البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

شهادة مباغض أو شهادة بن يحمد في بن يوسف

كاتب المقال د - المنجي الكعبي - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 4222


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


نشرت "ليدرز" إحدى المجلات في تونس، شهادة البشير بن يحمد على الزعيم صالح بن يوسف أو على الأصح تنويهاً بشهادة نشرها في مجلته. وأقول تعليقاً عليها:

هذه شهادة من لا يوثق بشهادته، ومن لا يكفي التعريفُ به كونه مدير مجلة في فرنسا بلد إقامته وحظوته دون تعريف بدوره قبل ذلك في حكومة بورقيبة الأولى كأصغر أفرادها، وبالخلاف الذي دخل فيه معه بسبب مواقفه الشخصية ومبادراته غير المنسجمة معه في الصحافة والسياسة، ثم تهمته إياه أخيراً قبل الانفصال عنه بالانفراد بالحكم، وتهمة هذا الأخير له بالتنطع وعدم الانضباط لتعليماته.

أما لماذا لا يوثق بشهادته فلسبب بسيط ولكنه جوهري، وهو قرابته الجهوية وتكاد تكون العائلية بالمشهود عليه، التي يشقها من قديم تنافس حزبي في الانتماء لأحد الرجلين؛ فضلاً عن مستواه منه بالسن والأقدمية، والأكثر من ذلك حجم الخلاف الذي دخل فيه بن يوسف مع خصمه، والذي لم يكن للشاهد فيه مزاج، بحكم سعة ما بين زعيم كبير وشاب طري الشارب كما يقال، يتحرك بقلمه الصحفي في دائرة ثقافة فرنكوفونية ورؤية استراتيجية لتونس من خلالها، كان المشهود عليه من أبرز قيادات الحركة التحريرية رفضاً لها وقوة للإصداع بها وحملاً للواء المقاومة باتجاهها.

ولذلك، فوصْف الزعيم بن يوسف بالأنانية الشديدة والطموح الجامح للاستيلاء على السلطة وإزاحة بورقيبة هو بالضبط ما كانه بورقيبة وما فعَله، ولكن ببطء وتعاون وثيق - حتى لا نقول كلمة أخرى يستعملها العارفون به - من أجل تحقيق الأغراض نفسها التي اتَّهم بها صاحب هذه الشهادة صالح بن يوسف.

ثم من يقرأ في رسائل بورقيبة أيام إبعاده عن الوطن وتحريضه لأنصاره في الحركة الدستورية من أجل توجيه دفة المقاومة والضغط على فرنسا وتعقب العناصر المناهضة له، لا يجدها تخلو من ذلك النفَس القيادي الآمر الناهي لتوجيه منظوريه في الهياكل الحزبية وعناصر المقاومة المسلحة الوجهة التي يرضاها. حينئذ فالفرق بين الرجلين هو موقع أحدهما في قلب المعركة داخل البلاد والآخر خارجها بحكم الغلبة التي كانت لأحدهما في استباق المنافسة للعودة الى الوطن ومواقع القرار لسد الباب على خصمه من كل منفذ اليه.

وليس بالقليل عن أمين عام للحزب أن يتحدث بمثل ذلك الحديث لأحد أنصاره أو تكون له أحكام على من يخالف تعليماته لتكون رسالته تلك اليوم نكتةً صحفية يقلَّل من دوره بها. فكم من وثائق إذا اجتُزئت أو خرجت من سياقها واعتباراتها الزمنية تكون أقرب الى التحريف والتشويه منها لرسم معالم واقع ثابت وحقيقة دامغة في نفوس أصحابها وضمائر شعوبهم.

ويعرف كلنا ما قدمته فرنسا لمن كان الأكثر قرباً من زعماء الحركة التحريرية الى اتفاقياتها ومفاوضاتها مع الدولة التونسية لجرها في كنفهم الى وحدة فيدرالية بين البلدين لا فكاك منها.

ومن أدرانا أن كفة الدعم لبن يوسف بمصر القومية لو نجحت ولم تجهضها القوى الأجنبية لنحتت لتونس مستقبلاً في الفوز بالتحرّر الكامل من الهيمنة الفرنسية كما أفلحت بعض الثورات التحريرية المجاورة مشرقاً ومغرباً. فالنقمة واضحة والتشفي واضح من بن يوسف بسبب هذه الوقفة المصرية العابرة التي كانت الى جانبه دون خصمه والتي بقي طعمها في نفوس المناوئين له بسبب ميوله المستجدة الى القومية العربية أو الوحدة الثورية المسلحة مع الجزائر واستدعاء البعد الاسلامي، الذي أصبح مشروعه الأخير في مقاومة بورقيبة المتسلط دونه على السلطة الداخلية للبلاد باستقلال صوري مفرغ من مفهومه التحريري الأول في أصل الحزب وفي ضمير الشعب.

ومن الطرافة الصحفية فقط أن يقال إن من اغتالوا بن يوسف كانوا هم أنفسهم قرابته الذين استخدمهم في مشروعه هو لتصفية بورقيبة قبل استمالة هذا الأخير لهم لتصفيته هو نفسه بسلاحهم. لأن الذي سقط مشروعه ولم يكتب له تنفيذٌ يمكن التخَرّص كثيراً حول نيته أو عزمه، ولكن الذي نفّذ الاغتيال وافتضح أمره في الإذن به والتعاون مع العناصر ذاتها لتصفية خصمه، هو الأنحى باللائمة عليه تاريخياً على الأقل.

والإنصاف أكثر يكون للرجال عندما يكون الخلاف بينهما، وإن كان أليماً أو ينتهي أكثر إيلاماً يخدم أو قد خدم غاية واحدة لهم في الأخير. فبورقيبة نفسه حتى وإن لم يصرّح بقوة أن ورقة بن يوسف والقومية العربية التي ظلت ترفع عقيرتها عليه كانا من أمضى أسلحته الدبلوماسية لاقتضاء استقلال تام لتونس كان مرماه بعد عشرين عاماً وإذا هو يتحقق بعد مائتي يوم!

ولكن حيثيات السلطة والتفرد بالحكم في أوضاع لم تكن تسمح بما دون ذلك في تقدير أصحابها لم تمنع كثيراً من المنصفين في عهده أن ينتقدوه بأنه انطوى حتى الى آخر أيامه على تغييب ذكرى زعيم كبير كان هو نفسه يشهد له، ولم يمَكّن له بشارع باسمه أو ساحة أو معهد أو مستشفى، ليرتفع بذلك عن الحقد عليه، رغم مرور السنوات على اغتياله شهيداً للوطن بما قدّر من مصلحته في الدفاع عن استقلاله التام، ورفض لاستقلاله الداخلي المشروط بشروط مذلة، في بيئة كانت كلها تطمح الى نضال مسلح تونسي جزائري أو أوسع بوجه الاستعمار ليفتك منه أكبر قدر من الحرية لحاضر أمته ومستقبلها، بمنطق وحدة الكفاح من وحدة المصير.

--------
تونس في ٤ أفريل ٢٠١٦


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، مجلة ليدرز، بشير بن يحمد، صالح بن يوسف، وسائل الإعلام،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 5-04-2016  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  على هامش الانتخابات الرئاسية القادمة صدور كتابين تاريخيين في طبعة جديدة
  حل الدولتين في مأزق النقض
  فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ
  المرحوم قاسم بوسنينة مثال نادر من الرجال المخلصين
  فعل المستحيل، أو بعبع حق النقض في يد إسرائيل بالتناظر لأمريكا
  أفكار يجرفها الطوفان
  كل ما تخسره إسرائيل بتطاول مدة الحرب تكسبه حماس
  يهود العالم في ولايات متحدة أمريكية صهيونية
  هدنة تفتح على حل دائم وإلا عودة لحماس أشد بأسا
  معركة الأسرى أقوى من معركة السلاح وفتيل النار
  كل الغثاء حمله الطوفان
  رب درس تأخذه من عند غير مدرس ولو من طوفان
  في غزة طوفان دموع اختلط بطوفان الأقصى
  فرنسا من المعاداة للسامية إلى المؤاخاة للصهيونية
  قمة العرب والمسلمين لمساندة طوفان الأقصى في غزة بما أوتوا من قوة الإختلاف والإئتلاف
  فلسطين بطوفان الأقصى دخلت حرب التحرير بالمعنى الجزائري الفريد
  إهلال الإسلام على الكون الجديد
  "‏الفيتو" الأمريكي البريطاني الفرنسي ملطوخ في غزة
  ‏إسرائيل تقتل نفسها عرقا عرقا في غزة
  إسرائيل «غريبة» أوروبا في الشرق الأوسط
  هذه حرب ظالمة لا حرب دفاع عن النفس
  مال الإسلام إرهاب
  الصراع الأمريكي الإسرائيلي
  ‏تركيا وإيران ومصر
  حل الدولة الواحدة
  التهور مزلة والإقدام عن تبصر مأمون
  الموقف التونسي
  ‌على أنفاس غزة
  لمحات شابية
  نيتشه الموت والحياة

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
محمد الياسين، صباح الموسوي ، د - شاكر الحوكي ، عبد الله الفقير، د - محمد بن موسى الشريف ، عراق المطيري، د - عادل رضا، د. مصطفى يوسف اللداوي، محمود سلطان، صلاح المختار، رشيد السيد أحمد، سليمان أحمد أبو ستة، محمد الطرابلسي، محرر "بوابتي"، د - صالح المازقي، حميدة الطيلوش، الهادي المثلوثي، سامح لطف الله، كريم السليتي، نادية سعد، وائل بنجدو، أحمد النعيمي، إسراء أبو رمان، رافع القارصي، عبد الله زيدان، سعود السبعاني، ضحى عبد الرحمن، د - مصطفى فهمي، أحمد ملحم، علي الكاش، محمود فاروق سيد شعبان، عبد الرزاق قيراط ، صالح النعامي ، سيد السباعي، ماهر عدنان قنديل، طلال قسومي، أنس الشابي، إيمى الأشقر، محمد العيادي، المولدي الفرجاني، أشرف إبراهيم حجاج، الهيثم زعفان، منجي باكير، صفاء العراقي، حسني إبراهيم عبد العظيم، د. عبد الآله المالكي، محمد عمر غرس الله، عزيز العرباوي، حاتم الصولي، محمد أحمد عزوز، رحاب اسعد بيوض التميمي، عمر غازي، سفيان عبد الكافي، فهمي شراب، مراد قميزة، فوزي مسعود ، علي عبد العال، أبو سمية، د.محمد فتحي عبد العال، صلاح الحريري، د. خالد الطراولي ، محمد يحي، مصطفي زهران، خالد الجاف ، د. طارق عبد الحليم، سلوى المغربي، رافد العزاوي، د- جابر قميحة، العادل السمعلي، أحمد بوادي، فتحـي قاره بيبـان، أحمد الحباسي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، صفاء العربي، عبد الغني مزوز، د. أحمد بشير، رمضان حينوني، سامر أبو رمان ، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د - المنجي الكعبي، د- هاني ابوالفتوح، خبَّاب بن مروان الحمد، رضا الدبّابي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، الناصر الرقيق، محمد اسعد بيوض التميمي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د - محمد بنيعيش، تونسي، ياسين أحمد، أ.د. مصطفى رجب، كريم فارق، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، عواطف منصور، يزيد بن الحسين، جاسم الرصيف، د- محمد رحال، سلام الشماع، مجدى داود، محمد شمام ، د- محمود علي عريقات، إياد محمود حسين ، مصطفى منيغ، د. أحمد محمد سليمان، عمار غيلوفي، يحيي البوليني، فتحي الزغل، د. صلاح عودة الله ، محمود طرشوبي، حسن الطرابلسي، فتحي العابد، د. عادل محمد عايش الأسطل، حسن عثمان، د - الضاوي خوالدية،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة