البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

تونس: خلافات النخبة تمكن للانقلاب

كاتب المقال نور الدين العلوي - تونس   
 المشاهدات: 1050



يمنّي الكثير من النخب السياسية نفسه بأن يلتزم الرئيس قيس سعيد أجل الشهر الذي أعلنه فيعود بالبلاد إلى الوضع الدستوري الطبيعي، لكن ظهور الرئيس يوم 16 آب/ أغسطس في المطار وتصريحه بصوت عال أنه لن يتراجع عما قرره وأنه ماض قدما في مشروعه لتغيير النظام السياسي برمته؛ حدد اتجاه الفعل السياسي القادم، وقد بدأ برفض كل دعوات الحوار التي صدرت عن النقابة وعن الأحزاب السياسية.

هذا الإصرار يضع النخب الحزبية والنقابية والشخصيات الوازنة في موضع غير مريح، إذ يبقي أمامها خياران ضيقان: إما الاستسلام لمشروع الرئيس الذي سيتبلور خارج البرلمان وضده، أو الخروج إلى الشارع وإسقاط المشروع، وبالتالي إسقاط صاحبه بقوة الشوارع المتقابلة بما في ذلك من احتمالات العنف المنفلت.

ما هي عناصر قوة الرئيس بخلاف العناد والمكابرة؟ ولماذا يظهر معارضوه خائفين ومترددين في حسم موقفهم من مشروعه؟

تردد النخب قوة للرئيس

نهاية الشهر تقترب والرئيس مصرّ، والنخب صامتة حتى الآن رغم بعض الأصوات الخجولة والمترددة. هذا هو المشهد في الأسبوع الثالث للانقلاب. المعطى المكشوف للرئيس ولفريقه المتحمس لحركته هو الاختلاف العميق بين معارضي الانقلاب، فهم في الغالب فريقان: فريق الديمقراطيين المتمسكين بمؤسسات الدولة التي ورثوها ودافعوا عنها ولم يبنوا خيالا سياسيا لدولة مختلفة. ومن هؤلاء أساتذة القانون الذين يعارضون الرئيس، وزعماء سياسيون مثل السيد نجيب الشابي والدكتور المرزوقي (الرئيس الأسبق)، ومنهم أيضا في ما يبدو من تصريحات متناثرة؛ النقابة وجمهورها المسيس، فضلا عن أحزاب صغيرة غير ذات قواعد وازنة.

والفريق الثاني هو حزب النهضة وأصدقاؤه في ائتلاف الكرامة، وهم الذين بادروا إلى رفض الانقلاب منذ الساعات الأولى.

والفريقان متفقان في رفض الانقلاب لكنهما مختلفان في سبل معارضته (حتى الآن على الأقل)، لأن اتفاقهما الإجرائي المحتمل يؤدي بالضرورة إلى إعادة توطين حزب النهضة في المشهد السياسي بعد أن غنم البعض إبعاده على يد الرئيس (وهو مكسب مهم لهذا الطيف الذي عجز بنفسه وقدر بغيره)، وأي لقاء حركي مع النهضة والائتلاف سيكون هدية سياسية للنهضة قد تنهي حديث الإقصاء إلى الأبد. ليس لهذا الطيف المتعدد شارع يخيف الرئيس، وليس لديه استعداد للاعتماد على شارع النهضة المنظم.

يعرف الرئيس هذا الخلاف ويستغله ليتقدم على ساحة مفككة، ولديه في ما يبدو يقين أنهم لن يتفقوا ضده في الشارع.

هذا الفراغ غنيمة باردة تفسر الكثير من عناده وإصراره على عدم التراجع. هكذا تقدم ابن علي بعد انقلابه، وأظن الدرس قابلا للتكرار.

النهضة لن تواجه وحدها

في الجانب الآخر من الصورة يعرف الرئيس أن حزب النهضة لن يواجهه في الشارع، فقد فضل الانسحاب خلال الشهر الجاري وفي خياله الوضع الذي حُشر فيه إخوان مصر بعد انقلاب السيسي. هذا الانسحاب لن يكون بعده رجوع إلى المواجهة لأن مذبحة رابعة معلقة فوق رأس الحزب.

وإذا كان الرئيس قد غفل عن الحزب حتى الآن أو أجّل المواجهة معه حتى يستقر له الأمر، فلا نراه يتردد في فتح جبهة مع الحزب إذا مضى في إلغاء الدستور وفرض تنظيم مؤقت للسلطات.

يعتبر حزب النهضة أن دستور 2014 منجزه ومادة فخره السياسي، وإسقاط هذا الدستور يترك الحزب في العراء السياسي. وهو مُقْدم على وضع غير حميد إذا دافع عن الدستور وواجه الرئيس وحمل كلفة المواجهة وحده (كما حصل له مع ابن علي)، وإذا تخلى عن الدستور ورضخ من خوف وخشية و"تكتيك" خسر نفسه، رغم أنه نظريا قادر على العودة إلى السلطة بالانتخاب على الأشخاص، كما قد يقترح الرئيس في مشروعه. ولكن بين الإمكان النظري والواقع مسافة سيغلقها الرئيس (فلا نراها تغيب عنه)، إذ نعتقد أن تعديل مرسوم الأحزاب سيكون من أولويات الرئيس والذريعة موروثة من عهد ابن علي: "منع تشكيل الأحزاب على أسس دينية"، فضلا على أن الرئيس أعلنها مرارا بعدم إيمانه بالأحزاب والمنظمات، وهو الأمر الذي قد ينقض غزل الرئيس أنكاثا.

تغيير شكل الدولة والتقاليد السياسية مغامرة غير محسوبة

ما سبق ذكره من خلافات النخبة مفيد حتى الآن للرئيس، ولكن احتمال رفض التغيير العميق طبقا لما أعلن من مشروع الرئيس قد يثير خوفا عميقا على التقاليد السياسية المرعية، وعلى مؤسسات الدولة التي بُذل جهد كبير في بنائها.

فإذا أضفنا إلى ذلك احتمال إلغاء الحياة الحزبية والاتجاه إلى نوع من الديمقراطية المباشرة دون مؤسسات حزبية، فإن دولة أخرى ستقوم ولن تجد فيها النخب الحزبية والنقابية مكانا (وحديث أنصار الرئيس حتى الآن يثير خوفا كبيرا، فقد حولوا كل معارض للرئيس إلى ممسحة أقدام على بابه).

لا يقدم الرئيس أية تطمينات لأي كان، وصورته التي يروج لها الإعلام (والذي ناصره بلا تحفظات إلا أصوات مستقلة ومعزولة) هي صورة محارب يخوض نزاله منفردا ضد الجميع، مستعملا أشد العبارات ضراوة ضد خصومه، مثل وصفهم بفئران مجاري وتهديدهم بالمشانق.

هل يوحد الخوف خصوم الرئيس ضده وضد مشروعه؟ لا أرجح هذا الاحتمال، فالنخبة التي طمعت في ابن علي لا تزال تدير جزءا من المشهد المترقب لمكرمات قيس سعيد، وهو يعري جبنها ويخزيها. لذلك نرى أجل الشهر يسقط والدستور يلغى والوقت الثمين يذهب سدى، ووحدها الأزمة الاقتصادية ستنهي هذا المشهد الغريب بكل مكوناته، ثم يكون حديث آخر لزمن آخر بثمن قاس لكنه بمثابة نار الغابات.



 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

إنقلاب قيس سعيد، تونس، الإنقلاب في تونس،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 18-08-2021   المصدر: عربي 21

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د- محمود علي عريقات، محمود سلطان، محمد اسعد بيوض التميمي، ياسين أحمد، عواطف منصور، حسني إبراهيم عبد العظيم، عراق المطيري، أنس الشابي، إيمى الأشقر، عزيز العرباوي، د- جابر قميحة، الهيثم زعفان، فتحـي قاره بيبـان، رافع القارصي، تونسي، د. صلاح عودة الله ، مصطفى منيغ، د - صالح المازقي، علي عبد العال، ضحى عبد الرحمن، كريم السليتي، رمضان حينوني، محمد العيادي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، صباح الموسوي ، سفيان عبد الكافي، سامر أبو رمان ، د. عبد الآله المالكي، وائل بنجدو، د - عادل رضا، الناصر الرقيق، د. خالد الطراولي ، إياد محمود حسين ، خبَّاب بن مروان الحمد، سعود السبعاني، صلاح المختار، سامح لطف الله، د - محمد بنيعيش، رشيد السيد أحمد، سلام الشماع، عبد الغني مزوز، جاسم الرصيف، فتحي العابد، صلاح الحريري، د. مصطفى يوسف اللداوي، نادية سعد، صالح النعامي ، مصطفي زهران، يزيد بن الحسين، رافد العزاوي، حسن عثمان، د.محمد فتحي عبد العال، د. أحمد محمد سليمان، أحمد ملحم، عمار غيلوفي، د- محمد رحال، طلال قسومي، د - الضاوي خوالدية، عبد الله زيدان، محمد أحمد عزوز، حسن الطرابلسي، محمود فاروق سيد شعبان، مراد قميزة، سليمان أحمد أبو ستة، عبد الله الفقير، عبد الرزاق قيراط ، أ.د. مصطفى رجب، مجدى داود، علي الكاش، عمر غازي، أحمد الحباسي، الهادي المثلوثي، محرر "بوابتي"، حميدة الطيلوش، أحمد النعيمي، يحيي البوليني، محمد الياسين، د- هاني ابوالفتوح، منجي باكير، محمد الطرابلسي، خالد الجاف ، د - محمد بن موسى الشريف ، محمد عمر غرس الله، د. كاظم عبد الحسين عباس ، فوزي مسعود ، د. ضرغام عبد الله الدباغ، حاتم الصولي، أبو سمية، كريم فارق، فتحي الزغل، د - المنجي الكعبي، إسراء أبو رمان، محمد شمام ، سلوى المغربي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، محمد يحي، د. طارق عبد الحليم، رحاب اسعد بيوض التميمي، د - شاكر الحوكي ، فهمي شراب، رضا الدبّابي، د. عادل محمد عايش الأسطل، ماهر عدنان قنديل، المولدي الفرجاني، صفاء العراقي، د. أحمد بشير، د - مصطفى فهمي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، أشرف إبراهيم حجاج، العادل السمعلي، سيد السباعي، أحمد بوادي، صفاء العربي، محمود طرشوبي،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة