البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

ميدان التحرير بين خلع الحجاب وثورة الشباب

كاتب المقال مجدى داود    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 6632


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


الحمد لله ناصِرِ دِينه وعِباده المؤمنين، مُذِلِّ المشركين والكافرين، قاهر الطُّغاة والظالمين، الحمد لله الذي أعزَّ أهلَ مصر بزَوال حُسني مبارك ونِظامه الفاسد الذي طغَى في البلاد فأكثر فيها الفساد.

الحمد لله فقد تحقَّقت إرادة الشعب الثائر الذي تجمَّع ما يزيد على ثلاثة ملايين منه في ميدانِ التحرير رمزِ الثورة المصريَّة، ميدان التحرير ذلك المكان الذي كان علمًا من أعلام هذه الثورة، وشاهدًا على حيويَّتها وتجدُّدها يومًا بعد يوم.

إنَّ لميدان التحرير مع أهل مصر قصَّةً قديمةً، تاريخ قد مضى عهده؛ فهذا الميدان وقبل أكثر من تسعين عامًا، وبالتحديد في عام 1919م أثناء الثورة ضد الاحتلال الإنجليزي، كانت هناك مظاهرة نسويَّة تقودُها صفيَّة زغلول (زوجة سعد زغلول)، وفي ميدان التحرير وقفت المظاهرة أمام قوَّات الجيش الإنجليزي، وفجأةً، وبلا سابق إنذار، وبلا أيِّ مُبرِّر، قامتْ صفيَّة زغلول ومَن معها بخلْع النِّقاب ووضَعْنه تحت أقدامهنَّ ثم قاموا بحرقه!

كانت تلك الواقعة المريرة بدايةً حقيقيةً لأولى الخطوات الفعليَّة التي عمل عليها التغريبيُّون في المجتمع المصري من أيَّام قاسم أمين، ومنذ تلك اللحظة بدَأ الهجوم على النِّقاب، ومن ثَمَّ الحجاب الذي يُغطِّي الرأس، وبدَأت الحرب الشَّعواء على كلِّ المظاهر الإسلاميَّة، خاصَّة بعد قِيام مصطفى كمال أتاتورك - لعنة الله عليه - بإسقاط الخلافة الإسلاميَّة وإعلان تركيا دولة علمانيَّة.

لقد نجحتْ صفيَّة زغلول وهدى شعراوي من قبل تسعين عامًا فيما يُسمُّونه "تحرير المرأة"، ونقَلُوها من عبادة ربِّ العباد إلى عبادة العباد وعبادة الجسد والشَّهوة، وتغيَّر اسم الميدان من ميدان الإسماعيليَّة نسبةً إلى الخديوي إسماعيل وصار ميدان التحرير.

وفي يوم الخامس والعشرين من يناير من العام الحادي عشر بعد الألف الثانية من ميلاد السيد المسيح عيسى ابن مريم - عليه وعلى نبيِّنا الصلاة والسلام - تَوافَد الآلاف من شَباب مصر الثُّوَّار الذين رفَضُوا الظُّلم والهَوان على ميدان التحرير مُطالِبين بثلاثة مَطالِب رئيسة وهي: عيش، وحرية، وعدالة اجتماعيَّة، ولكن قُوَى الطُّغيان دائمًا ترى نفسَها أكبر من أنْ تستَجِيب لمطالب الشعب، وتعامَلتْ معهم من منطق المستكبِر المتعالِ على شَعبِه، الذي ظنَّ أنَّه في حمى جيشٍ من الأجهزة الأمنيَّة تعامَل مع الشباب بعُنْجُهيَّة معهودة، وأرسَلَ إليهم جَحافِل الأمن المركزي ظنًّا منه أنها ستَقضِي على هذه التظاهُرة في خِلال خمس دقائق، ووقَف وزير الداخلية في وسط الميدان وأبلَغَ قيادات النِّظام أنَّ الميدان خالٍ، وأنَّه لا أحد من المُتَظاهِرين سيعودُ إليه مرَّة ثانية.

ولكنْ خيَّب الله ظنَّهم، وعادَتْ جحافل الثُّوَّار مرَّةً أخرى في يوم الجمعة العظيم الثامن والعشرين من يناير، ولكنَّها هذه المرَّة تُطالِب بحلٍّ جذري، تُطالِب برحيل نظام حسني مبارك بكامله، وتَمَّ التعامُل معه بنفس المنطق، إنَّه منطق فرعون؛ ﴿ فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ * إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ * وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ * وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ ﴾ [الشعراء: 53 - 56]، هذا هو منطق الطُّغاة في كلِّ عصرٍ وزمان، فكأنهم يَتدارَسون سير بعضهم البعض، ولكنَّهم - للأسف الشديد - يَتدارَسون كلَّ شيءٍ إلا النهاية، يتذكَّرون أساليب الظُّلم والطُّغيان، ولكن لا يتذكَّرون نهاية الطُّغاة الظالمين.

وفي ميدان التحرير نزل الجيش المصري حيث الثُّوَّار، وكان مخطط النظام أنْ تسيلَ الدِّماء، كان يريدُ أنْ يقومَ الناس بالتعدِّي على الجيش أو العكس فيستفز الطرف الآخَر، وتُراق دِماء الشعب بسلاح الجيش، ولكنْ خابَ مَسعاه، وكان ميدان التحرير شاهِدًا على عُمق العلاقة التي تربط الجيش المصري بشعبه، فما أطلَقَ الجيش رصاصةً قطُّ.

تدفَّق الآلاف إلى ميدان التحرير، وأعلَنُوا الاعتصامَ المفتوح فيه، وكان كل يوم يمرُّ يشهد فيه ميدان التحرير قُرْبَ انهيار النظام السابق، وفي ميدان التحرير رأينا الملايين من المسلمين يُؤدُّون الصلاة في وقْتها جماعةً، وكان هذا المشهد يَتكرَّر خمسَ مرَّات يوميًّا، وهو المشهد الذي غاظَ أعداء الله، ممَّن جعَلُوا هذا الميدان في السابق ميدانا للتحرُّر من أحكام الشَّرع والدِّين، ولكنْ ها هو يشهَدُ الصلاة في وقتها، وهي الركن الثاني من أركان الدِّين.

في ميدان التحرير كان الدُّعاء والذِّكر، في ميدان التحرير كانت الرغبة الأكيدة على رفْع الظُّلم حتى يتنفَّس الشعب حريَّته، في ميدان التحرير كانت الجموع تَهتِف: إنَّ النصر مع الصبر، في ميدان التحرير كان الشيخ صفوت حجازي، والشيخ نشأت أحمد، والشيخ محمد عبدالمقصود، في ميدان التحرير كان الهتاف لحظة إعلان سُقوط النظام (الله أكبر)، في ميدان التحرير سجَد المسلمون شُكرًا لله الواحد.

ميدان التحرير منذ تسعين عامًا كان وَبالاً على مصر بخلْع الحِجاب، واليوم ميدان التحرير هو رمز الثورة المصريَّة، هو رمز الحريَّة، هو رمز سُقوط الطُّغاة الظالمين، هو رمز التلاحُم الرائع بين الشعب والجيش، هو رمز النصر الرائع والنهضة القادمة، فشتَّان شتَّان بين ميدان التحرير بالأمس وميدان التحرير اليوم


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

حرية المرأة، تحرير المرأة، المرأة، تغريب، غزو فكري،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 24-02-2011  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  من يحرك الصراع بين أردوغان وكولن؟ ولماذا الآن؟
  أردوغان وكولن .. صراع الدولة والدولة العميقة
  خطاب هنية.. تجاهل لأزمة حماس أم إدارتها
  صفقة الكيماوي.. أمريكا وروسيا يتبادلان الصفعات في سوريا
  ملامح التدخل العسكري في سوريا وأهدافه
  سيناريوهات 30 يونيو .. مصر نحو المجهول
  الهيئة الشرعية بين الواقع والمأمول
  ورحلت خنساء فلسطين بعدما رسمت طريق العزة
  وثيقة العنف ضد المرأة .. كارثة يجب التصدي لها
  ربيع تونس.. هل استحال خريفا؟
  ربيع العراق..السُّنَّةُ ينتفضون والمالكي يترنح
  الحرب على الدين في مالي
  الأزمة الاقتصادية.. سلاح المعارضة المصرية لإسقاط الإسلاميين
  مقتل "وسام الحسن".. نيران سوريا تشعل لبنان
  المتاجرون بحقوق المرأة في الدستور المصري
  الفتاة المسلمة في "سنة أولى جامعة"
  حرائر سوريا .. زوجات لا سبايا
  الدولة العلوية.. ما بين الحلم والكابوس
  ما هي نقاط الضعف الأبرز لدى الإسلاميين؟
  المراهقة وجيل الفيس بوك
  التحرش .. أزمة مجتمع
  هجمات سيناء .. كيف نفهمها؟!
  شروط تجار الثورة لإنقاذ ما تبقى منها
  خطة عنان لسوريا.. إحياء لنظام أوشك على السقوط
  وفاة شنودة وأثره على مصر والكنيسة الأرثوذكسية
  يا معشر العلمانيين .. من أنتم؟!
  يا فاطمة الشام .. إنما النصر قاب قوسين أو أدنى
  فشل الإضراب ولكن .. رسالة لمن عارضه
  الانتخابات وتناقضات القوى الليبرالية العلمانية
  هل تغير الموقف الروسي من نظام الأسد؟!

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
يحيي البوليني، أبو سمية، عبد الله الفقير، إيمى الأشقر، د. عبد الآله المالكي، طلال قسومي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، كريم فارق، عزيز العرباوي، محمد أحمد عزوز، سليمان أحمد أبو ستة، د- هاني ابوالفتوح، وائل بنجدو، صفاء العربي، مراد قميزة، رافد العزاوي، د. صلاح عودة الله ، الهيثم زعفان، سامح لطف الله، أحمد الحباسي، عبد الله زيدان، د.محمد فتحي عبد العال، ماهر عدنان قنديل، صفاء العراقي، محمد الياسين، أحمد بوادي، ياسين أحمد، محمود طرشوبي، نادية سعد، كريم السليتي، إسراء أبو رمان، رافع القارصي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د. عادل محمد عايش الأسطل، الهادي المثلوثي، د - الضاوي خوالدية، أنس الشابي، تونسي، حاتم الصولي، عبد الغني مزوز، محمد شمام ، مجدى داود، فوزي مسعود ، فتحي العابد، جاسم الرصيف، محمد عمر غرس الله، د. مصطفى يوسف اللداوي، محمد الطرابلسي، حسن عثمان، سيد السباعي، د - صالح المازقي، د- جابر قميحة، الناصر الرقيق، صالح النعامي ، عراق المطيري، يزيد بن الحسين، عواطف منصور، محمود سلطان، خالد الجاف ، علي عبد العال، علي الكاش، رضا الدبّابي، سفيان عبد الكافي، د - مصطفى فهمي، أشرف إبراهيم حجاج، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، منجي باكير، سلوى المغربي، محرر "بوابتي"، خبَّاب بن مروان الحمد، د. أحمد بشير، إياد محمود حسين ، سلام الشماع، حميدة الطيلوش، عمار غيلوفي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، رشيد السيد أحمد، د- محمود علي عريقات، أحمد بن عبد المحسن العساف ، محمد يحي، سامر أبو رمان ، أحمد النعيمي، حسن الطرابلسي، ضحى عبد الرحمن، د. طارق عبد الحليم، محمد العيادي، د- محمد رحال، د - محمد بن موسى الشريف ، مصطفى منيغ، د - المنجي الكعبي، العادل السمعلي، عبد الرزاق قيراط ، حسني إبراهيم عبد العظيم، المولدي الفرجاني، د - محمد بنيعيش، صلاح الحريري، محمد اسعد بيوض التميمي، رحاب اسعد بيوض التميمي، سعود السبعاني، د. خالد الطراولي ، د - شاكر الحوكي ، فهمي شراب، د. أحمد محمد سليمان، رمضان حينوني، عمر غازي، محمود فاروق سيد شعبان، صباح الموسوي ، فتحي الزغل، أ.د. مصطفى رجب، صلاح المختار، فتحـي قاره بيبـان، مصطفي زهران، أحمد ملحم، د - عادل رضا،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة