البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

الخط العربي من المنظومة التواصلية إلى العبارة التشكيلية

كاتب المقال سامي العافي - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 4192


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


يعتبر الخط العربي فنّا مستقّلا بذاته لإكتسابه قدرة مخيالية على التأسّلب تزخر بأبعاد تشكيلية مختلفة كالمدّ و الرجع و الاستدارة و التزويق و التداخل و التشابك... هذه الأبعاد التي تجعل هذا الفن يتهادى في رونق جمالي مستقل عن مضمونه مرتبط معه في الآن نفسه.

وهو ما يؤول إلى إعادة الفرضية و تجاوز الأسئلة البسيطة عن قواعد بناء الحرف و قوانينه و نظمه ... للغوص في قدرته التشكيلية و المخيالية و طاقاتها الإبداعية التّي تحوّل عناصر التضادّ بين الخطوط إلى ثراء تشكيلي تترجمه تراكيب جرافيكية، تشكيلية تطمس المعنى و تحجب الدلالة، تومئ بروح الخط دون أن تصرّح، تلمّح دون أن تتقيّد تماما ... خصوصا إذا تعلّق الأمر بخطوط عربية تجمع بين طبائع مختلفة، فاتحة المجال للحديث عن تلك القيم التشكيلية المتجددة في ثنايا الحروف العربية و إكتشاف قدراتها التعبيرية الأبلغ و مكوناتها الجمالية الأبهى عبر توليد ‘تكوينات مجردة’ ترفض التمثيل و المحاكاة...

ومن هنا يمكن التساؤل عن إشكالية ‘التكوين الفني’ و أهميته بالنسبة للخط العربي، هذا الإشكال المرتبط أشد الارتباط بقضية ‘الإبداع’ المخترق لمسألة الشكل الفني و الحسّ الجمالي لصالح قضايا المضامين و الدلالات... التي يوحي بها التكوين أو تتجلى من وراء فضائه الحيوي المتجدد ذو الحركية الدائبة و الإيقاع المتتابع ... النابع من جدلية الكتل الخطية و فضائها اللاّمحدود، الذي يزيد ‘التكوين’ دعامة للتساؤل عن كيفية التعامل مع فن الخط العربي: هل من جهة كونه لغة تشكيلية مرنة قابلة للأسّلبة أو جهة كونه قواعد و قوانين، فتكون بذلك صناعة حرفية و حروف مقروءة و جزء من ثراث نمطي تزويقي؟ وهل يمكن لهذه الانسيابية الشاعرية المرنة و التراكيب الهندسية الصلبة أن تفسّر علاقة الجسد بالحرف و الكتابة بالرسم -مثلا– خاصة أن ‘التكوين الحروفي’ يمكن أن يعرّف في هذه الحالة بكونه ‘نسقا كاليغرافيا لنص لغوي محدد تتوزع مفرداته حسب حاجة الفضاء التشكيلي و المساحة الفنية القائمة على اتباع أصول تحويل الحروف و الكلمات و الجمل ... من الطابع النمطي السكوني إلى طابع حركي جديد متدفق داخل -بنية تجريدية جديدة – تحكمها جملة من الجرافيزمات الخطية و البنى التشكيلية’؟...
إنها لأسئلة عديدة وافتراضات شتّى تمنح لهذا ‘النمط الفني الخاص’ طبيعته التشكيلية محددة هويّته التعبيرية الزاخرة بالقراءات والتآويل...

ومن هنا لابدّ من التّأكيد على أن جمال الخّط وروّعة التكوين من جمال العناية بأدوات الكتابة وعناصر التشكيل... هذه العناصر التي ظلّت حاضرة في أعمال كلّ من الفنان التشكيلي طارق عبيد ونور الدين العوني وخاصة على الأمجد النوري ... التي تميّزت أعماله ‘بالحركة’ رغم جمادها... تجذبك إلى عالم مثير من الحسّ الملموس، أين تحرّك فيك كل الحواس، جاعلة إيّاك تشعر بكل الأفكار المقدّمة والقضايا المطروحة... من خلال جملة عناصره الخطّية واللونية والجرافيكية المستحوذة على الفضاء... المحتفظ بذاكرة من الصور... لها من الجوانب الفنية والجمالية أكثر من المضمون، وأحيانا العكس تماما، وفي أحيان أخرى تتداخل الصور بالخيال فتشدك بزخارف إسلامية وغرافيزمات تشكيلية... تثير فيك السؤال عن الخطّ، عن التركيب، عن التنوّع ، عن الاختلاف وخاصة عن ميزة هذا الفنان التشكيلي وأفكاره ‘الخاصّة’ ‘الحاطّة’ إزرها عن الفضاء غير عابئة بدور الكلمة ودلالاتها اللغوية وأنساقها الرمزية... عن تراكيب خطيّة -كسّرت قيود الإفصاح عن المعاني الجلية والإيماءات الوفية التي لا يفهمها غير أصحابها-... وجرافيكية جعلت من تشتّت العناصر التشكيلية تآلفا ومن تجزّئها تناغما راغبة في أن تكون بُنَى تشكيلية تتعانق فيها القيم الضوئية وتتغازل فيها الألوان وتتناسل عبر الأفكار... محاكية بعض الصور الفوتوغرافية للتعبير عمّ يخالج النفس ممتطيا القصبة أداة والتشكيل وسيلة، آخذا بعين الإعتبار ‘الكيف’ دقة و’اللماذا’ مرتبة أولى إحتلها العمل...

ونلحظ ذلك تقريبا في جلّ أعمال الفنان التشكيلي علي الأمجد النوري وخاصة في تكوينه الحروفي المسمى ‘تونسية’، هذه اللوحة التي صوّر فيها إمرأة بدوية بسيطة... تفنّن النوري في ابراز عفوّيتها من خلال تركيزه على إظهار تلقائيتها في الجلوس وملامح وجهها وزيّها الموغل في العروبة...

فلكأننا بالفنان التشكيلي علي الأمجد النوري هنا يتجاوز حدود الخط والحرف والكلمة... ويخترق حدود التركيب والتوليف منساقا وراء ‘قضيّة تونسية’ لم ‘تعثر’ –إلى حدّ الآن- على قيمتها و’إنسانيتها’ ‘كإمرأة’ إلاّ من خلال فضاء النوري التشكيلي ‘الجميل’...
إنه عالم موازي... تسرح فيه بخيالك وبأفكارك، موهما إياك ‘بجمال’ كيفيات البناء ومهارات ‘التطريز’ وعمق البحوث... بعالم هاته التونسية ‘الأصيل’، منسيك واقعها المرير.

لكن يظلّ دائما السؤال عن: سرّ بساطة التكوين وقوّة الترميز وكراهية الفراغ وحبّ الفنان لمثل هذه المواضيع المثيرة للسؤال... ولماذا صاغ صورة ‘تونسية’ بالذات بأحرف عربية دون سواها، عاضدا إيّاها بغرافيزمات خطية ظلت تلازم الفنان -كنمط فني أو لا ربما كمبدأ تشكيلي- في جلّ أعماله، منتقي لها ما يناسبها من تقنيات تشكيلية كالتخطيط والخربشة والتطبير والبناء والتحكّم في المساحة والإيهام بالبعد الثالث...


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

الخط العربي، الفن التشكيلي، بحوث فنية، بحوث جامعية،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 3-03-2016  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
أشرف إبراهيم حجاج، إياد محمود حسين ، محمود طرشوبي، د - شاكر الحوكي ، ياسين أحمد، أحمد ملحم، د - عادل رضا، عبد الرزاق قيراط ، أحمد بن عبد المحسن العساف ، كريم فارق، حسن عثمان، عبد الله الفقير، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، طلال قسومي، المولدي اليوسفي، د - المنجي الكعبي، سليمان أحمد أبو ستة، محمد أحمد عزوز، سامح لطف الله، علي الكاش، فتحي العابد، رمضان حينوني، فهمي شراب، صباح الموسوي ، سامر أبو رمان ، طارق خفاجي، أ.د. مصطفى رجب، محمد الياسين، ضحى عبد الرحمن، د- محمد رحال، د - مصطفى فهمي، عبد الله زيدان، منجي باكير، د - محمد بنيعيش، أحمد الحباسي، بيلسان قيصر، كريم السليتي، د. أحمد بشير، خالد الجاف ، محمود فاروق سيد شعبان، سيد السباعي، حميدة الطيلوش، حاتم الصولي، إيمى الأشقر، المولدي الفرجاني، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د. عادل محمد عايش الأسطل، الناصر الرقيق، محمد الطرابلسي، أحمد النعيمي، صفاء العربي، سلام الشماع، عبد العزيز كحيل، العادل السمعلي، فوزي مسعود ، تونسي، د- هاني ابوالفتوح، رحاب اسعد بيوض التميمي، عراق المطيري، سلوى المغربي، محمد اسعد بيوض التميمي، محمود سلطان، حسن الطرابلسي، د. صلاح عودة الله ، د. كاظم عبد الحسين عباس ، عواطف منصور، محمد علي العقربي، أنس الشابي، د. خالد الطراولي ، صلاح المختار، د- جابر قميحة، حسني إبراهيم عبد العظيم، عزيز العرباوي، صفاء العراقي، فتحـي قاره بيبـان، مصطفى منيغ، رشيد السيد أحمد، فتحي الزغل، د- محمود علي عريقات، د - الضاوي خوالدية، رافد العزاوي، مصطفي زهران، جاسم الرصيف، سعود السبعاني، نادية سعد، د.محمد فتحي عبد العال، وائل بنجدو، أحمد بوادي، ماهر عدنان قنديل، عمار غيلوفي، يحيي البوليني، د. أحمد محمد سليمان، د. مصطفى يوسف اللداوي، محرر "بوابتي"، يزيد بن الحسين، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، محمد العيادي، علي عبد العال، صالح النعامي ، إسراء أبو رمان، صلاح الحريري، رضا الدبّابي، الهيثم زعفان، خبَّاب بن مروان الحمد، د. عبد الآله المالكي، عمر غازي، د - محمد بن موسى الشريف ، سفيان عبد الكافي، الهادي المثلوثي، محمد عمر غرس الله، عبد الغني مزوز، د - صالح المازقي، محمد يحي، أبو سمية، مراد قميزة، د. طارق عبد الحليم، رافع القارصي، محمد شمام ، مجدى داود،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة

سياسة الخصوصية
سياسة استعمال الكعكات / كوكيز