البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

سلوكٌ مصريٌ مريب تجاه غزة

كاتب المقال د. مصطفى يوسف اللداوي - بيروت    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 4186 moustafa.leddawi@gmail.com


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


هل يَصدُقُ في غزة مع مصر بعد ثورتها المجيدة، والفوز الكاسح الذي حققه الإخوان فيها، وتولي أحد أعضائها رئاسة مصر، وقيادة دفة الحياة السياسية، وسيطرته على مقاليد الحكم والعسكر فيها، بعد أن نَحَّى قادة العسكر وأركان الجيش، وأزاح من طريقه هواجس الانقلاب ومخاوف ثورة الفلول قول الشاعر ...
شكوتُ على عمروٍ فماتَ فسرني *** بليتُ بأقوامٍ فدعوتُ لعمروِ

هل يتمنى الفلسطينيون عودة مبارك وأركان حكمه، ويترحموا على أيامه وسلوك رجاله، إذ هذا هو واقع الحال، فقد كان نظام مبارك يحاصر غزة، ويحارب المقاومة، ويناصر العدو، ويتفهم طلباته وحاجاته، ولكن أنفاق غزة كانت تعمل، وشرايين الحياة كانت تتدفق على سكان غزة، فلم يكن الحصار خانقاً، ولم تكن المعاناة في غزة قاتلة، حيث كانت السياسة المصرية تسمح بمرور السلع الغذائية ومواد البناء ومختلف حاجات سكان قطاع غزة، في الوقت الذي كان فيه الصوت الفلسطيني عالياً، ينتقد بصخب، ويهاجم بقوة، ويفضح سياسات مبارك التآمرية على شعبنا وقضيته، فلم يكن الفلسطينيون خاصةً في غزة يخافون أو يترددون أو يجاملون، ولم يمتنعوا عن الانتقاد ورفع الصوت عالياً ضد السياسة المصرية، رغم قسوة ردود الفعل وصرامة العقاب.

اليوم يُطلبُ من الفلسطينيين الصمت، وعدم الجأر إلى الله بالدعاء، وسؤاله الرحمة والرأفة، وتفهم السلوك المصري وأولوياته الأمنية وعدم إدانته، أو التشهير به وفضح حقيقته، وعدم الإساءة إلى النظام المصري الجديد والتعريض به، لأن الذين يحكمون في مصر الآن هم منا ونحن منهم، فلا ينبغي انتقادهم، ولا يجوز الشكوى منهم، وكأن حصارهم ليس حصاراً، وتجويعهم لشعبنا وأهلنا جائزاً وممكناً، فهذا هو حصار الأخوة الجائز لا حصار الأعداء القاتل.

الجوع واحد والحصار واحد، أياً كان فاعله، وبغض النظر عن هوية مرتكبه، ودين أو عقيدة صانعه، وفي هذا سبق الإمام علي بن أبي طالب بقوله "لو كان الفقر رجلاً لقتلته"، فالمحاصرون في غزة هم سكانه، أطفاله ونساؤه ومرضاه وطلابه وعماله وكافة فئاته العمرية والمناطقية، والموت الذي يلاحق الفلسطينيين في كل يومٍ وفي كل مكانٍ واحداً أياً كانت هوية القاتل، فإن تعددت الأسباب والآليات فالموت الذي يلاحق سكان قطاع غزة واحداً، فهل يجوز الصمت عن قاتلٍ أو مجرمٍ والقبول بسياساته بحجة أنه قريب أو صديق أو أخ، أو أنه من أهل البيت ومن سكان الدار، إذ لا موت رحيماً في ظل الحصار أو بسببه.

كان الراحلون المتآمرين في العلن، والمتعاونون مع العدو ببجاحةٍ وسفورٍ ووقاحةٍ وقلة أدب، يبررون حصارهم بأن مسؤولية تأمين حاجات القطاع ومتطلبات سكانه تقع على عاتق العدو وسلطات الاحتلال، فلا ينبغي تخليصه من هذا العبء، وإحالته إلى مصر، ولهذا كانوا بهذه الحجة يمتنعون عن المساعدة والعون، ويبالغون في الحصار ويتشددون في العقاب، ويتسببون في قتل المواطنين ووفاة المرضى والمسنين، فجاءت السلطات الجديدة التي أحببناها ومنينا أنفسنا بها خيراً، بذات الحجة، وأوردت ذات الأسباب في تجديد حصارها والتضييق على المواطنين في قطاع غزة، ولكنها سارعت أكثر من سابقتها في تدمير الأنفاق وإغلاق الفتحات، ومحاربة "المهربين" ومصادرة البضائع ومواد البناء، واعتراض الشاحنات والقوافل، واعتقال السائقين والمرافقين، والسماسرة والمتعاونين.

لعله من الصعب جداً على الفلسطينيين عموماً وعلى أتباع ومناصري حركة حماس على وجه الخصوص أن يبرروا للحكومة المصرية إجراءاتها الأخيرة، وسياساتها الأمنية الآخذة بالتشدد والتطرف، علماً أن معاملة الأمن العام المصري على معبر رفح ما زالت على حالها السيئ ولم تتغير إلا إلى الأسوأ، ولعل تأكيد الأجهزة الأمنية المصرية بأن غزة بكل أطيافها السياسية والحزبية لم تشارك في مجزرة رفح الأليمة، لم يصل إلى مسامع العاملين في معبر رفح، فما زالت تصرفاتهم تجاه المسافرين في الاتجاهين تصدر وفق قناعتهم الخاطئة، بروحٍ انتقامية ثأرية لا مبرر لها، وكأن الروح القديمة الحاقدة ما زالت تسري وتسيطر وتوجه وتحكم.

لا مبرر مقنع أو مرضي لما تقوم به الحكومة المصرية تجاه أنفاق قطاع غزة، فإن كانت تنوي تدميرها وإغلاقها فإن عليها أن توجد البديل، وأن تخلق شرايين حياةٍ شرعية جديدة، فالتحريم يستوجب تحليلاً آخر يغني عن المحرم، ويوقع العقاب على المخالف المعارض الذي يلجأ إلى الحرام في ظل وفرة الحلال، أما أن يتم التحريم وينزل العقاب بعامة الناس قبل إيجاد البديل فإنه لأمرٌ يثير الريبة، ويحرض على التساؤل والاستغراب، ويعقد اللسان ويذهب بالحجة ويوهيها، ويجعل من الصعب على المحب أو الحليف أن يدافع ويبرر، وأن يجد الذرائع والمسوغات، إذ لا مسوغ شرعي أو وطني أو قومي لما تقوم به الحكومة المصرية، ولا مبررات أمنية تجبر على الصمت أو القبول، ولا ينبغي على الحكومة والرئاسة المصرية وإن كان لبها إخوان، أن تنتظر منها أن ندافع عنها، أو أن نزين ممارساتها، وأن ننساق وراء مخططاتها، فهذا لعمري التفافٌ على الشعب، وافتئاتٌ عليه وانتقاصٌ لحقوقه، وتآمرٌ على لقمة عيشه.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

مصر، الإخوان المسلمون، غزة، العلاقات المصرية الفلسطينية،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 1-10-2012  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  يومٌ في الناقورة على تخوم الوطن
  فرنسا تضيق الخناق على الكيان الصهيوني
  ليبرمان يعرج في مشيته ويتعثر في سياسته
  يهودا غيليك في الأقصى والكنيست من جديد
  عيد ميلاد هدار جولدن وأعياد الميلاد الفلسطينية
  ليبرمان يقيد المقيد ويكبل المكبل
  سبعون عاماً مدعاةٌ لليأس أم أملٌ بالنصر
  ويلٌ لأمةٍ تقتلُ أطفالها وتفرط في مستقبل أجيالها
  سلاح الأنفاق سيفٌ بتارٌ بحدين قاتلين
  دلائل إدانة الأطفال ومبررات محاكمتهم
  طبول حربٍ إسرائيلية جديدة أم رسائلٌ خاصة وتلميحاتٌ ذكية
  سياسة الأجهزة الأمنية الفلسطينية حكيمةٌ أم عميلةٌ
  العلم الإسرئيلي يرتفع ونجمة داوود تحلق
  نصرةً للجبهة الشعبية في وجه سلطانٍ جائر
  طوبى لآل مهند الحلبي في الدنيا والآخرة
  تفانين إسرائيلية مجنونة لوأد الانتفاضة
  عبد الفتاح الشريف الشهيد الشاهد
  عرب يهاجرون ويهودٌ يفدون
  إيلي كوهين قبرٌ خالي وقلبٌ باكي ورفاتٌ مفقودٌ
  إرهاب بروكسل والمقاومة الفلسطينية
  المساخر اليهودية معاناة فلسطينية
  الدوابشة من جديد
  المهام السرية لوحدة الكوماندوز الإسرائيلية
  المنطقة "أ" إعادة انتشار أم فرض انسحاب
  إعلان الحرب على "فلسطين اليوم" و"الأقصى"
  عظم الله أجر الأمريكيين وغمق لفقيدهم
  الثلاثاء الأبيض وثلاثية القدس ويافا وتل أبيب
  الهِبةُ الإيرانية والحاجةُ الفلسطينية
  هل انتهت الانتفاضة الفلسطينية ؟
  سبعة أيامٍ فلسطينيةٍ في تونس

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
عمار غيلوفي، جاسم الرصيف، أحمد ملحم، حاتم الصولي، نادية سعد، أحمد النعيمي، محمد العيادي، العادل السمعلي، صلاح الحريري، محمود سلطان، صباح الموسوي ، صالح النعامي ، محمد يحي، رافع القارصي، سلام الشماع، محمد عمر غرس الله، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د - المنجي الكعبي، محمود طرشوبي، الهادي المثلوثي، كريم فارق، أحمد بوادي، سيد السباعي، عبد الله زيدان، محمد الياسين، د. أحمد محمد سليمان، يزيد بن الحسين، د. عبد الآله المالكي، عواطف منصور، د- محمد رحال، مصطفي زهران، أحمد بن عبد المحسن العساف ، سفيان عبد الكافي، سامح لطف الله، سلوى المغربي، د. عادل محمد عايش الأسطل، مراد قميزة، فتحـي قاره بيبـان، الهيثم زعفان، أبو سمية، فوزي مسعود ، المولدي الفرجاني، د. مصطفى يوسف اللداوي، حميدة الطيلوش، إيمى الأشقر، د - شاكر الحوكي ، منجي باكير، عبد الرزاق قيراط ، خالد الجاف ، علي الكاش، حسن عثمان، سليمان أحمد أبو ستة، محمد شمام ، محمد أحمد عزوز، د.محمد فتحي عبد العال، عبد الغني مزوز، أحمد الحباسي، عراق المطيري، طلال قسومي، عبد الله الفقير، د. خالد الطراولي ، إسراء أبو رمان، محمد اسعد بيوض التميمي، سامر أبو رمان ، رافد العزاوي، أنس الشابي، علي عبد العال، أشرف إبراهيم حجاج، رضا الدبّابي، إياد محمود حسين ، رشيد السيد أحمد، تونسي، د - مصطفى فهمي، صفاء العراقي، خبَّاب بن مروان الحمد، يحيي البوليني، الناصر الرقيق، د- محمود علي عريقات، مجدى داود، محمد الطرابلسي، عزيز العرباوي، فتحي الزغل، فهمي شراب، رحاب اسعد بيوض التميمي، د. أحمد بشير، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د - الضاوي خوالدية، رمضان حينوني، د. طارق عبد الحليم، ياسين أحمد، د- هاني ابوالفتوح، د- جابر قميحة، صفاء العربي، د - صالح المازقي، ضحى عبد الرحمن، ماهر عدنان قنديل، سعود السبعاني، فتحي العابد، محرر "بوابتي"، عمر غازي، كريم السليتي، أ.د. مصطفى رجب، د. صلاح عودة الله ، صلاح المختار، د. ضرغام عبد الله الدباغ، حسني إبراهيم عبد العظيم، د - محمد بنيعيش، محمود فاروق سيد شعبان، د - محمد بن موسى الشريف ، مصطفى منيغ، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، وائل بنجدو، حسن الطرابلسي، د - عادل رضا،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة