البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

مراجعات نسوية

كاتب المقال إيمان القدوسي   
 المشاهدات: 6556



ليست الجماعات الإسلامية وحدها التي قامت بمراجعات لأفكارها وممارستها، ولكن أغلب أصحاب النظريات الفكرية يفعلون ذلك؛ لأن الأفكار المجردة تبدو براقة، وتبني عالمًا مثاليًّا، ولا تنكشف ثغراتها وجوانب الضعف والقوة أيضًا فيها إلا عند التطبيق، وفي الحقيقة تعد المراجعة الفكرية دليلًا على الشجاعة الأدبية والأمانة العلمية، وذلك لأن أصحابها يقدمون المحصلة النهائية لتجربتهم للأجيال الحالية والقادمة، ولا يخجلون من الاعتراف بأخطائهم ليستفيد منها الآخرون.

وبينما تحاول المرأة العربية السير قدمًا على خطي الفكر النسوي الغربي، وتعلن عن مكافآت لمن يكتب أبحاثًا تؤكد المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة، نجد رائدات الفكر النسوي الغربيات يتراجعن عن شطط أفكارهن، ويكشفن عن مواطن الخلل والضعف فيها.

وتعد (فرجينيا وولف) الروائية البريطانية الشهيرة في النصف الأول من القرن العشرين، من أوائل من تركن أثرًا في بلورة الفكر النسوي، ولها رواية شهيرة بعنوان (أن يكون للمرء غرفة وحده)، تتخيل فيها أن هناك أختًا لشكسبير وكانت أنبغ منه، ولكن النظام الاجتماعي السائد قمعها ودفن موهبتها، ولو قدر لها أن تأخذ فرصتها مثله في التعليم وممارسة الإبداع لتفوقت عليه.

وترد عليها اليوم واحدة من رائدات الفكر النسوي الغربي (باميلا وانتروب) فتقول: تساوت الفرص في التعليم والعمل وممارسة الإبداع أمام النساء والرجال، ولم يؤد ذلك إلى تفوق واضح في مجالات الإبداع المختلفة، وما زالت هناك ندرة ملحوظة في عددهن.

وتقول أخرى تدعى (دوروثي سايرز) في بداية مراجعاتها: (من العلامات المميزة لأي حركة مهما كان نبل مقصدها أن روادها يميلون نتيجة اندماجهم في الإثارة إلى فقدان القدرة على رؤية ما هو واضح)، وتشرح وجهة نظرها تفصيليًّا بعد ذلك بأن الفروق بين الرجل والمرأة أكثر وضوحًا من أن يتم تجاهلها أو إنكارها.

وتقول (برودنس ماكنتوش): هل نجبر المرأة على الخروج للعمل إذا فضلت رعاية البيت؟ وتتساءل ألا يعد عملها الشاق ـ كربة بيت ـ متعدد الجوانب والقابل للإبداع (مهنة ووظيفة)؟! وتحكي تجربتها الطريفة في تنشئة ابنها وابنتها بنفس الأسلوب لغرس روح المساواة لديهم، وتتعجب أن الولد كان يستخدم سيارة الإسعاف اللعبة كسيارة سباق ويصطدم بها في أرجل الكراسي، أما البنت فقد استخرجت الدمية الصغيرة التي كانت موضوعة داخل السيارة كأنها المريض، وظلت ترعاها وتحنو عليها وتغير ملابسها.

لن نسترسل طويلًا مع التجارب الغربية، ولنتعرف على وضع المرأة المسلمة في ضوء الشريعة، هناك مساواة حقيقية بين الرجل والمرأة أمام الله سبحانه وتعالى، وقد قال تعالى في كتابه العزيز: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آَمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [التحريم: 11].

لم يمنع كونها امرأة من أن تُضرب كمثال للمؤمنين جميعًا لصدق إيمانها وصلاح عملها، ولم يشفع لفرعون كونه رجلًا وملكًا بسبب كفره وسوء عمله، إذن المقياس الوحيد والعادل أمام الله سبحانه وتعالى هو الإيمان والتقوى وحسن العمل، أما في الدنيا فالفروق بين الجنسين تؤدي إلى اختلاف الأدوار؛ لكي يتم التكامل والتعاون بينهما، ويكلف كل منهما بالدور الذي يناسبه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (كل ميسر لما خلق له) [متفق عليه، البخاري، (4949)، ومسلم، (6903)].

ونلاحظ أن الطالبات في مراحل الدراسة المختلفة يحققن نجاحًا ملحوظًا، وربما يتفوقن على الطلاب، ولكن بعد الزواج والإنجاب تميل المرأة فطريًّا للاستقرار في البيت لرعاية طفلها وشئون بيتها، وإذا كان وصف علماء النفس لصفات العامل الناجح أنه من يؤدي وظيفة يحقق ذاته من خلالها، ويعود بالنفع على مجتمعه؛ فإن ربة البيت وفقًا لهذه المعايير تؤدي أشرف الوظائف على الإطلاق، فهي تربي وتنشئ أجيالًا جديدة، وتوفر لأسرتها البيئة الملائمة للإنجاز.

كما أن (التعاون) هو السمة الأساسية للمجتمع المتماسك، وليست الأنانية التي تدفع كل فرد للسعي وراء نجاحه الشخصي على حساب المجموع، وبالتالي فإن المرأة المتفرغة لأسرتها هي في الحقيقة شريكًا أساسيًّا لكل النجاحات التي يحققها أفراد الأسرة، والأم هي المخلوق الوحيد التي تسعد لنجاح ابنها أكثر من نجاحها هي.

هناك الكثير من النساء اللائي حققن نجاحًا في مجالات جعلت منهن نجومًا تحت الضوء، ولكن لم يجلب لهن ذلك السعادة والاستقرار وراحة البال والضمير، والأهم رضا الله عز وجل، وهناك الغالبية العظمى من النساء اللائي يعشن في الظل ويشعرن بكل معاني السعادة والرضا، فهي تعيش في ظل زوج محب، وأبناء بررة، وأسرة متماسكة ناجحة، يحيطونها بقلوبهم، وتحتويهم في عينيها.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

حقوق المرأة، المرأة، تغريب، تنويريون، ليبيرالية،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 15-02-2009   shareah.com

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
رشيد السيد أحمد، إياد محمود حسين ، أبو سمية، محمد عمر غرس الله، سلوى المغربي، د. أحمد محمد سليمان، عبد الغني مزوز، عمر غازي، محمد اسعد بيوض التميمي، أنس الشابي، أشرف إبراهيم حجاج، علي الكاش، د - شاكر الحوكي ، ياسين أحمد، أحمد الحباسي، د.محمد فتحي عبد العال، رافد العزاوي، صالح النعامي ، سلام الشماع، صفاء العربي، د. خالد الطراولي ، كريم السليتي، محمد يحي، خبَّاب بن مروان الحمد، أ.د. مصطفى رجب، فوزي مسعود ، يزيد بن الحسين، مراد قميزة، عبد الله الفقير، منجي باكير، سفيان عبد الكافي، د. صلاح عودة الله ، إيمى الأشقر، د - عادل رضا، أحمد بوادي، حسن الطرابلسي، فتحي الزغل، د - صالح المازقي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د- جابر قميحة، محمد الياسين، عبد الله زيدان، عراق المطيري، رحاب اسعد بيوض التميمي، رافع القارصي، د. طارق عبد الحليم، عواطف منصور، د - المنجي الكعبي، سيد السباعي، خالد الجاف ، محمد شمام ، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، عزيز العرباوي، علي عبد العال، د. عادل محمد عايش الأسطل، د- هاني ابوالفتوح، فتحي العابد، أحمد بن عبد المحسن العساف ، حسني إبراهيم عبد العظيم، د - محمد بنيعيش، العادل السمعلي، د - محمد بن موسى الشريف ، إسراء أبو رمان، ماهر عدنان قنديل، د. عبد الآله المالكي، د - مصطفى فهمي، محرر "بوابتي"، ضحى عبد الرحمن، صلاح المختار، د. ضرغام عبد الله الدباغ، سامر أبو رمان ، د- محمود علي عريقات، الهادي المثلوثي، محمد العيادي، يحيي البوليني، نادية سعد، أحمد ملحم، محمود سلطان، رضا الدبّابي، وائل بنجدو، محمود طرشوبي، محمود فاروق سيد شعبان، محمد الطرابلسي، صفاء العراقي، عبد الرزاق قيراط ، حسن عثمان، حميدة الطيلوش، صلاح الحريري، د. أحمد بشير، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، عمار غيلوفي، صباح الموسوي ، تونسي، سعود السبعاني، د- محمد رحال، مصطفي زهران، د - الضاوي خوالدية، مصطفى منيغ، مجدى داود، طلال قسومي، حاتم الصولي، كريم فارق، رمضان حينوني، د. مصطفى يوسف اللداوي، الهيثم زعفان، سليمان أحمد أبو ستة، جاسم الرصيف، المولدي الفرجاني، فتحـي قاره بيبـان، الناصر الرقيق، فهمي شراب، سامح لطف الله، محمد أحمد عزوز، أحمد النعيمي،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة