البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

الهجمة السلطوية على المواطن والمجتمع من تونس إلى السودان ولبنان

كاتب المقال عمرو حمزاوي   
 المشاهدات: 985



هي، إذا، أداة تستخدمها في بلدان مختلفة السلطة التنفيذية حين تتغول على المواطن والمجتمع وحين تسعى لفرض الصمت الكلي أو الجزئي على انتهاكات حكم القانون والحقوق والحريات.

في روسيا، تضغط حكومة الرئيس فلاديمير بوتين منذ سنوات على منظمات المجتمع المدني والجمعيات الحقوقية وتلاحقها بالقمع والقيود الكثيرة على عملها ومواردها التنظيمية والمالية وبالتهديدات المستمرة بالإغلاق وبإلغاء التراخيص الرسمية الممنوحة لها وبالمحاكمات العاجلة ما لم تقبل الخضوع لإرادة السلطة التنفيذية والتحول من منظمات وجمعيات مستقلة إلى كيانات على الورق غير حكومية وفي الواقع الفعلي مستتبعة حكوميا ومسيطر عليها.

وتتكرر ذات الممارسات وإجراءات السلطة التنفيذية إزاء منظمات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية في بلدان كبرى كالصين التي لا تنكر حكومتها عداءها للتنظيمات الوسيطة المحلية والدولية، والمجر التي وإن كانت تشهد منذ تسعينيات القرن العشرين انتخابات حرة وتعددية ولها منذ سنوات قليلة عضوية بالاتحاد الأوروبي إلا أن حكوماتها اليسارية واليمينية المتعاقبة لم تتوقف أبدا عن تعويق عمل المجتمع المدني، والسعودية التي لا تمنح التراخيص الرسمية للمنظمات الحقوقية وغير الحكومية إلا فيما ندر وبعد التيقن من خضوعها الكامل للسلطة التنفيذية، وإثيوبيا التي تتعامل بها الحكومة مع المجتمع المدني كمجموعات انفصالية هدفها هدم الدولة أو كمنظمات مشبوهة تخدم مصالح القوى الإقليمية المعادية والقوى الأجنبية المتآمرة دوما على حقوق وآمال الشعب الإثيوبي الذي يحتكر رئيس الوزراء أبي أحمد الحديث باسمه.

وتتكرر ذات الممارسات وإجراءات السلطة التنفيذية من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي إزاء المجتمع المدني في فلسطين التي أصبح بها الانتماء المهني أو التطوعي لمنظمات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية العاملة في مجال الحقوق والحريات بمثابة التورط في أفعال تصنفها حكومة الاحتلال سلفا كأفعال إجرامية تستدعي المنع والتعقب والعقاب. وتتكرر أيضا في تونس التي يهاجم بها الرئيس قيس سعيد المنتخب ديمقراطيا منظمات المجتمع المدني والفعاليات النقابية على الرغم من استنادها إلى تراخيص رسمية تخضعها لشروط الشفافية والنزاهة والعلنية ولرقابة الأجهزة التنفيذية والسلطة القضائية التي يؤسس لها حكم القانون، ويصور أعمالها كأعمال مشبوهة ويهدد بذلك التوافقات الديمقراطية التي أنتجتها التجربة التونسية وضمنت حق المجتمع المدني في النشاط والعمل في بيئة آمنة قانونيا ومجتمعيا ومع التزام المنظمات والجمعيات والكيانات المختلفة بشروط الشفافية والنزاهة وحكم القانون.

وفي عموم بلاد العرب، لا أنازع أبدا في حق السلطة التنفيذية والسلطة القضائية في الرقابة العلنية والقانونية على المجتمع المدني وعلى مصادر التمويل وأوجه النشاط والعمل. ولا أنازع أبدا لا في أن للدول صلاحية معرفة مصادر التمويل الخارجية الواردة للمجتمع المدني والتثبت من اكتمال شروط الشفافية والنزاهة وعدم تعارضها مع مقتضيات السيادة الوطنية والأمن القومي، ولا في ضرورة المحاسبة الناجزة لمن يخالفون القانون في مجال المجتمع المدني كما في كافة المجالات الأخرى. إلا أن تنزيل هذه الثوابت على الواقع الفعلي للمجتمع المدني بمنظماته وجمعياته وكياناته الوسيطة، والتي تعبر في الأساس عن مصالح المواطن والمجتمع ويفترض أن تحميهما في إطار تعاون مع مؤسسات وأجهزة الدولة وسلطاتها دون تغول أو استقواء أو سرية أو صراع دائم، له أن يحدث دون ممارسات وإجراءات استثنائية تصدر القمع والقيود والضغوط والتشكيك من قبل السلط التنفيذية في المجتمع المدني. له أيضا أن يحدث دون صياغات قانونية تحول بين المجتمع المدني وبين الحصول على تراخيص رسمية للنشاط والعمل على نحو علني وشفاف ودون فرض الخضوع لإرادة الحكم كشرط للوجود والبقاء واتقاء القمع الذي تواجهه منظمات وجمعيات وكيانات واجبها هو حمايتنا كمواطنات ومواطنين من القمع ودون تهديدات متلاحقة للعاملين مهنيا وتطوعيا في المجتمع المدني بالمحاكمات وبالعقاب السالب للحرية لدفاعهم عن الحقوق والحريات.

يظل الأفضل لنا في بلاد العرب أن يتطور شيئا من التضامن والتعاون بين المواطن والمجتمع والدولة وأن تتبلور لحظة للعمل المشترك لمواجهة الحروب الإقليمية والصراعات الأهلية والفتن الطائفية التي تسقط منا جميعا شهداء وضحايا ولمحاربة الإهمال والفساد والانتصار لحقنا في أوطان عادلة ومتقدمة. نحن في أمس احتياج إلى لحظة لاستعادة ثقة وطاقة وفاعلية قطاعات شعبية كثيرة باتت تشعر بالإحباط وتعزف عن الشأن العام وتتابع بيأس الهجمات السلطوية على المواطن والمجتمع من تونس والسودان إلى لبنان والعراق. فمتى سيتوقف الإفساد المتكرر للتضامن والتعاون المطلوبين بسبب هواجس الحكومات ورفضها للديمقراطية ونزوعها المستمر للضغط على المجتمع المدني؟


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

الثورات العربيبة، الثورة المضادة، الإنقلاب،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 26-10-2021   المصدر: القدس العربي

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د - محمد بن موسى الشريف ، د. أحمد بشير، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د- جابر قميحة، علي عبد العال، سعود السبعاني، سليمان أحمد أبو ستة، أحمد النعيمي، فوزي مسعود ، إيمى الأشقر، د- محمد رحال، علي الكاش، سيد السباعي، د - مصطفى فهمي، حميدة الطيلوش، عزيز العرباوي، ماهر عدنان قنديل، وائل بنجدو، فتحـي قاره بيبـان، صفاء العراقي، محمد يحي، نادية سعد، حسن الطرابلسي، سلام الشماع، محمد عمر غرس الله، د. طارق عبد الحليم، رضا الدبّابي، كريم السليتي، إياد محمود حسين ، عبد الغني مزوز، رافد العزاوي، مصطفي زهران، محمد العيادي، فتحي العابد، عبد الله الفقير، محمد الياسين، أحمد بن عبد المحسن العساف ، محمود فاروق سيد شعبان، د. صلاح عودة الله ، محمود طرشوبي، عبد الرزاق قيراط ، سفيان عبد الكافي، صفاء العربي، محمد الطرابلسي، رمضان حينوني، محمد شمام ، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، خبَّاب بن مروان الحمد، د. مصطفى يوسف اللداوي، كريم فارق، يحيي البوليني، رحاب اسعد بيوض التميمي، صالح النعامي ، حسن عثمان، د - المنجي الكعبي، د - عادل رضا، إسراء أبو رمان، الهيثم زعفان، أحمد ملحم، د - الضاوي خوالدية، د. خالد الطراولي ، المولدي الفرجاني، أ.د. مصطفى رجب، أحمد بوادي، أشرف إبراهيم حجاج، محرر "بوابتي"، الناصر الرقيق، مراد قميزة، حسني إبراهيم عبد العظيم، د. عادل محمد عايش الأسطل، د - صالح المازقي، د. أحمد محمد سليمان، خالد الجاف ، تونسي، حاتم الصولي، سلوى المغربي، مجدى داود، د.محمد فتحي عبد العال، طلال قسومي، جاسم الرصيف، فهمي شراب، محمد أحمد عزوز، العادل السمعلي، أنس الشابي، يزيد بن الحسين، فتحي الزغل، منجي باكير، ياسين أحمد، سامر أبو رمان ، د - محمد بنيعيش، د- محمود علي عريقات، رافع القارصي، عمر غازي، عراق المطيري، د - شاكر الحوكي ، ضحى عبد الرحمن، د. كاظم عبد الحسين عباس ، محمد اسعد بيوض التميمي، سامح لطف الله، عمار غيلوفي، صلاح الحريري، د. عبد الآله المالكي، د- هاني ابوالفتوح، محمود سلطان، الهادي المثلوثي، أبو سمية، رشيد السيد أحمد، مصطفى منيغ، صباح الموسوي ، صلاح المختار، عواطف منصور، عبد الله زيدان، أحمد الحباسي،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة