البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

جدل في تركيا حول خطوة "النهضة" الأخيرة

كاتب المقال إسماعيل ياشا - تركيا   
 المشاهدات: 3493



قرار حركة النهضة بقيادة الشيخ راشد الغنوشي بشأن فصل الديني عن السياسي والتحول من جماعة إسلامية إلى حزب سياسي ديمقراطي، أثار لغطا كبيرا في تركيا حول حقيقة هذه الخطوة والرسائل التي تحملها تصريحات الغنوشي التي انتقد فيها "الإسلام السياسي"، لأن الأتراك الإسلاميين يتابعون عموما جميع التطورات المتعلقة بالحركات الإسلامية في العالم، ويرون أن النموذج التونسي الناجح في تفادي رياح الثورة المضادة ولو بالانحناء قليلا يستحق المتابعة والدراسة والتحليل، كما أن زعيم النهضة الذي تمت ترجمة كتبه إلى اللغة التركية له مكانة خاصة عندهم، بالإضافة إلى وجود أوجه التشابه بين البلدين اللذين تعرضا لتسلط العلمانية المتطرفة لسنين طويلة.

العلمانيون الأتراك فرحوا بتصريحات زعيم النهضة واعتبروها انتصارا لهم ضد الإسلاميين، بل ذهب بعضهم إلى أبعد من ذلك فقالوا إنها "نهاية الإسلام السياسي". وأما الإسلاميون فحاولوا أن يفهموا ويتفهموا قرار حركة النهضة الأخير، ومبرراته، ودلالاته، وما الذي يقصده الغنوشي بالضبط في تصريحاته حول هذا القرار. وما زال الجدل يدور بين الكتاب والمثقفين الأتراك حول ما توصلت إليه الحركة الإسلامية التونسية.

هناك أسئلة كثيرة أثارتها خطوة حركة النهضة الأخيرة، كما أن انتقادات وجهت إلى الحركة وزعيمها. وجاء رد الحركة على تلك الانتقادات على لسان الشيخ الغنوشي في مقال نشره موقع عربي 21 قبل أيام، ووصف فيه الغنوشي الانتقادات الموجهة لقرار الحركة الأخير بــ"رد فعل مبتسر متسرع". وبعد أن لفت إلى نشأة تنظيمات إسلامية شمولية "تختزن داخلها تمثيل كل أبعاد المشروع الإسلامي الدعوية والسياسية والخيرية وحتى العسكرية"، بالتوازي مع بروز أنظمة شمولية كالنازية والشيوعية والفاشية والقومية، قال متسائلا: "فماذا كسب الإسلام من هذه التنظيمات الشمولية غير البلاء؟! ألم تلاحق الأحزاب الإسلامية تهمة توظيف الدين والمساجد؟".

وكأحد المتابعين للحركات الإسلامية، استوقفني في رد الغنوشي على الانتقادات استخدام عبارات تشير إلى التعميم وعدم التطرق إلى الظروف الخاصة بتونس، لأنه يوحي أن زعيم النهضة يرى ضرورة فصل الأنشطة الدينية والدعوية من السياسية في كل أنحاء العالم الإسلامي، بغض النظر عن الظروف المختلفة التي تنشط فيها الجماعات الإسلامية، كما أن قوله: "فماذا كسب الإسلام من هذه التنظيمات الشمولية غير البلاء؟"، يعني تجاهل الإرث الكبير الذي بنته الجماعات الإسلامية طوال العقود، ويذكِّرني قول الجحا: "أليس للص أي ذنب؟"، بعد أن دخل لص بيته وسرق حماره وبدأ الناس يعاتبونه: "لماذا لم تقفل الباب؟" و"أين كنت عندما سرق الحمار؟".

الجماعات الإسلامية، على الرغم من أخطائها، لا يجوز تحميلها مسؤولية جميع البلايا التي حلت بالعالم الإسلامي، كما لا يمكن تجاهل الخدمات التي قدمتها تلك الجماعات إلى الشعوب المسلمة. وحتى أخطاء تلك الجماعات يمكن أن يستفاد منها في كشف مكامن الخلل ومعالجتها وعدم تكرار الأخطاء نفسها في المستقبل. وفي التجربة التركية، مدرسة "مللي غوروش" التي جمعت تحت مظلتها الأبعاد الدعوية والسياسية والخيرية للمشروع الإسلامي، تخرج منها سياسيون أسهموا في نجاح تجربة حزب العدالة والتنمية.

رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان ورفاقه حين انشقوا عن تيار الراحل نجم الدين أربكان رحمه الله لم يتحدثوا فيه ولا في تياره بكلمة سيئة، على الرغم من الانتقادات الشديدة التي وجهها أربكان وأقطاب تياره إلى أردوغان وحزب العدالة والتنمية. بل اكتفى أردوغان بالقول: "خلعنا ذاك القميص"، في إشارة إلى التخلي عن أيديولوجية تيار أربكان، وتبني خط سياسي مختلف، دون أن يخوض في التفاصيل، وركَّز على الإنجاز والعمل لتغيير وجه تركيا بمشاريع عملاقة.

أما تهمة "توظيف الدين والمساجد" أو "استغلال الدين لأغراض سياسية"، فهي تهمة فضفاضة يتم استخدامها في محلها وغير محلها. وقد يتهم سياسي مسلم بتوظيف الدين لمجرد ذكره آية قرآنية في خطابه. وبالتالي، فمن الخطأ أن يجعل السياسي المسلم إبعاد تهمة "استغلال الدين" عن نفسه شغله الشاغل.

الصورة لدى المتابعين الأتراك لم تتضح بعد، وهذا يعني أن النقاش حول خطوة حركة النهضة الأخيرة سيستمر حتى تجسد الحركة قرارها بإجراءات ملموسة على أرض الواقع.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، حركة النهضة، راشد الغنوشي، مؤتمر حركة النهضة، حركة تصحيحية،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 9-06-2016   المصدر: عربي 21

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
عمر غازي، فوزي مسعود ، محمد عمر غرس الله، عراق المطيري، فتحي العابد، د. ضرغام عبد الله الدباغ، محرر "بوابتي"، أحمد النعيمي، رافد العزاوي، عبد الله الفقير، مجدى داود، د.محمد فتحي عبد العال، خبَّاب بن مروان الحمد، د. عادل محمد عايش الأسطل، أنس الشابي، ماهر عدنان قنديل، مصطفي زهران، عمار غيلوفي، إياد محمود حسين ، د- محمود علي عريقات، سيد السباعي، د. أحمد بشير، سامر أبو رمان ، حاتم الصولي، د - صالح المازقي، فهمي شراب، الهيثم زعفان، سعود السبعاني، سليمان أحمد أبو ستة، إسراء أبو رمان، صالح النعامي ، د. خالد الطراولي ، د. صلاح عودة الله ، صلاح المختار، د - شاكر الحوكي ، حسني إبراهيم عبد العظيم، الهادي المثلوثي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، أحمد ملحم، صفاء العراقي، رشيد السيد أحمد، محمد الياسين، محمد أحمد عزوز، د- جابر قميحة، رافع القارصي، سلوى المغربي، كريم السليتي، حسن عثمان، مراد قميزة، علي الكاش، يزيد بن الحسين، د. طارق عبد الحليم، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، المولدي الفرجاني، د - مصطفى فهمي، فتحـي قاره بيبـان، وائل بنجدو، محمود فاروق سيد شعبان، د. عبد الآله المالكي، محمد يحي، أحمد بوادي، د. مصطفى يوسف اللداوي، محمود سلطان، أشرف إبراهيم حجاج، ضحى عبد الرحمن، محمد اسعد بيوض التميمي، محمود طرشوبي، رمضان حينوني، عبد الغني مزوز، عواطف منصور، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د - محمد بن موسى الشريف ، فتحي الزغل، جاسم الرصيف، عزيز العرباوي، أ.د. مصطفى رجب، أحمد الحباسي، مصطفى منيغ، د - عادل رضا، منجي باكير، طلال قسومي، ياسين أحمد، العادل السمعلي، د - الضاوي خوالدية، د- محمد رحال، صباح الموسوي ، عبد الرزاق قيراط ، عبد الله زيدان، د. كاظم عبد الحسين عباس ، محمد شمام ، تونسي، د - المنجي الكعبي، سفيان عبد الكافي، حسن الطرابلسي، علي عبد العال، إيمى الأشقر، د - محمد بنيعيش، سامح لطف الله، رحاب اسعد بيوض التميمي، صفاء العربي، يحيي البوليني، كريم فارق، محمد العيادي، نادية سعد، رضا الدبّابي، الناصر الرقيق، حميدة الطيلوش، د. أحمد محمد سليمان، أبو سمية، سلام الشماع، خالد الجاف ، محمد الطرابلسي، صلاح الحريري، د- هاني ابوالفتوح،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة