البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

التوريث

كاتب المقال محمد أحمد عزوز - مصر    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 4722


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


من حكمة الله تعالى أن الدنيا خلقت للفناء وليس للبقاء، فمنذ أن خلق الله آدم، عليه السلام، إلى يومنا هذا، لم نسمع أو نر عن أحد من الخلائق عمَّر فيها، لا إنسٌ ولا جانٌ ولا حيوان، حتى الملائكة الكرام، الذين هم من أفضل خلق الله، لن يخلدوا، فكل المخلوقات مع اختلاف عقائدهم وأديانهم سيغادروا رغماً عن أنوفهم، سواء وافقوا ذلك أم أبوا، فالكل راحلون عنها مهما عمَّروا فيها.

لو كانت الدنيا باقية لأحد من العباد، لكان محمداً، عليه أفضل الصلوات وأتم التسليمات، حياً وباقياً إلى يومنا هذا، ولكنها سنة الله في خلقه، أن الكل راحل عنها، وقد أخبرنا بذلك جميع رسل الله وأنبيائه من لدن آدم إلى محمد، عليهم الصلوات والتسليمات.

لكن للأسف الشديد، بعض البشر، عندما يكرمه الله بمنصب أو وظيفة مرموقة، يمسك عليها بكل ما أوتي من قوة، ويحاول قدر استطاعته ألا يتركها ولا يفرط فيها، حتى لو وصل الأمر به إلى أن يورثها لأبنائه ومن بعدهم أحفاده، حتى لو كان هذا المنصب لفترة محدودة، وهو يعلم بهذا يقيناً قبل أن يتبوأه، ولكنها دناءة النفس، التي أصيب بها بعض البشر.

كثيراً من الحكام العرب، بعد اعتلائهم لمنصبهم، يعملون جاهدين على ألا يتركوه، ويسعون بكل السبل لتوريثه لأبنائهم وأحفادهم، وكأنه أصبح حكراً عليهم، ولا يصح أن يخرج من بين أيديهم، كما لا يحق لأحد من أبناء الشعب اعتلاؤه بعدهم، ويتعاملون معهم على أنهم غير أكفاء لتبوؤه، ويحاربونهم بكل ما أوتوا من قوة لكي لا يصلوا إليه، على الرغم من أن كثيراً من أبناء الدول العربية أكفاء ومشهود لهم بالتفوق والنجاح وعلى أتم استعداد لتبوؤ أية مناصب سيادية مهما علت.

في أحد اللقاءات الصحافية مع الرئيس المصري المخلوع، سألته إحدى الصحافيات، لماذا لم تعين نائباً لك حسب نص الدستور إلى الآن، فأجابها باستعلاء وتكبر: «عندما أجد الإنسان المناسب سأعينه». وكأن مصر لم تنجب غيره لهذا المنصب.
في كثير من الدول العربية، وصل الأمر بالقادة إلى تزوير صناديق الاقتراع، لكي لا يتبوأ المنصب غيرهم، مما أفقد المواطنين الثقة فيهم، وجعلهم لا يقدمون عليها، لأنهم يعلمون أن أصواتهم لن يكون لها أي اعتبار، لأن الذي يريده النظام سيكون.
لم يقف التوريث على الأنظمة العربية فقط، بل نراه منتشراً كانتشار النار في الهشيم في كثير من المؤسسات والمصالح الحكومية، فنجد أن ابن الرئيس يعامل على أنه رئيس، وابن الوزير يعامل على أنه وزير، وابن المستشار يعامل على أنه مستشار، ... إلخ، لأنه سيرث منصب أبيه مستقبلاً، حتى تحولت البلاد إلى عزب خاصة، وليست أملاكاً عامة يستفيد منها كل مواطنيها.

ناهيك عن بعض الوظائف المرموقة، وخاصة القطاعات الاستثمارية، التي يمنح موظفوها رواتب عالية، نجد أنه لا يخلو مكان إلا وأتى المسؤول عنه بابنه أو أحد أقربائه، حتى لو كان غير مؤهل علمياً أو مهنياً لشغل هذه الوظيفة، وإذا رغب أحد من غير أبناء الموظفين الالتحاق بها، فإنه لن يستطيع أن يصل إليها إلا إذا كان قادراً مادياً ودفع رشوة للمسؤول عنها، تحدد حسب درجة الوظيفة وراتبها.

ذات يوم وأنا أهبط من درج إحدى العمارات، وجدت مجنداً يجلس أمام باب إحدى الشقق، وعندما فتح بابها، خرج منها شاب صغير لا يتجاوز السادسة عشرة ربيعاً، فهم المجند بالوقوف سريعاً وأعطاه التحية، فما كان من هذا الشاب إلا أن ضرب المجند بالكف على وجهه، وقال له «أنا قلت لك لا تجلس، فلماذا تجلس؟» فرد عليه المجند: «أنا آسف يا أفندم، قدمي آلمتني»، فرد عليه «يا ابن ... إذا رأيتك جالساً مرة أخرى فسأقتلك». فانتظرت بعيداً برهة من الزمن، لكي أعرف من هذا. وبعدما غادر المكان، سألت المجند عنه؟ فأجاب: إنه ابن الباشا، فسألته: ومن الباشا؟ قال: العميد، قلت: يا الله، أوصل بنا الحال إلى أن يضرب ابن المسؤول المجند، الذي التحق بالخدمة العسكرية لتأدية واجبه نحو وطنه، وأن يعمل المجند بواباً عند ابن العميد.

لخير مصر وأبنائها، يجب أن يغير هذا الأسلوب في التعامل، فالمجند ليس موظفاً عند قائده، ويجب أن يمنع الضباط من أخذ المجندين إلى منازلهم لخدمتهم وعائلاتهم، وليس من حق رئيس الدولة أن يمدد فترته الرئاسية، حسب رغبته، ويجب أن يطبق القانون على الرئيس قبل المرؤوس، كما يجب أن يمنع توريث الوظائف، لكي تكون الفرص متكافئة بين أبناء الشعب، وتصل الوظيفة إلى من يستحقها، لأن بعض الشباب مؤهلون علمياً ومهنياً ومع ذلك فهم عاطلون عن العمل، أو يعملون في غير تخصصاتهم، كما أن هناك شباباً غير مؤهلين يشغلون مناصب مرموقة، مما قلب المعادلة، وجعل كثيراً من المؤسسات تخسر خسائر فادحة، لسوء إدارتها، ولأن المسؤولين عنها وصلوا إليها بالواسطة.

----------
محمد أحمد عزوز
كاتب وناشط سياسي مصري


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

مصر، الحكم، التوريث، التسلط، الديكتاتورية،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 2-08-2012  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  رسالتي إلى السيسي
  للمعارضة معانٍ
  تباً للمتحولين
  التأهيل قبل التطبيق
  محاولات فاشلة
  لا للإرهاب
  الغباء السياسي
  فوضى انتشار السلاح
  الأمن المصري.. يحتاج إلى تقنين أوضاعه
  من «محظورة» إلى «إرهابية»
  عودوا لرشدكم
  إنها إرادة شعب!
  وسقط القناع
  لمُّ الشمل
  إلى القضاة ..
  التطهير الأمثل
  اتحدوا.. لنصرة إخوانكم
  شعارات زائفة
  إلى الساسة وأصحاب القرار
  نحتاج لقائد
  مسلسلات هابطة
  لا للاستغلال
  تقارب مرفوض
  أجندات مفضوحة
  قطار الصعيد.. وماذا بعد؟
  الصحة.. في خطر
  انتهاكات صارخة
  مشاكل.. تحتاج إلى حل
  إلى أصحاب الرسالة السامية
  سياستها ثابتة

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
ياسين أحمد، محمد الياسين، محرر "بوابتي"، جاسم الرصيف، فتحـي قاره بيبـان، الهيثم زعفان، علي الكاش، سعود السبعاني، رحاب اسعد بيوض التميمي، إسراء أبو رمان، العادل السمعلي، د - صالح المازقي، محمد أحمد عزوز، د. خالد الطراولي ، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، محمد اسعد بيوض التميمي، حسني إبراهيم عبد العظيم، أحمد النعيمي، محمد عمر غرس الله، مراد قميزة، حميدة الطيلوش، عمر غازي، أحمد بوادي، محمود سلطان، عزيز العرباوي، عبد الرزاق قيراط ، محمود طرشوبي، سيد السباعي، فتحي العابد، ماهر عدنان قنديل، كريم فارق، د- محمود علي عريقات، د - عادل رضا، عراق المطيري، محمد يحي، سلوى المغربي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، رشيد السيد أحمد، أشرف إبراهيم حجاج، أحمد الحباسي، عبد الغني مزوز، عبد الله زيدان، د. مصطفى يوسف اللداوي، خبَّاب بن مروان الحمد، وائل بنجدو، د- محمد رحال، د. أحمد محمد سليمان، أنس الشابي، د. عبد الآله المالكي، منجي باكير، د.محمد فتحي عبد العال، علي عبد العال، أحمد ملحم، د- هاني ابوالفتوح، عمار غيلوفي، يزيد بن الحسين، د. طارق عبد الحليم، نادية سعد، الناصر الرقيق، أبو سمية، الهادي المثلوثي، إيمى الأشقر، حسن الطرابلسي، سفيان عبد الكافي، إياد محمود حسين ، رضا الدبّابي، سلام الشماع، المولدي الفرجاني، مصطفي زهران، أحمد بن عبد المحسن العساف ، مصطفى منيغ، فوزي مسعود ، تونسي، فهمي شراب، خالد الجاف ، صباح الموسوي ، فتحي الزغل، د - شاكر الحوكي ، صلاح الحريري، كريم السليتي، د- جابر قميحة، محمد العيادي، صالح النعامي ، د - محمد بن موسى الشريف ، سامر أبو رمان ، د. عادل محمد عايش الأسطل، د - الضاوي خوالدية، عبد الله الفقير، د - مصطفى فهمي، ضحى عبد الرحمن، عواطف منصور، سامح لطف الله، يحيي البوليني، رافع القارصي، مجدى داود، رافد العزاوي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، حسن عثمان، حاتم الصولي، د. صلاح عودة الله ، صفاء العراقي، صلاح المختار، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د. أحمد بشير، محمد شمام ، رمضان حينوني، محمد الطرابلسي، أ.د. مصطفى رجب، محمود فاروق سيد شعبان، صفاء العربي، د - محمد بنيعيش، د - المنجي الكعبي، سليمان أحمد أبو ستة، طلال قسومي،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة