البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

محنة العراق: إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم

كاتب المقال د. ضرغام الدباغ - برلين    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 4617


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


ماذا يريد العراق من العرب، وماذا يريد العرب من العراق ....؟
في رؤية تاريخية لعلاقة العراق بالعرب، بوصفه ركن أساس من أركان الأمة، وأيضاً في حسابات المحيط العربي، وما يرتب ويترتب على ذلك من مسؤوليات وواجبات.

العراق سواء عبر تاريخه البعيد جداً(قبل الميلاد)، أو (الوسيط) تاريخه العربي / الإسلامي، أو القريب في تاريخه المعاصر، لم يكن كياناً هامشياً، أو يلعب أدواراً ثانوية, بل كان فاعلاً ومتفاعلاً طوال المراحل التي كان فيها العراق مالكاً لأمره وقراره ولسيادته السياسية. وتتلاحم المعطيات السياسية والاقتصادية والجغرافية في هذه الرؤية لتمنح العراق هذا الدور المتميز. وقد قام العراق بدوره التاريخي هذا عبر التاريخ، وبشعور عال بالمسؤولية وهو شعور تتوارثه القيادات العراقية تلقائياً ولا علاقة للأمر بالطبيعة السياسية للنظام السياسي في العراق، هكذا فعل البابليون، والآشوريون، وهكذا كان موقع العراق في الخلافة العربية الاسلامية، الراشدية، الأموية، والعباسية. وهكذا أيضاً كان العراقيون سباقون في تأسيس حركة التحرر العربية الحديثة في عهود السيطرة العثمانية، وما تلاها من أنظمة حتى في العهد الملكي، وما تلاها من العهود في ظل الجمهورية.

وهذه المكانة تحديداً، وهذا الموقع الجيوبولتيكي / الاقتصادي، مضافاً إليها القدرة البشرية الديناميكية الفاعلة بنشاط وقوة، الكامنة لدى الشعب العراقي، للأسف أدركها خصوم وأعداء الأمة، أكثر مما نعرفها نحن لنقدرها حق قدرها، وليس سوى هذه المعطيات التي بدأت تتنامى بأطراد، حتى شكلت كياناً سياسياً أصاب الاعداء في قلق، وهلع، وهو بالضبط ما دعاهم لتعبئة حملة فريدة من نوعها في التاريخ السياسي / العسكري، ولم يكن الهدف سوى ضرب هذه النواة الصلبة القوية، وهم باعتقادهم أنه سيصيبون من الأمة في مقتل إن استطاعوا إنهاء العراق، وهو ما يظنوه حتى الآن.

يجب إبقاء العراق بهذه الحالة، لا هو بالكيان الميت، ولا الحي، لا هو بالمستقل، ولا بالمستعمر، لا هو بالموحد ولا المجزء، المطلوب إبقاؤه بهذا الحال تعصف به رياح الفرقة والتناقض بين مكوناته، لا يتطلع خارج أزمته، وليبلغ درجة العداء بين مكوناته إلى أقصى مدى، لذلك فالسلام هش، والاتفاقات بين هذه المكونات السياسية قابلة للانهيار والاشتعال في أي لحظة، لذلك فإن غياب أو تغييب العناصر العراقية السياسية الفاعلة القادرة على الأخذ بيده، فقرة برسم التنفيذ اليومي إضافة لتدمير منهجي مبرمج يدور على مدار الساعة، إبادة لكل شيئ يتمتع بأفق تطور في العراق، حيث تتعرض القطاعات الاقتصادية للتلاشي، وهذه الآلية وقوة التنفيذ هي أكبر مما أن يدور عشوائياً، بل بمخطط دقيق، يجري تنفيذه على أيدي خبراء يتمتعون بحصانات من الأمريكان والإيرانيون والصهاينة، فهم المشرفون المباشرون تخطيطاً وتنفيذاً، فلم يبقوا في العراق شيئاً له قيمة سياسية أو علمية أو اقتصادية أو حتى فنية / تاريخية إلا ودمروه بقسوة رهيبة، فلا محل للعواطف هنا: العراق يجب أن ينتهي، هذه مصلحة سياسية / استراتيجية عليا للقوى الثلاث المتحالفة في العراق.

ولسنا بصدد شرح الخطط المضادة الآن، ولكن لابد ابتداء من أن نثبت، أن في سياق عملية بناء العراق الحديث ارتكبت أخطاء كثيرة، بعضها كان جسيماً، أخطاء تتوالى منذ ثورة 14 / تموز / 1958، والثورة لم تنجح للأسف (لأسباب كثيرة) في أن تفتح الأبواب على عراق جمهوري ديمقراطي، بل إساءة متواصلة لنظام الدولة والقانون والدستور، كما أن الأعداء ما كانوا ليتمكنوا منا لولا أن فينا من فتح لهم الأبواب، والآن يتعاونون معهم على الإجهاز على ما تبقى من العراق. لعل له في ذلك مصلحة ذاتية أو فئوية ليست وطنية ، لعله كان نسياً منسياً فيريد أن يكون شيئاً ولو على أشلاء وطنه وشعبه، لعله يعاني من عقد دفينة مدمرة وهو اليوم في موقع ليس قيادي، فأنا لا أعتبر العراقيون رغم ما حدث، مسئولون بالدرجة الأولى، فهم متعاونون فحسب، ويقبضون على تعاونهم.

اليوم، كل عراقي أي كان موقعه، حتى أولئك المتعاونين، لنصدق أنهم تعرضوا للاحتيال والنصب، فأصابوا ما أصابوا، ولكنهم ألا يرون اليوم أن العراق يحترق بل وتفوح رائحة شواءه ؟ لذلك فالقول الفصل هنا لآية قرأنية كريمة :

إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم .

نعم العرب قصروا في فهم العراق ودوره الكبير ومستحقاته عليه، وله وعليهم، وما يريد أصلاً، ونحن أسأنا فهمهم كذلك. واليوم إن تدخلوا قيل لهم: أهل مكة أدرى بشعبها، وإن نأوا بأنفسهم، نلومهم، أن هلموا تعالوا.

الخطب في ديارنا والأمر بأيدينا، والقرار قرارنا، والأعداء لم يروا فينا وقفة رجل واحد، لذلك فهم يرون أن الملعب واسع، والجمهور مشتت، ونحن ميالون للمشاحنة والبغضاء، والمباراة تدور بلا محكمين ...!

فكافة مستلزمات الغش والتدليس بين فرقاء العملية السياسية إن صح التعبير متوفرة، فلماذا يكفون عن التدمير ..؟

ولكنني كإنسان أؤمن بالحتمية التاريخية، وتلك ستحل يوماً، وستفتح أبواب كانت مغلقة، والبلاد لأهلها وتلك حقيقة لا مراء فيها، ولا يصح إلا الصحيح.

ليحفظ الله العراق


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المقال جزء من مقابلة تلفازية مع إحدى القنوات العربية بتاريخ 26 / أيلول ــ سبتمبر / 2012


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

العراق، التاريخ العراقي، الجلاء من العراق، إحتلال العراق،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 29-09-2012  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  ماذا يحدث في بلاد العم سام
  الوضع الثقافي في شبه الجزيرة قبل الاسلام
  سوف تكسبون ... ولكنكم لن تنتصروا Sie werden gewinnen aber nicht siegen
  صبحي عبد الحميد
  الخطوط الدفاعية
  غيرترود بيل ... آثارية أم جاسوسة ..؟
  أمن البعثات الخارجية
  الحركة الوهابية
  ماذا يدور في البيت الشيعي
  الواقعية ... سيدة المواقف
  زنبقة ستالينغراد البيضاء هكذا أخرجت فتاة صغيرة 17 طائرة نازية من السماء
  اللورد بايرون : شاعر أم ثائر، أم بوهيمي لامنتمي
  حصان طروادة أسطورة أم حقيقة تاريخية
  دروس سياسية / استراتيجية في الهجرة النبوية الشريفة
  بؤر التوتر : أجنة الحروب : بلوشستان
  وليم شكسبير
  البحرية المصرية تغرق إيلات
  كولن ولسن
  الإرهاب ظاهرة محلية أم دولية
  بيير أوغستين رينوار
  المقاومة الألمانية ضد النظام النازي Widerstand gegen den Nationalsozialismus
  فلاديمير ماياكوفسكي
  العناصر المؤثرة على القرار السياسي
  سبل تحقيق الأمن القومي
  حركة الخوارج (الجماعة المؤمنة) رومانسية ثورية، أم رؤية مبكرة
  رسائل من ملوك المسلمين إلى أعدائهم
  وليم مكرم عبيد باشا
  ساعة غيفارا الاخيرة الذكرى السادسة والستون لمصرع البطل القائد غيفارا
  من معارك العرب الكبرى : معركة أنوال المجيدة
  نظرية المؤامرة Conspiracy Theory

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
أحمد النعيمي، خالد الجاف ، عبد الغني مزوز، حميدة الطيلوش، ياسين أحمد، إياد محمود حسين ، فتحي العابد، د. خالد الطراولي ، د - عادل رضا، أحمد ملحم، عمر غازي، فتحـي قاره بيبـان، د- محمد رحال، د- جابر قميحة، عواطف منصور، سلام الشماع، محمود فاروق سيد شعبان، عبد الرزاق قيراط ، رحاب اسعد بيوض التميمي، محمد يحي، سعود السبعاني، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، علي عبد العال، د - محمد بنيعيش، ضحى عبد الرحمن، د - الضاوي خوالدية، مجدى داود، حاتم الصولي، علي الكاش، منجي باكير، سامر أبو رمان ، مراد قميزة، محمد أحمد عزوز، مصطفى منيغ، د. مصطفى يوسف اللداوي، د - مصطفى فهمي، كريم السليتي، رمضان حينوني، حسني إبراهيم عبد العظيم، عزيز العرباوي، فهمي شراب، د. عادل محمد عايش الأسطل، د. طارق عبد الحليم، د. أحمد بشير، د - صالح المازقي، رافد العزاوي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، صباح الموسوي ، الناصر الرقيق، إيمى الأشقر، د.محمد فتحي عبد العال، المولدي الفرجاني، كريم فارق، صفاء العراقي، د - المنجي الكعبي، صلاح الحريري، أشرف إبراهيم حجاج، سليمان أحمد أبو ستة، د. صلاح عودة الله ، العادل السمعلي، رشيد السيد أحمد، محمود سلطان، محمد الياسين، الهادي المثلوثي، محمد اسعد بيوض التميمي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، جاسم الرصيف، أنس الشابي، يحيي البوليني، محمد العيادي، محمود طرشوبي، رضا الدبّابي، عمار غيلوفي، سامح لطف الله، سيد السباعي، د - شاكر الحوكي ، د. أحمد محمد سليمان، صفاء العربي، أبو سمية، إسراء أبو رمان، ماهر عدنان قنديل، أحمد بوادي، عبد الله الفقير، أ.د. مصطفى رجب، د. عبد الآله المالكي، وائل بنجدو، يزيد بن الحسين، مصطفي زهران، نادية سعد، د- محمود علي عريقات، فوزي مسعود ، تونسي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د - محمد بن موسى الشريف ، عراق المطيري، محرر "بوابتي"، صلاح المختار، عبد الله زيدان، د- هاني ابوالفتوح، د. ضرغام عبد الله الدباغ، فتحي الزغل، محمد الطرابلسي، سلوى المغربي، سفيان عبد الكافي، طلال قسومي، أحمد الحباسي، صالح النعامي ، الهيثم زعفان، رافع القارصي، خبَّاب بن مروان الحمد، حسن الطرابلسي، حسن عثمان، محمد عمر غرس الله، محمد شمام ،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة