الجبهة الشعبية تستثمر مجددا في الاغتيالات السياسية
فاتن عمري - تونس المشاهدات: 2896
عادت الجبهة مجددا للاستثمار في ملف الاغتيالات السياسية في وقت تعيش فيه تونس أزمة سياسية عميقة. وكان ذلك متزامنا مع افتتاح الدورة البرلمانية الجديدة التي شهدت تغييرات هامة أعادت تقسيم موازين القوى داخل المجلس من خلال تشكل كتل برلمانية جديدة داخل المجلس.
في هذا السياق، عقدت الجبهة الشعبية ندوة صحفية أعلنت خلالها عن كشف وثائق “سرية” تخص عديد الأطراف: ملفات تجسس واغتيال سياسي وعمليات استخباراتية ومتهمون من كل الأطراف السياسية الفاعلة تقريبا.. وكان الهدف المعلن هو “كشف الحقيقة” فإذا بها تزادا غموضا وضبابية، وتشتعل حرائق إعلامية حول “المعطيات” التي قدمت دون تدقيق أو بحث جديد في مدلولها وتوقيت الكشف عنها.
اتهامات عشوائية
في الوقت الذي أصبحت فيه قضية الاغتيالين السياسيين في تونس شبه محسومة قضائيا، وبعد ان تجاوزت تونس المرحلة الحرجة الناتجة عن الانقسام المجتمعي الذي حصل منذ سنة ٢٠١٣ واستقر المسار الديمقراطي نسبيا، لا تزال الجبهة الشعبية تصر على استعادة الجدل الإعلامي وتؤلب الرأي العام في قضية استهلكت من شدة التوظيف السياسي والاعلامي.
هذا في الوقت الذي تعاني فيه الجبهة من انقسامات داخلية، وهشاشة سياسية شديدة، على نحو ما بينت نتائج الانتخابات البلدية، اذ لم تحقق الجبهة نتائج تذكر، كما تعد مساهمتها في الحياة البرلمانية والسياسية ضعيفة الى حد كبير.
ومع ذلك تعمل الجبهة عبر اتهاماتها العشوائية والحرائق التي تفتعلها كل مرة الى اثارة جدل سياسي وإعلامي حول قضية تعتبر محسومة قضائيا بعدما تم توجيه التهم رسميا الى كمال القضقاضي واحمد الرويسي.
اما مصطفى خضر الذي تحدثت عنه الجبهة، فقد كاد ينهي مدة عقوبته السجنية المقدرة ب8 سنوات، ولا صلة لملفه بقضية الاغتيال على نحو ما يُبين ملف التحقيق.
الطريف في الموضوع هو أن فوضى الوثائق والتصريحات التي انطلقت فيها الجبهة الشعبية قد طالت جميع الفاعلين في المشهد تقريبا، من النهضة ورئيسها راشد الغنوشي إلى الباجي قايد السبسي وابنه ونجيب الشابي، وصولا إلى قيادات في المؤسسة العسكرية والأمنية واتهامات بالخيانة العظمى والاختراق الممنهج لأجهزة حساسة في الدولة، وكذلك محاولة توريط فرنسا وإيطاليا في الموضوع..
وثيقة سخيفة
مباشرة توالت ردود الأفعال، فقد اعتبر السياسي أحمد نجيب الشابي اليوم في تصريح لراديو شمس أف ام أن ما ورد بإحدى الوثائق سخيف، وتجن من طرف الجبهة الشعبية وأوضح أن له عدة علاقات ديبلوماسية ويلتقي عدة وفود وسفراء، نافيا اللقاء المزعوم مع السفير الفرنسي والتطرق لمقترح اغتيال مورو، وشدّد أحمد نجيب الشابي على أن علاقته بمورو طيبة جدا.
لم تقدم الندوة سوى خليط من المعلومات التي امتزجت فيها الحقائق بالأوهام، بعد ان استخدمت تقنيات القص واللصق.. وقد تقاطع ذلك مع رغبة بعض الأطراف من داخل حزب نداء تونس، وخاصة المستشار الرئاسي نور الدين بن تيشة الراغب في ممارسة الضغوط على النهضة على خلفية موقفها الداعم للاستقرار الحكومي.
أكدت الندوة الأخيرة أن الجبهة الشعبية لا تعترف بمؤسسات الدولة وفِي مقدمة ذلك المؤسسات القضائية والأمنية والدفاعية، وانها لازالت تراهن على سياسة بث الفوضى، من خلال تهييج الأوضاع وتوجيه التهم الاعتباطية والاستثمار في الدم.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: