البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

لقد وقعنا في الفخ...كالعادة

كاتب المقال نور الدين العلوي - تونس   
 المشاهدات: 4728



أسبوع واحد كان كافيا لاختراق الكذبة ومعرفة عمقها المسطح. نحن الآن نضحك لأسباب كثيرة منها طيبتنا المفرطة. ومنها أيضا وهذا مهم أننا لن نتحمل وزر زعامة رجل لا يمكنه أن يكون. لقد مارسنا خداع الذات من محبة في البلد وهي ليست المرة الأولى ولكننا لم نتعلم الدرس أو لعل حكومتنا الظاهرة بل حكوماتنا الباطنة تعرف أن ترخي لنا حبل الأمل فـ"نعض الشِص" فتصطادنا كالسمك اللذيذ في ميناء حلق الوادي. يمكننا بعد أسبوع أن نضحك مع جماعة الكوميديا التعيسة "لقد وقعنا في الفخ". فكيف نحلل خيبتنا في مقال.

أول الخديعة: الانتقاء من ضمن الفاسدين.

أول ما بدأت الأخبار تتواتر عن انطلاق حملة اعتقالات في صفوف الفاسدين وهي متكونة من أشخاص معروفين لدى التونسيين بالاسم، قال أغلب الناس: مرحى ها قد عاد إلى الحكومة رشدها وها هي أخيرا ستلتزم بما أمضت عليه في وثيقة قرطاج (وأهم بنودها مقاومة الفساد) وسنشهد معها حملة تطهير للبلد واقتصاده وإدارته ونتحرر من ثقل ديون كثيرة نغطيها بالمال المصادر أو المستعاد بالقانون.

وصفق الناس لرئيس الحكومة ولكن في لحظة محددة توقف الناس عن الانبهار وعادوا إلى السؤال لماذا تجري الاعتقالات في اتجاه واحد. فجماعة الفساد في الواقع جماعتان، والضرب مقتصر على واحدة. خبا الحماس وتبينت اللعبة الخديعة.

ليس ما يجري إلا تصفية حساب بين شقوق فاسدة متناحرة على مغانم لا تنتهي وهي الآن توظف الحكومة وكل الطبقة السياسية التي تكونها في صراعها بما يعني أن الصراع لم يعد على المال بوسائل المال بل عبر إلى استعمال كل الأجهزة بدءا برئيس الحكومة وحكومته وانتهاء بالمحكمة العسكرية.

لقد قبض على "شفيق الجراية" رجل الاقتصاد الموازي بامتياز وصور لنا أن الفساد ينحصر في شخصه (الحقيقة كانت هناك حملة ضده لم ننتبه إلى أنها تمهيد لهذه الضربة والإعلام يخدعنا كل يوم ولا نتعلم)، وسعت الحملة إلى أشخاص آخرين لكن العدد لم يتجاوز العشرة في حين يعرف القاصي والداني أن هناك ما لا يقل عن 300 رجل أعمال مسجلين في قائمة الفاسدين منذ انطلاق أعمال لجنة عبد الفتاح عمر في أول الثورة (لجنة تقضي الحقائق حول الفساد).

التحايل القضائي كشف بقية الملعوب

لقد قبض على الرجل بمقتضى صلاحيات يمنحها قانون الطوارئ لرئيس الحكومة. وفجأة نشطت لجنة المصادرة بعد سبات دام ست سنوات لتضع يدها وبلا تمهيد على أموال الرجل ثم ينكشف الملعوب كلّه، لقد أحيل الرجل على المحاكم العسكرية ليس بتهم الفساد بل بتهم تهم أمن الدولة العام فالرجل عرّض أمن البلد للخطر. متى وكيف؟ لا ندري. ولكن ما علاقة المساس بأمن الدولة بمصادرة أموال الرجل وقتله ماليا؟ هنا انكشفت اللعبة. لقد اختاروا دابة سوداء لذبحها وترضيتنا بينما الفساد مستشر ويزيد ومنه الآن توظيف المحاكم العسكرية في تصفية الخصوم المدنيين. طبعا بمخالفة صريحة لنص الدستور الذي وضع هذه الحكومة في مكانها.

قمة الجريمة داخل الإيهام بمقاومة الجريمة هو استعمال أجهزة الدولة في صراع المافيات وهذا الذي يجري الآن. لقد توهم التونسيون أنهم قطعوا مع المحاكم الاستثنائية والمحاكمات العسكرية فإذا هي تعود لتصفية المعارك الداخلية طبقا لتقاليد بورقيبة وبن علي. والشارع الآن مرتبك هل يرفض المحاكمة العسكرية فيتهم بالدفاع عن الفاسدين أم يبلع طعم تصفية رجل فاسد فينتبه بعد فوات الأوان إلى أنه برر محكمة عسكرية ستظل مفتوحة لكل مخالف.

سنعود في موقع آخر إلى ملاحظة خطيرة، الجيش الذي يرفض التصدي العسكري لتحركات الشارع المدني لماذا يقبل فتح محاكم عسكرية لمدنيين؟ هذا مفتاح تحليل لكثير من وقائع الثورة. سيكون لنا فيه كلام لاحق.

معركة ناقصة مصداقية منتهية صلاحية منتهية

المعركة ضد الفساد كما تجلت الآن معركة منقوصة لأنها معركة موجهة وليست جدية بما يكفي ليكون الشارع معها فعلا لا بالتمني. لقد ضيع الشاهد على نفسه فرصة تاريخية. كانت ستفتح له أبواب الزعامة ولكن فاقد الشيء لا يعطيه في لحظة البرود العقلاني تذكر الجميع إن قماشة الشاهد ليست قماشة زعيم وأن محتده لا يؤهله لأكثر من وضع العبد المأمور لجهة ما. ولقد أطاع وضمن فترة أخرى لكن لن تدوم.

جبنه أمام بقية فواصل المعركة سيجعله هدفا للشارع المتوتر لقد انتبه الشباب بسرعة إلى المسرحية غير المحبوكة. وعرف أن الفساد الحقيقي لم يضار بل إن ما جرى مهد له الطريق إذ تركز على فساد القطاع اللاشكلي (الموازي) ليعيد السوق إلى الاقتصاد المهيكل وهو قطاع الأعمال الذي نشأ منذ السبعينات ويسيطر على السوق وقد حرمه التهريب وأباطرته من جزء كبير من أرباحه ونفوذه.

الحقيقة التي غابت عن الشاهد أو رفض رؤيتها في سياقها الفعلي هي أن المعركة الجزئية هزيمة لا انتصار فاختصار معركة مقاومة الفساد في جزء منه تنقلب بالضرورة إلى فشل أمام الجزء الأكبر منه والذي سيستشرس وقد عرف أنه فوق المساءلة. وسيضعف الشاهد وحكومته فلا تملك بعد التوقف في أول الطريق (لم تصل إلى منتصفه حتى) إلى أكثر من التمويه على الشارع بإجراءات منقوصة. ستكون رهينة الفاسدين الأقوياء وقد خسرت بعد تعاطف جزء كبير من الشارع خاصة بعد أن تبين أن مظاهرة المساندة التي نظمت عشية الجمعة كانت مثيرة للشفقة حتى أن الشاهد لم يخرج ليدعمها وقد جاءت تدعمه.

لا شيء يوحي بالجدية

بقدر الفرح الشعبي والنخبوي بإعلان انطلاق معركة الفساد المنتظرة منذ الثورة بقدر الخيبة إذ يكتشف الجميع سريعا أن القائد أقصر قامة من المعركة وأن جنوده فيها إعلاميون كذبة يحنون إلى زمن زعيم يصطنعونه بالأكاذيب وقد كانوا قبل يوم من بدء الحملة يستأسدون في الدفاع عن قانون المصالحة مع الفاسدين.

معركة تتطلب أقصى درجات الجدية والحزم وتقتضي خطة إعلامية شفافة تجعل الشارع يسير فعلا وراء الحكومة الشجاعة للقضاء نهائيا على ماكينة الفاسد المخرّبة للزرع والضرع. والتي رهنت البلد ودمرت حاضره مستقبله. كان يكفي الشاهد أن ينطلق من الملفات المركونة عند القطب القضائي المتخصص في جرائم الفساد. لكنه ضرب في مكان آخر لغاية غير مقاومة الفساد.

هل سيستلم الشارع؟ الآن الإحباط ثم الخيبة ستأخذ وقتا لتزول من النفوس ولكن شباب اعتصامات الجنوب لم يبلع الطعم. لقد عاد شباب الكامور إلى خيامه وتمسك اعتصام دوز بمنطقة العرقوب والشباب هناك يكابد الصيام تحت شمس صيفية تبكر في الجنوب قبل الشمال. ويعيش الأمر كحرب تحرير. ولن يطول الوقت ليعود بقية الشارع إلى وعيه وهذه المرة سيكون أكثر حسما فهذه الحكومة لعبت آخر أوراقها وفقدت آخر جرعة من المصداقية. والقادم أخطر وأسوء ولكنه يبشر باتضاح المعركة وأطرافها. هذه الحكومة ليست في صف شعبها بل في صف الفاسدين وقد كشف الشاهد موقعه ولن تنفعه صحافة بن علي.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، مقاومة الفساد، احداث تطاوين، شفيق الجراية،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 31-05-2017   موقع: عربي 21

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
محمد أحمد عزوز، عراق المطيري، يحيي البوليني، عمار غيلوفي، المولدي الفرجاني، سلوى المغربي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د - المنجي الكعبي، صلاح الحريري، سيد السباعي، د. عبد الآله المالكي، فتحي الزغل، أ.د. مصطفى رجب، فهمي شراب، د- محمد رحال، صلاح المختار، د. صلاح عودة الله ، عبد الرزاق قيراط ، أحمد النعيمي، صالح النعامي ، منجي باكير، عمر غازي، محمد الطرابلسي، عبد الله زيدان، محمود فاروق سيد شعبان، د- محمود علي عريقات، فتحي العابد، د - شاكر الحوكي ، سفيان عبد الكافي، سليمان أحمد أبو ستة، رشيد السيد أحمد، د. خالد الطراولي ، سعود السبعاني، إيمى الأشقر، كريم السليتي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، مصطفى منيغ، محمد شمام ، خبَّاب بن مروان الحمد، الهادي المثلوثي، يزيد بن الحسين، د - محمد بن موسى الشريف ، أبو سمية، د - صالح المازقي، الناصر الرقيق، مجدى داود، علي عبد العال، محمد عمر غرس الله، سامر أبو رمان ، د. كاظم عبد الحسين عباس ، صفاء العربي، جاسم الرصيف، د - مصطفى فهمي، حميدة الطيلوش، رضا الدبّابي، أحمد ملحم، محمد اسعد بيوض التميمي، رحاب اسعد بيوض التميمي، د. طارق عبد الحليم، أنس الشابي، محمد العيادي، حسن الطرابلسي، أحمد بوادي، ضحى عبد الرحمن، د. مصطفى يوسف اللداوي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، نادية سعد، عزيز العرباوي، طلال قسومي، فوزي مسعود ، د. أحمد بشير، أشرف إبراهيم حجاج، إسراء أبو رمان، محمود طرشوبي، علي الكاش، محمد يحي، د- جابر قميحة، مصطفي زهران، حاتم الصولي، د- هاني ابوالفتوح، حسن عثمان، د. أحمد محمد سليمان، وائل بنجدو، رافد العزاوي، صفاء العراقي، تونسي، خالد الجاف ، الهيثم زعفان، ياسين أحمد، عواطف منصور، د. عادل محمد عايش الأسطل، ماهر عدنان قنديل، العادل السمعلي، عبد الغني مزوز، فتحـي قاره بيبـان، د.محمد فتحي عبد العال، صباح الموسوي ، د - محمد بنيعيش، سامح لطف الله، عبد الله الفقير، حسني إبراهيم عبد العظيم، سلام الشماع، محمد الياسين، مراد قميزة، إياد محمود حسين ، محرر "بوابتي"، رافع القارصي، د - الضاوي خوالدية، محمود سلطان، أحمد الحباسي، د - عادل رضا، رمضان حينوني، كريم فارق، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة