البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

عودة الإرهابيين إلى تونس: بين الخطر وسلطة الكوابيس

كاتب المقال محمد خليل برعومي - تونس   
 المشاهدات: 4046



بعد التغيرات الأخيرة على مستوى التحالفات الإقليمية والدولية في المعركة السورية وما تبعها من تغيرات على أرض الميدان، تواتر الحديث دوليا عن كيفية التعامل مع بقايا الإرهابيين المختلفة جنسياتهم والمنتشرين في بؤر التوتر، خاصة بين العراق وسوريا.

من هنا، كان الحديث في تونس عن إمكانية عودة الإرهابيين وأشكال التعاطي مع الملف.
طبعا ملف الإرهاب هو أخطر الملفات وأكثرها حساسية، ما يتطلب الكثير من الدقة والموضوعية في تناوله، خاصة إذا تعلق الأمر بسياسة دولة ومصير مجتمع وشعب.

ورغم حساسية الملف، إلا أنه خضع كغيره من الملفات للحسابات السياسوية والأيديولوجية الضيقة، ومحاولة توظيفه للتموقع السياسي على حساب تشويه المنافسين، وأهمهم حركة النهضة التي كانت صاحبة أهم قرار يتعلق بمكافحة الإرهاب في هذه السنوات، وهو تصنيف أنصار الشريعة تنظيما إرهابيا منذ سنة 2013.

يمكن للفرقاء السياسيين أن يختلفوا ويتعارضوا في عدة مواضيع سياسية أو اقتصادية تنموية أو اجتماعية، ولكن من غير المعقول أن يتحول الربح السياسي الضيق والمؤقت إلى هدف على حساب القضايا الوطنية الكبرى.

حاولت بعض الجهات السياسية والإعلامية في تونس تضخيم الأمر وتحويله إلى فزاعة بما يوحي بأن الآلاف من الإرهابيين يقفون على حدود الوطن يريدون العبور!

ولا يمكن فهم هذا الموقف إلا في إطار سذاجة البعض أو محاولة لاستغلال خوف المواطنين على استقرارهم لتمرير أجندات سياسية قائمة على المغالطات والتشويه.

يتحدث الكاتب زيغمونت بومان في كتابه الأزمنة السائلة في هذا الموضع قائلا:

"في أكتوبر من عام 2004، أذاعت قناة بي بي سي سلسلة وثائقيات تحت عنوان "سلطة الكوابيس: نشأة سياسة الخوف".

وكان آدم كيرتس هو كاتبها ومخرجها، وهو أحد أعظم مخرجي البرامج التليفزيونية الجادة في بريطانيا، وأوضح كيرتس أن الإرهاب العولمي هو بلا شك خطر واقعي للغاية يعاد إنتاجه باستمرار داخل أرض مهجورة في البرية العولمية، لكن جزءا كبيرا من تهديده المعلن من الجهات الرسمية إنما هو وهم يبالغ فيه الساسة ويضخمونه، إنه وهم مظلم انتشر من دون تمحيص...

وليس من الصعب تتبع الأسباب التي أدت إلى الانتشار السريع الكبير لنجاح ذلك الوهم، ففي عصر فقدت فيه الأفكار الكبرى مصداقيتها، يصير الخوف من شبح العدو هو كل ما تبقى للساسة حتى يحافظوا على سلطتهم".

بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر الإرهابية لطالما احتاج الساسة إلى إعادة إنتاج صدمة الأبراج المتساقطة في مانهاتن بالتصوير البطيء لشهور متتابعة على ملايين الشاشات حتى يتمكنوا من استغلال القلق الوجودي في خدمة الديباجات والشرعيات السياسية الجديدة.

ليس هذا تهوينا من خطر الإرهاب الذي يمثل آفة حقيقية تتهدد أمن الشعوب والبلدان ولكن يجب التعامل مع هذا الخطر بدقة وعقلانية دون توظيف أو استعمال بوليتيكي يؤدي إلى آثار عكسية.

في هذا الصدد، صرح الأستاذ راشد الغنوشي كغيره من بعض السياسيين والشخصيات الوطنية والإعلامية بأن تونس لن تسعى لعودة الإرهابيين ولكن إذا عادوا لا يمكن منعهم في مقابل انه يجب على الدولة أن تتعامل معهم بما يقتضيه قانون الإرهاب والقيام "بعمليات جراحية" معهم اذا استوجب الأمر، حسب توصيفه.

أرادت بعض الجهات تحريف هذا التصريح وتوظيفه في غير اتجاهه الصحيح استهدافا لحركة النهضة وصورتها في الداخل والخارج.

تصريحات الغنوشي دعمتها تصريحات رسمية للحكومة التونسية ورئاسة الجمهورية لاحقا مؤكدة أيضا على أن تونس دولة عصية على هؤلاء بأجهزتها الأمنية والعسكرية وإرادة شعبها في الحياة.

لا أحد من المواطنين الصادقين يرغب في عودة الإرهابيين ولكن هؤلاء في نفس الوقت يرسمون صورة سيئة عن وطننا وشعبنا أينما حلوا ونزلوا، مما يؤثر سياسيا واقتصاديا في وضعنا الداخلي عبر رفع أو التخلي أو تجنب دعم تجربتنا الديمقراطية الناشئة.

يجب معاقبة هذه الأيدي الدموية بأقصى العقوبات خارج تونس أو داخلها حتى تكون عبرة لغيرها، ولا يحتاج ذلك لبث الرعب في نفوس الناس أو استخدام خوفهم رأسمالا سياسيا أو انتخابيا، بل يجب تعبئة النفوس بحب الحياة والأمل في الحاضر والمستقبل.

لأن أسوء ما نقع فيه أن نحقق أهداف الإرهابيين بأيدينا لا بأيديهم، سواء في زيادة معدلات الخوف المتسرب إلى المجتمع أو تقويض القيم الداعمة للديمقراطية والحريات، بما يفوق ما كان يمكنهم أن يحلموا به.

أما في علاقة بمقاومة هذه الآفة داخليا فيجب الاشتغال على أكثر من بعد خاصة على المستوى الثقافي والتربوي والتعليمي، ثم بتحقيق العدل بين المواطنين والجهات.

يقول المثل: إذا أردت السلام فعليك بالعدالة.

يذكر التاريخ القصة المحزنة للإرهاب في أيرلندا، فقد استمد هذا الإرهاب بقاءه من الاستجابة العسكرية العنيفة التي أبداها البريطانيون، دون غيرها من الحلول.

في حين يمكن ربط الانهيار النهائي لهذا الخطر بالمعجزة الاقتصادية الأيرلندية، التي جعلت الجميع يتوحد ضد الإرهاب، ثم بانتفاء مسببات تشكله أو ما يسمى ظاهرة "تآكل المعدن".
بقدر أهمية قتل الذباب يجب تجفيف المستنقعات..


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، المجاهدون بالخارج، الإرهابيون، عودة الإرهابيين،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 8-01-2017   المصدر: عربي 21

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
محمد اسعد بيوض التميمي، أحمد ملحم، أحمد بن عبد المحسن العساف ، حسني إبراهيم عبد العظيم، سيد السباعي، محمد العيادي، ضحى عبد الرحمن، د- محمود علي عريقات، د. ضرغام عبد الله الدباغ، علي الكاش، خبَّاب بن مروان الحمد، طلال قسومي، يزيد بن الحسين، محمد أحمد عزوز، د. خالد الطراولي ، محمود طرشوبي، د. أحمد محمد سليمان، فتحـي قاره بيبـان، رحاب اسعد بيوض التميمي، أبو سمية، نادية سعد، د- محمد رحال، د - مصطفى فهمي، محرر "بوابتي"، محمد عمر غرس الله، فوزي مسعود ، د - صالح المازقي، فتحي الزغل، صباح الموسوي ، د. طارق عبد الحليم، محمد يحي، أشرف إبراهيم حجاج، أحمد بوادي، إسراء أبو رمان، سليمان أحمد أبو ستة، رافع القارصي، سلوى المغربي، د. مصطفى يوسف اللداوي، د. عادل محمد عايش الأسطل، محمود سلطان، صفاء العراقي، يحيي البوليني، عمار غيلوفي، عراق المطيري، كريم فارق، عواطف منصور، رشيد السيد أحمد، محمود فاروق سيد شعبان، إيمى الأشقر، جاسم الرصيف، محمد الياسين، حميدة الطيلوش، سلام الشماع، رافد العزاوي، عبد الرزاق قيراط ، تونسي، سفيان عبد الكافي، سامر أبو رمان ، د. صلاح عودة الله ، سعود السبعاني، الهيثم زعفان، مصطفي زهران، د. أحمد بشير، أحمد النعيمي، خالد الجاف ، عبد الله الفقير، صلاح المختار، علي عبد العال، عبد الله زيدان، حسن الطرابلسي، د. عبد الآله المالكي، محمد الطرابلسي، صلاح الحريري، وائل بنجدو، مراد قميزة، محمد شمام ، عبد الغني مزوز، د - محمد بن موسى الشريف ، د. كاظم عبد الحسين عباس ، العادل السمعلي، د - شاكر الحوكي ، د.محمد فتحي عبد العال، مجدى داود، الهادي المثلوثي، فتحي العابد، د- جابر قميحة، د - المنجي الكعبي، رمضان حينوني، المولدي الفرجاني، كريم السليتي، سامح لطف الله، عزيز العرباوي، حسن عثمان، مصطفى منيغ، فهمي شراب، ياسين أحمد، د- هاني ابوالفتوح، د - عادل رضا، د - محمد بنيعيش، أنس الشابي، منجي باكير، رضا الدبّابي، د - الضاوي خوالدية، أ.د. مصطفى رجب، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، حاتم الصولي، الناصر الرقيق، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، صالح النعامي ، صفاء العربي، ماهر عدنان قنديل، إياد محمود حسين ، أحمد الحباسي، عمر غازي،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة