البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

حيرة المصريين

كاتب المقال د. عادل محمد عايش الأسطل - فلسطين    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 4977


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


منذ اندلاع ثورة يناير2011، تكونت حالة دينيّة، تعلّقت باستخراج التشريعات والفتاوى الدينية الغريبة والمتباينة، سواء من حيث قيمها الروحيّة أو مضامينها التشريعية، وصلت إلى حد تسميتها (ظاهرة)، لكثرتها ومن غير سبب أو داعٍ يوجبها، حيث فاقت بمئات المرّات عن التي كانت تُستخرج في الفترات السابقة، والتي كانت تصدر في العادة للجمهور في شأن بيان حكم ديني أو فيما يتعلق بالأمور الحياتية العامة فقط وبهدوءٍ. وأيضاً بسبب أنها تميّزت بخلط الدين بالسياسة، وتغليب إحداهما على الأخرى في حالات كثيرة ومختلفة وتبعاً لتطورات الظرف والحال.

كانت اشتدت هذه الحالة أو هذه الظاهرة بشكلٍ لافت، منذ تدخل الجيش المصري في الثالث من يوليو 2013، بقيادة الفريق أول "عبد الفتاح السيسي" في عملية عزل الرئيس "محمد مرسي" وجماعة الإخوان عن الحكم، ورأيناها بكل وضوح، من خلال إنتاج واستصدار كمّاً هائلاً منها وفي عملية تفريخ وتنمية المروجين لها، إمّا بطريق الوظائف وإمّا بطريق التطوّع، أو بطرقٍ أخرة، ولكلٍ أغراضه وأهدافه، الأمر الذي جعل أغلبية وربما جميع التيارات والحركات السياسية المختلفة تقع في تجاذبات سياسية واجتماعية ودينية مختلفة، توالدت عنها انعكاسات ولا شك سيئة جداّ على عموم المصريين، وخاصة فيما يتعلق بالقضايا الدينية، بسبب أن المسألة الدينية تأتي في المرتبة الأولى للسواد الأعظم منهم، لوقوعها في مركز شعورهم ووجدانهم، وليست كالمسألة السياسية التي لا تعني إلاّ العاملين بها والقادرين عليها.

وتتضح جلياً تلك الانعكاسات، من خلال أن جعلت ليس المواطن المصري العادي أن يتأثّر بها وحده وحسب، بل أن هناك شرائح مختلفة تضم أعلاماً ومثقّفين وفقهاء ومشايخ وآخرين، كانوا سواء بسواء مع ذلك المواطن العادي، في مسألة وقوعهم في صميم الحيرة حيناً والتشكك والاختلاف حيناً آخر، بسبب تباين وتناقض الخطاب الديني بين أقطابه الدينيين وعلى اختلافهم في درجة العلم والرؤى الخاصة بهم، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالقضايا السياسية، وخاصةً التي تقترب من نطام الحكم.
لقد برزت مدارس دينية كثيرة جعلت مهمّتها بالدرجة الأولى استخراج الفتاوى والأحكام- ليس جميعها- سعياً في إثبات ذاتها وترسيخ مفاهيمها وللدفع في معاونة جهات أخرى حاكمة أو متنفّذة وتحتاج لفتاوي دينيّة مُساندة. ويمكن هنا الإشارة إلى مدرستين رئيستين على المستوي المصري، أخذت كل مدرسة منهما بالتصدي للأخرى لتثبيت صحة اجتهاداتها وفتاويها الصادرة عنها، وخاصة في الشأن السياسي وضمن إطار التطورات والأحداث القائمة والمتوقع حدوثها أيضاً. حيث مثّل الأزهر الشريف إحدى هاتين المدرستين من خلال شيخه الدكتور "أحمد الطيب" ويدور في فلكه حزب النور السلفي وجماعات صوفية أخرى. ويمثل المدرسة الثانية عضو هيئة كبار علماء بالأزهر سابقاً ورئيس اتحاد علماء المسلمين الشيخ الدكتور "يوسف القرضاري" ويدور في فلكه جماعة الإخوان المسلمين والجماعة الإسلامية وتيارات دينية أخرى.

ويمكن في هذا المقام، ذكر حالة واحدة - للمثال فقط- من جملة ما ورد من فتاوى وأحكام كانت حصلت على أقصى درجات التباين والتناقض فيما بين المدرستين، وذلك حول ما يتعلق بالدستور الجديد (لجنة الخمسين) وعملية الاستفتاء عليه والمقررّة في منتصف يناير/كانون ثاني المقبل، أي بعد أقل من شهرٍ واحد من الآن.

فبينما أكّد الدكتور "القرضاوي" بأن الاستفتاء على الدستور المصري (الجديد) على أنه عبث، بسبب أن هناك دستور مستفتى عليه منذ العام الفائت 2012، وكون هذا الدستور تخلو مضامينه من روح الشريعة الإسلامية، حيث أصبحت الأحكام الشرعية ضمن إطاره كلمة لا معنى لها".

وساندت ذلك الموقف فتاوى لأقطاب تيارات دينية أخرى، وكان من بينهم شخصيات دينية سلفية بارزة، أمثال "أبوإسحاق الحويني" و"مصطفى العدوي" و"فوزي السعيد"، حيث أفتى "الحويني" وهو عضو كبير في مجلس شورى العلماء السلفي- باعتباره منشق- بضرورة مقاطعة التصويت على الدستور، وبأن الإقدام على الاستفتاء (مُحرّم) بسبب أنه يخالف الشريعة وبه عوارٌ كبير.

وبينما حرّمت جهات دينية أخرى مسألة الاستفتاء، كان هناك تأكيد واضح من الأزهر، على أن الخروج للاستفتاء على مشروع الدستور هو واجب وطني، بسبب أنه يصب في مصلحة الوطن وهو يُعد من مقاصد الشريعة. وعلل تأكيده بالوجوب، بأن لا حرمة لدماء، ولا حفظ لعقل، ولا صون لعرض، ولا أمن على مال، دون وطن آمِن مستقر يجمع الشمل، ويوحِّد الصف، ويزيل الفرقة، ويبعث على الأمل.

ومن ناحيةٍ أخرى أكّد على رفضه لدعاوى تحريم الخروج للاستفتاء أو الحكم على مشروع الدستور بأنه ضد الدين أو ضد الشريعة الإسلامية، معتبراً بكل وضوح إلى أن هذه كلها فتاوى شاذة ومجافية للشرع والدين. وناصره في موقفه هذا وزير الأوقاف بالحكومة الجديدة "محمد مختار" حيث أكّد بأن المشاركة في الاستفتاء هي واجب ديني. وتوّج ذلك كلّه مفتى مصر السابق الشيخ "على جمعة" حين وصف من يوافق على الدستور بأنّه مؤيّد من الله.

----------
خانيونس/فلسطين
23/12/2013


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

مصر، الثورة المصرية، الثورة المضادة، الإخوان المسلمون، المجلس العسكري، الإنقلاب العسكري،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 23-12-2013  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  كيف نتواطأ على الكذب ؟
  البحرين تتكلم العبرية
  نصر محفوف بالمخاطر
  سنوات حالكة على القدس
  عباس يتوعّد بسلاح معطوب
  حماس، ما بين التهدئة والمصالحة
  الأمل الإسرائيلي يصدح في فضاء الخليج
  واشنطن: فرصة للابتزاز ..
  الهجرة اليهودية، سياسة الاستفزاز
  ثورة 25 يناير، قطعة مشاهدة
  الاتحاد الأوروبي والقضية الفلسطينية، صوت قوي وإرادة مُتهالكة
  عن 70 عاماً، الأونروا تحت التفكيك!
  دوافع الاستيطان ومحاسنه
  مطالب فاسدة، تُعاود اقتحام المصالحة الفلسطينية
  الفلسطينيون تحت صدمتين
  "نتانياهو" وصفقة القرن .. السكوت علامة الرضا
  حماس .. مرحلة التحصّن بالأمنيات
  دعاية تقول الحقيقة
  الولايات المتحدة.. الزمان الذي تضعُف فيه !
  سياسيون وإعلاميون فلسطينيون، ما بين وطنيين ومأجورين
  القرار 2334، انتصار للأحلام وحسب
  سحب المشروع المصري، صدمة وتساؤل
  المبادرة الفرنسية، والمصير الغامض
  دماء سوريا، تثير شفقة الإسرائيليين
  البؤر الاستيطانيّة العشوائية، في عين اليقين
  "نتانياهو" يعيش نظرية الضربة الاستباقية
  "أبومازن" – "مشعل"، غزل مُتبادل في فضاءات حرّة
  "نتانياهو"، حياة جديدة في اللحظات الأخيرة
  السّفارة الأمريكيّة في الطريق إلى القدس
  ترامب، "السيسي" أول المهنّئين و"نتانياهو" أول المدعوّين

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
مصطفي زهران، محمود سلطان، رافع القارصي، محمد شمام ، د. خالد الطراولي ، سامح لطف الله، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، أحمد الحباسي، عبد الغني مزوز، د - الضاوي خوالدية، حسني إبراهيم عبد العظيم، عواطف منصور، مجدى داود، علي عبد العال، سفيان عبد الكافي، د - محمد بن موسى الشريف ، فوزي مسعود ، د.محمد فتحي عبد العال، د - عادل رضا، أحمد ملحم، د- محمد رحال، رافد العزاوي، إسراء أبو رمان، د. مصطفى يوسف اللداوي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د. عبد الآله المالكي، رمضان حينوني، إيمى الأشقر، نادية سعد، د - محمد بنيعيش، فتحي الزغل، د- جابر قميحة، أحمد بوادي، د. صلاح عودة الله ، محمد العيادي، علي الكاش، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، حسن الطرابلسي، د. أحمد بشير، د. أحمد محمد سليمان، العادل السمعلي، حاتم الصولي، د - المنجي الكعبي، تونسي، المولدي الفرجاني، د. كاظم عبد الحسين عباس ، سلام الشماع، د. طارق عبد الحليم، عبد الله زيدان، د- محمود علي عريقات، يحيي البوليني، محمود طرشوبي، ضحى عبد الرحمن، الهيثم زعفان، طلال قسومي، فتحـي قاره بيبـان، الهادي المثلوثي، د - مصطفى فهمي، د. عادل محمد عايش الأسطل، يزيد بن الحسين، أبو سمية، صفاء العراقي، مصطفى منيغ، الناصر الرقيق، صلاح الحريري، أحمد النعيمي، خالد الجاف ، سلوى المغربي، حميدة الطيلوش، محمد عمر غرس الله، وائل بنجدو، أنس الشابي، د- هاني ابوالفتوح، د - صالح المازقي، عمار غيلوفي، أ.د. مصطفى رجب، رحاب اسعد بيوض التميمي، حسن عثمان، صفاء العربي، صلاح المختار، كريم فارق، جاسم الرصيف، محمد الياسين، خبَّاب بن مروان الحمد، سامر أبو رمان ، ماهر عدنان قنديل، محمد يحي، محمود فاروق سيد شعبان، رشيد السيد أحمد، عبد الله الفقير، كريم السليتي، إياد محمود حسين ، د - شاكر الحوكي ، ياسين أحمد، فهمي شراب، محرر "بوابتي"، محمد أحمد عزوز، صالح النعامي ، سيد السباعي، محمد الطرابلسي، عبد الرزاق قيراط ، سعود السبعاني، صباح الموسوي ، مراد قميزة، فتحي العابد، أشرف إبراهيم حجاج، عمر غازي، منجي باكير، د. ضرغام عبد الله الدباغ، عزيز العرباوي، محمد اسعد بيوض التميمي، عراق المطيري، رضا الدبّابي، سليمان أحمد أبو ستة،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة