البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

العالم بدون إسرائيل

كاتب المقال د. مصطفى يوسف اللداوي - لشبونة    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 4365 moustafa.leddawi@gmail.com


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


هل نتصور كيف سيكون العالم دون إسرائيل وهي الكيان اللقيط الغريب المشاكس المريب، وكيف ستكون منطقة الشرق الأوسط بدون جيشها وترسانتها العسكرية ومخزونها النووي، وبدون متطرفيها ومتشدديها من المستوطنين وغلاة المتدينيين، وبدون أفكارها وتلمودها، وأحزابها وقادتها، وحاخاماتها وادعاءاتها.

هل يمكننا أن نتخيل العالم وقد غابت فيه إسرائيل عن الوجود، ولم تعد تشغل مكاناً على الخارطة، ولا علماً لها يرفرف فوق سارية أو مبنىً، ولا اعتراف دولي بها، ولا ممثلياتٍ أو سفارتٍ لها، ولا لوبي سياسي يدعمها، ولا تكتلاتٍ إقتصادية متوحشة تمولها.

من المؤكد أن العالم الذي تغيب عنه إسرائيل سيكون عالماً مثالياً، خالٍ من الظلم والاعتداء والتآمر، لا حروب فيه ولا قتلى، ولا دمار فيه ولا خراب، ولا سجون في جنباته ولا معتقلات، عالمٌ تسوده المحبة والعدل، وتغيب عنه معاني الكراهية والتعصب، وتسمو فيه القيم الإنسانية ومعاني الرحمة والتآخي، وسيكون عالماً صحياً معافىً من الأزمات الاقتصادية والآفات الاجتماعية، والأحلاف المشبوهة.

قد تكون هذه خيالات كاتب، أو شطحات مفكر، أو أضغاث أحلامٍ وأماني معسولة، أو أفكار ساذجة أو رؤى عديمة، أو أنها معتقداتٌ لاهوتية غيبية، أو تنبؤاتٌ دينية ووعودٌ قرآنية، إلا أنها لدى المسلمين حقيقةً ويقيناً، وهي لدى المؤمنين عقيدةً وديناً، بأن يوماً ما سيكون فيه العالم حراً من ربقة اليهود وظلمهم، ولا تكون لهم دولة ولا يبقى لهم كيان، ولا يرفع لهم علم، وسيتشتتون بعد التئمام، وسيتفرقون بعد جمع، وسيتمزقون بعد لحمة، وسيعود كثيرٌ منهم من حيث أتى آباؤهم.

إنها أحلامٌ مشروعة، وأماني نبيلة، وغاياتٌ شريفة، يجب أن نسعى لها، وأن نعمل من أجلها، وألا نخجل من طرحها، أو نخاف من إثارتها، فتخليص العالم من إسرائيل وشرورها لهو أعظم الأعمال وأشرفها، وهو فضلٌ يُؤدى للبشرية الحاضرة وللأجيال القادمة، يُحمد من قام بشطبها، ويُشكر من كان له دورٌ في تغيبها، وهو واجبٌ على المسلمين، والتزامٌ من المؤمنين، فإسرائيل لا تعادي المسلمين وحدهم، بل إن شرورها تعم، وظلمها يسود، وقديماً دنست كنسية القيامة، وسامت المسيحيين سوء العذاب، وأذاقتهم لباس الذل والهوان، إلى أن جاء الفتح وانتشر الإسلام فخلصهم وحمى كنائسهم، وألقى بظلاله الآمنة عليهم.

قد يكون هذا الخيال صعباً أو بعيد المنال، ويصعب تحقيقه ويستحيل تصوره، وقد أصبحت إسرائيل واقعاً وحقيقة، ودولةً وجيشاً، ولها من القوة ما يحميها، ومن الاقتصاد ما يغنيها، ولكن التاريخ ينبؤنا عن حضاراتٍ سادت ثم بادت، ودولٍ كانت ثم غابت، فكيف بدولةٍ مارقة، قامت على الظلم والاغتصاب، وحكمت بالبغي والاستبداد، وعاشت على النهب والإبتزاز، وغدت عنصريةً تقتل وتخرب وتدمر، وتعزل وتحاصر وتحارب، وتحرم وتمنع وتصادر.

هل كان أحدٌ يتصور أوروبا قبل القرن التاسع عشر دون اليهود، وقد كان لهم فيها شأنٌ ومكانة، فاليوم أصبحت أوروبا تقريباً خالية من مئات آلاف اليهود الذين كانوا يتوزعون في دول القارة الأوروبية، وقد كان التخلص من يهود أوروبا حلماً لدى الأوروبيين، الذين كانوا ينعتونهم بالمرابين القذرين، واللوطيين المنحرفين، والشاذين المفسدين، والمستغلين الجشعين، وأصبحت دول أوروبا من بعدهم ناهضة، أنظمتها موحدة، واقتصادها قوي، ومواطنوها يتمتعون بالصحة والرفاهية، الذين يرفضون أن يبقوا عبيداً لعقدة، وأسرى لفكرة، يدفعون من قوتهم، ويتخلون عن مقدراتهم، من أجل دولةٍ عاث أبناؤها من قبل في دولهم فساداً وخراباً، فاستحقوا الطرد والقتل أحياناً، ولعل أوروبا تنتظر النعي وتترقب السقوط أكثر منا، بعد أن أعياها صلفُ الإسرائيليين وعنادهم، وأتعب ساستها ظلمُ قادتها واعتداءُ جيشها.

لا ينفرد المسلمون وحدهم بهذا الاعتقاد، إنطلاقاً من عقيدتهم، بل إن كثيراً من المفكرين والباحثين الغربيين، والسياسيين الأوروبيين والأمريكيين، وحتى من اليهود أنفسهم، يرون أن زوال دولة إسرائيل واقعٌ لا خيال، وحقيقةٌ لا سراب، وأنها ستشطب عن الخارطة، وستخرج من الأرض التي احتلتها، ولن يكون لها من يساندها أو يضحي من أجلها، ولن تنفعها سيول الدعم ولا أساطيل السلاح، إذ ستفقد روح القتال، وقوة العقيدة، وستتراجع لدى أجيالها عوامل الجذب وخزبعلات الهيكل والاسطبل، والنجمة والشمعدان.

فلا يشعر أحدُنا بأنه يخرف أو يهذي، أو أنه سفيهٌ أو مجنون، بل إن من يفكر برحيلهم هو العاقل، ومن يسعى لشطبهم هو الواعي، ومن يصرح بهذه الحقيقة هو الشجاع الجريء، والعاقل المستنير، وإنهم ليعلمون يقيناً أنهم سيذهبون، وأن ملكهم سيزول، وإنه ليومٌ بإذن الله قريب وهو عنا ليس ببعيد، ولا هو بالصعب ولا بالمستحيل، وستصنعه شعوبنا، وستقدر عليه أجيالُنا، وستغدو إلى أرضنا المباركة أجيادُنا، تطهر ما داسته أقدامهم، وما عاثته سياستهم، فلا ينبغي أن يموت فينا هذا الأمل، ولا يغيب عنا هذا الهدف، وقد سقطت حصونهم وانهارت دفاعاتهم، ورحل سدنتهم، وغاب حراسهم، وجاء من بعدهم أجيالٌ ثائرون، ورجالٌ صنعوا الربيع ونسجوا فجر الغد، ومن أشعة شمس الأمة سيغزلون أثواب النصر وبيارق الأمل.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

إسرائيل، الإعتراف باسرائيل، الإحتلال، الكيان الصهيوني، اليهود،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 22-02-2013  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  يومٌ في الناقورة على تخوم الوطن
  فرنسا تضيق الخناق على الكيان الصهيوني
  ليبرمان يعرج في مشيته ويتعثر في سياسته
  يهودا غيليك في الأقصى والكنيست من جديد
  عيد ميلاد هدار جولدن وأعياد الميلاد الفلسطينية
  ليبرمان يقيد المقيد ويكبل المكبل
  سبعون عاماً مدعاةٌ لليأس أم أملٌ بالنصر
  ويلٌ لأمةٍ تقتلُ أطفالها وتفرط في مستقبل أجيالها
  سلاح الأنفاق سيفٌ بتارٌ بحدين قاتلين
  دلائل إدانة الأطفال ومبررات محاكمتهم
  طبول حربٍ إسرائيلية جديدة أم رسائلٌ خاصة وتلميحاتٌ ذكية
  سياسة الأجهزة الأمنية الفلسطينية حكيمةٌ أم عميلةٌ
  العلم الإسرئيلي يرتفع ونجمة داوود تحلق
  نصرةً للجبهة الشعبية في وجه سلطانٍ جائر
  طوبى لآل مهند الحلبي في الدنيا والآخرة
  تفانين إسرائيلية مجنونة لوأد الانتفاضة
  عبد الفتاح الشريف الشهيد الشاهد
  عرب يهاجرون ويهودٌ يفدون
  إيلي كوهين قبرٌ خالي وقلبٌ باكي ورفاتٌ مفقودٌ
  إرهاب بروكسل والمقاومة الفلسطينية
  المساخر اليهودية معاناة فلسطينية
  الدوابشة من جديد
  المهام السرية لوحدة الكوماندوز الإسرائيلية
  المنطقة "أ" إعادة انتشار أم فرض انسحاب
  إعلان الحرب على "فلسطين اليوم" و"الأقصى"
  عظم الله أجر الأمريكيين وغمق لفقيدهم
  الثلاثاء الأبيض وثلاثية القدس ويافا وتل أبيب
  الهِبةُ الإيرانية والحاجةُ الفلسطينية
  هل انتهت الانتفاضة الفلسطينية ؟
  سبعة أيامٍ فلسطينيةٍ في تونس

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د. أحمد محمد سليمان، د. عبد الآله المالكي، رحاب اسعد بيوض التميمي، إيمى الأشقر، إياد محمود حسين ، محمود فاروق سيد شعبان، فهمي شراب، د - المنجي الكعبي، حسن عثمان، علي عبد العال، نادية سعد، أحمد ملحم، عمر غازي، مصطفي زهران، محمد يحي، د- محمد رحال، رافد العزاوي، سلام الشماع، إسراء أبو رمان، الناصر الرقيق، فتحـي قاره بيبـان، أحمد النعيمي، ياسين أحمد، عزيز العرباوي، د. مصطفى يوسف اللداوي، جاسم الرصيف، حميدة الطيلوش، أحمد بوادي، سامر أبو رمان ، د - الضاوي خوالدية، يزيد بن الحسين، أبو سمية، العادل السمعلي، محرر "بوابتي"، أحمد الحباسي، د. طارق عبد الحليم، مصطفى منيغ، محمد أحمد عزوز، عبد الغني مزوز، رضا الدبّابي، سلوى المغربي، فوزي مسعود ، سامح لطف الله، خالد الجاف ، صلاح المختار، محمد عمر غرس الله، يحيي البوليني، تونسي، د. عادل محمد عايش الأسطل، أحمد بن عبد المحسن العساف ، عبد الله زيدان، محمد العيادي، د- جابر قميحة، عمار غيلوفي، عبد الله الفقير، وائل بنجدو، علي الكاش، أ.د. مصطفى رجب، منجي باكير، محمد شمام ، د - شاكر الحوكي ، سفيان عبد الكافي، عواطف منصور، صفاء العربي، رمضان حينوني، طلال قسومي، د - عادل رضا، محمد الطرابلسي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، خبَّاب بن مروان الحمد، عراق المطيري، د - محمد بنيعيش، صفاء العراقي، د - محمد بن موسى الشريف ، سيد السباعي، أشرف إبراهيم حجاج، د. صلاح عودة الله ، د.محمد فتحي عبد العال، صباح الموسوي ، مراد قميزة، د - مصطفى فهمي، حسن الطرابلسي، د - صالح المازقي، عبد الرزاق قيراط ، حاتم الصولي، محمد الياسين، ضحى عبد الرحمن، الهيثم زعفان، رشيد السيد أحمد، كريم السليتي، حسني إبراهيم عبد العظيم، فتحي الزغل، صلاح الحريري، كريم فارق، أنس الشابي، مجدى داود، الهادي المثلوثي، محمود طرشوبي، المولدي الفرجاني، محمود سلطان، د. ضرغام عبد الله الدباغ، رافع القارصي، فتحي العابد، د- محمود علي عريقات، سعود السبعاني، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د. خالد الطراولي ، صالح النعامي ، سليمان أحمد أبو ستة، د. أحمد بشير، د. كاظم عبد الحسين عباس ، ماهر عدنان قنديل، د- هاني ابوالفتوح، محمد اسعد بيوض التميمي،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة