البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

نظرية التحول الديمقراطي و مصير النخب السياسية

كاتب المقال شاكر الحوكي - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 7504


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


لا يحتاج التحول الديمقراطي إلى أكثر من 24 ساعة حتى يتحقق و ليس عقود كما كان يروج من قبل البعض. هذا ما قالت به نظرية العلوم السياسية و أثبتته الأحداث الأخيرة، و لكن بقولها هذا لم تقل كل شيء..

ذلك أن نظرية العلوم السياسية فيما يتعلق بالتحولات الديمقراطية عموما، كيف ما كانت الطريقة، تفيد أن هذه التحولات ما أن تحدث حتى تتنكر لمناضليها و نخبها الذين ساهموا و ناضلوا في سبيل تحقيق تلك اللحظة.

و على هذا الأساس ينتظر من النخب و الأحزاب التي ناضلت من اجل معارضة النظام السابق و المطالبة بالتغيير الديمقراطي أن تواجه تحديا مصيريا يستهدف وجودها في حد ذاته، و هذا ما بات واضحا يوما بعد يوما من خلال تراجع دور العديد من زعماء النضال و المعارضة، بل إننا نراقب بدهشة كيف أن هذه المعارضة التي كان صوتها يدوي في السابق في كل مكان، باتت اليوم خارج اللعبة و تتساقط كأوراق الخريف. انه قانون التحولات السياسية الكبرى .

قانون لم يتم وضعه بصورة قبلية، و لكنه حصيلة رصد دقيق لمختلف التحولات الديمقراطية في العالم على غرار ما حصل في أمريكا اللاتينية و أوروبا الشرقية و حتى بعيد الثورة الفرنسية التي أفضت إلى إعدام زعمائها و على رأسهم روباس بيار .

تهافت القديم قد يفسر على أساس الصراع الذي ينشا بين فئتين أو فريقين؛ بين القديم الذي يرى نفسه معنيا بالتحول الذي تحقق و بالتالي يعود له الحق الطبيعي في قيادة المرحلة القادمة دون وعي لماهية التحولات الجديدة، و جديد غير واع بفلسفة التحولات السياسية، و لكنه لا يريد أن يتعامل مع القديم و يريد أن يمضي بالمرحلة الجديدة دون تكبيل أو اعتراف بالوفاء لأحد .

و الحقيقة فان سقوط القديم يبدو حركة طبيعية في مجرى الأحداث الانتقالية، إذ أن القديم و قد رتب نفسه لسنوات على أن يعارض النظام و على أساس ذلك رتب تحالفاته و طريقة عمله و حدد أولوياته و ضبط برامجه، لا يلبث إلا أن يجد نفسه اليوم خارج السياق بعدما استنفذ وظيفته وبات في حاجة إلى تغيرات جذرية للتأقلم مع المرحلة الجديدة .

فالتركيز على نقد "بن علي و نظامه" كما كان يحدث في السابق، لم يعد ممكنا بعد سقوطهما؛ فبسقوط النظام سقطت معه كل المنظومة التي كانت مرتبطة به، بما فيها خطاب المعارضة الذي كثيرا ما كان يستمد مشروعيته من مشروعية النظام نفسه و من الواضح أنها تعيش اليوم حالة من الارتباك و العجز بسبب عدم إدراك استحقاقات التحولات الديمقراطية .

ليس صدفة عندئذ، أن يقفزا الحزبين الرئيسين في معارضة النظام البائد إلى حكومة محمد الغنوشي والتورط في الدفاع عن بقايا النظام، ذلك أنها بقيت حبيسة المنطق السابق الذي كان محكوما بأفق العمل داخل النظام نفسه و ليس صدفة أيضا أن يرحبا هذين الحزبين بخطاب بن علي الأخير و الحال انه كان في حالة احتضار، ذلك أن الحزبين كانا يفكران وفق المرحلة السابقة ووفق شروطها و أفاقها، و لم يدركا بعد أنهما ينتميان إلى حقبة باتت من الماضي.

من منظور العلوم السياسية فان مرحلة التحول لن تقتصر على حصد حزب أو حزبين، و إنما ستحصد معها كل أحزاب المرحلة الماضية من اليمين إلى اليسار، و لن تعترف إلا بأحزاب جديدة ووجوه جديدة تكون قادرة على التفاعل مع المرحلة الجديدة و متحررة من أعباء الماضي و أخطائه الذي سرعان ما سيتحول إلى لعنة يلاحق أصحابه.

و لن يكون هناك من أمل للأحزاب القديمة في مواصلة مسيرتها إلا إذا ما نجحت في إجراء عمليات جراحية دقيقة تمكنها من التخلص من شخوصها القديمة و ارثها الماضي و تجديد خطابها السياسي و تقديم الحلول الفعلية للمعطلين و العاطلين عن العمل و الانخراط الفعلي في معالجة مختلف المشاكل الاجتماعية و الاقتصادية و تقديم خطاب واعي و مسؤول يلامس روح الشعب و مشاعره و يعبّر عن قيمه و يفتح الأفاق نحو المستقبل.


شاكر الحوكي


جامعي و باحث في العلوم السياسية


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، التحول الديموقراطي، بن علي، المعارضة،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 26-03-2011  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  ألغاز "القصر" وفضائح "القصبة" لماذا لم يتم نشر قرار الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين في الرائد الرسمي؟
  رسالة مفتوحة للرئيس السابق زين العابدين بن علي (*)
  و هذا نداء تونس
  الرد المفحم عن السؤال المبهم : هل تنتهي شرعية المجلس التأسيسي يوم 23 أكتوبر ؟
  مسودة الدستور: بين مكامن النقصان و تحقيق شروط الإتقان
  تونس و سوريا: الشعب و النخب و الطاغية الأسد
  في ذكرى وفاته: درويش، ذاك... الأنا
  تأملات في واقع المجتمع التونسي اليوم
  الدولة، النخب و التحديات: قراءة في الماضي و الحاضر و المستقبل
  "العهد الجمهوري" في تونس : ماهو فعلي و ما هو مفتعل
  نظرية التحول الديمقراطي و مصير النخب السياسية
  النظام السياسي في تونس على مفترق الطرق، و سوء الفهم سيد الموقف
  تونس و الثورة: من في خدمة من ؟
  العلمانيون في تونس : بين التخبط و الانتهازية
  عندما تصبح "الجزيرة" في مرمى "حنبعل": تطمس الحقائق و تحل الأكاذيب
  الشعوب العربية مدانة أيضا
  غزة و العرب و الدروس المستخلصة: من قمة الدوحة إلى قمة الكويت
  القول الفصل في ما بين اختيار إسرائيل للحرب أو الفرض
  السعودية و الغرب و حوار الأديان: من لا يملك إلى من لا يحتاج
  الخمار و الدخان في تونس: بين استحقاقات التدين و ضرورات الحداثة
  الدراما في تونس من الواقعية إلى الوقيعة
  لا حلّ في "شوفلّي حلّ"
  "إسرائيل" و "الفريب" في تونس

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
حسن عثمان، المولدي الفرجاني، محرر "بوابتي"، رحاب اسعد بيوض التميمي، حاتم الصولي، د - صالح المازقي، صفاء العربي، محمد الياسين، د. ضرغام عبد الله الدباغ، كريم فارق، فتحي الزغل، سفيان عبد الكافي، رضا الدبّابي، سلوى المغربي، سليمان أحمد أبو ستة، حسن الطرابلسي، د - محمد بنيعيش، محمود فاروق سيد شعبان، علي عبد العال، عمر غازي، عزيز العرباوي، يزيد بن الحسين، فتحي العابد، عواطف منصور، طلال قسومي، نادية سعد، د- محمد رحال، سعود السبعاني، مراد قميزة، عبد الله زيدان، د - شاكر الحوكي ، مصطفى منيغ، د.محمد فتحي عبد العال، محمد يحي، سامح لطف الله، جاسم الرصيف، إياد محمود حسين ، فوزي مسعود ، إيمى الأشقر، سيد السباعي، د - المنجي الكعبي، تونسي، مصطفي زهران، ياسين أحمد، صلاح المختار، فتحـي قاره بيبـان، محمد الطرابلسي، عراق المطيري، أبو سمية، إسراء أبو رمان، عبد الرزاق قيراط ، محمد العيادي، د- جابر قميحة، ماهر عدنان قنديل، كريم السليتي، د. عبد الآله المالكي، الهيثم زعفان، د. طارق عبد الحليم، الهادي المثلوثي، رافد العزاوي، د - مصطفى فهمي، خبَّاب بن مروان الحمد، ضحى عبد الرحمن، صباح الموسوي ، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، محمد شمام ، د - عادل رضا، محمد أحمد عزوز، أ.د. مصطفى رجب، د. أحمد بشير، محمود سلطان، د- محمود علي عريقات، رشيد السيد أحمد، عبد الغني مزوز، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د. أحمد محمد سليمان، صلاح الحريري، الناصر الرقيق، خالد الجاف ، أشرف إبراهيم حجاج، عبد الله الفقير، د- هاني ابوالفتوح، عمار غيلوفي، أحمد النعيمي، علي الكاش، فهمي شراب، صالح النعامي ، د - محمد بن موسى الشريف ، أحمد الحباسي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، العادل السمعلي، يحيي البوليني، أحمد بوادي، سامر أبو رمان ، رافع القارصي، مجدى داود، د. مصطفى يوسف اللداوي، أنس الشابي، د - الضاوي خوالدية، أحمد ملحم، د. خالد الطراولي ، حسني إبراهيم عبد العظيم، سلام الشماع، د. عادل محمد عايش الأسطل، منجي باكير، رمضان حينوني، محمد عمر غرس الله، صفاء العراقي، محمود طرشوبي، د. صلاح عودة الله ، حميدة الطيلوش، محمد اسعد بيوض التميمي، وائل بنجدو،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة