البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

"سوريا مفيدة" للجميع عدا السنة

كاتب المقال حسن أبو هنية   
 المشاهدات: 2947



عندما كانت فصائل المعارضة السورية السنية المسلحة تعمل على محاولة توحيد صفوفها، في لعبة صراع البقاء لمواصلة فك الحصار عن حلب، بعد أن استعادت وحدات من الجيش السوري وحلفائه من الروس والإيرانيين والمليشيات الشيعية السيطرة على كامل منطقة الراموسة، وهي المنطقة التي تمكنت فصائل "فتح حلب" وفي مقدمتها قوات "جيش الفتح"، وفي طليعتها مقاتلو جبهة "فتح الشام" الشهر الماضي من اقتحامها، وفتح ثغرة باتجاه أحياء حلب الشرقية استهدفت غارة جوية أحد الاجتماعات وأعلن عن مقتل عدد من القيادات.

على خلاف حالة الناطق باسم تنظيم الدولة الاسلامية أبو محمد العدناني الذي تسابقت قوى عالمية وإقليمية وفصائل محلية لتبني عملية اغتياله، فإن عملية اغتيال "أبو عمر سراقب" القائد العام لجيش الفتح ورفاقه شهدت تنصلا وبراءة ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن قتله، الأمر الذي يشير إلى منهج يقوم على قتل فصائل المعارضة السنية بصمت، وعلى الرغم من قناعة وتأكيد فصائل المعارضة أن سراقب والمعروف بأبي هاجر الحمصي قتل مع آخرين إثر غارة لطيران التحالف الدولي على أحد مقرات جيش الفتح، في بلدة كفرناها بريف حلب الغربي، إلا أن الولايات المتحدة سارعت إلى نفي مسؤوليتها عن مقتل القائد العسكري لجيش الفتح.

منذ التدخل الروسي في أيلول/ سبتمبر 2015 بات الحفاظ على "سوريا مفيدة" مطلبا دوليا لا بديل عنه، فالولايات المتحدة اقتصرت جهودها على سرديتها الكونية المتعلقة بالحرب على الإرهاب ممثلا بتنظيم الدولة الإسلامية أولا وحلفاء القاعدة ثانيا، وقد قصرت دعمها على القوى المستعدة للانخراط في مشروعها ومهمتها المستحيلة، وأصبحت اللقاءات المنتظمة بين وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ووزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف تبحث عن أفضل الطرائف والسبل للتوصل إلى اتفاق حول التعاون العسكري ومسألة وقف الأعمال العدائية في أنحاء سوريا كافة، وهي مصطلحات تنطوي على رطانة بلاغية تعني إطلاق يد نظام الأسد وحلفائه الإيرانيين ومليشياتهم بحصار المدن والضواحي السنيّة، وخنق المعارضة وإجبارها على الخضوع والاستسلام.

طرحت استراتيجية سوريا المفيدة من نظام الأسد وإيران وصادق عليها الروس، وهي تهدف إلى دعم وإسناد نظام الأسد في الحفاظ على سيطرته على دمشق، وخلق ممر آمن يربط المنطقة الساحلية السورية بمعاقل "حزب الله" في جنوب لبنان، عبر إحداث تغيرات ديمغرافية والقيام بعمليات تطهير مذهبي وعرقي، وهو الأمر الذي تولاه "حزب الله" في بعض المناطق على طول الحدود منذ تدخله وبرز خلال حملته عام 2013 في مدينة القصير ومنطقة القلمون، ومن خلال طرد مئات الآلاف من السنة من حمص.

في سياق تحقيق سوريا المفيدة جرت عمليات إخلاء الضواحي السنية المحاصرة المحيطة بمدينة دمشق تحت شعار الهدن ووقف الأعمال القتالية؛ ففي 27 آب/ أغسطس الماضي دخلت قوات الأسد والمليشيات الشيعية المساندة إلى داريا، وتم إخلاؤها من سكانها السنة بعد اتفاقات مهينة ومذلة ومباركة دولية، وبعدها بدأ النظام بالتفاوض على اتفاقيات مماثلة مع المناطق السنية المحاصرة الأخرى المحيطة بدمشق، من أجل حماية عاصمة سوريا المفيدة دمشق كما حدث مع سكان "معضمية الشام" في ريف دمشق، وكذلك حي "الوعر" في حمص، حيث يتم تطهير معظم هذه المناطق من السنة وترحيلهم إلى شمال سوريا، بانتظار تطبيق خطوط الاستراتيجية على بقايا السنة في الغوطة والزبداني ومضايا واليرموك، وغيرها من المناطق المحيطة بدمشق.

على الرغم من استحالة تحقيق بنود استراتيجية سوريا المفيدة وتعميمها على نطاق جغرافي ديمغرافي واسع نظرا للأغلبية السنية، إلا أن غياب دعم سني نوعي لفصائل المعارضة المسلحة سوف يعمل على خلق حالة سنية مهمشة قابلة للانفجار، قد تجد نفسها في صفوف تنظيم "الدولة الإسلامية" أو قاعدة "جبهة فتح الشام" بصيغتها الجديدة.

في سياق الربط المحكم بين "الإرهاب" الكوني و"الإسلام" السني، كتب على فصائل الثورة السورية المسلحة أن تتخلى عن هُويتها الدينية الإسلامية السنية، فعلى الرغم من تأكيدات الفصائل الإسلامية السنية المتواترة على تنوع المكونات الهوياتية الإيديولوجية والإثنية والدينية لسوريا، وتشديدها على صون حقوق الأقليات والمكونات المختلفة، إلا أن المجتمع الدولي يرفض تلك التأكيدات في الوقت ذاته الذي يسمح ويشجع ويدعم أي تشكيل أو فصيل سياسي أوعسكري سوري، يقوم على أسس هوياتية دينية مذهبية أو عرقية إثنية، بحيث يجري الاحتفاء والتمويل والتسليح لفصائل كردية أو مسيحية، ولأي مكون مستعد للتخلي عن هويته السنية والدخول في أفق هويات غيرية. وإذا كانت الولايات المتحدة خصوصا والأنظمة الغربية عموما متلبسة بسياسات الهوية منذ اللحظة الكولينيالية، فإن المقارية الروسية الأكثر فجاجة في الحالة السورية، قد أعلنت صراحة رفضها لدولة سنية ودعمها وإسنادها لدولة علوية أو أقليات غير سنية.

خلاصة القول، إن المقاربة الدولية للحل في سوريا يمكن أن تتلبس بأطروحات هوياتية متعددة، ليس ضمنها الهوية السنية التي باتت تكافئ الهويات الإرهابية؛ ففي سياق البحث المضني والشاق عن المعتدلين داخل فصائل الثورة السورية بحسب المواصفات الأمريكية والروسية، لم يعثر سدنة الهويات عن هويات سنية اعتدالية، حيث فشلت محاولات الحركات السنية في البرهنة على مفارقتها للصفة الإرهابية؛ ذلك أن لعبة الهوية والإرهاب تتبع المصالح الاستراتيجية ولا تنطوي على حسابات تصنيفبة خاطئة، وبهذ فإن سوريا المفيدة هي سوريا التي لا مكانة فيها للسنة.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

سوريا، الحرب الأهلية بسوريا، النظام السوري،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 11-09-2016   المصدر: عربي 21

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
أحمد ملحم، سامر أبو رمان ، عبد الرزاق قيراط ، محرر "بوابتي"، ماهر عدنان قنديل، طلال قسومي، عبد الله زيدان، د. مصطفى يوسف اللداوي، محمد اسعد بيوض التميمي، رمضان حينوني، محمود طرشوبي، د. أحمد بشير، سفيان عبد الكافي، يزيد بن الحسين، فتحـي قاره بيبـان، منجي باكير، حاتم الصولي، عمار غيلوفي، د - مصطفى فهمي، إياد محمود حسين ، إسراء أبو رمان، د.محمد فتحي عبد العال، محمد الياسين، سعود السبعاني، محمد عمر غرس الله، مجدى داود، محمد أحمد عزوز، أحمد بوادي، الناصر الرقيق، أشرف إبراهيم حجاج، صلاح الحريري، د- محمد رحال، حسن عثمان، ياسين أحمد، رافد العزاوي، د. عبد الآله المالكي، فتحي العابد، كريم السليتي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، صفاء العربي، يحيي البوليني، خبَّاب بن مروان الحمد، محمد يحي، صفاء العراقي، د. خالد الطراولي ، ضحى عبد الرحمن، إيمى الأشقر، د- جابر قميحة، حسني إبراهيم عبد العظيم، د. طارق عبد الحليم، كريم فارق، علي عبد العال، رشيد السيد أحمد، تونسي، د - صالح المازقي، مصطفى منيغ، د - شاكر الحوكي ، رحاب اسعد بيوض التميمي، أنس الشابي، المولدي الفرجاني، عمر غازي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د - محمد بنيعيش، مصطفي زهران، فهمي شراب، عراق المطيري، عبد الله الفقير، أبو سمية، عبد الغني مزوز، عزيز العرباوي، سيد السباعي، مراد قميزة، أحمد بن عبد المحسن العساف ، صالح النعامي ، محمد شمام ، د- هاني ابوالفتوح، عواطف منصور، جاسم الرصيف، حسن الطرابلسي، د. صلاح عودة الله ، رافع القارصي، د. عادل محمد عايش الأسطل، علي الكاش، سلام الشماع، فتحي الزغل، محمود سلطان، الهيثم زعفان، نادية سعد، صلاح المختار، محمد العيادي، د - محمد بن موسى الشريف ، سلوى المغربي، فوزي مسعود ، خالد الجاف ، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، محمد الطرابلسي، د - عادل رضا، الهادي المثلوثي، سامح لطف الله، د - المنجي الكعبي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د- محمود علي عريقات، العادل السمعلي، سليمان أحمد أبو ستة، د. أحمد محمد سليمان، أ.د. مصطفى رجب، رضا الدبّابي، وائل بنجدو، حميدة الطيلوش، محمود فاروق سيد شعبان، د - الضاوي خوالدية، صباح الموسوي ، أحمد النعيمي، أحمد الحباسي،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة