البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

سيمفونية القصف الإسرائيلي على غزة

كاتب المقال د. مصطفى يوسف اللداوي - غزة    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 4014 moustafa.leddawi@gmail.com


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


كأنها قطعةُ موسيقى روك أو جاز أو بوب يحرص الإسرائيليون على لعبها كل الوقت، وأدائها في كل مكان، بكامل أدواتهم العسكرية وآلاتهم القتالية، وكأنهم يحيون حفلةً موسيقية حقيقية، ولا يرتكبون جرائم ضد الإنسانية، ولا يزهقون أرواحاً بشرية، ولا يدمرون بنىً مدنية ومؤسساتٍ اجتماعية، إذ الفرحة على وجوههم بادية، والبهجة في سلوكهم ظاهرة، والبراءة في تصرفاتهم معلنة، وعلى العالم أن يحترم طقوس احتفالاتهم، وأن يقدر مظاهر فرحهم، وألا يزعجهم خلال احتفالاتهم المجنونة، التي تسقط على الآمنين من الأرض والسماء حمماً بركانية، وشهباً نارية، تحرق وتقتل وتدمر.

إنها موسيقى صاخبةٌ قاتلة، عنيفةٌ مدمرة، هوجاء غير منسقة، فوضويةٌ غير منظمة، قادة الأوركسترا فيها كثيرون، يتنافسون ويتكاثرون، يبدعون ويختلقون، يجوسون ويعيثون، يدمرون ويخربون، وأعضاء فرقتها يتزاحمون ويقتتلون، أيهم يناله شرف أن يكون أحد أفراد هذه الجوقة، إذ تعجبهم أصواتها، وتروق لهم نغماتها، ويطربون لإيقاعاتها، وقد تتمايل رؤوسهم زهواً وطرباً وإحساساً بالمتعة وشعوراً بالرضا.

تتعدد المناطق التي يحيي فيها الإسرائيليون حفلاتهم الماجنة، ورقصاتهم المجنونة، وحلقاتهم الشيطانية، فلا يكاد يمضي يومٌ أو تنتهي ليلة دون أن يشعلوا فيها الأرض لهيباً في غزة، أو يزلزلوا بصواريخهم أرضها الطيبة، ويرعبوا أطفالها ويذهبوا النوم من عيون سكانها، ويفرضوا عليهم الخروج من منازلهم، والبحث عن أماكن تبدو لهم آمنة في العراء أو تحت الشجر، بعد أن تطال أسلحتهم القاتلة أرواح شبابٍ مقاتلين، وأطفالٍ نائمين، ومدنيين آمنين، ونساءَ يحتضن أطفالهن، ويحاولن حماية صغارهن من عدوٍ فقد الرحمة، وانتزعت من قلبه معاني الإنسانية، وقيم المدنية والحضارة، فكان همجياً لا يفهم، وغولاً لا يدرك، وبهيماً لا يميز.

إنها حقاً جريمة كبيرة وخرقاً مهولاً ما يقوم به جيش الاحتلال الصهيوني ضد سكان غزة، فهي جريمةٌ موصولةٌ غير مقطوعة، ومستمرة غير متوقفة، ولا يوجد عندهم نية للتوقف عنها، إنها بفهمهم سلوكٌ طبيعي تندرج ضمن الأنشطة الاعتيادية للجيش الإسرائيلي، وهي تنسجم مع البرامج اليومية المعدة، إذ أنه من الطبيعي أن تنشط طائراتهم وتغير، وأن تشتغل دباباتهم وتقصف، وأن تتحرك آلياتهم وتدمر، وأن تخترق أجهزنهم وتقتل، فهذه أنشطةٌ عسكرية اعتيادية، ينبغي القيام بها كل وقتٍ وحين، وإلا فإن الجيش سيعتاد على الهدوء والدعة والراحة، وسينسى مهمته التي وجد من أجلها، وتأسس عليها، إذ أن القتل هو مهمته اليومية وواجبه الوطني، ولا خير فيه إن لم يرهب أو يروع، ولا رضا عنه إن لم يسفك ويقتل، ولا أم صهيونية ترضى عن ولدها إن عاد إليها بلا دمٍ سفكه، أو روحٍ أزهقها، إنها وصايا صهيونية وتعليماتٌ تلمودية، فلا ينبغي لهذا الجيش أن يحيد عنها، أو يتخلى عن الأهداف والغايات التي وضعت له، والأدوار التي أنيطت به، فهو جيشٌ أعد للقتل، وجهز للخراب، وتأسس للدمار.

لكن الجريمة الأكبر هي تلك التي يرتكبها المجتمع الدولي، وتسكت عنها حكومات الدول العربية والغربية، وهم يرون بعيونهم الطائرات الإسرائيلية التي تغير بلا سبب، وتقتل بلا ذنب، وتعتدي بلا مبرر، ثم يصغون السمع للتبريرات الإسرائيلية، ويتفهمون أسبابهم، ويسكتون عن تفسيراتهم، بل يزودونهم بما يقوي حجتهم، ويزيد في حمم سلاحهم، وبما يلحق بالفلسطينيين أذىً أكبر وألماً أعمق، ويجتمعون لتوجيه اللوم للضحية، وتوبيخهم على صراخهم من الألم، أو شكواهم من الوجع، أو إعلان إحساسهم بالظلم، إذ لا ينبغي على الفلسطينيين أن يتألموا، كما لا ينبغي عليهم أن يردوا الظلم، أو يواجهوا الاعتداء، وأيُ محاولةٍ فلسطينية لردع العدو وإسكاته، ومنعه من القتل والاعتداء، إنما هي إرهابٌ يجب أن يحارب، واعتداءٌ ينبغي أن يرد، وانتهاكٌ يوجب المحاسبة والعقاب، ما يبيح للإسرائيليين تقليم أظافر الشعب الفلسطيني، ونزع أسباب القوة منه، والمبادرة لإجهاض أي محاولة فلسطينية للرد أو الصد أو إحداث الردع.

القطعة الموسيقية الإسرائيلية المجنونة التي يشارك فيها عربٌ وغربُ، عزفاً أو مشاهدةً واستماعاً، أو دعماً وعوناً وإسناداً، تفرض على الفلسطينيين أن يعتمدوا على أنفسهم لوضعِ حدٍ لهذه الأنغام القاتلة، والألحان المبيدة، والأصوات النشاز المؤذية، ولا شئ يسكت موسيقاهم إلا موسيقى أكثر صخباً، وأوجع ألماً، وأبلغ أثراً، تعقد في كل مكان، وتصل إلى كل بقعة، ويشعر بها القريبون والبعيدون، سكان القلب والأطراف، وأهل المدينة والصحراء، ما يشعرهم بسمو الفن، وفعل الطرب، وروعة الأداء بطبعته الفلسطينية.

لا شئ أعظم فعلاً وأدعى لتحقيق الغايات المرجوة من المقاومة، التي تستطيع أن توقظ السكارى وتنبه الغافلين والحمقى، وتعيد العقل من الكف إلى الرأس، إذ لا يحد القوة إلا قوةً مثلها، ولا حديد يفله غير الحديد، ولا إرادةً تبز أصحاب الحق وسكان الأرض مهما بلغ طغيانها واحتد سلاحها، ولا شئ يسكت العدو إلا فعلاً يماثل فعله، وأثراً يتجاوز جرحه، ولا يسكت العدو كلامٌ، ولا يردعه حوارٌ، ولا يمنعه عن القتل إيمانٌ بسلامٍ أو التزامٌ بمفاوضات، أو ركونٌ إلى ضامنٍ أو كافلٍ كالسراب، إذ أنه يقتل في السلم والحرب، وفي ظل الحوار وأثناء الخصام، فليس إلا أن نكسر عوده، ونقطع أوتاره ونمزق طبوله، فلا حرب بعدها يدق طبولها ويعلي مزاميرها وينفخ في أبواقها.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

غزة، فلسطين، قطاع غزة، حماس، قصف غزة، إجتياح غزة،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 12-09-2012  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  يومٌ في الناقورة على تخوم الوطن
  فرنسا تضيق الخناق على الكيان الصهيوني
  ليبرمان يعرج في مشيته ويتعثر في سياسته
  يهودا غيليك في الأقصى والكنيست من جديد
  عيد ميلاد هدار جولدن وأعياد الميلاد الفلسطينية
  ليبرمان يقيد المقيد ويكبل المكبل
  سبعون عاماً مدعاةٌ لليأس أم أملٌ بالنصر
  ويلٌ لأمةٍ تقتلُ أطفالها وتفرط في مستقبل أجيالها
  سلاح الأنفاق سيفٌ بتارٌ بحدين قاتلين
  دلائل إدانة الأطفال ومبررات محاكمتهم
  طبول حربٍ إسرائيلية جديدة أم رسائلٌ خاصة وتلميحاتٌ ذكية
  سياسة الأجهزة الأمنية الفلسطينية حكيمةٌ أم عميلةٌ
  العلم الإسرئيلي يرتفع ونجمة داوود تحلق
  نصرةً للجبهة الشعبية في وجه سلطانٍ جائر
  طوبى لآل مهند الحلبي في الدنيا والآخرة
  تفانين إسرائيلية مجنونة لوأد الانتفاضة
  عبد الفتاح الشريف الشهيد الشاهد
  عرب يهاجرون ويهودٌ يفدون
  إيلي كوهين قبرٌ خالي وقلبٌ باكي ورفاتٌ مفقودٌ
  إرهاب بروكسل والمقاومة الفلسطينية
  المساخر اليهودية معاناة فلسطينية
  الدوابشة من جديد
  المهام السرية لوحدة الكوماندوز الإسرائيلية
  المنطقة "أ" إعادة انتشار أم فرض انسحاب
  إعلان الحرب على "فلسطين اليوم" و"الأقصى"
  عظم الله أجر الأمريكيين وغمق لفقيدهم
  الثلاثاء الأبيض وثلاثية القدس ويافا وتل أبيب
  الهِبةُ الإيرانية والحاجةُ الفلسطينية
  هل انتهت الانتفاضة الفلسطينية ؟
  سبعة أيامٍ فلسطينيةٍ في تونس

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
طلال قسومي، ماهر عدنان قنديل، د- محمد رحال، فتحي العابد، أ.د. مصطفى رجب، سيد السباعي، د. عادل محمد عايش الأسطل، صباح الموسوي ، محمد شمام ، أحمد ملحم، مراد قميزة، رافع القارصي، العادل السمعلي، د. أحمد محمد سليمان، خالد الجاف ، عراق المطيري، المولدي الفرجاني، عمر غازي، ضحى عبد الرحمن، د- محمود علي عريقات، فتحي الزغل، د- هاني ابوالفتوح، حسن الطرابلسي، د. صلاح عودة الله ، د - عادل رضا، الناصر الرقيق، رمضان حينوني، صلاح الحريري، صفاء العربي، سلوى المغربي، د - المنجي الكعبي، أحمد الحباسي، فوزي مسعود ، سعود السبعاني، مجدى داود، وائل بنجدو، أنس الشابي، عبد الرزاق قيراط ، محمد العيادي، رضا الدبّابي، حميدة الطيلوش، منجي باكير، رحاب اسعد بيوض التميمي، محمد الياسين، د - مصطفى فهمي، صفاء العراقي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، فهمي شراب، الهيثم زعفان، عمار غيلوفي، د - محمد بن موسى الشريف ، محمد الطرابلسي، أبو سمية، د. خالد الطراولي ، علي عبد العال، حسن عثمان، جاسم الرصيف، علي الكاش، محمد عمر غرس الله، كريم السليتي، أحمد النعيمي، أشرف إبراهيم حجاج، الهادي المثلوثي، محمود طرشوبي، عواطف منصور، د - محمد بنيعيش، نادية سعد، يحيي البوليني، ياسين أحمد، محمود فاروق سيد شعبان، سامح لطف الله، د - صالح المازقي، سفيان عبد الكافي، محرر "بوابتي"، يزيد بن الحسين، صالح النعامي ، أحمد بوادي، إسراء أبو رمان، د- جابر قميحة، د. ضرغام عبد الله الدباغ، حاتم الصولي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، حسني إبراهيم عبد العظيم، تونسي، إياد محمود حسين ، صلاح المختار، د. مصطفى يوسف اللداوي، سامر أبو رمان ، عبد الغني مزوز، رشيد السيد أحمد، د. طارق عبد الحليم، رافد العزاوي، محمود سلطان، د.محمد فتحي عبد العال، فتحـي قاره بيبـان، محمد اسعد بيوض التميمي، عبد الله الفقير، خبَّاب بن مروان الحمد، د - شاكر الحوكي ، مصطفى منيغ، مصطفي زهران، د - الضاوي خوالدية، محمد أحمد عزوز، محمد يحي، د. عبد الآله المالكي، كريم فارق، إيمى الأشقر، عزيز العرباوي، سليمان أحمد أبو ستة، سلام الشماع، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د. أحمد بشير، عبد الله زيدان،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة