    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 3962


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


تتطلع المقاومة الفلسطينية إلى إلحاق خسائر حقيقية في صفوف العدو الصهيوني، فهي تدرك تماماً أن صواريخها مهما بلغ عمقها، ودقة إصابتها، فإن حجم الدمار المادي الذي تخلفه ليس كبيراً، فضلاً عن أنها قد لا تتسبب في قتل عددٍ كبير من الجنود والمستوطنين الصهاينة، رغم أنها تسبب حالة ذعرٍ كبيرة، وتخلق مناخاً من الخوف والرعب، الذي يعطل الحياة العامة، ويصيبها بالجمود، ويمنع المواطنين من ممارسة حياتهم الطبيعية، كونهم يلجأون إلى الملاجئ والأقبية، خوفاً من الصواريخ أو شظاياها.

كما أن سلاح الصواريخ يحد من حجم المشاركة العامة في المقاومة، ويقصرها على عددٍ من الخبراء والمختصين العسكريين، الذين يتحركون بحذر، وينفذون بسريةٍ تامة، ويختفون بسرعةٍ كبيرة إثر كل عملية، خاصةً في ظل المراقبة الإسرائيلية الحثيثة والدقيقة لحركة الصواريخ، وآليات نقلها، ومنصات إطلاقها، الأمر الذي يحد من المشاركة العامة في أعمال المقاومة.

في الوقت نفسه يتطلع الفلسطينيون إلى تكبيد العدو خسائر بشرية حقيقية، لعلمه أن الكيان الصهيوني لا يستطيع تحمل نتائج وتبعات مقتل العشرات من جنوده ومستوطنيه، خاصةً أنه يوطن نفسه على عملياتٍ سريعة وقصيرة، تشبه الكي في حدتها وسرعتها، بما لا يلحق به خسائر، ولا يجبره على البقاء طويلاً في الميدان، تحت مرمى نيران المقاومة، مخافة أن يقع صيداً سهلاً في أيديهم.

لهذا فإنهم يتطلعون إلى الخطوة الإسرائيلية القادمة، التي أعلن عنها قادة الكيان الصهيوني في كل الحروب السابقة، ومهدوا إعلامياً لها، وهيأوا مواطنيهم للتكيف معها، لكن أحداً منهم لم ينفذها، رغم الحشود البرية الضخمة، واستدعاء عشرات آلاف الجنود الاحتياط، لعلمهم أن الحرب البرية في قطاع غزة لن تكون سهلة، والمواجهة في الميدان وجهاً لوجه مع سكان غزة ستكون مختلفة، فرجال المقاومة في غزة يعرفون شوارعها، ولديهم خبرة في أزقتها، وهم يعيشون وسط شعبٍ يحميهم، وأهلٍ يقدمون لهم كل مساعدةٍ ممكنة.

وفي الوقت نفسه فإن الإسرائيليين يجهلون غزة، ويخافون من أزقتها، ويدركون أن الموت ينبعث من أحيائها، وينتشر في شوارعها، وينثره أطفالها قبل رجالها، وقد خبروه كثيراً، وذاقوا مر الكأس فيه، وتجرعوا الموات مراراً على أيدي مقاوميه، فكيف بهم يجرؤون على الدخول في جحر الدبابير الذي إذا انطلق فإنه سيصيب الكثير، وسينال من العديد، لا قتلاً أو إصابةً فحسب، بل أسراً واعتقالاً، فعيون المقاومة لا تتطلع إلى قتل الجنود المعتدين، بل تتوق إلى أسرهم واعتقالهم، ليكونوا هم ثمن الحرية للأسرى والمعتقلين الفلسطينيين.

ومع ذلك فقد استدعى رئيس حكومة العدو أربعين ألف جندي إسرائيلي من قوات الاحتياط، وهم جنودٌ غير متفرغين، بل لكلٍ منهم وظيفته الخاصة، وعمله المستقل، واهتماماته الشخصية، وحاجاته الفردية، ممن كونوا أسراً، وأصبح عندهم أطفال يخافون عليهم، ويخشون الموت دونهم.

يدرك وزير دفاع العدو وضباط جيشه وأركان قيادته، أن غزة تحتها غزة أخرى، وشبكة كبيرة من الأنفاق الحديثة والواسعة والمجهزة، إذ فيها شبكات اتصال وخدمات كهرباء، وحلقات ربط ومفاصل تحويل، وهي أنفاق كثيرة وعديدة، تنتشر كالشرايين تحت أرض القطاع، وتمتد عميقاً وطويلاً لتصل إلى عمق الأرض المحتلة، الأمر الذي يجعل من أي مغامرة برية يقوم بها جيش العدو، فرصةً لقنص جنوده، وتفجير دباباتهم، وإشعال الأرض تحت أقدامهم، كما ستكون فرصة لاحتمالات الأسر في الميدان، ونقلهم إلى أماكن بعيدة وآمنة.

تهديدات قادة العدو الصهيوني بعمليةٍ برية واسعة النطاق ضد قطاع غزة، ليست أكثر من ديماغوجيا دعائية، ومحاولة للحرب النفسية، لن يكون قادراً على تنفيذها، ولن يكون هناك مسؤول إسرائيلي، سياسي أو عسكري قادرٌ على اتخاذ قرار فعلي بتنفيذها.

وفي الوقت نفسه، فإن قوى المقاومة الفلسطينية تتمنى دخول جيش العدو إلى غزة، ليصبح أمام رجالها آلاف الأهداف، وبين أيديهم مئات الجنود، ولتنشأ بين المقاتلين حالات تنافس، وعمليات تحدي وسباق، أيهم يقتل أكثر، وأيهم يلحق بالعدو خسائر أكبر، وهذا أمرٌ يدركه العدو جيداً، وهو ما يجعله يقبل بسلاح الصواريخ، ويفضله ألف مرةٍ على حربٍ برية تختنق فيها أنفاسه، ويقتل فيها جنوده أو يُؤسَرون.

الأربعاء 17:15 الموافق 9/7/2014


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

الهجوم على غزة، حماس، إسرائيل، العدوان على غزة،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 10-07-2014  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  يومٌ في الناقورة على تخوم الوطن
  فرنسا تضيق الخناق على الكيان الصهيوني
  ليبرمان يعرج في مشيته ويتعثر في سياسته
  يهودا غيليك في الأقصى والكنيست من جديد
  عيد ميلاد هدار جولدن وأعياد الميلاد الفلسطينية
  ليبرمان يقيد المقيد ويكبل المكبل
  سبعون عاماً مدعاةٌ لليأس أم أملٌ بالنصر
  ويلٌ لأمةٍ تقتلُ أطفالها وتفرط في مستقبل أجيالها
  سلاح الأنفاق سيفٌ بتارٌ بحدين قاتلين
  دلائل إدانة الأطفال ومبررات محاكمتهم
  طبول حربٍ إسرائيلية جديدة أم رسائلٌ خاصة وتلميحاتٌ ذكية
  سياسة الأجهزة الأمنية الفلسطينية حكيمةٌ أم عميلةٌ
  العلم الإسرئيلي يرتفع ونجمة داوود تحلق
  نصرةً للجبهة الشعبية في وجه سلطانٍ جائر
  طوبى لآل مهند الحلبي في الدنيا والآخرة
  تفانين إسرائيلية مجنونة لوأد الانتفاضة
  عبد الفتاح الشريف الشهيد الشاهد
  عرب يهاجرون ويهودٌ يفدون
  إيلي كوهين قبرٌ خالي وقلبٌ باكي ورفاتٌ مفقودٌ
  إرهاب بروكسل والمقاومة الفلسطينية
  المساخر اليهودية معاناة فلسطينية
  الدوابشة من جديد
  المهام السرية لوحدة الكوماندوز الإسرائيلية
  المنطقة "أ" إعادة انتشار أم فرض انسحاب
  إعلان الحرب على "فلسطين اليوم" و"الأقصى"
  عظم الله أجر الأمريكيين وغمق لفقيدهم
  الثلاثاء الأبيض وثلاثية القدس ويافا وتل أبيب
  الهِبةُ الإيرانية والحاجةُ الفلسطينية
  هل انتهت الانتفاضة الفلسطينية ؟
  سبعة أيامٍ فلسطينيةٍ في تونس

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
سعود السبعاني، رضا الدبّابي، عراق المطيري، أحمد ملحم، يزيد بن الحسين، صفاء العربي، أبو سمية، رشيد السيد أحمد، نادية سعد، د- جابر قميحة، د. عادل محمد عايش الأسطل، الهادي المثلوثي، د - الضاوي خوالدية، حسني إبراهيم عبد العظيم، محمد اسعد بيوض التميمي، حاتم الصولي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، صالح النعامي ، أحمد الحباسي، د - محمد بنيعيش، د - شاكر الحوكي ، سليمان أحمد أبو ستة، محمد الياسين، صلاح الحريري، عبد الغني مزوز، محمود سلطان، فوزي مسعود ، فهمي شراب، د- محمود علي عريقات، حسن عثمان، الهيثم زعفان، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، محمد شمام ، عبد الله زيدان، أحمد بوادي، رمضان حينوني، د - مصطفى فهمي، رافع القارصي، د. مصطفى يوسف اللداوي، أشرف إبراهيم حجاج، فتحي الزغل، د. أحمد بشير، عمار غيلوفي، الناصر الرقيق، إياد محمود حسين ، د. أحمد محمد سليمان، سلوى المغربي، وائل بنجدو، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، كريم السليتي، د- هاني ابوالفتوح، يحيي البوليني، كريم فارق، د. عبد الآله المالكي، د. خالد الطراولي ، رحاب اسعد بيوض التميمي، إيمى الأشقر، علي عبد العال، تونسي، أ.د. مصطفى رجب، منجي باكير، رافد العزاوي، مجدى داود، إسراء أبو رمان، حسن الطرابلسي، صلاح المختار، فتحي العابد، حميدة الطيلوش، خبَّاب بن مروان الحمد، العادل السمعلي، محمود فاروق سيد شعبان، د. طارق عبد الحليم، أحمد النعيمي، مصطفي زهران، فتحـي قاره بيبـان، د- محمد رحال، محمد أحمد عزوز، خالد الجاف ، محمود طرشوبي، صباح الموسوي ، د.محمد فتحي عبد العال، صفاء العراقي، د - عادل رضا، محمد عمر غرس الله، أنس الشابي، عزيز العرباوي، د - صالح المازقي، سفيان عبد الكافي، محمد العيادي، مصطفى منيغ، طلال قسومي، د - محمد بن موسى الشريف ، د. صلاح عودة الله ، سلام الشماع، أحمد بن عبد المحسن العساف ، عبد الله الفقير، سيد السباعي، مراد قميزة، عمر غازي، جاسم الرصيف، محرر "بوابتي"، د - المنجي الكعبي، المولدي الفرجاني، عبد الرزاق قيراط ، سامح لطف الله، ماهر عدنان قنديل، محمد الطرابلسي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، ياسين أحمد، محمد يحي، عواطف منصور، سامر أبو رمان ، علي الكاش، ضحى عبد الرحمن،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة