البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

لمحات (19): حديث حول الإنتخابات

كاتب المقال د - المنجي الكعبي - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 2126


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


هذه الانتخابات التي نعيشها، من يَعرف سابقاتها التي عشناها في عهد ما قبل التعددية السياسية وقيام هيئة عليا مستقلة لإدارتها من الألف الى الياء، يلمس تقدماً كبيراً حققناه في مجال الشعارات التي كان يرفعها حكامنا السابقون منذ الاستقلال، من ديمقراطية وحرية وحقوق إنسان، ولا يكادون يطبقون منها حرفاً، لأسباب كثيرة مبررة غالباً، منها تعويد الشعب تدريجياً على التعامل مع هذه المفاهيم الجديدة كما أصبحت تمارس في الدول المتقدمة، بدون إفراط ولا تفريط، لأن وضع الشيء الطيب في غير موضعه قد ينقلب الى ضده. ولذلك كانت نتائج ٩٩ فاصلة ٩٩ بالمائة في انتخاب الرئيس، لا تثير الا قليلاً من الناس أو معارضة إن وجدت للقدح فيها. ولما كنا في نظام الحزب الواحد كانت المعارضة لا يسمع لها صوت ولا تُنظَر لها طعون في المحاكم إلا صورياً.

وكان الصوت المسموع والمردد في الإعلام هو حياد الإدارة والشفافية والنزاهة، التي تضمنها كلها الدولة عن طريق تسخير كافة أجهزتها ودواليبها ومؤسساتها.

وبعد الثورة تقرر أن تستقل العملية الانتخابية بهيئة مستقلة للانتخابات والاستفتاء، تعضدها هيئة مستقلة كذلك للإعلام السمعي والبصري، لتضافر كل الجهود عبرهما من أجل تسيير العملية الانتخابية بكافة مراحلها دون تدخل من أجهزة الدولة أو دواليبها كالسابق.

ولذلك كنت أحد من تصور أن كلمة الرئيس المؤقت للجمهورية التي أعلن عن إلقائها عشية الجمعة والشعب يستعد للاحتفال بعيد رأس السنة الهجرية ستكون تقليدية، تهاني وتمنيات بالعام الجديد للشعب التونسي والأمة العربية الإسلامية في سائر الأرض، ودعوات لوقف الحروب فيها وانتصار المقاومة في الأراضي المحتلة لاستعادة القدس وفلسطين.

فإذا الانتخابات الرئاسية، ومهمة الرئيس المؤقت في إنجازها في الوقت المحدد، هي كل كلمته التي ألقاها، خشية مما سماه "إشاعات وأقاويل" تمس بأجهزة الأمن والقضاء في سياق الأحداث التي واكبت الحملة الانتخابية للتشكيك في مصداقية الدولة، وشدد على وجوب التزام كل الأطراف المتدخلة في العملية الانتخابية بدورها في ظل حياد الإدارة ومعايير المنافسة والشفافية والنزاهة التي يضمنها الدستور، والاحتكام الى صناديق الاقتراع لانتخاب الرئيس الجديد، عملاً بالتداول على السلطة، والأهم كما قال تجديد الثقة في مصداقية الدولة، مكتفياً بوصف التداول على السلطة بالمهم. دون أن يعني في تقديرنا فصل المهم عن الأهم.

ويظهر أن إيقاف أحد المترشحين في السجن هو الذي عناه بأن الحملة الانتخابية بدأت قبل أوانها وسببت هذا اللغط الإعلامي الكبير الذي خشاه أن يثير تشويشاً على سير العملية الانتخابية، الى حد تشكيك بعض الناس في انتهائها بخير وربما توقفها. وكأنه أراد تطمين الجميع وحتى أصدقاءنا بالخارج الذين أشار الى انشغالهم بما يحدث وتساؤلاتهم: "يا هل ترى هذه الانتخابات باش تم، وباش تم بصفة شفافة؟".

وذكّر بصفته الساهر على الدستور مندداً "بالألسن الخبيثة" التي وراء هذا التشكيك.

وتنويهه، بأن نجاح هذه الانتخابات مرتبط بوعي الناخبين "وبحسن اختيارهم لمن سيتولى قيادة تونس في السنوات المقبلة "، يوحي بأن بين المترشحين مَن ينبغي أن يرقي وعي الشعب وحسن اختيار الناخبين الى قلة أهليته لتولي قيادة تونس، وبالتالي عدم التصويت له. وهذه مجازفة كلامية مع احترامي لسيادته، لأن اختيار المواطن لمن يصوت له لا يتوقف على درجة معينة للوعي عنده، أو لحسن الاختيار أو سوئه، فالصندوق وحده هو الفيصل، لأن المنصب والكرسي لواحد لا لأكثر، وإلا فكلهم - عند كل من ينتصر لمرشحه - أهلٌ للحكم.

وهم على اختلاف مشاربهم، ليسوا في مقام من يذَكّرون بواجباتهم وهم مبوبون للحكم من رئيس مؤقت مطالب فقط بإنجاز الانتخابات الرئاسية المبكرة في آجالها الدستورية، مع التمسك بالحياد التام، بعدم التدخل في مجرياتها، لوجود هيئات مستقلة وقضاء مستقل كذلك لمعالجعة كل أحداثها وحوادثها، وإن بنسبة من الرضى لا ترقى الى وجود محكمة دستورية وظروف عادية.

قلتُ ليسوا في مقام من يُذَكّرون "بصيانة مكاسب تونس التي تحققت ودعم الخيارات التي أكدها الدستور"، كما قال. فمن برامج بعض الأحزاب ورؤسائها أن يراجعوا الدستور وينقحوه ربما في جوهره، لعرضه على الاستفتاء، وليس يُثنيهم عن ذلك سوى إرادة الشعب عبر التصويت الحر النزيه.

وكما تباحث سيادته مع الهيئة العليا المستقلة للانتخابات والاستفتاء، لضبط روزنامة الانتخابات الرئاسية المبكرة بالاقتراح على مجلس النواب لتعديل القانون الانتخابي حتى تظهر نتيجة التصويت قبل يوم من نهاية عهدته المؤقتة على رأس الدولة، دون التأخير ولو بيوم واحد، لتسليم مشعل الرئاسة للرئيس الجديد المنتخب انتخاباً شعبياً ديمقراطياً عن طريق الاقتراع السري، فإن صلاحيات الرئيس الجديد ستكون أوسع لاقتراح تعديل جذري في ذلك القانون الأساسي لهيئة الانتخابات، بحيث يعالج الاختلالات التي تبين، من خلال هذه الانتخابات المبكرة الأولى من نوعها، العجز عن التوقي منها حتى لا تُحدث التشويش والحيرة والتشكيك فتؤثر بدورها على النتائج.

حتى لا أعود الى القول كما قلت في السابق عن بعض الانتخابات التي عشتها إن نتائج الانتخابات هي إحدى ثلاث، نتائج رسمية ونتائج معارضة ونتائج حقيقية طي الصندوق. وتبقى هذه النتائج متضاربة فيما بينها الى أن تستقر الديمقراطية على نحو صحيح.

--------------
تونس في ٢ سبتمبر ٢٠١٩


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الإنتخابات، الإنتخابات الرئاسية، الإنتخابات التشريعية،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 4-09-2019  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  على هامش الانتخابات الرئاسية القادمة صدور كتابين تاريخيين في طبعة جديدة
  حل الدولتين في مأزق النقض
  فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ
  المرحوم قاسم بوسنينة مثال نادر من الرجال المخلصين
  فعل المستحيل، أو بعبع حق النقض في يد إسرائيل بالتناظر لأمريكا
  أفكار يجرفها الطوفان
  كل ما تخسره إسرائيل بتطاول مدة الحرب تكسبه حماس
  يهود العالم في ولايات متحدة أمريكية صهيونية
  هدنة تفتح على حل دائم وإلا عودة لحماس أشد بأسا
  معركة الأسرى أقوى من معركة السلاح وفتيل النار
  كل الغثاء حمله الطوفان
  رب درس تأخذه من عند غير مدرس ولو من طوفان
  في غزة طوفان دموع اختلط بطوفان الأقصى
  فرنسا من المعاداة للسامية إلى المؤاخاة للصهيونية
  قمة العرب والمسلمين لمساندة طوفان الأقصى في غزة بما أوتوا من قوة الإختلاف والإئتلاف
  فلسطين بطوفان الأقصى دخلت حرب التحرير بالمعنى الجزائري الفريد
  إهلال الإسلام على الكون الجديد
  "‏الفيتو" الأمريكي البريطاني الفرنسي ملطوخ في غزة
  ‏إسرائيل تقتل نفسها عرقا عرقا في غزة
  إسرائيل «غريبة» أوروبا في الشرق الأوسط
  هذه حرب ظالمة لا حرب دفاع عن النفس
  مال الإسلام إرهاب
  الصراع الأمريكي الإسرائيلي
  ‏تركيا وإيران ومصر
  حل الدولة الواحدة
  التهور مزلة والإقدام عن تبصر مأمون
  الموقف التونسي
  ‌على أنفاس غزة
  لمحات شابية
  نيتشه الموت والحياة

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
إسراء أبو رمان، د - محمد بن موسى الشريف ، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، صفاء العربي، المولدي الفرجاني، د.محمد فتحي عبد العال، الناصر الرقيق، د. مصطفى يوسف اللداوي، د- محمود علي عريقات، أحمد الحباسي، وائل بنجدو، أحمد بوادي، د - صالح المازقي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، حسن عثمان، محمد عمر غرس الله، سعود السبعاني، د - محمد بنيعيش، عبد الغني مزوز، عبد الرزاق قيراط ، د - الضاوي خوالدية، سيد السباعي، رحاب اسعد بيوض التميمي، رافع القارصي، محمد الطرابلسي، سفيان عبد الكافي، كريم السليتي، مصطفى منيغ، ماهر عدنان قنديل، فهمي شراب، د. كاظم عبد الحسين عباس ، فتحي العابد، ضحى عبد الرحمن، صالح النعامي ، د. طارق عبد الحليم، سامر أبو رمان ، عبد الله زيدان، صلاح المختار، د- محمد رحال، عمار غيلوفي، علي عبد العال، حسني إبراهيم عبد العظيم، طلال قسومي، أ.د. مصطفى رجب، الهادي المثلوثي، يحيي البوليني، كريم فارق، أشرف إبراهيم حجاج، محمد أحمد عزوز، محمد شمام ، منجي باكير، أنس الشابي، رشيد السيد أحمد، محمد اسعد بيوض التميمي، إياد محمود حسين ، الهيثم زعفان، صلاح الحريري، مصطفي زهران، أحمد النعيمي، سلام الشماع، سامح لطف الله، فتحـي قاره بيبـان، فتحي الزغل، عبد الله الفقير، عراق المطيري، إيمى الأشقر، د- هاني ابوالفتوح، أحمد بن عبد المحسن العساف ، رافد العزاوي، سلوى المغربي، ياسين أحمد، حميدة الطيلوش، صفاء العراقي، د. عبد الآله المالكي، فوزي مسعود ، محمود طرشوبي، د. عادل محمد عايش الأسطل، رضا الدبّابي، عمر غازي، محمد يحي، تونسي، صباح الموسوي ، يزيد بن الحسين، نادية سعد، علي الكاش، د - عادل رضا، العادل السمعلي، د. صلاح عودة الله ، د - المنجي الكعبي، جاسم الرصيف، أبو سمية، محمود فاروق سيد شعبان، د - شاكر الحوكي ، د. خالد الطراولي ، حاتم الصولي، محمد الياسين، خبَّاب بن مروان الحمد، أحمد ملحم، محمد العيادي، د- جابر قميحة، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، عواطف منصور، مراد قميزة، د. أحمد بشير، محمود سلطان، رمضان حينوني، مجدى داود، د. أحمد محمد سليمان، عزيز العرباوي، محرر "بوابتي"، خالد الجاف ، د - مصطفى فهمي، سليمان أحمد أبو ستة، حسن الطرابلسي،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة